الانتخابات الأخيرة في السودان أفرزت تجربة جديدة ونتائج ايجابية يمكن من خلالها تدارك أخطاء كان من الممكن أن تقود البلاد والعباد إلى ما لا يحمد عقباه، من حيث عدم مبالاة بعض القوى السياسية و الأحزاب في اختيار ممثليها ( المرشحين) . فأن اصدق مثال أو مقولة يمكن أن يقال في مثل هذه الحالات هي عبارة " رب ضارة نافعة " قد تحققت بالفعل مع مجريات الأمور والأحداث المتلاحقة التي طرأت على عملية الانتخابات وبعض القرارات المتخذة التي أدت إلى اصطفاف جل الأحزاب السياسية التي تقدمت بمرشيحها لخوض الانتخابات إلى ذاك الانسحاب المعلن "والغير منظم " من اغلب القوى السياسية الضالعة في اهتزاز مؤشرات العمل السياسي ومصداقيتها ومقدرتها في تبني المواقف السياسية الجادة ، مع إظهار مدى تخبط الساسة والقادة في اتخاذ القرارات الفاعلة التي تُبنى عليها أمال الشعوب المنقادة خلق قيادات لا تحسن الاختيار. ورغم أن الانتخابات والنتائج الأخيرة لا يمكنها أن تعطي للباحثين والدارسين دلائل ومعالم واضحة تؤكد اكتساح قوة سياسية بعينها دون سواها مقاليد الأمور في دائرة جغرافية أو ولاية أو منطقة كسابق عهدنا في الانتخابات السابقة التي كانت تؤكد ميول أهل منطقة بعينها وولاؤهم لهذا الحزب أو ذاك التيار. وان نسبة التغيّر الذي قد يطرأ كان من مسبباته ذاك الحدث أو تلك الواقعة!! فقد اختلط الحابل بالنابل مع مجريات الأمور والإحداث الدراماتيكية الأخيرة التي صاحبت عملية التسجيل والتصويت والانتخاب والانسحابات ، إلى جانب إحجام اغلب القوى السياسية من متابعة التسجيل وحث المؤيدين والمنتسبين إلى أحزابهم باعتقادات وحسابات كانت خاطئة أدت إلى اختلال في موازين القوى السياسية المؤثرة والتي أفقدتهم المشاركة الفاعلة في كل صور العمل السياسي واتخاذ القرارات المناسبة وفي الأوقات المناسبة فجاءت القرارات وما اتخذوه من مواقف مهزوزة لا اثر لها في خريطة الواقع السياسي الملموس. وما يؤكد صحة زعمنا بان الأمور لم تكن مدروسة بالقدر المطلوب من الساسة وقادة الأحزاب السياسية ظهور مؤشرات أفرزتها نتائج مرشحي تلك القوى السياسية في دوائرهم الانتخابية . ففي سبيل المثال لا الحصر هنالك مرشحين في بعض الأحزاب نال مرشحيها في دوائر محلية في مناطق ريفية أصواتًا أكثر من مرشحين من نفس الحزب لدوائر ولائية وجعرافية ، مما يدل على أن من قاموا من الناخبين بالتصويب لذاك المرشح في الدائرة المحلية ذاتها تغاضوا من الإدلاء بأصواتهم في ذات الدائرة عن المرشح الولائي أو الجغرافي المنتسب لنفس الحزب . وهذا يعني سوء اختيار الحزب للمثليها في اغلب الدوائر. وإنهم لم يحسنوا اختيار ممثليهم ولم يراعوا أبجديات الاختيار المناسب للشخص المناسب للترشيح والمكان المناسب للترشُح ، فجاءت النتائج بتلك المفارقات الغريبة والعجيبة التي تقود إلى السخرية ! ورغم أننا لا نستطيع أن نعم المثال القائم على كل الأحزاب السياسية ومرشحيها ، لكنها بالطبع تعطي صورة فاضحة للممارسات خاطئة كانت قائمة، ويجب تداركها في مستقبل الأمر، بافتراض ان هنالك أمل في مستقبل ديمقراطي قد يلوح في الأفق بعد هذه الإرهاصات التي كلفت مستقبل الديمقراطية في السودان الكثير. ولو افترضنا جدلا بأن هنالك جهات لها أن تستفيد من تلك الأخطاء وتضع استراتيجيات مستقبلية لها أبعاد وزوايا ورؤية متعمقة فهل مع الوضع الحالي ومستقبل السودان المتأرجح بين خيارات الانفصال المتعدد و الوحدة المشروطة بان تكون جاذبة أمل في تدارك القوى السياسية لما مارستها من أخطاء، وتعدل في اختيار ممثليها لنقترح لهم فك التسجيل (أسوة بالفرق الرياضية) قبل الاستفتاء وإعادة التسجيل لكي يتم انتقال اللاعبين بحرية . وقتها سيحين لنا فرصة أن نكتب مقالا بعنوان هل يصلح ياسر عرمان أن يكون سفير الشمال في الجنوب .