بعثة المريخ تصل مطار دار السلام    شاهد بالفيديو.. بعد مقتل قائد الدعم السريع بدارفور.. "الجوفاني" يظهر غاضباً ويتوعد مواطني مدينة الفاشر: (ما تقول لي مواطنين ولا انتهاكات ولا منظمات دولية ولا قيامة رابطة الرد سيكون قاسي)    شاهد بالصور.. الحسناء السودانية "لوشي" تبهر المتابعين بإطلالة مثيرة في ليلة العيد والجمهور يتغزل: (بنت سمحة زي تجديد الإقامة)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في بريطانيا يحاصرون الناشط البارز بالدعم السريع الربيع عبد المنعم داخل إحدى المحلات ويوجهون له هجوم عنيف والأخير يفقد أعصابه ويحاول الإعتداء عليهم بالعصا    شاهد بالصورة.. حسناء الإعلام السوداني تسابيح خاطر تخطف الأضواء في يوم العيد بإطلالة مبهرة    شاهد بالصورة والفيديو.. بأزياء فاضحة.. حسناء سودانية تستعرض مفاتنها بوصلة رقص تثير بها غضب الجمهور    المريخ يتعاقد مع السنغالي مباي وبعثته تصل تنزانيا    هذه الحرب يجب أن تنتهي لمصلحة الشعب السوداني ولصالح مؤسساته وبناء دولته    إيطالية محتجزة في المجر تعود إلى بلادها بعد فوزها بمقعد في البرلمان الأوروبي – صورة    مليشيا الدعم السريع تستدعي جنودها المشاركين ضمن قوات عاصفة الحزم لفك الحصار عن منطقة الزرق    الخراف السودانية تغزو أسواق القاهرة    شاهد بالفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع عمر جبريل ينعي القائد علي يعقوب ويؤكد: (لم يتزوج وعندما نصحناه بالزواج قال لنا أريد أن أتزوج من الحور العين فقط وهو ما تحقق له)    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابط القوات المشتركة الذي قام بقتل قائد الدعم السريع بدارفور يروي التفاصيل كاملة: (لا أملك عربية ولا كارو وهو راكب سيارة مصفحة ورغم ذلك تمكنت من قتله بهذه الطريقة)    كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟    مدرب تشيلسي الأسبق يقترب من العودة للبريميرليج    ترامب: لست عنصرياً.. ولدي الكثير من "الأصدقاء السود"    مسجد الصخرات .. على صعيد عرفات عنده نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم"    مواصلة لبرامجها للإهتمام بالصغار والإكاديميات..بحضور وزير الشباب والرياضة سنار افتتاح اكاديميتي ود هاشم سنار والزهرة مايرنو    بالأرقام والتفاصيل.. بعد ارتفاع سعر الجنيه المصري مقابل السوداني تعرف على سعر "خروف" الأضحية السوداني في مصر وإقبال كبير من المواطنين السودانيين بالقاهرة على شرائه    بالفيديو.. تعرف على أسعار الأضحية في مدينة بورتسودان ومتابعون: (أسعار في حدود المعقول مقارنة بالأرقام الفلكية التي نسمع عنها على السوشيال ميديا)    رئيس وأعضاء مجلس السيادة يهنئون المنتخب القومي لكرة القدم    بالصورة.. المريخ يواصل تدعيم صفوفه بالصفقات الأجنبية ويتعاقد مع الظهير الأيسر العاجي    صالون لتدليك البقر في إندونيسيا قبل تقديمها أضحية في العيد    بعرض خيالي .. الاتحاد يسعى للظفر بخدمات " محمد صلاح "    غوغل تختبر ميزات جديدة لمكافحة سرقة الهواتف    "أشعر ببعض الخوف".. ميسي يكشف آخر فريق سيلعب لصالحه قبل اعتزاله    امرأة تطلب 100 ألف درهم تعويضاً عن رسالة «واتس أب»    القصور بعد الثكنات.. هل يستطيع انقلابيو الساحل الأفريقي الاحتفاظ بالسلطة؟    "فخور به".. أول تعليق لبايدن بعد إدانة نجله رسميا ..!    الهروب من الموت إلى الموت    ترامب معلقاً على إدانة هانتر: سينتهي عهد بايدن المحتال    شرطة مرور كسلا تنفذ برنامجا توعوية بدار اليتيم    4 عيوب بالأضحية لا تجيز ذبحها    قصة عصابة سودانية بالقاهرة تقودها فتاة ونجل طبيب شرعي شهير تنصب كمين لشاب سوداني بحي المهندسين.. اعتدوا عليه تحت تهديد السلاح ونهبوا أمواله والشرطة المصرية تلقي القبض عليهم    نداء مهم لجميع مرضى الكلى في السودان .. سارع بالتسجيل    شاهد بالفيديو.. الراقصة آية أفرو تهاجم شباب سودانيون تحرشوا بها أثناء تقديمها برنامج على الهواء بالسعودية وتطالب مصور البرنامج بتوجيه الكاميرا نحوهم: (صورهم كلهم ديل خرفان الترند)    الإمارات.. الإجراءات والضوابط المتعلقة بالحالات التي يسمح فيها بالإجهاض    الإعدام شنقاً حتى الموت لشرطى بإدارة الأمن والمعلومات    اللعب مع الكبار آخر قفزات الجنرال في الظلام    نصائح مهمة لنوم أفضل    إغلاق مطعم مخالف لقانون الأغذية بالوكرة    شرطة بلدية القضارف تنظم حملات مشتركة لإزالة الظواهر السالبة    التضخم في مصر.. ارتفاع متوقع تحت تأثير زيادات الخبز والوقود والكهرباء    إجتماع بين وزير الصحة الإتحادي وممثل اليونسيف بالسودان    أمسية شعرية للشاعر البحريني قاسم حداد في "شومان"    عودة قطاع شبيه الموصلات في الولايات المتحدة    محمد صبحي: مهموم بالفن واستعد لعمل مسرحي جديد    خطاب مرتقب لبايدن بشأن الشرق الأوسط    السودان.. القبض على"المتّهم المتخصص"    قوات الدفاع المدني ولاية البحر الأحمر تسيطر على حريق في الخط الناقل بأربعات – صورة    الغرب والإنسانية المتوحشة    رسالة ..إلى أهل السودان    من هو الأعمى؟!    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاوضات الدوحة: الوساطة والثوار .. والبارادوكس الأمريكي ... بقلم: أحمد أبكر – بريطانيا
نشر في سودانيل يوم 22 - 06 - 2010


[email protected]
(1)
صورةٌ إرتسمت في ذهني منذ أن قرأت مقالاً في زمانٍ مضي ، قد بلغ نحواً من عشرين عاماً، المقال كان بعنوان (The Paradox of the American Community) أي: تناقض المجتمع الأمريكي .. أو بالأحرى: التناقض الظاهري للمجتمع الأمريكي. كان المقال يرمي إلى إثاراة الإنتباه إلى حالة بالغة التعقيد وبحاجة إلى تحليل، وهي حالة وتركيبة المجتمع الأمريكي شديد التعدد ، عظيم التنافر، فلا الأبيض يرضي بالأسود ولا الأخير يطمئن إلى الأول .. ولا اللاتيني (الهسبانك) يحب القوقازي ، ولا العكس يصبح صحيحاً .. لكن .. ويا له من لكن.. الكل متمسك بأمريكا حد الجنون..ترى ما السبب .. وماذا عساه يكون؟
ثم يأتيك الجواب:
يكمن السر في أن كل أمريكي مدرك أنه لولا أمريكا الأم الرؤوم ..لولا أمريكا القوية الفتية ، فإن الأمريكان ليسوا سوى زمراً من البشر في أقاصي الدنيا البعيدة، لا يكاد المرء أن يسمع لهم ركزا بين شعوب العالمين. الكل منكمش عن بعضه الآخر لكنهم في حب أمريكا متفقون.. فإنه الملجأ والحصن الوحيد ، وإلا فإن أركان الدنيا الأخرى على إستعداد لكي تهمشهم وترمي بهم كما رمتهم أول مرة يوم قذفت بهم إلى هناك إمّا ثلة من المجرمين المنفيين .. وإمّا مغامرين ..مهووسين..يرتاح العالم لغيابهم أو إبتعادهم. وطائفة ثالثة من السكان الاصليين المنسيين ..كذلك وقد لحقت بهم جحافل السود المستعبدين.. إذن فقد فهموها: إما أن يصنعوا ويحموا أمريكا القوية وإما أن يعودوا منسيين. وهذا تناقض آخر عندما تنهض إرادة الصمود والتلاحم رغم عدم الرضي أو حتى الكراهية.وذاك هو السر الدفين الذي جعل ألأمريكيين يلتفون حول دولتهم غصباً عنهم ورغبةً منهم أيضاً.
(2)
صورة المجتمع الامريكي التي وردت في المقطع الماضي ستشرئب برأسها مرات عديدة في ثنايا مقالنا هذا..
تجلت تلك الصورة في دوحة قطر بين ثوار دارفور في أكثر من زاوية . في المشهدين ، الكلي والجزئي .في المشهد الكلي: كل فصيل أو حركة متخندقة في مكانها ... الثقة البينية قليلة الحظ وسطهم... وبين بعضهم ما صنع الحداد.. لكن الصحيح أيضاً أنهم يهتفون بأصوات متعددة عن موضوع واحد ..ويودوا لو يتوحدون حتى لا ينساهم الآخرون أو يستمر في تهميشهم الظالمون. بل ليكونوا بؤرة الضوء ومركز القوة بين القوى السودانية كما هو شأن أمريكا بين شعوب العالم !!!!!!!!!! لم لا .. وهل يُشترى الحلم؟
ولكن هل توحدوا رغم التباين؟
نعم .. ولا ..
ولسوف نحكي..
في البدء كانت حركة العدالة والمساواة برئاسة الدكتور خليل تتقدم المسير و تتنكب الطريق .. كيف؟ ...سوف نرى..
ثم إقتفت أثرها حركة أخرى جديدة إسمها التحرير والعدالة ، كانت خطوبتها في طرابلس وتم لها عرس التوحيد الجزئي في الدوحة ، تزفها الوساطة وتدللها أو ( تدلعها) الحكومة .. فتغتر بنفسها وتقلد الأولى ، بل تتفوق عليها في التعالي ، وترفض حتى التنسيق مع البقية.. لماذا؟ ... سنوضح..
وبين الحركتين مجموعة ثالثة أطلقت على نفسها (خارطة الطريق) ..تمسك بخارطتها دون أن تسير .. تكرهها الوساطة بتعليمات من الحكومة..وتضغط عليها لتلحقها بالتحرير والعدالة .. فلا الضغط أفلح معها ، ولا هي توحدت في كيان واحد فاستراحت من الضغوط.. ما السبب ؟ .. سوف نكتب..
(3)
دعونا الآن نفصّل.. ونقول:
حركة العدالة والمساواة :عايرة وأدوها سوط ..كما يقول المثل السوداني.
خانها الحساب ..نعم هي الأقوى عسكرياً بين أخواتها الأخريات ، لكن رصيفاتها قد يتفوقن عليها في باقي الأدوات .. أداة الجمهور مثلاً .. الجمهور أيضاً سلاح .. كان الأجدر بالعدالة والمساواة أن تمد يدها للبقية وتقول لهم تعالوا نصطف سوياً فإن قلّ سلاحكم فأنا عندي العتاد ..وإنتم ( الحركات الأخرى ) الأكثر تنوعاً ومن حيث العدد ..فيا نعم التلاقي. لكن بدلاً من ذلك اصرت على أن يصطف الآخرون خلفها وليس إلى جوارها فكان التباعد.. وعندما إستفاقت من خطل منهجها .. وحاولت أن تتواضع .. إستحكمت في عقول الحركات الرفيقة صورة محمود والنمر.. ولكن قد لا يكون إلى الأبد.
مجموعة الدكتور سيسي .. والبارادوكس الأمريكي
كان المجتمع الدولي حائراً يترنح .. كان يرى في الحركات الأخرى قوة لا يمكن تجاوزها ، بينما تلك الحركات عاجزة عن التوحد .. وكانت المعضلة في من يكون القائد .. ولاح في ذات الأوان شخصية الدكتور التجاني السيسي (وكنت أول من إقترحه على الثوار في مرحلة العصف الذهني) فتلقف بعض الجهات هذه الخاطرة وبدأ في تسويقه دون ترتيب دقيق ودونما روية. ودخلت ليبيا الثورة على الخط ورأت في الدكتور السيسي شخصاً مناسباً فدعمته.
ثم إستجاب المجتمع الدولى ومن بعده الوسيط إلى بريق التجاني وإلى النداء الليبي .. فكان ميلاد حركة التحرير والعدالة برئاسة التجاني سيسي ، وتم حشر بعض من الثوار العاجزين عن إيجاد قائد من بينهم حشراً وراءه. ترغيباً أحياناً أو ترهيباً في أخرى. الإنصاف يلزمنا أن نقول إن بعضهم إنضم برغبة ذاتية وقناعة.
لكنني مع ذلك أرى في وجود حركة سيسي خطوة إيجابية جبارة ، إذ حوت عدد غير قليل من الحركات والفصائل ، الناشطة في الساحة منها والخاملة ، الحقيقية منها والوهمية التي تظهر فقط في المواقع الإلكترونية. فقد تقلص عدد الحركات ، بعد هذه العملية القيصرية لإنتاج حركة التحرير والعدالة في الدوحة ، من ما يربو على الإثنتي عشر حركة إلى ستة فقط . فتنظيف الساحة من حركات حشائشية عبر إحتوائها في ماعون واحد لهو أمرٌ حميد ، فقد أراحتنا هذه الحركة من ضجيج البيانات الإسفيرية . إذن فقد قامت حركة التحرير والعدالة بنصف المهمة ، وبقى الدور على مجموعة خارطة الطريق أن تتوحد حتى تكون الحركات في الساحة ثلاث فقط.
فقد كان تكاثر الحركات على ذلك النحو أمراً مخجلاً ، خاصة إن بعضها ، كما ذكرنا ، كانت عديمة الفعالية ومحدودة التواجد إلا من أثرٍ تتركه على صعيد التشويش وتشويه جسم الثورة ، وترسيخ الإعتقاد بإنفلات عقد الثوار.
النقطة الإيجابية الثانية في تجربة توحيد تلك المجموعات خلف الدكتور سيسي هي أن هذه الحركة سوف تتمكن من البقاء على الأقل، فلا أحد ممن إلتحقوا بها يستطيع أن يغادرها( رغم المشاكسات الداخلية) وإلا فمصير من ينشق عنها مجدداً النسيان، خاصة وقد عرف الوسيط والمجتمع الدولي أوزان الجميع ومدى مقدرة كل حركة أو فصيل على الصمود والبقاء منفرداً. تذكروا حكاية شرائح المجتمع الأمريكي التي إن نزعت إية منها رداء أمريكا عن نفسها فلن تكون ذات شأن من بعد النزع. الحل الوحيد أمام فصائل أو أعضاء حركة التحرير والعدالة ، من يحس منهم بشيئ من عدم الرضي من أمرٍ ما ، هو أن يصرخ من الداخل ويبحث عن نصير لموقفه من الداخل أيضاً إلى أن ينصلح ألأمر بالنسبة له أو لها. كفاية إنشقاقات ، إبقوا حيث أنتم ولا تنشقوا من جديد، غصباً أو طوعاً.
تلك كانت إيجابيات التحرير والعدالة.. أما العيوب فهاكها !!!!!
إن التلقيح الذي تم في عملية إنتاج العروس الثورية الجديدة (التحرير والعدالة) كان قد شابه وجود ممارسة خارج إطار المؤسسية مما جعل بعض الثوار يعافونها .. ورغم العمليات التجميلية التحليلية التي أجريت لاحقاً كمحاولة من العطار أن يصلح ما قد أفسده الدهر على ذلك الزواج، إلا أن الشك حول بعض العناصر التي هرولت سريعاً لا تلوي على شيئ من الأسس لتجد لها مكاناً في أحضان الدكتور سيسي قد أصبحت مثل الطحالب الضارة التي تجعل الواردين يعافون الماء جملةً واحدة.
ثم إزداد نفور بعض الثوار من حركة التحرير والعدالة إذ إقتربت منها الحكومة ، فلسببٍ ما ، حتى الحكومة السودانية سال لعابها لإناء الدكتور التجاني !! فماذا يا ترى يكون في هذا الإناء؟ لعلها أي الحكومة قد تلمست مدنية التجاني وتوسمت فيه إبتعاده عن الجنوح العسكري... أقول ربما..وربما أن الحكومة قد رأت في كثير من المحيطين بالدكتور سيسي رجالاً عديمي الحيلة وليس أمامهم إلا توقيع إتفاقية سلام يسمح لهم بالعودة إلى ذويهم.. ولذلك فهم متهافتون. وإن كان كذلك فعلى الدكتور سيسي ومساعديه أن يدركوا أنهم قد وقعوا في الفخ ، وألا يغتروا بهذه المحاباة الحكومية ، وأن يبنوا لهم جيشاً يكون أداة ضغط لتطبيق أية إتفاقية قد يتوصلون إليها .. ولهم في السابقين عبرة.. كم تمنيت لو كان الدكتور سيسي قد أبدى شيئاً من الإهتمام بالناحية العسكرية لحركته . كان يمكنه أن يستغل وجوده في ليبيا في الفترة الماضية لمدة طويلة دون عمل فيزور عبر الصحراء قواته المشكلة من فصائل مشتته لم تلتق مع بعضها حتى الآن ، وما رأت زعيمها الجديد حتى اللحظة . كانت فرصة له ولقواته ، يتعارفون بينهم ويمتزجون ويتشكلون من جديد ويبحثون عن ثقة يزرعونها بينهم .. أما كان هذا أجدى من الإعتماد على ثقة الحكومة فيهم؟
والأنفع من كل ذلك أن يوقفوا هذا التفاوض الذي جعلهم في كماشة الحكومة لوحدهم ..أراهم فرحين يتراقصون على إيقاعات الدفوف الحكومية .. لكن قريباً سوف يفيقون من سكرة الطرب هذا ليجدوا أنفسهم في قبضة الحكومة .. يا أيها الرفاق إن العزة و المنعة والتحوط للأسوأ ، كله في أن تتحالفوا مع الآخرين : حركة العدل والمساواة ومجموعة خارطة الطريق ..قبل التفاوض .. وإن أبيتم فإن غداً لناظره قريب.. سوف تدركون مدى خطورة السير المنفرد. و ليس مناوي منكم ببعيد .. أسألوه فإنه لديه الخبر اليقين. هناك عناصر ثورية جيدة في مجموعة الدكتور سيسي يجب أن تنتبه لهذه المزالق.
هذا ليس إتهاماً ، فأريحية الحكومة نحو الدكتورالتجاني كانت واضحة حتى في حديث أغلب وسطاء التوحيد من أطقم وجهاء المجتمع المدني ، المحسوبين على الحكومة ، الذين تواجدوا بالدوحة والذين كانوا يعتبون بشدة على المتمنعين في التوحد مع الدكتور سيسي؟ كان أمراً ملفتاً للنظر !! لم يعتبوا عليهم على فشلهم في التوحد ككتلة ثالثة .. بل كانوا يغضبون عندما يسمعوا منهم إصرارهم على أن يكونوا جسماً واحداً مستقلين عن الدكتور سيسي .!!! لماذا تطرب الحكومة ويستأنس أنصارها إلى حركة التحرير والعدالة ؟ إذا رقص العدو لك ، فعليك أن تتحسس وضعك. فهناك شيئ شائن في أمرك. نقول هذا ، أيها الرفاق في التحرير والعدالة ، حرصاً عليكم وعلى المصلحة العامة. قد نخطئ وقد نصيب. لكن التنبيه في كل الأحوال يستحسنه العقلاء من الناس حتى ولو كان الخطر أقل من المظنون.
مجموعة خارطة الطريق: شوكة حوت .. ولكن؟
ثم هنالك المنظومة الثورية الثالثة المسماة (مجموعة خارطة الطريق التي تضم 4 حركات). لم تفلح الضغوط التي هبطت على رؤوس قادة هذه المجموعة أن تجعلهم يبايعوا الدكتور سيسي رئيساً عليهم .. لم يهضموا فكرة أن يؤتى إليهم بقائد من خارج المنظومة الثورية ، فأسرفوا في التدقيق وبالغوا في الشكوك و الشروط ، ولا أحد يلومهم في ذلك ، فالثقة مسألة لا يمكن شراؤها أو إقناع الناس بالمغامرة فيها. كذلك فإنه لا يكون منطقياً أن نقطع بأن الشخص الذي يتحصن خلف الشك وعدم الثقة بالآخر أنه مخطئ وأنه يجب ألا يشك.
لكن فشل مجموعة خارطة الطريق في التوحد فيما بينها ، بعيداً عن الدكتور سيسي وجماعته ، يكاد يعادل في مستوى فداحته ممارسات الوسيط وإنتهازية بعض ثوار التحرير والعدالة.
قد يقول قائل: والوساطة ما ذنبها في حكاية توحيد الحركات؟
(4)
الوساطة..والحكومة .. أيهما الخصم وأيهما الوسيط ؟
في حكاية عرس التحرير والعدالة .. أبت الوساطة إلا أن تتقمص دور عاقدي وموثقي الزيجات الباطلة (زواج الإكراه).. لم تترك الثوار الرافضين للإلتحاق بالتحرير والعدالة (أو العرسان الذين طمحوا العروس) في حالهم ، كما لم ترحم أو تحترم تريثهم وأعلنت أن التجاني وحركته فقط محل إعتراف وترحيب ليكونوا إلى جانب حركة العدل والمساواة وإن العصا بعد ذلك لمن عصى.
كان يجب أن تتفهم الوساطة نفسية الثوار ولا تفرض عليهم أمراً قسرا.. عامل الثقة عنصر بالغ الأهمية بالنسبة إلى الثوار، فهؤلاء قد ثاروا من قبل على دولتهم دعك عن الوساطة.
(5)
تخلت الحكومة ، في خضم حماسها لمجموعة الدكتور سيسي ، حتى عن أمنيتها السابقة. فيما مضي كانت الحكومة تقول مراراً أنها تتمنى لو توصلت الحركات إلى تكوين وفد تفاوضي موحد حتى تتمكن من مفاوضتهم مجتمعين عبر تلك الآلية..ولكنها اليوم ترفض مفاوضتهم إلا عبر التجاني سيسي. تذكروا أن الحكومة قد وقعت مع مني مناوي في أبوجا ، وعندما بدأت في تنفيذ شيء من الإتفاق إستنفرت كل من يريد شيئاً من الإتفاق أن يؤسس له حركة ويوقع على وثيقة إلتزام بأبوجا حتى بلغ عدد الحركات التي لبت نفرة أبوجا خمس حركات. أما اليوم فإن ذات الحكومة تقول أنها لا يمكنها أن توقع مع أكثر من حركتين. شيٌ عجيب!!
الوساطة أيضاً أكدت هذا الأمر إذ ألمحت في أكثر من مرة إلى أن الحكومة لا ترغب في مفاوضة الآخرين إلا عبر ماعون الدكتور التجاني سيسي كخيار أفضل ..
(6)
الوسيط والتحرير والعدالة شركاء في الممانعة.. فما هي المصلحة المشتركة؟
شخصياً، عندما أيقنت في الدوحة من صعوبة توحيد الحركات في كيان واحد أو كيانين إثنين فقط ،عرضت على الوساطة فكرة تكوين وفد تفاوضي واحد ، وزدت عليه تكوين مرجعية موحدة للوفد المفاوض أسميته مجلس إدارة عملية السلام أو مجلس أمناء عملية السلام ، كيفما يحلو لهم ، يتكون من خمسة أشخاص من كل مجموعة ، ويمكن أن يسع المجلس حتى لمجموعة أبوجا لكي يكون الدمج بين أبوجا وأي إتفاقية جديدة ممكناً .. وقد نشرت الفكرة في وقت سابق تحت عنوان : مقترح إستحسنته أمريكا وتجاهلته الوساطة .. وإنقسم حله الثوار
وأعيد هنا بعض ملامحها للتذكير:
1- تتكون هيئة مفاوضين من 60 عضواً ( 20 من حركة التحرير والعدالة ، 20 من حركة العدل والمساواة ، 20 من مجموعة خارطة الطريق) يرأسها كبير مفاوضين واحد ونائبان.
2- ينشأ مجلس أمناء كمرجعية لعملية التفاوض وإلإشراف على تطبيق إتفاقية السلام ، فيما لو تم التوصل إليها. يتكون هذا المجلس من 15 عضواً ( 5 من حركة العدل والمساواة ، 5 من التحرير والعدالة ، 5 من مجموعة خارطة الطريق ، على أن يكون لمجلس الأمناء رئيس ونائبان .
وهنا نضع الرابط لمن يريد الإطلاع على كامل التصور الذي نشرناه في وقت سابق: ( فقط أشر على الرابط وأضغط على زر Ctrl في نقس الوقت)
http://www.sudanile.com/index.php?option=com_content&view=article&id=15811:2010-06-15-18-30-20&catid=34:2008-05-19-17-14-27&Itemid=55
لكن الوساطة لم تتحمس للفكرة التي ما زلت أراها عملية جداً.. إتضح لاحقاً أن رغبة الوساطة من رغبة الحكومة. روح واحدة في جسدين.. المضيف القطري كان الأكثر إستقلالية وميلاً نحو الحياد ، لكنه الوسيط باسولي ، فهو لا يملك من أمره شيئاً سوى أن يقول إن هذا ما تريده الحكومة.
والغريب في الأمر أن يرفض الدكتور سيسي فكرة الوفد الواحد طمعاً في أن تنضم إليه تلك الحركات الأخرى لا أن تنسق معه .. تماماً كما فعل الدكتور خليل من قبل. سبحان مغير الأحوال!!والأكثر غرابة أن يرفض بعض العناصر التي كانت تتبع فيما مضى لمجموعة خارطة الطريق أن تنسق حركتهم الجديدة مع زملائهم القدامى وقد كانوا من قبل يدعمون الإتجاه ذاته.. الإنتهازية وحدها وليس سواها كانت خلف سلوك هذا البعض ( الطحالب).
(7)
والآن !!
ما يزال ممكناً ..مسار تفاوضي واحد .. لا ثلاثة ولا حتى إثنين
لماذا لا يبادر الدكتور سيسي ويمد يده ، دون وسيط ، إلى أخيه الدكتور خليل؟ لقد كانا بالدوحة ولم يتقابلا .. ثم كانا بليبيا ..ولا جديد ..لماذا؟
يقول الدكتور سيسي كلاماً إيجابياً عن ضرورة التنسيق مع العدالة والمساواة .. لكن الرغبة الحقيقة تفضحه وتأبي إلا أن تشل حركته فلا يمد يداً إلى خليل.
أما الدكتور خليل فلم يجد حتى الكلام الطيب الإيجابي تجاه أخيه السيسي. هل يبادر الدكتور خليل بنشر كفه إلى أخيه الدكتور سيسي ؟ لماذا يتخاطبان عبر الوسيط؟
من يتفوق على الآخر فيبادر أولاً؟ .. وأين دور بقية قيادات هذين التنظيمين في تقريب وجهات النظر ليسجل له التاريخ أنه صاحب أفق يتجاوز العصبية للتنظيم. أم أنهم مجرد موظفين يكتفون بالوظيفة ويسترضون الزعيم طمعاً في المزيد؟ أم تسوقهم عواطفهم فيستلذون بالشقاق؟
أقول هذا لأنني قمت بمحاولة تقريب وجهات النظر بين عناصر قيادية من حركتي العدل والمساواة والتحرير والعدالة فلم أجد حماساً للتلاقي من الطرفين.
أما الحركات الأخرى ( مجموعة خارطة الطريق) فما زال التحدي أمامهم .. سوف يحاسبهم التاريخ إن واصلوا التشرذم المفضي إلى الفشل .. حتى وإن قبلنا إن عدم توفر الثقة قد منعهم من التوحد فيما بينهم ، فيجب أن يعلموا إن المرء أحياناً قد يقبل بالمغامرة والتعامل وفق الحد الأدنى من الثقة ، فذلك خير من إبقاء حالة التشرذم التي تعطي الخصم ( الحكومة) فرصة التلاعب وتطبيق معادلة فرق تسد بين الثوار. لو كانت هذه المجموعة قد توحدت لأصبحت في الدوحة ثلاث حركات عملاقة فقط كما أسلفنا: حركة العدل والمساواة ، حركة التحرير والعدالة ، ومجموعة خارطة الطريق.
لكن مع ذلك سوف تظل هذه المجموعة وسلوك الوساطة معها دليلاً كذلك على تخبط الوساطة وضبابية نواياها وغبش سريرتها من حيث نوعية علاقتها بالكومة. إذ كان بالإمكان ، ولا يزال ، أكثر من طريق واحد لإدارة عملية السلام ،
التوحد في كيان واحد قبل التفاوض كان المدخل الأفضل لكنه ليس المدخل الأوحد .. وفشل تحقيق الوحدة التنظيمية ليس نهاية العالم.
فإن إستعصى الأمر بالنسبة للوحدة التنظيمية ، فإن الوحدة التفاوضية أيضاً يمكن أن تفي بالغرض ،
الوحدة التنظيمية تحتاج إلى توفر الثقة بين الأطراف محل التوحيد ..وهو الأمر الذي جعلنا نبتلع على مضض مبررات تعنت الثوار في مسألة التوحيد..
لكن الوحدة التفاوضية ، وفق الصيغة التي طرحناها ، هو عمل جماعي وشراكة عريضة لا تحتاج إلى وجود الثقة البينية.. مثلها مثل أية شركة ، يحمل سنداتها حتى الأعداء ويتربع على مجلس إدارتها أشخاص لا تجمع بينهم إلا شراكة الشركة .. على طريقة المجتمع الأمركي المتناقض. فقط بمثل هكذا إجراء يمكن جمع الشتات الثوري في مركب واحد. مسار تفاوضي واحد .. لا ثلاثة ولا إثنين
ولكن !!!!!!!!!!!! من يقنع الوساطة؟ .. أو من يقنع الحكومة التي تدير الوساطة؟ وكم هي منافقة هذه الوساطة عندما ترفض وجود ثلاث حركات تتفاوض جنباً إلى جنب في مسار واحد ، وتصر على أن تجعل الثلاثة إثنين كنوع من تجويد العمل ، ثم ترفض فكرة جعل الثلاثة واحداً.. إذا كان مساران أفضل من ثلاثة فإن المنطق يقول المسار الواحد أفضل من إثنين فلماذا رفضه الوسيط؟ ما هو ذلك السر الدفين؟
الهدف الذي ترمي إليها الحكومة واضح .. فرّق تسُد. عندما ترفض الحكومة الوحدة التفاوضية للثوار وتصر على الوحدة التنظيمية وهي تعلم صعوبتها ..ثم تحابي إحدى المجموعات على الأخرى فتلك مدعاة للتشرذم .. وتلك فتنة .. وحيلةٌ خبيثة.. ياليت الثوار يعقلون.
أحمد أبكر – بريطانيا
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.