بتعادل جنوني.. لايبزيج يؤجل إعلان تتويج بايرن ميونخ    منظمة حقوقية: الدعم السريع تقتل 300 مدني في النهود بينهم نساء وأطفال وتمنع المواطنين من النزوح وتنهب الأسواق ومخازن الأدوية والمستشفى    التلفزيون الجزائري: الإمارات دولة مصطنعة حولت نفسها الى مصنع للشر والفتنة    السودان يقدم مرافعته الشفوية امام محكمة العدل الدولية    وزير الثقافة والإعلام يُبشر بفرح الشعب وانتصار إرادة الأمة    عقب ظهور نتيجة الشهادة السودانية: والي ولاية الجزيرة يؤكد التزام الحكومة بدعم التعليم    هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يسعى عبد العزيز الحلو لإثارة حرب بين قبائل جبال النوبة .... عرض: آدم جمال أحمد
نشر في سودانيل يوم 06 - 07 - 2010

هل يسعى عبد العزيز الحلو لإثارة حرب بين قبائل جبال النوبة عبر سياسة (فرق تسد)
الحلقة ( 1 – 5 )
عرض: آدم جمال أحمد – سدنى
Adam Gamal Ahmed [[email protected]]
لقد وعدنا السادة القراء فى حلقاتنا السابقة بأننا سوف نقوم بإستعراض مقالا ت الكاتب الصحفى والناشط السياسى بجبال النوبة: عمر منصور فضل : سكرتير الشئون السياسية والتنظيمية المفصول عن الحركة الشعبية بجنوب كردفان ، ومرشح الدائرة الجغرافية (17) الكرقل دلامي هبيلا الولائية المؤجلة .... سطرها بقلمه فى مقال من خمسة أجزاء بعنوان ..
( هل يسعى عبد العزيز الحلو لإثارة حرب بين قبائل جبال النوبة عبر سياسة ( فرق تسد ) .. فى الصحف اليومية السيارة بالسودان وجريدة الحقيقة الإلكترونية ، ولأهمية هذا المقال الذى يهدف الى عكس حقيقة وواقع ما يجري داخل الحركة الشعبية بجنوب كردفان/جبال النوبة ، والتى تشرح لجماهير جبال النوبة والقراء والمتابعين للشأن النوبى كل الظروف والملابسات التى صاحبت عملية فصل ( ۳2 ) من أعضاء وقيادات الحركة الشعبية السياسية والتنظيمية من الصف الأول والثانى بجبال النوبة ، وفقدت بذلك منطق الحوار داخلها ورفعت عصا الإرهاب في وجه أصحاب الآراء داخلها للدرجة التي أوصلت جملة من تم التحقيق معهم وإتخاذ (إجراءات) ضدهم إلى ما يفوق ال ( 5۰ ) أى الخمسين شخصاً إثنين وثلاثين منهم تم فصلهم عن الحزب في إجراءات أشبه تماما ب (الفصل التعسفي) أو الإحالة ل (الصالح العام) التي إتبعتة الإنقاذ مطلع أيامها .. ، تلك الإجراءات التى جاءت مناقضة لكل شعارات وأدبيات وقواعد ودستور ولوائح الحركة الشعبية ، والتي بموجبها أدت الى تأزم الموقف وحدة الصراع ، وما صاحبها من سجالات متعددة فى هذا الشأن ، والتى تركت أثر سئ فى أوساط التركيبة السياسية والإجتماعية ، وما صاحبتها من إخفاقات فى العملية الإنتخابية .. سوف نقوم بنقلها وإستعراضها بكل أمانة وصدق كما جاءت بقلم الكاتب ، حتى نبين بأن هناك عقلية عسكرية أصبح يتعامل بها بعض النافذين فى الحركة الشعبية بجبال النوبة ، تقوم بهذه الهندسة السياسية التخبطية تنقصها الخبرة والتجربة فى مجال العمل السياسى أو الإدارى ، فلذلك لازمها فشل الهزيمة والإحباط وحب السيطرة عبر محاولات الفريق عبدالعزيز الحلو اللائية والضغوط المتكررة من جانبه فى تمرير ما يعتزمه من سياسات دون أن تجد من يتجرأ لإعتراضها أو رفضها ، فلذلك قد فلحت ونجحت هذه المجموعة فى إبعاد كل القادة السياسيين فى ظل صراع القادة العسكريين ، الذين صاروا كالهالة حول عبدالعزيز الحلو من كل جهة ، خوفاً على مصالحها الشخصية والنفعية دون أدنى إعتبارات لمصلحة شعب جبال النوبة ، وهنا تزداد مسئوليتنا التاريخية لكشف الحقيقة وظروف الملابسات المرحلية ، وما يترتب على ذلك مستقبلياً .. ولا سيما أن جبال النوبة موعودة بإنفجار ثورة غضب عارمة تتمثل فى عدم وجود إشراقات لمستقبلها السياسى والإدارى التى فشلت فيها حتى مفاوضات نيفاشا للسلام فى تحقيق تطلعات وآمال شعب جبال النوبة ، وأصبحت المشورة الشعبية ذلك المفهوم الفضفاض ، والتى لم تقم على منهج واضح فى تسلسل مواد بنودها المنصوص عليها ، والتى تفتقر الى الموضعية والعلمية فى وضع منهجية واضحة ، فى كيفية معالجة القصور والتهميش ، فأصبحت عبارة عن قنبلة موقوتة قابلة لإنفجار الوضع السائد الآن فى جبال النوبة ، ولا سيما كل الخيارات متاحة ومفتوحة إذا فشلت المشورة فى تحقيق ما يتطلع اليه أبناء جبال النوبة فى ظل تلك السياسات الخاطئة والفادحة التى يرتكبها قادة الحركة الشعبية – قطاع جبال النوبة ، وخاصة أن السيناريو عن فصل عدد من أعضاء الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان .. تناولتها معظم الصحف السيارة والإليكترونية وبعض الفضائيات منذ السبت 2 يناير 2۰1۰م ، والذى جاء من طرف واحد فقط حتى اللحظة وهو مصدر الخبر وصانع الخبر وصانع الحدث موضوع الخبر ( الحركة الشعبية بجبال النوبة ) ، ورصداً للحقيقة والحيثيات المجردة .. فمعاً سوياً الى تفاصيل سرد الأحداث من خلال ما كتبه الأخ والصديق الصحفى عمر منصور فضل : كادقلى – جنوب كردفان .. [email protected] ... أحد القيادات التنفيذية المفصولة عن الحركة الشعبية حيث يقول الآتى: ...
مدخل أول : ... حالم وواهم من يحاول قيادة الناس وسوقهم بالعصا والكرباج وأساليب القهر والجبروت وتكميم الأفواه ومحاولات دفن الحقيقة بمعاول السلطة و(الصلاحيات) خاصة مع شعب كمجتمعات جبال النوبة الذين برهنت الأحداث إن القمع و(المنع) لاتزيد معدنهم إلا صقلاً ولمعاناً وبريقاً ، وإنهم مثل صخور جبالهم الصماء يقفون دائماً في وجه كل الرياح والرعود والبروق الكاذبة هازئين ساخرين .. ولا يقرأ التأريخ ولا يعتبرون بوقائعه أولئك الذين يعملون بمبدأ: (تقولون الدولة ، الدولة ، إنني أنا الدولة) مثلما قالها إمبراطوريو وملوك القرون الوسطي وعصور الظلام.
مدخل ثاني : ... الجهلاء وحدهم من يغريهم سكوت الحلماء والعقلاء فيزدادون غياً وإنغماساً في جهلهم ، وأؤلئك هم من يمنحوننا فرصة أن نتذكر مقالة عمرو بن كلثوم (...... ونجهل فوق جهل الجاهلينا).
جنوب كردفان ، جنون كردفان ، جنون خُرفان أو خَرفان (بضم الخاء مرة وبالفتحة مرة ثانية) .. ولاية مظلومة مكلومة مأزومة ، لا تذكر أحداثها إلا وتتداعى إلى خيالك أساطير بلاد (واق الواق) ، (سرنديب) .. وقصص (السندباد في بلاد السجم والرماد) ، (جلبرت في بلاد الأقزام) ، (روبن سَن كروزو) ..(أنيمال فارم) ... إلخ ، وعلى كثرة ما مرت بالمنطقة من أحداث تتواضع أمامها صفات العجب والغرابة فيبدو إن رحم الولاية لا تزال حُبلى بالكثير المثير من الغرائب والعجائب والمشاهد الأسطورية والأحداث الخُرافية التي لا تجد معها عزاءاً يخفف وطأتها إلا عزاء قارئة فنجان (نزار قباني) ليهدهدها ويهدئها : (لا تحزن يا ولدي يا بنيتي في هذه الحالة فالحب عليك هو المكتوب ، والحزن عليك هو المكتوب) ، لكن الذي يجعل المشهد هذه المرة أكثر مأساوية وأكثر إثارة للأسى والألم هو الضباية الكثيفة التي تكتنف الساحة السياسية بجنوب كردفان مما تستعصى معه الرؤية (رؤية الأبصار والبصائر معا) . . ويلقي ذلك ظلا قاتما وقميئاً على الأذهان والوجدان لكون إن الولاية تتجه الآن نحو واحدة من المنعرجات الحرجة في تأريخها ،والمنعطفات الحادة في مسيرتها ، إذ ستأتي الإنتخابات المقبلة بعد أيام ، إن هي جاءت بالبرلمان الولائي الذي سيتولى شأن القرار حول المشورة الشعبية بجبال النوبا ، والمشورة الشعبية بجبال النوبا ستتولى القرار بشأن مستقبل المنطقة ومصيرها . . وتداخل التفاصيل بعضها على بعض في هذا المشهد أحدثت (إرباكا) و(خلخلة) للكلمات والمعاني والعبارات وأنا أجلس لأسهم بالقليل مما أعتقد إنه واجب لتخفيف شئ من هذه الضبابية والعتمة ، وتزيل بعضاً من الحيرة ، خاصة وإعتقد أننا نحمل بعضاً من تفاصيل بداية أول تجربة من نوعها في تأريخ الحكم في السودان (شراكة السلطة الحصرية) بين طرفين كانا أشرس عدوين حتى لحظة الجلوس للمفاوضات التي أفضت إلى الإتفاقية التي نصت على (شراكة السلطة) ، والتي كنا شهود الكثير من تفاصيلها منذ أول يوم لبدايتها في العام (2۰۰5 م) مما جعل للعبارات كثيراً من التردد و(التعتعة والتأتأة) في المدخل والعنوان .. (الحركة الشعبية بجنوب كردفان بين مجموعة القيادة ومجموعة الجماهير) .. (الدجل السياسي وزيف الشعارات .. جنوب كردفان نموذجاً) .. (على الطريقة المشهورة خلوها منشورة ) .. (جبال النوبا : نذر التحول من الحرب الأهلية إلى حرب القبائل) .. ( الحركة الشعبية بجنوب كردفان وعودة المارتيكيلانق شيكيل شوكريانق) ... إلخ ، ثم إستقر القلم على العنوان أعلاه .. ولكن دعونا نقف قليلاً عن ال (مارتيكيلانق.........) !!.
ذات مرة ، يوم كان القلم ندياً والأمل صبياً ، والأماني طرية .. والشعارات (مرحلة ما قبل الإختبار) لامعة وبراقة و(جاذبة) ، كتبت سلسة مقالات تحت إسم وعنوان من هذا القبيل ..، (... و... ال مارتيكلانق شيكيل شوكريانق) ، يومها تصدي لي بعض (الأصدقاء الألداء) و (الأعداء الحميمين) وظرفاء المدينة بأن (لماذا تخاطبنا بلغة الطيرهذه ، وبأي منطق تكتب لنا في الصحف بالرطانة أو بالشكرانق شكرانق هذه كما علق أحدهم ، و...) وقلنا حينها (عفواً.. وعذراً .. ومعليش يا جماعة ، لا تتتلمظو ولا تمصمصو شفاهكم .. فأنا لا أهرطق ول اأهرف ولا (أرطن) ولا ... ، إنما أحدثكم عفوا أكتب لكم بلسان مبين ولكن !!.
وخلاصة القصة إن الكلمة أوالجملة أو شبه الجملة كيف شئتم لم تكن إلا عبارة عن نكتة طريفة أو مثل ينطبق بالتمام والكمال على الواقع يومها ، والواقع اليوم ، وما أشبه الليلة بالبارحة ، وكنت وأنا أكتب تلك الحلقات أذيل في خاتمة كل حلقة بتنويه للمحرر بمعني ذلك المثل وقصته على وعد ان أختم المقالات بتفسير ذلك على القراء ، لكن (لأسباب فنية) و(ظروف خارجة عن الإرادة) كما يقول لنا دائما أصحاب الصحف وكتاب الأبواب والأعمدة و(الشبابيك) لم أكتب تلك الحلقة الأخيرة وبالتالي لم يتيسر لي تفسير المثل أوالقصة للقراء والتي ملخصها إن وهي قصة حقيقية إن جماعة من بلدياتنا (أونشو، بنواحي محلية الدلنج) كانو ممن يمتهنون ويتقنون ويستهوون (القنيص) الصيد ، لاسيما في الليالي المقمرة حيث يعودون كل يوم بحظ وافر من لحوم ال (أبوشوك) وال (أبونضلاف) وغيرها ، وعلى طبع الصيادين المحترفين كانت تنتابهم حالات من (القرم) و(الخرم) والشوق الشديد لأكل اللحم كلما طال بهم الزمن دون أن يصطادو شيئاً فيجتهدون في طي الفلوات والوديان حتى يظفروا بأي حيوان يذهب القرم والخرم ولو كان من عائلة (أبوالقنفذ) أو(الصبرة) أو ال (كوشيل كوشيلدو) أو حتى الفئران الخلوية الطاعمة و(الشحمانة) .. وذات مرة ( قلب عليهم الحظ ظهر المجن) فلم يتذوقو لحماً لعدة أيام وساء حظهم في الصيد فخرجو يجولون طول الليل حتي إذا ما لاحت تباشير الصباح وقد كادو (يقنعون من الغنيمة بالإياب) عثرو على حيوان جهدو خلفه حتى ظفرو به وذبحوه (وما كادو يفعلون) حتى فوجئو بأنه حيوان من فصيلة لم يسبق لهم أن رأوه على كثرة معرفتهم بأنواع الصيد وفصائل الحيوانات ، ودار بينهم حديث طويل في ما يكون هذا الكائن الغريب الذي إصطادوه بعد طول عناء ونشب الجدل والنقاش حول مايفعلونه وإمكان شواء هذا الحيوان وأكله رغماً عن عدم وقوفهم على كنهه وحقيقته ، وأشار البعض بإلقائه والذهاب إلى حال سبيلهم أو البحث عن صيد آخر بينما رأي البعض الآخر على أكله حتى ولو لم يكن معروفاً وكان من أنصار هؤلاء أحد الظرفاء وخشي أن ينتصر أصحاب الرأي القائل بإلقاء الحيوان وعدم أكله فرأي أن يجتهد في مخرج يجيز للجميع أكل الحيوان فهتف بهم بلغة بلدياتنا الطريفة بالطبع (ها ، هيا نسلخه للأكل فأنا قد عرفته ، إنه حيوان ال مارتيكيلانق شيكيل شوكريانق) ، مطلقاً على الحيوان إسماً ما أنزل الله به من سلطان .. وتعني كلمة ( شيكيل) : العرديب الشجرة أو الثمار ، معا بينما تعني (شوكريانق) مصاص أو آكل (مع شئ من التحريف البلاغي) ، بينما لا تعني كلمة (مارتيكيلانق) شيئاً أو معني محدداً أي إنه حيوان المارتيكيلانق آكل أو مصاص العرديب ، في تسمية هلامية غير ذات مدلول القصد منها إيجاد مخرج ل (رفاقه) في أكل هذا الحيوان المشبوه !! .. وصارت الكلمة في تلك النواحي شيئاً كالمثل يطلق على الشأن الذي يضطر الإنسان للتعامل معه رغماً عن عدم إستيعابه لحقيقته أو أصله أومتجاوزاً السؤال عنه.
لكن ، هل رأيتم لماذا نعود اليوم للعنوان وهل عرفتم ما هو ال (مارتيكلانق شيكيل شوكريانق) إنها السياسية السودانية ، أعني الممارسة السياسية في هذا الوطن ال ((Beloved على رأي الكاتب الجنوب أفريقي الرائع (ألان باتون) وهو يبكي وطنه أو يبكي له !! ، الوطن عامة والوطن الصغير (جبال النوبا / جنوب كردفان) على وجه الإختصاص ، هذه الممارسة التي تبدو صورة طبق الأصل من ال (مار ....) بحيث تكون مضطراً للتعاطي معها كما هي بدلاً من أن تجهد وتتعب نفسك لفهمها ، إذ إن السياسية في نسختها الجنوب كردفانية على مستوى الممارسة ليست شيئاً للفهم وإنما للممارسة!! ، هل فهمتم شيئاً ؟! ومن قال لكم إن المطلوب أن تفهموا شيئاً ، إن أس البلاء والإبتلاء والبلوى في السياسية في نسختها الجنوب كردفانية على مستوى الممارسة الفهم ، لأن المطلوب في الأصل أن تكون مجرد فرد في القطيع تطيع ، وأن يكون شعارك (لا أري ، لا أسمع ، لا أتكلم) طالما هناك (كبير العيلة) والقائد الرائد ، والراعي الواعي ، والمعلم والملهم الأوحد هو وحده من يملك حق أن يري ويسمع ويتكلم .. نعم يري ولكن فقط تحت موطئ قدميه .. ويسمع ، لكن الوشايات والنميمة (الشلة) .. ويتكلم ، لكن كلاماً يصدق معه القول إن السكوت من ذهب .. وبذا يكتفي القطيع بتقسيم نفسه إلى (إنكفائيين) باركين ساجدين منكفئين تحت أقدام السلطان ، لا يرفعون أعينهم عن مواضع أقدامهم ولا يجرأون على رفع أعينهم حتى لا تلتقي بعيون قائد القطيع أوتقع على منظرلا يسر، إذ يكفي ما يراه الزعيم قياساً ومعياراً (إن الخليقة قد أبى وإذا أبى شيئاً أبيته) .. وطائفة (الإكتفائيين) التي تكتفي بالعليقة الملقاة تحت أقدامها بإسم وظائف ومخصصات وميزات وإمتيازات وتقنع نفسها بأن الدنيا هي ما أمام عينيها وما عدا ذلك مجرد وهم وعدم .. وطائفة (الغوغائيين) التي ينحصر دورها في هستيريا الهتاف ولعب دور الببغاءات عفوا ، الببغاوات ومكبرات الصوت (الإمبليفيرات) للعمل على ترديد وتضخيم وتفخيم صوت الزعيم حتى لا يعلو صوت فوق صوت الزعيم ، وهلم جرا... وجرجرة ..
هذا ربما يكون مفهوماً ومبلوعاً ومهضوماً كواقع في واقع التنظيمات السياسية القديمة المصطلح عليها (تقليدية ، طائفية ، أحزاب البيوتات ... إلخ) ، بل حتى في نظام الإدارة الأهلية على نسختها القديمة المصنفة (تقليدية) ، لكن كيف نستطيع تفسير ما يحدث داخل بعض القوي الحديثة والأحزاب التحررية والتنظيمات الثورية التي تستمد أسس وقواعد نظرياتها وأطروحاتها النضالية من مرتكز(الثورة على القديم ) ، وتحرير الآراء والأفكار من التبعية العمياء و(القبضة الأحادية) أو (قبضة الأحادية) ، سواء كان ذلك (الأحد) فردا أو نظاما ، والتي ترفع شعارات ملؤها الأماني والآمال البراقة اللامعة مثل إشاعة وتكريس الديمقراطية .. بسط حريات الإعتقاد والتفكير والتعبيروالتداول الحر للآراء و الأفكار .. إعتماد مناهج المشاركة الديمقراطية والقيادة الجماعية في العمل.. إحترام المؤسسات الديمقراطية ومبادئ المحاسبية والشفافية والحكم الراشد ، ومعايير الكفاءة ... إلخ ، ترى ما الذي يجعل بعض تلك القوى التى تملأ الدنيا ضجيجا وتصك الأسماع بهذه الشعارات تضيق ذرعا (وتتضايق) من الشعارات ذاتها حين تأتي واقع العمل ،وتدخل مختبرت التطبيق .. تسألوني : (بالله دا سؤال ليك!!) ، أقول : (والله دا سؤال لي) ، ولكم أيضاً ، لكن نجيب عليه في الحلقات القادمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.