ما زالت الدوحة تحتضن الوفود والشخوص الذين يتبنون القضية الدارفورية و ما زالت الامال معقودة من المساكين واليتامى على حل يرجع الامور الى نصابها على اقل تقدير لان الاختلافات والتشرزمات قد بلغت بالناس مبلغاً لا يطاق , و اصبح الناس فى الداخل يتململون من طول الانتظار الذى به طالت معاناتهم وعزاباتهم , ان المعلن من الاهداف والتطلعات من جانب التنظيمات المسلحة الدارفورية اصبح تحد كبير لها والتساؤلات ما زالت مستمرة فيما اذا كان الناطقين باسم القضية يمكنهم الوصول الى وفاق فيما بينهم ثم من بعده تحقيق مواجهة قوية مع حكومة الخرطوم التى حينها سوف تضع اعتبار كبير للقضية وتستشعر قيمة المتناولين لها واهليتهم فى خوض ماراثون التفاوض الذى يجب ان يفضى الى تحقيق مكاسب دستورية مضمونة تمكن الاقليم من التمتع بذاتيته. ارتبطت القضية الدارفورية بحجة قوية و تعاطف كبير من قبل الامم والشعوب التى تشاركنا الكوكب و ادركها الدانى والقاصى الذى يدب على سطح هذه الارض , لكن لم نستطع نحن ابناء دارفور ان نستفيد من هذا التعاطف الدولى سياسياً واصبحت الاختلافات بيننا كبيرة و تزداد عظماً كل يوم وليلة و رغم علمنا التام بماهية اسباب هذه الاختلافات والتباغضات الا اننا لم نقم بعمل جاد يدل على غيرتنا على وحدة كيان الاقليم السياسى والاجتماعى , ما زلنا عرضة للاستقطاب و الشحن من الجهات ذات المصلحة فى القضية , كل الذين تبنوا خط الاصلاح والنصح والارشاد فى صفوف التنظيمات الدارفورية قوبلوا بالرفض والاقصاء والابعاد عن دائرة الضوء , وخروج مثل هؤلاء من هذه التنظيمات تركها بصبغة اللون الواحد والعنصر الاوحد بحيث انها اصبحت اما رهينة لبيوتات واسر واما مسيطر عليها من قبل قبائل بعينها دون الاكتراث لمكونات الاقليم الكثيرة المتعددة المتنوعة فبدلاً من وجود تنظيمين كبيرين فى بداية الازمة نجد ان عدد المسميات والواجهات المتحدثة بعدالة القضية والمكشرة عن انيابها للنيل من المركز اصبح عدداً كبيراً مما ضاعف دور الوسطاء فى محاولة لملمة وتجميع هذه الاطراف المتنافرة والمتناثرة فى ارجاء الدنيا, فكثرة البيانات والمسميات التى تستقبلنا كل صباح فى المواقع الالكترونية يشعرك وكان هذا الاقليم مساحته وكثافته السكانية ككثافة الولاياتالمتحدةالامريكية لان العدد الهائل لهذه الواجهات لا يمكن مقارنته بعدد سكان الاقليم ولكأن كل مائة فرد ينضوون تحت مسمى تنظيم من هذه التنظيمات . عندما يلقى المرأ نظرة على اقليم دارفور من حيث المكون الديمقرافى والجغرافى لا يرى تمثيل امثل لهذا المكون فى هياكل هذه التنظيمات فالامر الملاحظ فيها انها شملها السواد الاعظم من ابناء شمال الاقليم و قل حظ ابناء جنوبه وغربه فى شغلهم للمواقع التنظيمية فى هذه الاجسام , هذا الخلل فى التوازن التمثيلى لتعدد وتنوع الاقليم هو السبب الرئيسى فى عدم انسجام المجموعات المكونة لهذه التنظيمات و هذا ادى الى استفادة الطرف الحكومى من هذه الاختلالات و استقطابه للمجموعات التى تم تهميشها , ومهما تجاهل الناس هذا الامر الا انه ظل يطل برأسه طيلة ايام الصراع الذى بدأ منذ سبع سنين , ولكى يتم اخراج الناس من هذه الدوامة لابد من اصلاحات جوهرية وتغييرات فى مسار انشاء المكاتب والافرع والامانات التى تمثل هذه الواجهات , الشئ المستغرب فيه ان المؤسسية غير موجودة فى دهاليز هذه المؤسسات وان امر تكوين الامانات يتم بطريقة (اعطيناك) نفس المدرسة التى انتفضت من اجل ايقافها ثورة المهمشين , ما الفائدة من اعادة انتاج مركز جديد ؟ اذا كان لابد مما ليس منه بد فاليظل الناس فى مركزهم الحالى بدلاً من ان يخلقوا لهم مركز فرعى ضيق الماعون والافق , كيف ننهى عن ممارسة ومنهجية المركز الحالى ونكيل عليها الشتائم و الانتقادات ونأتى نحن لنخلق مراكز اخرى صغيرة و ضيقة تختزل وتمحور القضية فى ايدى شخوص وافراد مؤسسيتهم دكتاتوريات صغيرة تمارس البطش باتباعها و تقصى من يخالفها الراى و يختلفها عنها فى الانتماء الاثنى والجغرافى , ان مسئولية تناول امر القضية السودانية برمتها اهون على الانسان من تناول القضية الدارفورية لانها ذات تحد اكبر و ذات تفاصيل ادق و الفرد الدارفورى له رؤيته التى فى احيان كثيرة اعمق من غيره وذلك نتاج لتراكم ارث حضارى قديم لذا الاستهانة برأيه وموقفه ودوره امر مكبد للخسائر السياسية فاذا لم تكن قناعته نقطة انطلاق الساسة . اذا كانت اسباب التنافر والتناحر مستمرة ومتواصلة بهذه الطريقة التى نشهدها هذه الايام فى مسرح الصراع الدارفورى فسوف لن يكون هنالك توافق فى الرؤى ما لم يتم التخلص من مرض الطاعون الذى الم بهذه المؤسسات والذى يتمثل فى القبلية والنظرة الضيقة المنغلقة على ذاتها وعدم استشعار دور الكيان الكبير للاقليم الكبير , هذه شواهد لا يستطيع احد ان يتجاوزها الا مكابرة او جهلاً , انها حقائق فى طريق الوصول الى الحل , والمثل الدارفورى يقول اذا اردت ان تقول النصيحة (كبر دقلك) لان صاحب الغرض والاجندة الخاصة لا تتقبل نفسه النصح ولا يعترف الا بمصلحته و هواجسه الخاصة لذا وفى هذه الحال يعتبر طرح الحقائق على الطاولة وقوف ضد برنامجه الوصولى ولذا يعتبرك مخزل وخائن و ضد المصلحة العامة كما تدعى كل دكتاتوريات العالم , ما زلنا امام تحد قبول الاخر و رأيه , هذه الثقافة لم تتوفر للفرد السودانى عامة وانسان دارفور بصفة خاصة فمن خلال نظرة المتابع والمراقب للتطورات التى حدثت فى صفوف الحركات والتنظيمات المسلحة الدارفورية منذ اندلاع الازمة نجد ان الضيق برأى وشخص الاخر هو سبب كل الكوارث التى حدثت ومازالت تحدث , فاليرعوى الجميع بمختلف مواقعهم والقابهم ومسمياتهم وافكارهم حتى ينتشل الاقليم من مأزقه الحالى. [email protected] +971504233928