[email protected] تابعنا أمس الأول فاصلاً جديداً من فواصل العك الكروي خلال أولى مباريات منتخب الشباب السوداني في تصفيات أمم أفريقيا للشباب. أداء سيئ وارتباك في كل شيء وتواضع ما بعده تواضع وخسارة في ملعبنا بهدفين نظيفين. أثناء متابعتي للمباراة القبيحة لفتية السودان تذكرت كلمات السيد رئيس الجمهورية خلال افتتاح أحد ملاعب الناشئين وهو الحديث الذي كتبت حوله مقالاً قلت فيه أنه أعجبني ككلام نظري، لكنه يظل بلا جدوى ما لم يقترن بالفعل والتحرك الجاد. لكن المضحك المبك أن البعض لم يفهموا كلامي ذاك ضمن سياقه الصحيح وظنوا أنني حاولت أن أنافق الحكومة أو المؤتمر الوطني. مشكلة البعض أنهم لا يقرأون ما بين السطور جيداً ويقفزون سريعاً للنتائج دون ترو وتمعن لما يطالعونه. ومشكلة البعض الآخر أن كلمات مثل سيادة وفخامة تمنحهم الانطباع بأن الكاتب موالياً لكونهم يعتقدون مخطئين دائماً أن النقد يعني الإساءة وأن الاختلاف مع الآخرين يعني الاستهتار بهم. فرئيس البلد هو رمز لسيادتها يا هؤلاء اتفقنا أو اختلفنا معه فلابد أن نحترمه لأن في احترامه احترام لأنفسنا وللوطن الذي لن يصبح ملكاً لفئة بعينها مهما فعلت. قلت أنني تذكرت حديث فخامة الرئيس أثناء متابعتي للمباراة وتمنيت أن يكون سيادته متسمراً أمام الشاشة لحظتها حتى يرى بأم العين منتخب الشباب الذي راهن عليه في حديثه خلال ذلك الاحتفال. فما شاهدناه أمس الأول هو منتخب شباب السودان الذي قلت يا فخامة الرئيس أنه سينافس ويحصل على البطولات. لكنني واثق من أنك لو شاهدت المباراة لأدركت حقيقة أن التنظير والوعود أمر سهل ويسير، لكن الفعل بالغ الصعوبة خاصة في زمانكم هذا. قلت في أكثر من مقال سابق أن الخطب الرنانة والكلام الطيب الجميل والأغاني الحماسية لا تصنع لاعبي المستقبل الذين نتحدث عنهم. وأكدت كذلك أن الناشئين والشباب لن تنصقل مهاراتهم ولن يتعلموا أساسيات الكرة والسلوك القويم بمجرد إنشاء الملاعب الجميلة وإقامة الاحتفالات وحشد نجوم الغد والأمس للغناء والطرب. وأشرت أكثر من مرة إلى سوء الإدارة في سوداننا الحبيب مؤكداً أن كرة القدم السودانية لن تتقدم شبراً واحداً في ظل إداراتنا الحالية ومع مفاهيم جل إعلاميينا الرياضيين البالية ونظرتهم الضيقة. وقد أكدت مباراة منتخب الشباب أمام كينيا أن الحديث عن تطور محتمل أو تعليق الأمل على الشباب و الناشئين مجرد تخدير لا أكثر. فمثلما فشل الكبار في تقديم ما يرضي، عجز الشباب أيضاً عن أداء كرة قدم مقنعة ولو جربنا الناشئين اليوم لفعلوا نفس الشيء. فمنتخب الشباب الذي لعب أما كينيا بلا خطة واضحة ولا تكتيك يمكن أن يفضي إلى شيء يدربه اثنان لم أتعرف علي الأول منهما بينما عرفت الثاني وهو لاعب الهلال السابق حمد كمال. فهل يملك هذان المدربان الخبرة الكافية والمؤهلات التي تمكنهما من تحمل هكذا مهمة؟! وهل هما الأفضل بين جميع المدربين السودانيين؟! حسب علمي أن هناك الكثير جداً من المدربين الوطنيين الأفضل تأهيلاً وخبرة لتولي مهمة تدريب منتخب الشباب فلماذا يتم تجاهل القائمة الطويلة من المدربين المؤهلين كبار وصغار ويقع الاختيار على هذا الثنائي؟! هذا الوضع يذكرني بمدارس السودان فقد تعودت إدارات المدارس عندنا أن تخصص للفصول الأولى المعلمين الجدد وعديمي الخبرة، بينما يولى أكثرهم تأهيلاً وخبرة أمر الفصول المتقدمة، وهي صورة مقلوبة تماماً. يريدون للنشء أن يتعلموا الكرة وأن يحملوا لواء كرة القدم السودانية ويصبحوا مثل غانا وأسبانيا، لكنهم يأتون بكل من هب ودب لتدريب هؤلاء الصغار! أليس هي الإدارة السيئة يا سيادة رئيس الجمهورية؟! صدقني لا نتوقع خيراً لا من منتخب أول ولا منتخب شباب ولا ناشئين ما لم ( تنعدل) هذه الصور المقلوبة. لا يمكنكم أن تأتوا بفاقد شيء وتتوقعوا منه أن يقدم كل شيء. الجدية لا تزال مفقودة في هذا الوسط حاله حال أوساط أخرى عديدة تسود فيها المجاملات على حساب المصلحة العامة. فكل من بيده القلم يرى أن من حقه أن يختار فلاناً لأن علاقته به جيدة أو لأنه مطيع ويسمع كلامه أو لكونه ( فهلوي ) وناجح في العلاقات العامة .. هذه هي الفلسفة السائدة في هذا الوسط. وفي ظل هكذا فلسفة لن ينصلح الحال ولن ننافس الآخرين ولن نصبح مثل غانا أو أسبانيا يا سيادة الرئيس!