مليشيا الدعم السريع تجتاح قرية البابنوسة شرق مدني وتقتل وتصيب 8 أشخاص    تعرف علي أين رسم دافنشي «الموناليزا»    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    انتخابات تشاد.. صاحب المركز الثاني يطعن على النتائج    عقار يلتقي وفد مبادرة أبناء البجا بالخدمة المدنية    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    الفريق حقار يتفقد جرحى معركة الفاشر بالمستشفى الجنوبي    كوكو يوقع رسمياً للمريخ    برقو لماذا لايعود مديراً للمنتخبات؟؟    صابر الرباعي بعد نجاح أغنيته: تحبوا تقولوا عليا باشا تمام كلنا بشوات    عيساوي: نساء الفاشر    باريس يسقط بثلاثية في ليلة وداع مبابي وحفل التتويج    السودان..اعتقالات جديدة بأمر الخلية الأمنية    السودان يشارك في اجتماعات الفيفا    جماهير الريال تحتفل باللقب ال 36    قرار مثير لمدرب منتخب السودان    مصر تدعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام العدل الدولية    شاهد بالصور.. (بشريات العودة) لاعبو المريخ يؤدون صلاة الجمعة بمسجد النادي بحي العرضة بأم درمان    الروابط ليست بنك جباية وتمكين يا مجلس!!    الكباشي يصل الفاو    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الأحد    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الأحد    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الأحد    شاهد بالفيديو.. الناشط السوداني "الشكري" يهاجم الفنانة نانسي عجاج بعد انتقادها للمؤسسة العسكرية: (انتي تبع "دقلو" ومفروض يسموك "السمبرية" وأنا مشكلتي في "الطير" المعاك ديل)    شاهد بالصورة والفيديو.. بطريقة "حريفة" ومدهشة نالت اعجاب الحاضرين.. سائق سوداني ينقذ شاحنته المحملة بالبضائع ويقودها للانقلاب بعد أن تعرضت لحريق هائل    نتنياهو مستمر فى رفح .. إلا إذا...!    ترامب شبه المهاجرين بثعبان    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    السيسي: لدينا خطة كبيرة لتطوير مساجد آل البيت    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    هل ينقل "الميثاق الوطني" قوى السودان من الخصومة إلى الاتفاق؟    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    روضة الحاج: فأنا أحبكَ سيَّدي مذ لم أكُنْ حُبَّاً تخلَّلَ فيَّ كلَّ خليةٍ مذ كنتُ حتى ساعتي يتخلَّلُ!    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    النموذج الصيني    القبض على الخادمة السودانية التي تعدت على الصغيرة أثناء صراخها بالتجمع    الصحة العالمية: نصف مستشفيات السودان خارج الخدمة    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    وزير الداخلية المكلف يقف ميدانياً على إنجازات دائرة مكافحة التهريب بعطبرة بضبطها أسلحة وأدوية ومواد غذائية متنوعة ومخلفات تعدين    (لا تُلوّح للمسافر .. المسافر راح)    دراسة تكشف ما كان يأكله المغاربة قبل 15 ألف عام    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطباء وتحديد ساعات العمل .... بقلم: د. سيد عبد القادر قنات
نشر في سودانيل يوم 31 - 08 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
[email protected]
الحديث عن الخمات الطبية متشعب ، بل صار كشكولا ، لاتدري من أين تبدا ولا أين تنتهي ، وذلك بفضل سيطرة أهل الولاء علي كل مفاصل الخدمات الطبية حتي ليحسبها من يملك بصيرة نافذة وعقل راجح أنها أضحت ضيعة خاصة يتصرف فيها القائمون علي الأمر بمزاجهم الخاص ، بل أضحت تلك المناصب كأنها لعبة كراسي ولكن ليست تقليدية ، فاللعبة هنا ليست تقليدية بإنقاص كرسي وخروج أحد اللعيبة، بل ربما تزاد الكراسي بسبب حضور لاعب جديد من أهل الحظوة والولاء ، وأن كان قد تخرج بالأمس القريب من الطب ، أو عاد بعد عقود من الأغتراب فتفسح له الوظيفة ربما بعقد خاص والمكتب واللاندكروزرات والإستثناءات!!!
العرف المتبع في وزارة الصحة منذ عقود خلت ، أن عمل الأطباء يختلف عن جميع المهن الأخري ، فهم ليسوا موظفين تحكمهم ساعات عمل محددة وبعد خروجهم من الموءسسة بعد أنتهاء ساعات الدوام أو في العطلات وإن طالت مدتها، ليست لهم أدني علاقة بها حتي صباح يوم عمل جديد، ولا هم كوادر عمالية يعملون بالأجر الأضافي أذا أستمروا في العمل بعد الساعات المحددة ، ولكن الكوادر الطبية وعلي رأسها الأطباء بأختلاف تخصصاتهم ، تحكمهم رسالة أنسانية مقدسة ، الا وهي رسالة الطب ، أنهم رضعوا من ثدي وطنية تربوا وترعرعوا في كنفها ، ديدنهم التجرد ونكران الذات ، لا يعرفون الكلل ولا الملل ، يواصلون الليل بالنهار والنهار بالليل ، من أجل مريض أنهكه ألم المرض، ليعيدوا البسمة لتلك الشفاه المنهكة أصلا ما بين الجوع والفقر والعوز والفاقة ، يعملون ما بين الحوادث في ظروف نعتبرها اليوم JUNGLE MEDICINE ، والعنابر ، والعيادات المحولة وغرف العمليات والمرور الصباحي والمسائي ومتابعة تحضير المرضي للعمليات ومتابعتهم بعد الخروج من غرف العمليات ، وقد تمتد ساعات عملهم ألي أكثر من 48 ساعة متواصلة دون أن تغمض لهم عين وآخرون يحرمون من رؤية أسرهم لأيام قد تطول لتصبح سنين عددا ،وأخوات وإخوة لنا كان قدرهم ومصيرهم الأقاليم حيث لا وجيع للمرضي غير الطبيب ، وكما قال الكابلي مترنما مسئول في الحلة غير الله إنعدم ، هم رسل إنسانية يعملون طيلة اليوم وعلي مدار ال24 ساعة وطيلة أيام الإسبوع وتمر الشهور وهم ساقيتهم مدورة من أجل المريض ، ولكن المسئول في مكتبه المكندش وعربته المظللة وسفرياته ومامورياته داخل وخارج الوطن والإجتماعات التي لاتحدها حدود والحال في حالو بل ربما أسوأ ، وأمة الأطباء ومع كل ذلك الإهمال فهم طيلة الوقت هاشين باشين لأستقبال المرضي من أجل تخفيف آلامهم ومعاناتهم ، بل أن قبيلة الأطباء نفسهم كلهم جميعا غير راضين عن مستوي الخدمات اليوم ، وهم غير مسئولين عن ذلك التدهور ، فهذه مسئولية الفيل ولكن الشعب لا يري غير الظل ليطعنه ، فالدولة قد وضعت الخدمات الطبية وتطورها في آخر سلم أولوياتها ،ولهذا فأن التدهور قد فاق كل التصورات لدرجة لا يمكن تصديقه .
إن أمة الأطباء وإنطلاقا من تجردهم ونكرانهم لذاتهم وأخلاقهم وسلوكهم وقسما أبروا به،يعملون دون كلل أو ملل دون الإلتفات لما تحدده قوانين الخدمة المدنية بساعات العمل الإسبوعية ، ألا وهي 48 ساعة .
هنالك إستحقاقات للمريض علي الدولة ألا وهي توفير بيئة ومناخ العمل للكوادر الطبية ، ثم إستحقاقات الكوادر الطبية علي الدولة في أن ينالوا حقوقهم كاملة غير منقوصة وفي إنسانية وشفافية. الدولة مسئولة عن صحة وعافية مواطنيها، وهذه تتطلب إستحقاقات من أجل تطور ونمو الخدمات الطبية ، بيئة ومناخ العمل ، أذا كانت دون المستوي أو في الحضيض ، فقطعا تواجد الأطباء والكوادر الطبية بعد أداء واجبهم اليومي مهما قلت ساعاته داخل سور المستشفي لن يتم أطلاقا بحسب ظروف اليوم.
ومع كل ذلك فأن من يمسكون بمفاصل أدارة الخدمات الطبية ، لم يفتح ألله بصيرتهم بشئ غير تعكير صفو ما تعارفت عليه قبيلة الأطباء لعقود خلت ، وهي طبيعة عملهم والتي لاتحكمها ساعات ولا تحدها حدود وظيفة، فالأطباء روحهم هي المستشفي يمسون ليصبحوا فيها ويصبحون ليمسوا فيها ، هكذا كانت أمة الأطباء لعقود خلت في جميع مستشفيات السودان .
تغيرت الظروف أخيرا وأصبح أهل الولاء علي ذلك الكرسي الدوار ، ولكنهم لم يستدركوا معاناة الطبيب داخل المدن أوفي الأقاليم ، ومازال الأطباء علي تفانيهم وإخلاصهم وأداء رسالتهم دون قيد زمني بما يسمي ساعات العمل الإسبوعية .
ولكن هل قوبل ذلك من المسئول حتي بكلمة طيبة أو برد الحقوق أو بتحسين بيئة ومناخ العمل وتحسين حقوق المرضي، كلا وألف كلا! نقض العهود والمواثيق ، أذلال الأطباء ومعاقبتهم بسبب الإضراب القانوني ، نقلا تعسفيا ، وخصما من المرتب وفصلا للمؤقت وفوق ذلك عدم الإلتزام بما أتفق عليه بل التسويف والمماطلة ، وكانت نتيجة ذلك هجرة آلاف من الكفاءات إلي حيث يكرم الإنسان كإنسان كرمه الله وإلي حيث يجد الطبيب أن كل شيء موجود ليبدع ويتقن ويتطور في مجال عمله ،ومع ذلك لم تحرك الجهات المسئولة جهودها من أجل وقف تلك الهجرة دون أن نعرف الأسباب ، ولكن نهاية المطاف هي فقدان الوطن لآلاف من الكفاءات والوطن أحوج ما يكون لهم اليوم ، ولكن قصر نظر المسئول وبعده عن الوطن فكانت غشاوة البصر التي أعقبتها تلك الحالة من تدهور الخدمات الصحية ، ولكن إلي متي يظل ذلك المسئول يتبوأ ذلك المنصب والصحة تتدحرج إلي قاع سحيق بفضل سياسته والتي تكاد تشبه البطة العرجاء .
ألا يحق لإمة الأطباء أن تطالب بتحديد ساعات العمل مثل رصفائهم في الخدمة المدنية والتي كفلها قانون العمل السوداني وقوانين منظمة العمل الدولية والتي تعارف عليها الجميع بأنها 48 ساعة إسبوعيا ؟
إنه حق أصيل لإمة الأطباء وعليهم العمل علي تحقيقه اليوم قبل الغد ، ساعات العمل 48 ساعة إسبوعيا للطبيب ، بل إن أساتذة الجامعات والبروفسيرات قد حدد القانون عدد ساعاتهم ربما أقل من ال48 ساعة، والأطباء في الأقاليم لا يعرفون للزمن حدودا ولا للراحة مكانا ، بل هم يحملون تلك المسئولية علي أكتافهم تجاه المواطن وهو في أسوأ حالاته ، فمثلا طبيب في مستشفي لوحده، إنه يعمل ليل نهار صباحا ومساء جمعة وسبت ، ولا يعرف ساعات عمل إطلاقا ، ومع ذلك تعطيه الدولة ملاليم نهاية الشهر دون أن تتكرم وترسل له كرت معايدة أو شكر ، بل إن كان من المضربين فالنقل والخصم من المرتب عقوبات ستطاله عاجلا أم آجلا ، وربما بإضافات.
هل دروا أن الأطباء أصلا موجودون داخل المستشفي ، ولا يحتاجون لتذكير من أي جهة مهما كانت ، لأنهم يعملون وفق قسم تعاهدوا عليه ووفق قيم ومثل وأخلاق طبية وسودانية خالصة توارثوها طبيب عن طبيب وجيل عن جيل ،ومع كل ذلك فقد رضوا بالقسمة الطيزي من ملاليم تصرف لهم نهاية الشهر ، حافزهم وطنية رضعوا من ثديها قيما ومثلا، وسامي هدفهم أعادة بسمة مريض أشتكي في لحظة ضعف دون وقت محدد ، وهل للمرض والألم والحوادث والأصابات زمن ووقت يحدده قادة العمل الطبي ، أو ورقة يتم التوقيع عليها ، كلا وألف كلا مالكم كيف تحكمون؟؟
أن بيئة ومناخ كل المستشفيات ومن يكتب علي بوابتها تعليمية ، تفتقد لأبسط مقومات الراحة للأطباء والتي هي جزء لا يتجزأ من أجل تقديم خدمات طبية متكاملة ، ترضي طموحات العاملين عليها قبل متلقيها ، ولكن شاءت أرادة ألله أن يمسك بمفاصل العمل الطبي أهل الولاء دون أهل الخبرة والفكرة والمقدرة والتجرد.
ذلك المسئول كان حريا به أن يتحدث عن عطالة الأطباء بالآلاف ، عن المستشفيات التعليمية والتي لا تملك من الأمكانيات غير لافته في بواباتها ، كان عليه أن يتحدث عن خطط لأجتثاث الأمراض المتوطنة والمستوطنة ، كان عليه أن يتحدث عن الأيدز والكلازار والملاريا والسل الرئوي والعظمي ، كان عليه أن يتحدث عن صبغة الشعر والديوكسين والبولمر ، كان عليه أن يتحدث عن أنفلونزا الطيور وحمي الضنك ، كان يفترض عليه أن يتحدث عن السرطان ولماذا الآن نسبته فاقت وتضاعفت ، كان عليه أن يتحدث عن البلهارسيا ، كان عليه أن يتحدث عن الرعايةالصحية الأولية ، كان عليه أن يتحدث عن مجانية العلاج ، كان عليه أن يتحدث عن التراكوما وعمي الأنهار وسوء التغذية ، كان عليه أن يتحدث عن شلل الأطفال، بل قبل كل ذلك كان عليه أن يقوم بخلق بيئة صالحة حتي يعود الأطباء المهاجرون في بقاع الأرض المختلفة ، لا أن يستدعي أهل الولاء ويمنحهم الوظائف القيادية العليا كأن حواء الصحة قد عقرت بعدهم أو قبلهم..، كان يفترض عليه أن يتحدث عن مجانية العلاج ، كان يفترض عليه أن يتحدث عن خارطة طريق للطب الوقائي وكيفية محاربة نواقل الأمراض ، كان يفترض عليه أن يزيل غشاوة السيدوفان ومحاليل كور و مارك وكيف تم بيع أدوية الملاريا المجانية ، كان عليه الكثير والكثير جدا ، ولكن عقلية الأنقاذ ورزق اليوم باليوم، أقعدت الوطن حتي فيما يختص بالأنسان وصحته وعافيته.
هل قام بتفقد تلك المستشفيات ليري بأم عينيه جاهزيتها من حيث الأستراحات وغرف التعليم المستمر وقاعات المحاضرات والسمنارات والمكتبات، بل هل تملك تلك المستشفيات مجرد أماكن تليق بقضاء الحاجة للكوادر الطبية شاملة الأطباء ، أو ميزات للطبيبات ، او غرف للنوبتجيات يجد فيها الطبيب نفسه وراحته العقلية والجسدية ؟؟ كم عدد الأسعافات والتي تملكها كل مستشفي؟؟ أخصائيون كثر مكاتبهم الآن تحت الشجر ، وآخرون أكثر من 10 أطباء في وحدة واحدة ليس لديهم غير مكتب صغير جدا ، ثم هل توجد غرفة واحدة في أي من المستشفيات تم تخصيصها للكوادر الطبية أن ألمت به أو احد أفراد أسرته وعكة ؟؟ هل قام بمراجعة دفاتر العيادات والحوادث والعمليات والدخول والخروج ليري بأم عينيه الأداء،.
نعم حتي وسط مجتمع الأطباء هنالك الأستثناء ، فلايمكن أن تكون قبيلة الأطباء علي قلب رجل واحد كلهم جميعا ، وهؤلاء يمكن دراسة أسباب قصورهم وحل مشاكلهم .
ولكن أن دلفت علي أدارات وزارة الصحة ستجد المكاتب الأنيقة والمكندشة والستائر المزخرفة والخدمات المجانية والأبهة والفخفخة والأثاث المستورد ، وكان من المفترض أن يكون ذلك هو العكس ، بل أن العمل بالنسبة للكوادر الأدارية يفترض أن يكون ميدانيا ومرور يومي علي المستشفيات، وليس أنتظار التقارير الشهرية ، وأستصدار القرارات الفوقية والتي تصب في مزيد من تدهور الخدمات الطبية,
أن جلوس قيادة وزارة الصحة مع الأطباء وتدارس امر الخدمات الطبية وكيفية النهوض بها حتي تعود كسابق عهدها عندما كان طه القرشي في المستشفي ، لهو الأساس لعمل مدروس ومنظم وفق أولويات ليأتي أكله مستقبلا ، ولكن الركون ألي المكاتب والكراسي الدوارة وأستصدار القرارات دون دراسة ، لن يجد أذنا صاغية مهما كانت تلك القرارات ، ومع ذلك ....YOU CAN TAKE THE HORSE TO THE RIVER BUT YOU CANNOT FORCE HIM TO DRINK
أن الأولويات في سلم الخدمات الطبية كثيرة ، وكثيرة جدا ولا تحتاج لتوطين علاج بالداخل ولكنها تحتاج لتوطين الضمير.
أن الخدمة المدنية في السودان مشهود لها بالكفاءة والحيدة والنزاهة والخبرة ، علي مر العصور ، بل كانت مثالا يحتذي في بقية العالم العربي والأفريقي ، وطيلة عهود الديمقراطية والديكتاتوريات العسكرية السابقة ، حافظت الخدمة المدنية علي حيدتها وتجردها ووطنيتها ، ولم يتم تسييسها أطلاقا ، حتي في عهد دكتاتورية نميري ، ومع كل ذلك ربما كانت هنالك هفوات ، ولكنها لم ترق لدرجة الفساد والأفساد والمحسوبية والغش وغيرها من موبقات تدنيها ، وعلي رأسها الولاء والذي صار صفة ملازمة لأهل الأنقاذ ، بغض النظر عن الكفاءة ، وأن مارس البعض شعارات مختلفة ما بين التطهير وخلافه ، ولكنها كانت نظيفة ألي أبعد حد ، في عهود ما قبل الأنقاذ.
جاء أنقلاب يونيو وجثم علي صدر هذه الأمة، وأعمل معاول الهدم في كل الأتجاهات ، ولم تسلم الخدمة المدنية ، ما بين الأحالة للصالح العام ،وألغاء الوظيفة ، وتصفية المؤسسات العامة ، وخصخصة بعضها ، وبيع أخري ، وكانت المحصلة ، تصفية الخدمة المدنية علي جميع مستوياتها من الكفاءات والخبرات والوطنيين الشرفاء ، ولم تسلم مؤسسة أو مصلحة من ذلك السيف ،ولم يسلم بيت أو أسرة من أحالة أحد أفرادها للمعاش مهما كانت درجة الكفاءة والخبرة ، وتم أحلال أهل الولاء .
الصحة ، والكوادر الصحية علي جميع المستويات ، طالها نصيب مقدر من تلك التصفية ،ومعول الهدم لم يرحم أختصاصي أو أستشاري أو بروفسير ، حتي ولو كان فريد عصره وزمانه ،أختصاصيون كثر ، كفاءتهم ليست علي المستوي المحلي فقط ، ولكن كان نصيبهم من التكريم والأشادة والعرفان والوفاء من قادة الصحة، أن أصبحوا بين ليلة وضحاها ، في المعاش، بسبب الصالح العام !!!ماذنبهم ؟؟ هل هنالك شك في مقدرتهم وكفاءتهم العلمية وخبراتهم ؟ وطنيتهم وتجردهم لا يشوبها شك أطلاقا، ولاءهم للوطن كان هو الأساس ، وولاءهم لرسالتهم الأنسانية لا يدانيه ولاء آخر ، ما بين كلية الطب والمستشفي وقاعات التحصيل وغرف العمليات ، كانوا يتحركون كخلية نحل ، لا يكلون ولا يملون ، هدفهم تخريج جيل من الأطباء يشار له بالبنان ، وسلامة مريض يسألون عن صحته يوم لا ينفع مال ولا بنون ، هكذا كان ديدنهم الذي جبلوا وتربوا عليه، ومن ثدي وطنية رضعوا ، فكانوا فخرا للسودان ، ولزاما علينا أن نذكر علي سبيل المثال فقط ،المرحوم بروف داوود مصطفي ، بروف الشيخ محجوب، المرحوم بروف بليل ، بروف أحمد محمد الحسن ، بروف سكر ، موسي عبد ألله حامد ، عبد ألله الحاج موسي ، ياجي ، حسن كاشف، المرحوم بروف عبد الرحيم محمد أحمد ، بروف الطاهر فضل ، أحمد علي سالم ، أحمد الصافي ، حسن محمد أبراهيم ، شاكر زين العابدين ، وهؤلاء ليسوا حصرا ، (فقطعا كلهم جميعا من ذكروا ومن ضاق المكان عن ذكرهم، كانت لهم بصمات في كليات الطب والتعليم الطبي والخدمات الطبية). ولكن مع ماقدموه للوطن في مجال تخصصاتهم لم يكن ليغفر لهم لأنهم ليسوا أهل ولاء ليونيو ، ولهذا كان نصيبهم من التكريم الصالح العام
ومع ذلك ، مثلا :: هل يعقل أن يأتي من أغترب لعقود من الزمن ، ليصير مديرا لشيوخه ، ليس هذا فحسب ، ولكن ليصرح عن الخدمات الطبية والأطباء وهو أفني زهرة عمره مع البترودولار ولا يعرف عن الوطن غير بابا كوستا،
أليس هنالك طرق لمعرفة الأداء ، العيادات المحولة ، العمليات ، المرور ، السمنارات ، التدريس ، الأشراف؟؟ لماذا يترك الطبيب الغير منتج لسنون عددا ، بل يتدرج في الترقي ؟؟
ثم أذا أفترضنا أن الطبيب قد أكمل العيادة المحولة أو المرور اليومي أو لستة العمليات ، ولكن أين يقضي باقي الوقت في المستشفي حتي نهاية العمل ، ؟؟ تحت الشجر وظلالها الغير وارفة؟ أم يجلس في عربته لمن كان يملكها؟ أم في الأستراحة والمكتبة وقاعات النت الجاهزة؟؟
ومع كل ذلك كم يعطي الطبيب نهاية الشهر؟؟؟ ملالاليم لا تغني ولا تسمن من جوع، وعلينا أن نسأل مباشرة:
كم مرتب الطبيب وتدرجه من أمتياز ألي الأولي الممتازة؟؟
العلاوات والحوافز وبدل العدوي وبدل اللبس وبدل المراجع ، كلها فتات بحساب الأرقام،!!!!!
هل يتعالج الطبيب أو أحد أفراد أسرته مجانا داخل وخارج الوطن؟؟؟
هل تقوم الدولة بتوفير السكن للأطباء بمختلف درجاتهم ؟؟
هل تقوم الدولة بترحيل الأطباء لمكان عملهم؟؟؟
وأن كان الحال داخل العاصمة القومية لا يسر، فكيف بالأقاليم؟؟؟
أن بيئة ومناخ العمل هي الأساس لتجويد الأداء ، والآن بلغت الروح الحلقوم وأمة الأطباء مرجل يغلي فهلا تكرمتم بوضع الحلول الجذرية اليوم قبل الغد وقانون العمل واضح وضوح الشمس في كبد السماء ، ونقض المواثيق والعهود سيقود إلي ما لايحمد عقباه وعندها ستلعقون بل تعضون بنان الندم، وفي ذلك الوقت لن تجد وزارة الصحة إطباء لإدارتهم أو معاقبتهم وفصلهم وإعطائهم الفتات،
يديكم دوام الصحة والعافية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.