قديماً قيل إن الجيوش تزحف على بطونها وحديثاً أصبح يُقال إن الشعوب تحيا على بطونها وكلا المقولتين صحيحتين فالجيوش لا تستطيع الحرب بدون إمدادات غذائية والشعوب في أوقات السلم لا تقوى على العمل بدون امدادت غذائية مستدامة ومن هنا تأتي أهمية تحقيق الأمن الغذائي لكافة شعوب العالم رغم وجود التحديات الكبرى التي تعرقل تحقيق هذا الهدف الإنساني النبيل إذ أن تحقيق الأمن الغذائي يصبح ضرباً من المستحيل في ظل عدم توفر الأمن المائي والأمن البيئي والأمن السياسي. ولعل أفضل تعريف للأمن الغذائي هو "قدرة الدولة على القيام بشكل منتظم بتوفير المواد الغذائية الصالحة للاستهلاك الآدمي بالقدر الذي يلبي احتياجات شعبها" وحيث إن الواقع يثبت دائماً أنه لا تُوجد دولة تستطيع الاكتفاء ذاتياً من المواد الغذائية فإن التعاون الاستراتيجي بين دول العالم يصبح هو الخيار الوحيد المتاح من أجل التصدي لمشكلتيّ الجوع ونقص التغذية اللتين تهددان ملايين البشر وتتفاقمان بصورة بالغة بسبب التغيرات المناخية السالبة وموجات الجفاف والفيضانات التي تضرب العالم من وقت لآخر. من الملاحظ أن دبلوماسية الأمن الغذائي القطرية تثير الاهتمام فالشركات القطرية قد دخلت في شراكات استراتيجية في مجال الانتاج الزراعي والحيواني في عدة دول منها البرازيل ، الأرجنتين ، أوروغواي ، استراليا ، تركيا والسودان ، كذلك فإن سعي الدبلوماسية القطرية لإحلال السلام في لبنان ، اليمن، ارتيريا ، جيبوتي والسودان يصب في خانة تحقيق الأمن الغذائي إذ يستحيل تحقيق الأمن الغذائي في ظل وجود نزاعات مسلحة ولعل أكبر مظاهر دبلوماسية الغذاء القطرية يتجلى في المبادرة القطرية من أجل التحالف العالمي للأراضي الجافة والشراكة لتحقيق الأمن الغذائي والتي من المقرر أن تنطلق في الرابع والعشرين من الشهر الجاري بمقر الأممالمتحدة. ولعل موجة الفيضانات الهائلة التي ضربت باكستان مؤخراً وعرضت أكثر من عشرين مليون إنسان لخطر الجوع قد كشفت ضعف المنظومة الدولية في التصدي لكوارث بهذا الحجم المهول فما زالت المساعدات غير كافية حسب تصريحات الأممالمتحدة ولهذا فإن الدعوة القطرية لإنشاء قوة إغاثة دولية تتخصص في التدخل الدولي السريع والفعال في أوقات الكوارث الطبيعية هي دعوة منطقية وتحتاج إلى مساندة دولية إذ لا يُمكن أن تحل الأزمات الإنسانية الكبرى إلا عبر قوة دولية منظمة تقوم بالعمل الإغاثي الأساسي وتتكفل التبرعات الإنسانية بما يتبقى من مهام إغاثية لأن المجهودات الفردية مهما بلغت درجة نبلها لا تكف وحدها للقضاء على الجوع الكافر الذي من الممكن أن يهدد حياة الملايين من البشر في أي زمان ومكان ودون أي سابق انذار! فيصل علي سليمان الدابي/المحامي