عبدالله البحيراوي / المحامي [email protected] فيما مضى من أيام طرح الصديق الكاتب محمد النور كبر المقيم بكندا رؤيتة حول مالآت الأحداث التي قد تتولد في السودان بعد قيام إستفتاء جنوب السودان ورحج قيام دولة في جنوب السودان كنتيجة حتمية لفشل نخبة السودان الشمالي في بقاء السودان موحداً نتيجةً لتراكمات الغبن التاريخي لدي مواطني جنوب السودان من سياسات الحكومات المتعاقبة على إدارة شأن عموم السودان بحدودة الجغرافية المتوارثة ، وإن كان الصديق كبر قد أومأ لتلك النتيجة تلميحاً عندما قفز لمقاربة أخري تقترب من تلك النتيجة التي يتوقعها عدد كبير من المراقبين. وتلك الفرضية أو سمها حُلم يخرج هكذا قسراً من بين ثنايا تفكير أي كائن منفعل بهم السودان ومنطقتة العريضة ذلك بقراءة التاريخ وتمعن الحاضر وبالتالي تحسس مآلات المستقبل في حالة تراخي الذهن النخبوي السوداني وشروده نحو ذاتيته المنغلقة فنصبح باكراً على واقع غير الذي ينبغي علينا معايشتة في حالة استمرار واقع التراخي الأناني في تعاطينا مع شأننا العام . وفي إعتقادي فإن طرح الأخ كبر لم يجد الإهتمام اللازم بحجمة وأهميتة من أقلام بارزة علي السطح الغربي السوداني ، كردفانه ودار فوره إلا في دهاليز صناعة القرار الخاصة بسلطة السودان الحاكمة بأمره في دوائر المؤتمر الوطني ومرد ذلك أن الأخ كبر لا يحمل سلاحأً غير قلمه الحر وإنتماءه الأصيل لإمتداد الأرض الكردفانية وتداخلها الكبير مع دار فور الكبرى وكذلك لم يتبوأ منصبا رفيعاً في سلطةٍ حاكمة كما سعى عبد الرحيم حمدي بخلفيته المعروفة في طرح رؤية متباعدة عن طرح كبر يوم أن قدم في إحدي مؤتمرات حزبه الإقتصادية رؤيته المثيرة للجدل يومذاك فيما عرف بمثلث حمدي ودعوته حزبة في التركيز علي تنمية وتطوير مثلث كردفان ، سنار ودنقلا وكأني به يريد أن يختصر وجود السودان الجغرافي في ذاك المثلث فتنحصر دولة السودان الحالية في ذاك الجزء المختار وفق رؤيته التي طرحها علي المؤتمرين من أبناء حزبه وما ذاك إلا إعتراف مبكر من شخصية قيادية بالمؤتمر الوطني بما ستوؤل إلية الأحداث اللاحقة وذهاب الجنوب في الإستفتاء المنصوص عليه في الدستور ضمن إستحقاق إتفاق السلام وتنفيذ بروتوكلاته التي ضماها. ولم نسمع برؤية مغايرة أو تفنيد أو إستنكار لما طرحة عبد الرحيم حمدي من قبل أبناء كردفان أو دار فور بالمؤتمر الوطني إلا همساً الأمر الذي يُثبت أن هناك مراكز قرار ومواقع بالمؤتمر الوطني ليست للنقد أو المراجعة ، ومنذ ذلك التاريخ جرت مياه كثيرة تحت الجسر حتى فجرت حركة العدل والمساواة مطلبها الداوي من ضرورة إعطاء حق تقرير المصير لعموم غرب السودان (أي كردفان ودار فور) ولأن الحركة لا تسعى لذلك عبر القلم كما كبر بل بيدها سلاح وتستخدم تكتيكات الحرب والسلام من خلال صراعها المكشوف مع حكومة المؤتمر الوطني ووصول أزمة إقليم دار فور لأبعاد إقليمية ودولية كبرى لذلك جاءت ردود الفعل أكبر وأشمل مما جاءت به دعوة الصديق كبر حتى من شخصيات تنفيذية في مواقع حساسة الأمر الذي يُنبئ بأن موضوع تقرير المصير لغرب السودان يُثير حساسية لدي أطراف كثيرة ولنثبت هنا بأن مبدأ تقرير المصير يعد حقاً للشعوب المضطهده ضمته كافة المواثيق الدولية كحق يجب ممارسته حين تمتلك الشعوب مقومات ممارسة ذلك الحق . ومن هنا دعوني ألتحم مع رؤية الصديق كبر حين أومأ من طرف حتمي وواقعي بالبند الخاص بممارسة حق تقرير المصير في إتفاق السلام بالنسبة لجنوب السودان والذي لم يكن وليد الإتفاق وحده بل ضمته مقررات أسمرا في العام 95 وإستسهلته النخب السودانية شمالها وجنوبها فوقر في ضميرها كممارسة تُمليها الضرورة نحو البقاء مهما كان الثمن. وقد أورد الكاتب كبر بحكم تركيبته القانوينة من مبادئ القانون الدستوري ما يجعل فهم طرحة مبسطاً وسهل الإستيعاب حيث أورد مقومات الدولة من أرض وشعب وحكومة تدير هذه الأرض والشعب فتخلق دولة قابلة للعيش والحياة وأورد إحصاءات عام 2008 التي أجريت في السودان من حيث المساحة والسكان ووفقاً لهذين المعيارين فإن مساحة أيٍ من الإقليمين وتعداد سكانهما مقارنةً بالمعيار الدولي العلمي والواقعي يمكن أن يؤسس لقيام دولة قابلة للحياة إذا ما تجاوزنا قضية السكان ومدى إتساقها مع العاملين الآخرين لقيام دولة . وفي نقطة السكان فقد أورد الصديق كبر رؤيتة المبنية علي التعداد السكاني المذكور في مقالة ذاك وإنتهي للنتيجة التي عبر بها عن الحلم بتوافر مقومات دولة غرب السودان لجملة أسباب حواها طرح الصديق كبر من حيث الكم والنوع الثقافي والإجتماعي وأضف إلية تشابه النوع الإقتصادي من حيث تقارب طرائق المعايش وإستقلال مكونات وموارد الأرض والطبيعة عبر تاريخ طويل من التداخل والشراكات الإقتصاية . والعنصر الثالث والأهم الذي جاء في طرح الصديق كبر هو عنصر الحكومة التي تدير العنصرين الأولين وهما الأرض والسكان ودلل كبر علي مقدرة أهل غرب السودان في المشاركة الفاعلة في إدارة شأن السودان الموحد في زمنٍ ماضي وحاضر وهنا وددت الإضافة لمساهمة أهل غرب السودان في تحقيق استقلال السودان من زاوية تاريخية وحرصهم علي بقاء السودان الموحد ففي أيام التركية السابقة دخل الاستعمار عن طريق النيل من الشمال قادماً من مصر فتناصر أهل غرب السودان وساهموا بفعالية في تحقيق الاستقلال إبان الحقبة المهدية ثم كانت مساهمتهم البينة في تحقيق الإجماع الوطني وتحقيق الاستقلال الثاني في العام 1956م . ثم حدثت متغيرات كبيرة اجتاحت السودان في التاريخ الحديث حتى وصلنا للمرحلة الحالية وتلفتت النخب السودانية أجمعها للنظر في مدي تحقق الاستقلال الحقيقي ، بيد أن جزء من هذه النخب لم تحسن النظر لإدارة البلاد بشكل يحفظ كيانها العام موحداً أرضاً وإنسان فحدثت التباينات بين الجهوية وثارت نزعات بدأت تجرجرنا نحو الماضي البعيد فلم تعد ذكر أدبيات حق تقرير المصير من التابوهات من بعد أن أقرها الجميع بأفعالهم قبل أن يأتي صداها مطالباً بتقرير المصير في سقفه الأعلى ثم حده الأدنى بتقاسم ثروات وسلطة في إطار ثنائيات وترضيات لن تقتل الإحساس بالغبن عند جهات عديدة علي إمتداد السودان الذي نراه يتجزأ أمام أعيننا بأفعالنا نحن قبل شماعة المؤامرات التي تجعلنا نغض الطرف عن دورنا نحن قبل الآخر ونبرئ النخبة الحاكمة من أي مشاركة في توطين الإحساس بالغبن ثم البحث عن مفارقة بإحسان أو الطوفان. ولعلي هنا أن أشير لمفردة التثبيط ومفهومها الذي جاء بطرح الأخ كبر من تخويف ممنهج من الولوج نحو المجهول بخطل المطالبة بدولة لغرب السودان وهنا أجد نفسي في خط مشاقق لطرح الصديق كبر فالأصل هو وحدة السودان لكن ليس بالطريقة الحالية بل بطرح جديد يستوعب كافة عوامل الوحدة ويسعى لها بمستحقاتها المعلومة وعلي حملة بيارق التثبيط من كوادر المؤتمر الوطني وغيرهم في مفاصل الدولة السودانية وحزبها الحاكم بالمؤتمر الوطني التأكد من أن لديهم رد فعل معاكس للتثبيط ومساوي له في القوة أو أزيد لإصلاح الإختلالات المتراكمة التي تجعل الناس يفكرون في تقرير المصير وينظرون للوحدة على أنها ذات الوحدة التي ضحى لها الأجداد برؤيتهم الثاقبة نحو الغد القادم سيكون أفضل للأجيال التي ستأتي . وهنا الخطاب أو التساؤل موجهه لأبناء غرب السودان في مفاصل السلطة ومنظمات المجتمع المدني والدياسبورا قبل الآخرين هل بإستطاعتهم خلق رؤية موحدة لوطن واحد يستوعب كل مكوناته المتعددة ضمن قومية سودانية تحترم العموم وتقدر الخصوصيات حيث يتساوى فيها الأخذ بالعطاء. أم أن ذلك الحلم بوطن موحد يتلاشى من بين تقاطعات غبننا المتراكم وغفلتنا الكبيرة وظلمنا القاسي لبعضنا البعض وهيمنة حزب واحد علي كل شئ مما يجعل طرح حق تقرير المصير لدولة غرب السودان في ظل قصور المعالجات الحالية لأزمات قديمة متجددة ومتفاعلة حاضراً في التفكير والخيال لطالما تتواصل فصول الإخفاق اليومي في كيفية معالجة أزمة السلطة والثروة والشراكة الحقيقية التي ستسهم إيجاباً في حل أزمة دار فور الحالية وما قد يستتبع ذلك من تعميم وسيلة تلك الحلول علي كافة جهات السودان وتحديداً كردفان الكبرى لتداخل وتشابه العوامل التي تحدث عنها الصديق كبر ما بين الإقليمين مما يشيع بيئة مناسبة للإستقرار والإحساس بوحدة المصير السوداني وإستدعاء وصية الأجداد ونضالاتهم نحو وطن موحد تُصاغ فيه الدولة السودانية بطريقة جديدة حتى لا تكون فكرة قيام دولة مستقلة بغرب السودان خياراً حتمياً مفروض علي النخب الكردفانية والدار فورية ويتحمل صانع القرار نحو دولة موحدة وزر تقسيم الوطن لدويلات متجاورة ومتنافرة .