[email protected] صباح يوم من ايام فصل الخريف الجميل الذى تكتسى فيه الارض حلة خضراء فى منظر يضفى على الارض جمالا وبهاءا خصوصا فى السهول والوديان، بدأنا فى حزم امتعتنا استعدادا للسفر الى مدنية النهود مرورا بمدينة الابيض كمحطة توقف قبل الوصول – وهاتان من مدن السودان الشاسع الممتد على مليون ميل مربع- ، تحركت بنا السيارة واخذت تقطع الطريق فى همة شديدة حتى تبلغ مسيرتنا غايتها وتجاوزنا الخرطوم مرورا بجبل أولياء ثم ولاية النيل الابيض بمناطقها المختلفة مرورا بربك وكوستى تلك كانت ابرز المحطات و عند كوستى توقفت بنا العربة لتناول طعام الافطار فى كافتريا على الطريق وبعد قليل من تجاذب اطراف الحديث مع بعضنا البعض ركبنا مجددا السيارة وواصلنا السير فى خطى حثيثة ، ام روابة ،الرهد ،تندلتى ابرز المناطق التى مررنا عليها مجددا. وأنت تمر بمختلف تلك المناطق آنفة الذكر تطالعك الارض على جانبى الطريق بمنظر سرعان ما تتملكك الدهشة حياله حيث الخضرة الخلابة ولكأنى بعلبة رسام أندلق منها اللون الاخضر فسال فغطى السهل و الجبل فيا سبحان الله مبدع الاكوان ومصورها، طبيعة تشرح الالباب ولكانى بها تقول (هذا خلق الله فأرونى الذين من دونه...) الآية ، تلتفت يمنة و يسرة فترى عجائب صنع الله اشجار التبلدى وذا شجر الهشاب وقد اكتسى حلة جملية و أرض مكسوة حشائش تضفى عليها منظرا بديعا حيث اننا فى فصل الخريف فى بداياته وحبات المطر المتساقطة من حين لآخر والنسائم اللطيفة تداعبك مذهبة عنك كل ما يعكر مزاجك من هموم وضجيج الحياة الصاخبة فى المدينة حطت رحالنا حيث وجهتنا وإذ بنا أمام قوم كرام السجايا يفيضون كرماً وجوداً يجرى منهم ذلك مجرى الدم ، الضيف عندهم كأنه ملاك هبط عليهم من السماء أهتماما، إعظاماً وإجلالاً ، تسارع وتسابق لإبراز كرم الضيافة كما هو الحال فى جميع مناطق الريف السودانى الاصيل، بيت كامل فى أحدى القرى لا باب له مساحته تفوق الستمائة متر والمحتوى على صالات مجهزة بالكراسى والسرائر وعليها الوسائد المريحة والى ما هنالك، موقوف تماما للضيوف ومكتوب عليه بالخط العريض - مرحبا بالضيوف – ينزل الضيف فى أى وقت ويجد الكل فى خدمته ياااااااالله ما أجملها من ديار ، ورسالة نوجهها ل/ حاتم الطائى نقول له فيها شكر الله سعيك ولكن لابد أن تعلم بأنك لست وحدك فى هذا المجال. حقيقة هنالك خصال حميدة يتميز بها السودانيون عن سائر شعوب الأرض منها على سبيل المثال إكرام الضيف والكرم بصفة عامة - كما اسلفنا - المساعدة فيما بينهم فى شتى مناحى الحياة وكذلك يمكنك أن تشهد تجمعا فى أحد المناسبات يضم أناس -متباينون ومتنافرون تنافرا شديدا حد الاقتتال فى توجهاتهم السياسية أو العقدية- تجدهم و كأنهم لم يحدث بينهم أى خلاف أو صدام من قبل، ولا عجب فتلك هى خصال الذين ينتمون لهذا البلد المعطاء الذى خيراته تنوء بحملها أراضيه وهذا الذى جلب علينا التكالب الاستعمارى الذى نشهده الآن فى شكل صراعات إثنية تارة وقبلية وعنصرية تارات أ‘خر . والسؤال هو لماذا لا نعمل على إبراز تلك الصفات الحميدة وتدعيمها وتسخير كآفة الإمكانات الإعلامية من صحف وإذعة وتلفاز وغير ذلك تجاه إبراز تلك القيم الحميدة حتى يجتمع السودانيين على كلمة سواء وتكون رايتهم وغايتهم واحدة ، وذلك فى اعتقادى من أهم الوسائل التى بها نجابه المعضلات التى ما فارقت هذا السودان وأقعدت به عن اللحاق بركب الدول العظمى ذات التأثير الكبير فى مجريات الحياة السياسية، الاجتماعية و الاقتصادية فى العالم، أقول ذلك وفى ذهنى أن العالم اليوم أصبحت تتحكم فيه الآلة الإعلامية بصورة تكاد تكون تامة ، الإعلام اليوم أصبح يوجه الأحداث بل ويصنع أحزابا وجماعات لا تجد لها وجود على أرض الواقع فقط حياتها وسر وجودها هو شاشات التلفزة وبقية الوسائط الإعلامية ومع ذلك يكون لها أثر بالغ على سياسات الدول الداخلية والخارجية على حدٍ سواء. لذلك فالمطلوب من الجميع تحكيم صوت العقل والعمل على جعل مصلحة البلد فى أولويات الاهتمامات وعدم الانصياع للمؤامرات والدسائس التى تحاك هنا وهناك.