كتب الأستاذ /عبدالله أحمد خير السيد المحامي, عن أهمية الفحص الجنائي أو ما يسمونه الطب الشرعي Forensic medicine لرجال القضاء و الشرطة و الجهات الأخري, ذات العلاقة, كوسيلة تعين في كشف الجريمة و ملابساتها, و تحديداً جرائم القتل. تتمثل أركان جريمة القتل في شخص مقتول و آخر قاتل و ثالثهما أداة إستخدمت في تنفيذ الجريمة. و لما كان بعض المجرمين يختفون عن مسرح الجريمة, بعد تنفيذ جريمتهم , فإن تقنية الفحص الجنائي, تعين في كشف ملابسات الجريمة, و من ثم الإمساك بالمجرم ليلقي عقابه. لقد تطورت أساليب الفحص الجنائي Criminal investigation علي الجريمة, تطوراً هائلاً في العقود الأخيرة, و صارت تستخدم في كل المجالات التي تتعلق بالجريمة , سواء كانت جرائم قتل أو سرقة أو غيره من الجرائم , التي ترتكب بواسطة الإنسان, و التي تطورت في أسلوب إرتكابها, نتيجة لتطور الحياة و تعقدها. و من المجالات التي إستحدثت في السنين الأخيرة للكشف عن الجريمة و الحد منها , إسلوب المراجعة الجنائية Forensic auditing . و هي إسلوب ينطوي علي مجموعة من الإجراءات يستخدمها المراجع, بقصد الحصول علي قرينة Evidence تعينه في كشف ملابسات المسألة محل الفحص, مثل الغش Fraud. و الغش أنواعه عديدة , منها الفساد , الذي يتمثل في الرشوة و الإبتزاز و تضارب المصالح بقصد الحصول علي المال . و منها سرقة الأصول و تحريف البيانات في الدفاتر المالية. ليس من واجبات المراجع , إكتشاف الأخطاء و الغش , و ذلك عند قيامه بالمراجعة السنوية للحسابات, أو ما يسمونه المراجعة المستمرة Continuous audit , و إن كان البعض يعتقد أن هذه من واجبات المراجع. هذه يسمونها فجوة التوقعات Expectation gap , أي أن لدي المراجع مهمة محددة حسب نص العقد الذي أبرمه مع إدارة الشركة, إلا أن البعض يعتقد خلاف ذلك. واجب المراجع حين قيامه بالمراجعة السنوية , يتمثل في إبداء رأيه في القوائم المالية التي تعدها إدارة الشركة في نهاية كل عام مالي, و ذلك بعد دراسته و تقييمه لنظام الرقابة الداخلية. لكن يحدث أحياناً, أن يقف المراجع أثناء مراجعته علي أمور غير عادية , مثل حالة غش أو خطأ فادح , يؤثر في نتيجة النشاط بصورة جوهرية. و في هذه الحالة يلفت نظر الإدارة إلي هذه المسألة. إن مهمة إكتشاف الأخطاء و الغش , تقع علي عاتق إدارة الشركة, و التي ينبغي أن تعمل علي منعها أو التقليل منها, و ذلك عن طريق تصميم نظام فعال للرقابة الداخلية يتمثل في : تعيين أفراد أكفاء – الفصل بين الوظائف و السلطات – حماية الأصول من السرقة و الضياع – إنشاء إدارة للمراجعة الداخلية. لكن يحدث أحياناً , أن يكلف المراجع بمهمة خاصة , مثل الفحص بهدف الكشف عن واقعة معينة , مثل حالات الغش التي ترتكب من بعض الموظفين غير الأمناء . و في هذه الحالة يطبق المراجع أساليبه الفنية للكشف عن ملابسات الواقعة , و التي تنطوي في بعض الأحيان علي أساليب معقدة, مثل التواطوء بين بعض الموظفين و جهات أخري , مثلما يحدث في حالة عقود التوريد ( ناس 10% ) . نعم لقد تنوعت و تعقدت أساليب الغش في السنين الأخيرة, و أضيفت إليها أساليب أخري تعين في إخفاء الجريمة, مثل عمليات غسيل الأموال , و التي تتمثل في الحصول علي الأموال من مصدر مشبوه , مثل حالات السرقة و الرشوة و تجارة المخدرات , ثم إيداع المبلغ في حساب خاص , ثم تحويله من مكان لآخر و إستثماره في نشاط مشروع بهدف غسله و إضفاء صفة المشروعية عليه و إبعاد الشبهة عنه. في هذه الحالة يكلف المراجع , محاسبين يتمتعون بمهارة عالية في مجال الفحص , بحيث يتم إكسابهم مهارات عالية في القانون و الفحص الجنائي الشرطي إضافة إلي المحاسبة و المراجعة و الكمبيوتر و الإنترنت , بحيث يتابعون و يكشفون العمليات التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية , و من ثم الحصول علي القرينة الموضوعية , التي تستخدمها الجهة المختصة كدليل إثبات ضد المتهم. رشيد خالد إدريس موسي الرياض / السعودية