تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    مناوي : حين يستباح الوطن يصبح الصمت خيانة ويغدو الوقوف دفاعآ عن النفس موقف شرف    الخارجية ترحب بالبيان الصحفي لجامعة الدول العربية    ألمانيا تدعو لتحرك عاجل: السودان يعيش أسوأ أزمة إنسانية    ميليشيا الدعم السريع ترتكب جريمة جديدة    بعثة الرابطة تودع ابوحمد في طريقها الى السليم    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    الفوارق الفنية وراء الخسارة بثلاثية جزائرية    نادي القوز ابوحمد يعلن الانسحاب ويُشكّل لجنة قانونية لاسترداد الحقوق    كامل ادريس يلتقي نائب الأمين العام للأمم المتحدة بنيويورك    السعودية..فتح مركز لامتحانات الشهادة السودانية للعام 2025م    محرز يسجل أسرع هدف في كأس أفريقيا    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    شاهد بالفيديو.. الطالب صاحب المقطع الضجة يقدم اعتذاره للشعب السوداني: (ما قمت به يحدث في الكثير من المدارس.. تجمعني علاقة صداقة بأستاذي ولم أقصد إهانته وإدارة المدرسة اتخذت القرار الصحيح بفصلي)    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    سر عن حياته كشفه لامين يامال.. لماذا يستيقظ ليلاً؟    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    شاهد بالصورة والفيديو.. المذيعة تسابيح خاطر تستعرض جمالها بالفستان الأحمر والجمهور يتغزل ويسخر: (أجمل جنجويدية)    شاهد بالصورة.. الناشط محمد "تروس" يعود لإثارة الجدل ويستعرض "لباسه" الذي ظهر به في الحفل الضجة    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    إسحق أحمد فضل الله يكتب: كسلا 2    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    في افتتاح منافسات كأس الأمم الإفريقية.. المغرب يدشّن مشواره بهدفي جزر القمر    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    مكافحة التهريب بكسلا تضبط 13 ألف حبة مخدرات وذخيرة وسلاح كلاشنكوف    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    ريال مدريد يزيد الضغط على برشلونة.. ومبابي يعادل رقم رونالدو    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    انخفاض أسعار السلع الغذائية بسوق أبو حمامة للبيع المخفض    ضبط أخطر تجار الحشيش وبحوزته كمية كبيرة من البنقو    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    قوات الجمارك بكسلا تحبط تهريب (10) آلاف حبة كبتاجون    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    حريق سوق شهير يسفر عن خسائر كبيرة للتجار السودانيين    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    محافظ بنك السودان المركزي تزور ولاية الجزيرة وتؤكد دعم البنك لجهود التعافي الاقتصادي    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبيي!! (2-2) .. بقلم: د. عمر القراي
نشر في سودانيل يوم 10 - 11 - 2010

أشكر جميع الذين إتصلوا بي، وكتبوا إليّ، وهم غير راضين عن الحلقة السابقة من مقالي، من أبناء وبنات قبيلة المسيرية.. فقد كانوا جلهم موضوعيين، وأثاروا مسائل هامة، ما عدا رسالة واحدة، شتمتني صاحبتها، وأساءت إليّ، واتهمتني بالتحيز للدينكا وكراهية المسيرية!! وأنا لا أنطلق من نظرة عنصرية، ولا أتحامل لإعتراضي عموماً على سياسات المؤتمر الوطني، كما ذكر أحد المناقشين الكرام، ولكني –وارجو الله ان يعينني- ابتغي الحق، واطلبه في مظانه، ثم لا أماري فيه إلا مراء ظاهراً.. من النقاط الموضوعية التي أثارها أبناء المسيرية، أنني ذكرت مذبحة بابنوسة، التي قتل فيها المسيرية ما يزيد على سبعين من الدينكا، ولم أذكر ما حدث قبل ذلك وبعده، من اعتداءات من الدينكا على المسيرية. كما طرحوا ان لجنة تحكيم لاهاي ليست محايدة، وتتكون من اصدقاء لأمريكا والحركة الشعبية. وأنا لم اعدد كل وقائع العنف بين الدينكا والمسيرية، ولم أذكر، مثلاً، الحادثة التي قطع فيها المسيرية يد احد الدينكا، من غير المحاربين، ودقوا بها (نقارة) الحرب!! وإنما ضربت المثل بحادثة واحدة، صعدت حدة الخلاف.. وأنا لا أعتقد ان الدينكا لم يقتلوا من المسيرية، ولكني أرى ان المسيرية بمساعدة حكومات الشمال، وتسليحها لهم، كانوا أسرع للعنف، واقدر على الإنتقام والإعتداء من الدينكا.. ولقد سجلت منظمات حقوق إنسان عالمية، وإقليمية، وحتى المنظمة السودانية لحقوق الإنسان- حين كان مقرها بالقاهرة -حالات إختطاف واسترقاق للدينكا قام بها المسيرية والرزيقات، ومن ذلك مثلاً (ظاهرة الرق ليست مستحدثة بل قديمة، وهي قد ارتبطت بداية بالصراعات القبلية في المنطقة، غير انها اتسعت بشكل يدعو للقلق في ظل النظام الحالي الذي تقوم سلطاته بالتشجيع على ممارسة الرق وتنظيمها والاشراف عليها. وتقوم السلطات بتجنيد أعداد من ابناء المسيرية والرزيقات ضمن قوات الدفاع الشعبي وتوفر للمجند منهم حصاناً وبندقية كلاشنكوف ومبلغ 50 الف جنيه للقيام بغارات على القرى التي تشتبه السلطات في انها تدعم الحركة الشعبية لتحرير السودان، ويحتفظ المغيرون من هؤلاء المجندين بما يحصلون عليه من رقيق وأبقار وممتلكات باعتبارها مغانم الحرب الجهادية.
• يشارك في الغارات على القرى والبلدات المراحيل – وهو الاسم الذي يطلقه الأهالي المحليون على مجموعات المجندين – وافراد الدفاع الشعبي أو القوات المسلحة. وسواء تمت الغارات بمشاركة الاطراف الثلاثة أو عن طريق مجموعة واحدة منها يتم نقل حصيلة الغارات من رقيق وابقاروخلافه الى مناطق تقع تحت سمع وبصر السلطات السودانية.
• يتم تجميع الرقيق والغنائم الاخرى في حظائر معدة لهذا الغرض تقوم بحراستها قوات نظامية (قوات مسلحة و قوات دفاع شعبي) وتقع هذه الحظائر على مسافة تتراوح بين 5 الى 7 ساعات سيراً على الأقدام من المناطق التي استهدفتها الغارات.
• في مرحلة لاحقة ينقل الرقيق الى مدن المجلد والميرم عبر رحلات تستغرق من 6 الى 9 أيام ويتم أثناء هذه الرحلات إعدام أعداد كبيرة من الرجال بضربهم، وهم مقيدي الايدي والأرجل، بهراوات على الرأس، كما يتم الاحتفاظ باعداد من الشباب كمجندين، وتتعرض النساء الى عمليات أغتصاب متكرر بواسطة الحراس والعاملين على نقلهم، ويتم أثناء الرحلة ربط كل 9 أو 10 من الرقيق بواسطة حبل طويل الى بعضهم البعض.
• يتم بيع الرقيق الى اسياد جدد حيث تستخدم النساء في أعمال الزراعة والرعي وجلب الماء وطحن الذرة (بلا مقابل) بالاضافة لتقديم خدمات جنسية نزولاُ على رغبات اسيادهن، ولا تتبدل معاملة الرقيق بعد انجابهن من سادتهن كما لا يعامل اطفالهن بذات المعاملة التي يحظى بها الاطفال الطبيعيون للسادة ويطلق على الرقيق اسماء جديدة تكون في الغالب اسماء عربية (راجع دورية حقوق الانسان السوداني: الرق في السودان. المنظمة السودانية لحقوق الانسان فبراير 2000)
ولم يرد في أي مصدر، ان الدينكا استرقوا الرزيقات أو المسيرية، وفي ذلك إشارة للغلبة الظاهرة.. فإذا وقع القتل، فإنه بلاشك قد كان أكثر في الدينكا. أما تحكيم لاهاي فإن المسيرية لم يعترضوا عليه بمجرد تكوين اللجنة، ولم يطعنوا في حيادها إلا بعد ان وضعت خارطة جديدة للمنطقة، تستبعد كثير من قراهم.. ومع ذلك فإن تحكيم لاهاي، ولجنة الخبراء قبله، وتصريحات االحركة الشعبية، كلها ضمنت للمسيرية حقهم في الرعي حتى بحر العرب، وهو ما يمثل مصلحتهم الحقيقية.. ولكن المؤتمر الوطني، يريد ضم أبيي للشمال ليحوز كل البترول في المنطقة، وهو لو فعل، لن يعطي المسيرية منه شئ، كما لم يعط كل أهل السودان الذين ازدادوا فقراً بعد ان ظهر البترول.
لقد قام قانون إستفتاء أبيي، بتحديد المنطقة على النحو التالي: («منطقة أبيي» يقصد بها الرقعة الجغرافية المنصوص عليها في المرسوم الجمهوري رقم 18 لسنة 2009م الخاص باعتماد قرار محكمة التحكيم الدائمة بلاهاي)(تعريفات مقدمة قانون إستفتاء أبيي لسنة 2009م).. وهذا يعني أن الإستفتاء سيتم وفق ما حدد قرار التحكيم المنطقة.. وهو لهذا سيستبعد عن الإستفتاء، كل من اخرجته الحدود الجديدة، من الذين كانوا في الماضي يعتبرون ضمن المنطقة، ومن هؤلاء أهل القرى التي اشار اليها المسيرية، حين ذكروا ان التحكيم قد أبعد حوالي 58 قرية من قراهم من منطقة أبيي. ولقد نص قانون استفتاء أبيي على تكوين المفوضية الخاصة بالإستفتاء وجاء عنها((1) تنشيء رئاسة الجمهورية خلال أسبوع من صدور هذا القانون مفوضية تسمى «مفوضية استفتاء منطقة أبيي» تكون لها شخصية اعتبارية وخاتم عام والحق في التقاضي باسمها).
وجاء عن تكوين المفوضية ما يأتي: (1) تتكون المفوضية من الرئيس ونائبه وخمسة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية بموافقة النائب الأول وفقا لأحكام المادة 58 (2) (ج) من الدستور مع مراعاة اتساع التمثيل ليشمل المرأة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى (المادة 10 من القانون). والمفوضية لم تقم حتى الآن!! وطريقة تكوينها بواسطة رئيس الجمهورية، مثل مفوضية الإنتخابات، تجعلها عرضة للتحيز، خاصة وأنها تقوم بمهام كبيرة، كانت تقتضي ان يكون تكوينها متنوعاً، وممثلاً لأهل المنطقة. جاء عن مهام المفوضية: (1- تضع المفوضية معايير الإقامة في منطقة أبيي وفقا للمادتين 6(1) (2) و8 من بروتوكول حسم نزاع أبيي لتأمين وضمان تمتع الناخبين كافة دون تمييز بمباشرة حقهم في إبداء الرأي الحر في استفتاء سري يجري وفقا لأحكام الدستور وهذا القانون). أما المادة 6 (1) من بروتوكول أبيي فإنها تقرأ (سكان منطقة أبيي سيكونون: أ-أعضاء مجتمع دينكا نقوك والسودانيين الآخرين المقيمين في المنطقة. ب- معايير الإقامة سوف يتم تحديدها بواسطة مفوضية إستفتاء أبيي) المادة 6 (2) تقرأ (سكان أبيي سيكونوا مواطنين في كلا غرب كردفان وبحر الغزال مع التمثيل في المجالس التشريعية للولايتين كما حددت المفوضية القومية للإنتخابات، ولكن قبل الإنتخابات ستحدد رئاسة الجمهورية مثل هذا التمثيل).. يتضح مما تقدم ان بروتوكول أبيي لم يعتبر المسيرية من السكان المقيمين في المنطقة وإن أعطاهم حق المرور بها والرعي خلالها. بالإضافة لما ذكرنا أعطى القانون المفوضية السلطات التالية:
(أ) تنظيم الاستفتاء والأشراف عليه وفقا لأحكام الدستور بالتعاون مع إدارة منطقة أبيي والحكومة وحكومة جنوب السودان.
(ب‌) إعداد سجل الاستفتاء ومراجعته واعتماده وحفظه وإصدار بطاقة التسجيل.
(ج‌) تحديد مراكز الاقتراع الثابتة والمتحركة حسب الحال وفقا لأحكام هذا القانون.
(د‌) وضع الضوابط العامة للاستفتاء واتخاذ التدابير التنفيذية اللازمة لذلك.
(ه) وضع الإجراءات الخاصة بتنظيم الاستفتاء واعتماد المراقبين.
(و‌) تحديد التدابير والنظم والجدول الزمني ومراكز التسجيل والاقتراع في الاستفتاء بالإضافة إلى تحديد نظم الانضباط والحرية والعدالة والسرية في إجراء التسجيل والاقتراع والمراقبة الضامنة لذلك.
(ط‌) إلغاء نتيجة الاستفتاء في أي مركز اقتراع بناء على قرار من المحكمة إذا ثبت وقوع أي فساد في صحة الإجراءات في ذلك المركز على إن تراجع الخلل وتعيد تنظيم الاقتراع في ذلك المركز في مدة أقصاها أسبوع من تاريخ صدور القرار، وإذا تعزر إعادة الاقتراع في المدة المحددة يسقط سجل المركز من السجل الكلي
والاقتراع.
(ن‌) تعيين موظفي الاستفتاء والتسجيل وتحديد مهامهم وسلطاتهم والإشراف عليهم وفقا لنصوص هذا القانون) (المادة 14 من القانون).
ولقد حدد القانون من الناخب الذي يحق له التصويت فجاء (يشترط في الناخب أن يكون من سكان منطقة أبيي حسب المادة 6 (1) من بروتوكول حسم نزاع أبيي وهم:
(1) أعضاء مجتمع دينكا نقوك.
(2) السودانيون الآخرون المقيمون في منطقة أبيي حسب معايير الإقامة التي تحددها المفوضية وفق المادة 14 (1) من هذا القانون.
(3) يبلغ الثامنة عشرة من عمره.
(4) سليم العقل.
(5) مقيدا في سجل الاستفتاء.
(المادة 24 من القانون)
وهكذا إعتمد قانون استفتاء أبيي على بروتوكول أبيي وحصر الناخبين في دينكا نقوك والسكان السودانيين الآخريين الذين اجبرتهم ظروف الحياة أن يعيشوا مستقرين في المنطقة ولم ينص على المسيرية ولم يعتبرهم من ضمن المقيمين وانما اعتبرهم عابرين كما ذكرنا.
ومن المواد الضعيفة في قانون إستفتاء أبيي المادة التي تتحدث عن إعاقة الاستفتاء فقد جاء فيها (يجوز لأي رئيس لجنة مركز استفتاء في حالة وقوع شغب أو عنف أو أية أفعال من شأنها إعاقة سير الاقتراع في المركز المعني تأجيل عملية الاقتراع فورا وذلك بإعلانه إيقاف الاقتراع)(المادة 35(1) من القانون).
إن هذه المادة يمكن ان تستغل لإيقاف الإقتراع في أي مركز، إذا سارت الأمور فيه بخلاف ما تريد السلطة، ما دام من يقرر حدوث الشغب وتأثيره، هو رئيس لجنة المركز، الذي عينته المفوضية، التي عينها رئيس المؤتمر الوطني. لقد كان الأولى أن يقال ان اللجنة وليس فقط رئيسها، إذا قررت ان حدث ما هو شغب تستعين بالشرطة، التي تطلب الإذن من قاضي، يأتي الى موقع المركز، ليحدد إذا كان هناك شغب وأنه سيعطل فعلاً الاستفتاء أم لا.
جاء عن الإعلام المصاحب للعملية: (2) يجب على المفوضية وإدارة منطقة أبيي توفير وضمان الفرص والمعاملة المتساوية والمنصفة في وسائل الإعلام لدعاة خياري الاستفتاء.
(3) لا يجوز تقييد حرية التعبير بطرق أو وسائل مباشرة أو غير مباشرة بما في ذلك سوء استخدام السلطة والنفوذ في أجهزة أو وسائل الإعلام المملوكة للدولة مما يؤدي إلى المساس بحرية التعبير ونشر المعلومات والآراء.
(4) تعين المفوضية لجنة إعلام ونشر مستقلة ومحايدة لتقوم بحملة إعلامية لتوعية سكان منطقة أبيي عن إجراءات الاستفتاء (المادة 43 من القانون). هذا ما نص عليه القانون، ولكن في الواقع لم يتم أي إعلام عن استفتاء أبيي. وقد يقول قائل ان السبب هو عدم تكوين المفوضية، ولكن الإعلام الحكومي في الإذاعة والتلفزيون، كان يمكن ان يتم لو كانت السلطة ترغب في ذلك. إن المؤتمر الوطني مسيطر على الإعلام ولم يتحدث عن أبيي إلا مؤخراً، حيث حرض المسيرية على رفض قرار التحكيم الذي قبل هو به وصرحت حكومته بذلك!!
لقد حدد القانون ان يجري الإستفتاء تحت مظلة مراقبة محلية ودولية.. جاء عن المراقبين:(1) يجب أن تتم عملية الاستفتاء بمراقبة دولية وإقليمية ومحلية وذلك بقيام إدارة منطقة أبيي والحكومة وحكومة جنوب السودان بالتنسيق مع المفوضية، إلى جانب الدول الراعية للاتفاقية، بدعوة أو قبول طلبات الدول أو المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية لحضور ومراقبة الاستفتاء وفقا لأحكام هذا القانون وتحديد ممثليهم على أن تقوم المفوضية باعتماد الممثلين رسميا.
(2) دون المساس بأحكام البند (1) أعلاه، تقوم المفوضية بتشكيل لجان المراقبة على الاستفتاء من الفئات التالية:
(أ‌) المستشارون القانونيون بوزارة العدل ووزارة الشؤون القانونية والتنمية الدستورية بحكومة جنوب السودان.
(ب) الموظفون السابقون من الخدمة المدنية أو من أشخاص من المجتمع المدني المشهود لهم بالأمانة والاستقامة.
(ج) منظمات المجتمع المدني، والصحافة ووسائل الإعلام.
(د) مراقبون محليون وإقليميون ودوليون.
(3) يجب على لجنة الاستفتاء في كل مركز استفتاء أن تعد أمكنة مناسبة للمراقبين لتمكينهم من القيام بمهامهم بسهولة ويسر.
(4) تضع المفوضية اللوائح اللازمة لتنظيم اعتماد المراقبين.
(المادة 59 من القانون).
ولقد حدد القانون للمراقبين طبيعة عملهم وتفاصيل المسائل التي يراغبونها فجاء عن ذلك (يكون للجنة المنصوص عليها في المادة 59 (2) أعلاه، أو لأي عضو فيها أن يمارس الاختصاصات الآتية:
(‌أ) مراقبة إجراءات التسجيل والاقتراع والفرز والعد والتأكد من نزاهة التسجيل
والاقتراع وإجراءات فرز وعد الأصوات وإعلان النتيجة.
(‌ب) التأكد من حياد الأشخاص المسؤولين عن التسجيل والاقتراع والفرز والعدّ
والتزامهم بأحكام هذا القانون واللوائح والأوامر الصادرة بموجبه.
(‌ج) زيارة ومعاينة مراكز التسجيل والاقتراع والفرز والعد في أي وقت ودون إعلان مسبق عن تلك الزيارة.
(‌د) حضور كافة مراحل التسجيل والاقتراع والفرز والعد وعلى وجه الخصوص حضور ومراقبة عملية فتح صناديق الاقتراع وقفلها
(ه) التأكد من حرية التسجيل وسرية الاقتراع وكتابة تقارير حول ذلك حسب ما تحدده اللوائح.
(2) لا يجوز للجان المراقبة وأي عضو فيها التدخل بأي طريقة كانت في أعمال لجان التسجيل والاقتراع أو موظفيها ومع ذلك يجوز لهم توجيه الأسئلة شفاهة أو كتابة إلى رئيس لجنة المركز(المادة 60 من القانون).
ولعل من يقرأ هذه المواد يسر لوجود المراقبة المكثفة، وفرصتها في مراقبة كل خطوات الإستفتاء، ولكنه لا يلبث ان يفجع، حين يعلم ان اللجنة الفرعية، يمكن ان ان ترفع توصيتها للمفوضية بإلغاء حق أي مراقب في المراقبة، وسحب إعتماده كمراقب، ومن ثم ابعاده من المركز، بحجة انه قام بعمل يتعارض مع القانون او اللوائح، فقد جاء عن ذلك : (يجوز للمفوضية بناء على توصية اللجنة الفرعية في المقاطعة المعنية إلغاء تشكيل أي من لجان المراقبة المنصوص عليها في المادة 59 من هذا القانون، أو سحب اعتماد عضوية أي عضو فيها في أي وقت إذا ثبت لها قيامه بأي عمل يتعارض مع أحكام هذا القانون أو اللوائح.
(المادة 61 من القانون). والمفوضية هي الخصم والحكم في هذا الأمر، ويمكنها ان تبعد كل المراقبين الذين تدرك مدى مقدرتهم على المراقبة، وعدم ترددهم في مواجهة المفارقات. إن قانون إستفتاء أبيي قد وضع بنفس الطريقة التي وضع بها قانون الإنتخابات، ولقد نقدنا ذلك القانون، وقلنا ان يمكن ان يستغل لتزوير الإنتخابات وقد حدث ذلك بالفعل. و الآن فإن على أبناء أبيي، أن يكونوا حذرين وواعين، حتى لا تضيع حقوقهم بين يدي أناس لا يرعون عهداً ولا ذمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.