شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد.. عروس الموسم الحسناء "حنين" محمود عبد العزيز تعود لخطف الأضواء على مواقع التواصل بلقطات مبهرة إحداها مع والدها أسطورة الفن السوداني    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناوات سودانيات يشعلن حفل "جرتق" بلوغر معروف بعد ظهورهن بأزياء مثيرة للجدل    شاهد بالفيديو.. (يووووه ايه ده) فنان سوداني ينفعل غضباً بسبب تصرف إدارة صالة أفراح بقطر ويوقف الحفل    "الجيش السوداني يصد هجومًا لمتمردي الحركة الشعبية في الدشول ويستولي على أسلحة ودبابات"    غوغل تطلب من ملياري مستخدم تغيير كلمة مرور جيميل الآن    يبدو كالوحش.. أرنولد يبهر الجميع في ريال مدريد    التهديد بإغلاق مضيق هرمز يضع الاقتصاد العالمي على "حافة الهاوية"    تدهور غير مسبوق في قيمة الجنيه السوداني    ايران تطاطىء الرأس بصورة مهينة وتتلقى الضربات من اسرائيل بلا رد    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    خطأ شائع أثناء الاستحمام قد يهدد حياتك    خدعة بسيطة للنوم السريع… والسر في القدم    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    وجوه جديدة..تسريبات عن التشكيل الوزاري الجديد في الحكومة السودانية    (برقو ومن غيرك يابرقو)    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    مباحث شرطة الولاية الشمالية تتمكن من إماطة اللثام عن جريمة قتل غامضة وتوقف المتورطين    مونديال الأندية.. فرصة مبابي الأخيرة في سباق الكرة الذهبية    كامل إدريس يدعو أساتذة الجامعات للاسهام في نهضة البلاد وتنميتها    بلاغ بوجود قنبلة..طائرة سعودية تغيّر مسارها..ما التفاصيل؟    أردوغان: الهجوم الإسرائيلي على إيران له أهداف خبيثة    المملكة تستعرض إستراتيجية الأمن الغذائي لدول مجلس التعاون الخليجي    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    أنباء عن اغتيال ناظر في السودان    الترجي يسقط أمام فلامنغو في مونديال الأندية    افتتاح المرحلة النهائية للدوري التأهيلي للممتاز عصر اليوم باستاد الدامر.    فيكم من يحفظ (السر)؟    في السودان :كيف تتم حماية بلادنا من اختراق المخابرات الإسرائيلية للوسط الصحفي    من الجزيرة إلى كرب التوم..هل دخل الجنجويد مدينة أو قرية واستمرت فيها الحياة طبيعية؟    الحرب الايرانية – الاسرائيلية: بعيدا عن التكتيات العسكرية    نقل أسلحة إسرائيلية ومسيرات أوكرانية الى افريقيا بمساعدة دولة عربية    والي الخرطوم يصدر عدداً من الموجهات التنظيمية والادارية لمحاربة السكن العشوائي    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    إدارة مكافحة المخدرات بولاية البحر الأحمر تفكك شبكة إجرامية تهرب مخدر القات    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترسيم حدود أبيي وتحديد تبعيتها .. الغموض سيد الموقف!!

ظلت منطقة أبيي نموذجا للتعايش بين القبائل وكانت تعد الشكل المصغر للوحدة بين الشمال والجنوب، ويعد استمرار التعايش داخلها داعماً لعملية الوحدة بين الشمال والجنوب، والجدير بالذكر أن مساحة أبيي تعادل حوالي (16) ألف كم مربع ويعيش فيها قبائل (المسيرية) وقبائل (دينكا نقوك) ورغم تخصيص برتكول خاص بالمنطقة ضمن اتفاق السلام الشامل، إلا أن الشريكين ظلا على الدوام في حالة تجاذب شبه دائم على المنطقة بحكم البترول الذي يوجد في المنطقة، الأمر الذي أدى لحدوث توترات أدت الى وقوع اشتباكات مسلحة بين الجانبين وبعدها توصل الشريكان لخارطة طريق لمعالجة قضية (أبيي) قضت بالاحتكام لمحكمة العدل الدولية في (لاهاي) التي أصدرت قرارها النهائي بشأن المنطقة الذي يعتبر ملزما للطرفين، ووفقا للحكم الذي أصدرته محكمة (لاهاي) فقد حكمت المحكمة بإعادة حقول النفط الهامة في المنطقة لشمال السودان وأعطت غالبية الأرض للجنوبيين ، وحددت المحكمة مساحة (أبيي) فقط بستة آلاف كلم مربع تقريبا وأعادت (10) آلاف كلم مربع للشمال، وأعطت المحكمة حقلين كبيرين في منطقة أبيي للشمال وأعطت حقلا واحدا صغيرا للجنوبيين وقضت بحق القبائل الجنوبية في تملك غالبية الأرض، على أن تتبع منطقتا (هجليج) و(بامبو) للشمال، فيما وضعت بئر (دفرة) ضمن سيطرة الجنوب. ويرى مراقبون أن إنتاج النفط في هذه المناطق بدأ يتقلص تدريجيا في مناطق أبيي وهجليج وأعالي النيل، حيث الإنتاج بدأ في العام 1998م ب (150)ألف برميل في اليوم وتصاعد إلى أن بلغ الذروة في أواخر العام 2005م، حيث بلغ (350) ألف برميل، ثم بدأ الانخفاض إلى أن وصل (180) ألف برميل في اليوم، ويذكر أن حقل (دفرة) الذي مُنح للجنوب تناقص انتاجه من (11) ألف برميل ليصبح الآن حوالي (3) آلاف برميل في اليوم، وقد نص قانون الاستفتاء الخاص بمنطقة أبيي أن يجرى الاستفتاء في منطقة أبيي قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية التي ستنتهي بحلول التاسع من يناير2011م، وتنظمه مفوضية ( أبيي) بالتعاون مع إدارة منطقة أبيي والحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان وبمراقبة دولية. ولكن المراقب للأمر يلاحظ أن استحقاقات استفتاء منطقة أبيي حتى الآن لم يتم الإيفاء بها على الرغم من إجازة قانون استفتاء أبيي وتكوين المفوضية.
والجدير بالذكر أن تاريخ وطبيعة الصراع والحرب بين الدينكا نقوك والمسيريه الحمر في منطقة أبيي وبحرالعرب، كان بسبب الصراع بين الدينكا والمسيرية الحمر في إطار التنافس في سبيل كسب العيش (الرعي)، وعلى الموارد والمصادر الطبيعية الشحيحة في تلك المنطقة، إضافة إلى تفشي الجهل والتخلف الاجتماعي، إذ أن منطقة أبيي وبحر العرب لم تحظ حتي اليوم بأي مشروع تنموي كفيل بتطوير حياة المجموعتين، وقبل عام 1964م كانت كل النزاعات التي سبقت ذلك لا تعدو عن كونها مناوشات وحروبا تقليدية أصلها الصراع والتنافس على مصادر الطبيعة، وحينما اندلعت الحرب الاهلية الأولى بجنوب السودان شهدت منطقة أبيي دعوات للانضمام للحركة الشعبية التي تقاتل الحكومة المركزية، وكانت نقطة التحول الخطيرة في عام 1964م عندما قام المعارضون للحكومة بقتل شاب من المسيرية بالقرب من (ميوم) والهجوم على مدينة قوقريال التي كان يوجد بها عدد من المسيرية، قام بعدها بعض شباب المسيرية بالرد على تلك الحوادث. وفي مارس 1965م هجم الدينكا نقوك على المسيرية (أولاد عمران) وقتل (142) من العرب المسيرية، ونظم بعده المسيرية حملة انتقامية استهدفت منازل الدينكا التي تم حرقها على طول منطقة (الرقبة الزرقاء)، وكذلك حوادث انتقامية في مدينة بابنوسة، وتم التوصل لعقد مؤتمر للصلح في أعقاب هذه الحوادث في أبيي. ورغم التوصل لاتفاق صلح إلا أن احداث بابنوسة ظلت آثارها باقية نظراً للطريقة البشعة التي لقي فيها عدد من مواطني الدينكا حتفهم بالحرق حتى الموت، وأفضت لتوسيع شقة الخلاف بين المثقفين خاصة من أبناء الدينكا نقوك والمسيرية الحمر (عجايرة) وبعض من أسر المتعلمين من أبناء الدينكا الذين تم حرقهم في تلك الواقعة الفظيعة مثل والدة أحمد اللور الذي يعرف اليوم باسم دينق ألور (وزير الخارجية الحالي) وكان لها أثر كبير في تطور الحرب والصراع التقليدي بين القبيلتين لصراع بالأسلحة الحديثة، ووقعت كذلك أعمال عنف أخرى في عام 1977م وهذه الصراعات قد أدت إلى تعقيد الاضطرابات في المنطقة مما أدى الى تفجير عنف واسع بلغ ذروته في مايو ويونيو 1977م وأدت المناوشات إلى موت عدة مئات من الضحايا من كل جانب، وبلغ مسلسل العنف مداه عندما داهم العرب المسيرية ثلاث شاحنات محملة بأعداد كبيرة من الدينكا العزل القادمين من مدن الشمال، وقتل ما يقارب مائة من الدينكا.
ولكن عند قيام الحركة والجيش الشعبيين لتحرير السودان في عام 1983م انضم عدد من أبناء دينكا نقوك لهذه الحركة وبدأوا في الاستعداد لنقل الحرب لمنطقة أبيي، وبرز في الجانب الثاني قيادات عسكرية من أبناء المسيرية تعمل على تدريب وإعداد أبناء المسيرية الحمر (البقارة الرحل) لمواجهة عدوهم في شكله الجديد، حيث ظهر مصطلح قوات (المراحيل) للمرة الأولى وهي قوات مسلحة تستخدم الخيول ومهمتها حماية مراحيل وأماكن الرعي من هجمات قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان بالمنطقة المكون من أبناء دينكا نقوك ذوي التدريب الجيد والأسلحة الحديثة وقتها والمتمثلة في بنادق الكلاشنكوف والجم 3، وترك العديد من أبناء عرب المسيرية الحمر مناصبهم العسكرية ليعودوا إلى وطنهم لمباشرة تدريب وقيادة أبناء قبيلتهم في مواجهة قوات الجيش الشعبي ذات التدريب والتسليح الجيد، وهكذا دخلت منطقة أبيي وبحر العرب مرحلة جديده من النزاع المسلح وثقافة الحرب، واندثرت معها مرحلة سابقة بفض النزاعات والتعايش السلمي.
وقد ظلت منطقة أبيي التي يعيش فيها المسيرية الحمر والدينكا نقوك محلا للنزاع لفترة طويلة لافتقار الأنظمة السياسية لرؤية منهجية وفكرية لحل النزاع، والصراع في منطقة أبيي اتخذ ثلاثة تحولات جوهرية قادت في النهاية إلى مايطلق عليه (التدويل)، وهذه المراحل الثلاث لتطور التحول في قضية أبيي، صراع تقليدي، وهذا النوع من الصراع كان يتمثل في المشاحنات التي في الغالب كان سببها التنافس على مصادر الطبيعة، التي تسفر عن صراع عنيف ومسلح ودموي لتحقيق اهداف سياسية واقتصادية وإستراتيجية، والبعد الثاني للصراع يتمثل في الصراع السياسي حول تبعية أبيي إلى شمال السودان أم جنوب السودان، الأمر الذي جعل من المنطقه كلها مقرا للتوتر وبؤرة للصراع.. أما البعد الثالث للصراع فهو دولي وهو آخر تطورات قضية أبيي التي أضحت ذات طابع دولي وأخذت حيزا كبيرا، وتطورت قضية الصراع بين قبيلة المسيرية الحمر والدينكا نقوك إلى قضية دولية تأخذ حظا وافرا من الدوائر العالمية ومراكز الدراسات العالمية، إلا أن للخطأ المنهجي الذي وقعت فيه الجهات المختصة في المرحلة الأولى للصراع أثرا كبيرا في تشكيل هذه المحصلة ولقد اكتفت كل المحاولات السابقة بالحلول السياسية والأمنية دون النظر إلى الإطار الاجتماعي (تاريخي - سياسي).
وكان للبترول أو مايعرف ب (الذهب الاسود) بعد إضافي، إلا أن اكتشاف البترول في المنطقة أعطى الصراع حولها بعداً إضافياً وربما تسبب في إضافة تعقيدات أخري من خلال تمسك الأطراف المختلفة بالمنطقة بدخول الذهب الأسود للحلبة، سيما إذا علمنا أنه يمثل المورد الاساسي لميزانيتي الحكومة القومية وحكومة الجنوب على حد السواء، وبكل تأكيد فإن وجود حقول بترول (هجليج، دفرا، الميرم) بالاضافة لبحيرة كيلك ومنطقة ناما الزراعية كي تكون جزءا من بحر الغزال، أسهمت في مجملها في إلهاب الصراع بين المسيرية والدينكا نقوك وساعد في تعقيد أوضاع المنطقة وجعل للصراع وجها ومعني آخر بدخول عامل الثروة، لكن الأمر الواضح أن المنطلقات التي تتحرك منها قبيلتا المسيرية ودينكا نقوك وإن بدت متفقة مع رؤى المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لكنها تختلف في جوهرها، فالمسيرية نقطتهم المحورية الحفاظ على ما يعتبرونه أرض الاجداد وضمان سلامة ثروتهم المتمثلة في مواشيهم بضمان استمرار حركتهم الموسيمة بالتحرك للمراعي شمالاً وجنوباً، أما دينكا نقوك فينظرون للأمر من زاوية إعادة الحقوق التاريخية المسلوبة واستردادها، لكن شريكي الحكم المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لا ينظران بعيون القبيلتين ل (ظاهر الأرض) وإنما لأعمق من ذلك (باطنها) وتحديداً للنفط والمعادن ومن بعد لاهميتها الاستراتيجية باعتبارها نقطة ارتكاز ووصول لجنوب كردفان، بحر الغزال ودارفور، فجميع العيون مشدودة هناك لأبيي.
وبعد أن اشتد الصراع بين الشريكين على المنطقة تولت محكمة التحكيم الدائمة في (لاهاي) النظر في قضية ترسيم حدود منطقة (أبيي) المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه بموجب اتفاق بين طرفي النزاع (الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان) وقد أودع الطرفان (اتفاق التحكيم) بينهما منضدة الأمين العام للمحكمة الدائمة في 11 يوليو 2008م، واتفقا على أن يكون قرار هذه المحكمة ملزم ونهائي بشأن التقرير الذي أعده الخبراء بشأن ترسيم حدود أبيي الذي ألحق أجزاء واسعة من الأراضي التي عُرفت تاريخياً كأراضٍ تتبع لشمال السودان بحدود منطقة أبيي التي أتفق الطرفان ضمن برتكولات اتفاقية السلام الشامل على إقامة استفتاء لمواطنيها للاختيار بين البقاء في الشمال في وضع خاص أو اللحاق بجنوب السودان، ولكن رغم اتفاق الطرفين على الحدود العامة للمنطقة إلا أنهما أختلفا في تحديد منطقة جغرافية جنوبية تقطنها 9 من مشيخات دينكا نقوك وألحقت بالشمال في العام 1905م. والهدف من اللجوء للخبراء كان هو تحديد هذه الرقعة الجغرافية، ولكن الخبراء بحسب الحكومة السودانية تجاوزوا اختصاصهم وتفويضهم وعمدوا إلى ترسيم كل المنطقة ثم أضافوا أجزاء شمالية لرقعة أبيي المتنازع عليها، وهو ما قبلته الحركة الشعبية ورفضه الحزب الحاكم في الخرطوم المؤتمر الوطني وقبيلة (المسيرية) التي تقطن منطقة أبيي. وفي 11 يوليو 2008م اتفق الطرفان على اللجوء إلى محكمة العدل الدولية للفصل في: هل تجاوز الخبراء اختصاصهم؟ واتفق الطرفان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) على أنه حال قضت المحكمة بأن الخبراء لم يتجاوزوا التفويض فإن على الحكومة السودانية أن تقبل بذلك الحكم، وفي حال ثبوت التجاوز فإن المهمة المحكمة في هذه اللحظة أن تقوم وبنفسها بترسيم حدود منطقة أبيي انطلاقا من المستندات المقدمة من الطرفين في معرض هذه الإجراءات. وقد خلصت المحكمة في جلستها الختامية الي أن الخبراء تجاوزوا جزئياً حدود صلاحياتهم في ما يتصل بالحدود الشمالية لمنطقة أبيي، وأن الخبراء تجاوزوا صلاحياتهم في ما يتصل بترسيم الحدود الغربية والشرقية، وقبلت المحكمة وضع الحدود الجنوبية للمنطقة بحسب ما هو منصوص عليه في تقرير الخبراء الذي يحظى بقبول الطرفين، ورأت المحكمة ترسيم الحدود الشمالية والشرقية والغربية بحسب ما وُضع بين يديها وما توفر عندها من وثائق ومستندات وشهادات شفاهية، وجاء القرار الذي أصدرته محكمة التحكيم الدولي في (لاهاي) في 22 يوليو 2009م، الذي يعتبر نهائياً وملزماً للطرفين الذين رحبا بالقرار وتسلم ممثليهما نسخة منه.
بعد من حسم حكم محكمة التحكيم الدولية في (لاهاي) لأمر منطقة (أبيي) الحدودية بين شمال وجنوب السودان فإن المنطقة سيحسم مصيرها النهائي في استفتاء ينص قانونه على انشاء سجل خاص بالاستفتاء، وعرف القانون (منطقة أبيي) بأنها الرقعة الجغرافية المنصوص عليها في المرسوم الجمهوري رقم (18) لسنة 2009م الخاص باعتماد قرار محكمة التحكيم الدائمة ب (لاهاي)، وينص القانون على تطبيق أحكامه على الاستفتاء الذي تقوم المفوضية بتنظيمه بالتعاون مع إدارة (منطقة أبيي) و(الحكومة وحكومة جنوب السودان) بمراقبة دولية قبل ستة أشهر من نهاية الفترة الانتقالية ويصادف التاسع من يناير 2011م، وينص القانون علي أنه يجب أن يمارس سكان منطقة (أبيي) حق تحديد وضعهم الإداري المستقبلي من خلال الاستفتاء وفقا لأحكام اتفاقية السلام الشامل والدستور وقانون استفتاء أبيي، وينص القانون على أن يصوت سكان منطقة (أبيي) عند ممارستهم حق تحديد وضعهم الإداري من خلال الاستفتاء بالتصويت إما لتأكيد استدامة الوضع الإداري الخاص بمنطقة (أبيي) في الشمال أو أن تكون منطقة (أبيي) جزءاً من بحر الغزال بجنوب السودان ، وينص القانون على ضرورة التأكد من وجود أعضاء دول الإيقاد وشركائها وممثلي (الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي والهيئات الدولية الأخرى الموقعين كشهود على اتفاقية السلام الشامل) ليكونوا مراقبين للاستفتاء علي منطقة (أبيي) فضلا عن التأكد من وجود منظمات المجتمع المدني المحلية والإقليمية والدولية لمراقبة جميع الإجراءات المتعلقة بحملة التوعية الخاصة بالاستفتاء والتأكد من أن الأحزاب السياسية المسجلة والراغبة بموجب قانون الأحزاب السياسية لسنة 2007م والمنظمات والتجمعات المتمسكة باتفاقية السلام الشامل قد تم منحها الفرص المتساوية في التعبير عن آرائها حول خياري الاستفتاء، ويؤكد القانون على أن تضع المفوضية معايير الإقامة في منطقة أبيي وفقا للمادتين 6(1) (ب) و(8 )من بروتوكول حسم نزاع (أبيي) لتأمين وضمان تمتع الناخبين كافة دون تمييز بمباشرة حقهم في إبداء الرأي الحر في استفتاء سري يجري وفقا لأحكام الدستور وهذا القانون اضافة الى إعداد سجل الاستفتاء ومراجعته واعتماده وحفظه وإصدار بطاقة التسجيل، وتحديد مراكز الاقتراع الثابتة والمتحركة حسب الحال وفقا لأحكام القانون، ووضع الضوابط العامة للاستفتاء واتخاذ التدابير التنفيذية اللازمة لذلك ، ووضع الإجراءات الخاصة بتنظيم الاستفتاء واعتماد المراقبين، وتحديد التدابير والنظم والجدول الزمني ومراكز التسجيل والاقتراع في الاستفتاء بالإضافة إلى تحديد نظم الانضباط والحرية والعدالة والسرية في إجراء التسجيل و الاقتراع والمراقبة الضامنة لذلك.
وبخصوص وضعية منطقة أبيي ومستقبلها تخوف المراقبون من أثارة الشريكين (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ) الى صراعات حدودية أخرى على طول المناطق الحدودية الممتدة بين شمال وجنوب السودان من أقصى غرب السودان في حدود (دارفور) مروراً ب (كردفان) ثم (النيل الأبيض) ثم (الشرق) بمحاذاة سنار ومناطق (النيل الأزرق).. في حالة عدم اعتراف الشريكين بما تم الاتفاق عليه.. فضلا عن ان ترسيم الحدود حتى الان لم يحسم أمره.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.