بسم الله الرحمن الرحيم 2-2 -1- يتساءل كثيرون انني أتناول في بعض مقالاتي اهتماماً خاصاً بالصديق " ياسر عرمان " .... وتفسيري يقع من باب الزمالة والدفعة الأولى في الدراسة والنضال السياسي أثناء الجامعة برغم اننا كنا نقيضين ... وبرغم السنين التي مضت وجرت مياه كثيرة تحت الجسر الا ان ذاك الزمان كان نديا الى درجة انه يسري كالدم ... غير ان " ياسراً بعد خروجه الشهير ... ونفض انتمائه عن الحزب الشيوعي ليرتمي بثقله في أحضان الحركة الشعبية ... فزاده نضالها الدموي مع حكومات السودان المتعاقبة تجربة حامضة بعد زهده الهادر من نضال الحزب الشيوعي الذي أفنى فيه كثيراً من ندى الشباب ... ثم صعوده المميزة في الحركة الشعبية الذي ظننته دفعاً وامتداداً للثقافة العربية والرؤى الحضارية المغايرة لكن " ياسر " في تقديري صار ملكاً اكثر من الملك وانتمى للحركة الشعبية انتماءاً واثقاً وبدل ان يلعب دوراً ايجابياً بعد اتفاق نيفاشا بين الشريكين ... ولعب ادواراً اكثر عنفاً في مسائل الحريات في الشمال بشكل فيه تهافت ... صار من أغلظ الصقور بعد وفاة جون قرنق بينما تمارس الحركة الشعبية ديكتاتورية قابضة في الجنوب بواسطة استخباراتها ... حيث عمدت الحركة الشعبية على لعب دور المعارضة المجروحة ... وكان " ياسر عرمان " زعيم المعارضة في البرلمان مما خلق وضعاً شاذاً يعمق توتراً دائماً في العلاقة بين الشريكين !!!!! - 2 – القوانين التي أجازها البرلمان في الفترة الانتقالية الذي جل أعضائه من الشريكين كانت تمر بولادة متعسرة لا تفيد حالة النزاع والتشاكس والتباعد بين طرفين اتفقا في ظرف سياسي حرج على إيقاف الحرب التي دامت لعقود ... وتوصلت الاتفاقية لحلول تاريخية لمشكلة الجنوب المزمنة حيث تمكن أبناء الجنوب ولأول مره ان يحكموا الجنوب كاملاً لدرجة ان رئيس الجمهورية لا يستطيع ان يتدخل في شيء الا بضوابط صارمة إضافة للمساهمة في حكم السودان كله بنسبة 30% ... و نالوا من الوزارات السيادية مثل الخارجية والنفط والداخلية وغيرها ثم تمددت الاتفاقية لينال أبناء الجنوب نسبة 3. بالمائة في الخدمة المدنية وفي كل الوزارات السيادية والخدمية ومعالجة متوازية لملف الثروة يعلمه الجميع . لكن للأسف فقد مضت الفترة الانتقالية بين الشد والجذب والتشاكس الواسع لدرجة أخل بالبرامج التي تعمل لصالح الوحدة .... الا ان الحكومة القومية تجاوزت كل هذه العقبات . و في تقديري ان " ياسر عرمان " بقدراته الواسعة لعب دوراً مهماً في إثارة هذه المشكلات وتلك العقبات تارة باسم الحريات وتارة بشكل نزق لا يتماشى مع فعل رجال الدولة " كانسحاب وزراء الحركة الشعبية من الحكومة المركزية " هذه الفعل الطفولي جرّب لإحراج الحكومة داخلياً وخارجياً بشكل أخص . - 3 – وبعد ان وصلت اتفاقية نيفاشا 2005 الى محطتها النهائية بإجراء الاستفتاء في 9 يناير من 2011 وأعلنت الحركة الشعبية بشكل سافر عن وجهها الانفصالي وتجاوزته لدعوة الجنوبيين للتصويت للانفصال ... خف تماما صوت " ياسر عرمان " داخل الحركة وبدأ في مغازلة الشمال بالروابط التاريخية التي تجمعهم مع الجنوب .... وحرّر في الصحف مقالات نوعية تتحدث عن بطولات جنوبية في الحركة الوطنية متناسياً ان يحافظ على ارث جون قرنق في الحفاظ على وحدة السودان والعمل بشكل صارم في ضبط غلواء الانفصاليين من الحركة الشعبية التي تبدو إنها ركلت كل قطاع الشمال بعد استخدمتهم أسوأ استخدام . ياسر عرمان لا يستطيع الان ان يقف أمام قطار " الاستقلال " كما يدعون وليس له لمسة في كتابة النشيد الوطني للحكومة الناشئة و لا يشفع له نضالاته التاريخية مع الحركة و لا نسبه المميز مع آل البيت الدينكاوي هذا الحديث ليس من باب الشماته للصديق القديم .... ولكنه واقع موجع مؤلم ان يضيع الجنوب هكذا ... وتموت فكرة السودان الجديد التي لم تصمد لأكثر من خمس سنوات فقط .... حتى نفض عنها تلاميذ قرنق أيديهم بما فيهم باقان ودينق الور و ياسر عرمان الذي خرج من " المولد بدون حمص " كنت أرى ان يستطيع ياسر بقدراته ان يحافظ على وحدة السودان وان يبذل جهداً مضاعفاً لأجل مشروع السودان الجديد لا يلقي عن كاهليه السلاح في سنوات تعد على أصابع اليد الواحدة !!!!! نحن جيل نلنا من الفعل الثوري ومن ألق الجامعات السودانية بعض البريق ... ونؤمن بأن السودان الواحد قادر على العطاء والدفع بشكل كبير ... وهذا كان المؤمل ... ونحن نحاول بالقلم ان نبعد الأذى عن الوطن .... بينما " ياسر " في قلب العاصفة .... فما ذا هو فاعل علماً بأن الوقت محدود جداً جداً !!!!!