جال بذاكرتي في لحيظات ، كشريط توثيقي سريع العرض ، العراك السياسي العنيف و ( النظيف ) الذي خاضه الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما ضد وزيرة خارجيته الحالية هيلاري كلينتون في صراعهما للفوز بالترشح لرئاسة الولاياتالمتحدة عن حزبهم الواحد!! ثم كيف بعد عدة اسابيع من هذا السجال الإنتخابي العنيف النظيف الذي سكبت فيه هيلاري الدموع والملايين من الدولارات ، تواضعت هيلاري وقامت بتقبيل أوباما معترفة بخسارتها و فوزه ، ثم وارتضت أن تصبح ضمن طاقمه التنفيذي كوزيرة للخارجية لتقود معه سفينة حزبهما في قيادة أكبر قوة في العالم اليوم !!!؟ أي رقي هو هذا وأين نحن من ذياك الرقي ؟؟ أي عقل ونفس هو هذا الذي يجعل الفرد يتجرد من ذاته الضيقة ويحلق به في رحاب الأهداف السامية ويقوده للتسامي فوق ( الشخوص و الشخصنة ) فيبذل ذاته بتواضع ورضى لخدمة الوطن أو الحزب أو الدستور أو ( سمه ما شئت ) . طافت بخاطري هذه اللمحة وأنا أستمع للسيد الصادق المهدي وطلبه من المؤتمر الوطني ، الممسك ب ( ما تبقى ) من السلطة ، غير مباليين كليهما بمهددات أمن البلاد ، تشكيل حكومة قومية قبيل السادس والعشرين من الشهر الحالي !! معقولة ؟ أو ، تهديداً ، إعتزاله للعمل السياسي ، أو ( سبحان الله ) الأنضمام لجحافل طوابير الراغبين في الإطاحة بحكومة المؤتمر الوطني في هذا المنعطف المثير الخطير من تاريخ البلاد ، وهو ذاته الصادق المهدي الذي قال قبل اسبوع واحد من الآن " أن ذهاب المؤتمر الوطني في الوقت الراهن سيقود البلاد نحو الفوضى والكارثة "!! ، ويجوز التساؤل هنا اين كان موقع السيد الصادق المهدي طوال العشرين ونيف سنة السابقة ؟ ،، لم اجد في خاطري رداً عليه سوى ( ده وقتو ) ؟؟ وقد سبق لي أن هنأت المؤتمر الوطني بطول سلامته إن كان من سيسقطه هم أمثال هذا الحزب العجوز وقائده الذي يجعل الخيار البديل للجهاد المدني من أجل إسقاط الإنقاذ هو " إعتزال الفعل السياسي " !! ( ده وقتو ) ، نفس الرد وجدتني أكرره وأنا أقرأ مقالاً للأخ صديق محمد عثمان وهو ( يراشق ) قادة المؤتمر الوطني ( رفاق الأمس أعداء اليوم ) ساخراً من حشدهم وإستنفارهم للشباب والمجاهدين بالشمال إستعداداً للخطر القادم من جنوب البلاد ، ويتسأل صديق في قوله " إن تحزمنا وتجهزنا للقتال فمن ، وأين العدو ؟" مشيراً بجهر وسر وتلميح إن العدو هو نفسه " المؤتمر الوطني " مسترسلاً في سرد خطايا وعورات المؤتمر الوطني وما جره ويجره هذا المؤتمر الوطني على البلاد والعباد ، وقد كان محقاً في كثير مما سرد . ولكن ......... وللذين لا يعرفون الأخ صديق فهو أحد كوادر الأتجاه الإسلامي وأحد جهابزة خطباء منابره بجامعة الخرطوم ، ثم شهدته ساحات العمل العام ناشطاً بالمؤتمر الوطني حتى ( الفراق المر ) والمفاصلة ، ثم ضارباً في الأرض في المنافي الأوروبية الباردة وأظنه ( وليس كل الظن أثم ) من ناشطي كوادرالمؤتمر الشعبي حالياً . إذاً ، الحزبان الوطنيان الإسلاميان الكبيران ( الأمة والشعبي ) يبدوان غافلين تماماً او متغافلين بتعمد وسبق إصرار عن خطورة المرحلة التي تمر بها البلاد في هذا الشهر المفصلي في تاريخ الأمة والوطن ، ولا يشغلهم الآن سوى التنفيس عن غيظهم و ( فش غبائنهم ) بالشماتة والتربص بالمؤتمر الوطني ، وتقديم الحلول التعجيزية الخائبة ، وإرسال التهديدات ونبش بواطن مواضع الخلافات وإضغاف المؤتمر الوطني في هذا التوقيت االحساس لذي يمكن تلخيص حقائق الواقع فيه بما يلي : 1. إنقسام السودان أصبح أقرب للواقع من حبل الوريد بإنفصال الجنوب المتوقع والراجح . 2. نذر الحرب تدق الأبواب في أبيي وفي بحر الغزال وفي جنوب كردفان وفي النيل الأزرق. 3. طبول الحرب الشاملة الجديدة الغير مستبعدة بين الشمال والجنوب تدق و بعنف . 4. الحركة الشعبية تعلن عدم تخليها عن برنامجها للسودان الجديد وستعمل له مع حلفائها من جوبا . 5. السودان الجديد يقوم أساساً على فرض الدولة العلمانية و رفض الحاكمية للشريعة الإسلامية 6. الحركة تنسق مع حركات دارفور لدعمها في إستمرار حربها مع الشمال وجرها لطلب حق تقرير المصير ضمن مخطط تقسيم السودان لخمسة أو ستة دويلات . 7. الحركة الشعبية تستعين بيوغندا وإسرائيل لدعمها في حربها القادمة ضد الشمال العربي المسلم ، وتفتح أضحانها وأراضيها لممثلي إسرائيل كأول سفارة بالجنوب . 8. الحركة تعتقد وصرحت ذات مرة بأن الأحزاب الشمالية جميعها ، خاصة الإسلامية والطائفية ، من ( طينة ) واحدة وأنها كانت وما زالت ( المغفل النافع ) الذي أستنفذ الكثير من أدواره ولم يتبق سوى مساهمته في تقسيم باقي السودان قبل ان يذهب إلى مزبلة التاريخ !! أو كما قال ! 9. وغيره ، وغيره سادتي يا أهل الشمال : و يا قادة مؤسسات المجتمع المدني الشمالي جميعا ، ونخص من قادتنا من بنى مؤسسته المدنية أو حزبه على قيم دينية وقاعدة جماهيرية إسلامية من أمثال سيدي الصادق المهدي وشيخي الدكتور حسن الترابي ومولاي عثمان الميرغني : نعم : لقد أقترفت الإنقاذ ومؤتمرها الوطني في حق البلاد والعباد الكثير مما قد لا يغفره لها التاريخ ، وإن أستمرت في نكران ذلك بعزة بالأثم لم يشهدها تاريخ بلادنا السياسي من قبل ، نعم ، فقد قادتنا الإنقاذ عبر مؤتمرها الوطني لهذا الواقع المرير الذي أوردنا موارد الهلاك والإنشطار وأفقد البلاد إستقلالها الحقيقي ووضع البلاد على حافة الهاوية التي تهدد وجودها وتنذر بتمزقها . نعم : المؤتمر الوطني ما زال سادر في غيه وغروره بجبروته وسلطانه الأمني، ولقد سلبنا حرياتنا التي أكرمنا بها الله عز وجل وأذاق شعبنا ذل التجبر وقد خلقه الله عفيفاً كريماً و شريفا. نعم : لقد أورد المؤتمر الوطني بسياساته الرعناء إقتصاد بلادنا موارد الضياع برغم إزدياد مواردنا بالبترول ونقصان إنفاقنا بتمزيق فاتورة منصرفات الحرب ، كما وأترع شعبنا بمرارات الحياة وذلها حيث أعجزه العيش الكريم في ظل دولة الجبايات وغول غلاء الأسعار وقلة الدخل والحيلة ، ونعم : لقد أفسد المؤتمر الوطني الإنسان السوداني ومجتمعه وقصر في أداء واجباته تجاه الحفاظ على أمننا الإجتماعي ، وفي عهده وصلت أخلاقنا وقيمنا وسلوكنا الجمعي دركاً ما توقعناه من قبل . نعم : في عهده ظهر الفساد واستشرى ، وأتخم مواليه في رغد الحياة وعم الفقر من سواهم ، أحتكروا موارد الرزق وأفقروا من عاداهم أو من لم يواليهم . نعم ونعم ونعم ، محقون أنتم في الكثير مما تدعون لكنكم سادتي ، إن كان فيكم من قدرة على الترفع عن الصغائر والتسامي فوق الذوات الفانية والسمو لذات الوطن وأهله ، إن تبقت فيكم ذرة من عقل ، وحفنة من وطنية ، وقبضة من روح تقوى الله ، وإن كنتم كما يأمل شعبكم ويرجو منكم ، فلن نجدكم في ظل هذا الظرف الحرج وهذا الخطر الداهم إلا وأنتم تقولون مثل ما نقول : " إن حدث ما يتوقعه الجميع ، " وإن شرعت دولة الجنوب القادمة في تنفيذ ما ثبت انها تخطط له ضد الشمال ، " فإننا جميعاً بالشمال جنود و " مؤتمر وطني " حتى حين ، " وبعد إنجلاء المعركة الكبرى ،، الحساب ولد ،،