كلما أقتربت ( مسرحية نيفاشا التراجيدوكوميدية ) من نهاياتها بإجراء إستفتاء ( الإنفصال المحتوم ) ، وكلما أستمعت لتصريحات قيادات الحركة الشعبية من العسكريين والسياسيين ، وراقبت أعمالهم وإستعداداتهم لما بعد الإنفصال ، كلما استغفرت الله على ما كتبته يوماً ذماً في حق منبر السلام العادل وقائده الأستاذ الطيب مصطفى وصحيفته الإنتباهة التي حق لها أن تنال شرف التسمي بهذا الأسم !!! فمن يقرأ ما يدور الآن بساحتنا السياسية بعين متجردة وصدق مع النفس وموضوعية وحياد ، ومن ينظر بعين بصيرة وقلب منفتح لما هو متوقع بصورة شبه حتمية في مقبل الأيام القادمات ، لن يجد أمامه سوى الإعتراف بأن منبر السلام العادل وقائده الأستاذ الطيب مصطفى وصحيفته الإنتباهة كانوا هم ( الأشطر ) والأقدر على قراءة مجريات الأحداث ، وانهم كانوا الأدق في تحليل مآلات الأمور ، وكانوا الأسبق في التنبيه إلى خطورة ما تخطط له الحركة الشعبية وما ستجر البلاد إليه ، كما أنهم قد قاموا بدور لا تنكره عين في التبصير وتعبئة الرأي العام الشمالي بما هو مقبل على البلاد في الفترة القادمة ، وكانت بذلك الصوت الوحيد الذي كان وما زال يعمل كجدار صد في مقابل حملات وسائط الحركة الشعبية متعددة الوسائل والواجهات والتي ظلت تعمل في بث الكراهية تجاه الشمال وأهله ، في وقت كان الإعلام الرسمي والشعبي في الشمال منوماً ومخدوعاً ومخدراً بأحلام ( الوحدة الجاذبة ) يسكت عن البوح ويستحي من الرد ويطأطي الروؤس أمام مخططات وتطاولات إعلام الحركة الشعبية وأبواقها في الشمال . ومنعاً للسباحة في التعميم فلنرمي ( مرساتنا ) على شؤاطي التفاصيل في بيان ما ظلت تردده صحيفة منبر السلام العادل وقياداته منذ قبيل وقفها عن الصدور وحتى هذا اليوم ، وتنبه الشمال لخطورته ، في حين كنا نكذب زعمها ونتهمها بالتعصب وقصر النظر وبث الكراهية وروح التباغض والعمل على تقسيم السودان، وإذا بالأيام والوقائع تثبت صحة قولهم وخطل زعمنا ، وإليكم بإختصار خمسة حقائق ظل يرددها المنبر وأثبتت الأيام صحة ما ذهب إليه قادة المنبربشأنها ، في حين ظل الكثيرون يحسبونها إدعاءات يغذيها التطرف والتعصب ، فتأملوها يا أولي الألباب : 1. أن إتفاقية نيفاشا كانت في مجملها ( قسمة ضيزى ) تنازل فيها المؤتمر الوطني بصورة مهينة ومذلة في وقت كان فيه وضعه الميداني هو الأقوى والحركة في أضعف أوقاتها ، وقد منح المؤتمر الوطني في هذه الإتفاقية الجنوب والحركة الشعبية ما لم تكن تحلم به يوماً ، وكان ذلك خصماً إستراتيجياً على الشمال العربي المسلم ، حيث حكمت الحركة الشعبية الجنوب منفردة لخمسة سنوات وشاطرت الشمال في حكمه ونالت من أموال الشمال ومقدراته ما لم تنله الكثير من ولايات الشمال خصوصاً ولايات دارفور والشرق التي تعاني أكثر مما تعانيه الولايات الجنوبية. وليس آخرها ما أنفقته الحكومة بغباء وسذاجة منقطعة النظير على الدورة المدرسية في بحر الغزال ، وما حدث بعد ذلك يعلمه الجميع . 2. أن الحركة الشعبية هي حركة عنصرية إنفصالية حيث أن معظم قادتها ممن يؤيدون الإنفصال وتتملكهم روح الكراهية تجاه الشمال والشماليين بلا إستثناء ، وأن الإنفصال واقع لا محالة ، وأن إدعاء الحركة وحدويتها إنما هو ذر للرماد في عيون الشمال لحصد مزيد من المكاسب تحت غطاء ( دعم الوحدة الجاذبة ) ، وقد تبنى المنبر موقفاً متقدماً بالمطالبة بدعم الإنفصال لا الوحدة كسباً للوقت وحفاظاً على مقدرات ومكتسبات الشمال وعدم تبديدها لأسترضاء الجنوب دون جدوى بحسبان أن الإنفصال هو النهاية الحتمية طالما أن الحركة تحكم الجنوب منفردة ، وهاهي هذه الأيام تثبت صحة ذلك . 3. أن الحركة الشعبية بإنفرادها بحكم الجنوب وجدت الأرضية الصالحة لبناء نفسها وتكوين قواتها إستعداداً لحرب قادمة ضد الشمال ، وأن أحلام المؤتمر الوطني في تعايش وجوار آمن وهادئ مع الجنوب حال الإنفصال أنما هي ( أحلام زلوط ) تكذبها تصريحات وأفعال الحركة الشعبية . و أنه فور الإنفصال ، بل وقبيل ذلك ، فإن الحركة ستنصرف لزرع قنابل ( العكننة ) السياسية بالشمال وسوف تدعم كل من سيعمل لزعزعة الإستقرار بالشمال بدعم حركات التمرد في أطراف السودان الشرقية والغربية ، وبدعم طابورها الخامس بقطاع الشمال ، وهو ما يحدث الآن بحذافيره ، وما المؤتمر الصحفي لعرمان وعبد العزيز الحلو وعقار بالأمس الأول بتأسيس حزب بالشمال يتبنى ( مانفستو الحركة الشعبية ) لسودان جديد إلا ضربة البداية لما هو قادم . 4. أن الحركة الشعبية قد هيأت نفسها تماماً لحرب قادمة ضد الشمال ، بتسليح نفسها وإعادة إنتشار قواتها في إتجاه الحدود بين الشمال والجنوب ، وحول منطقة أبيي وجنوب النيل الأزرق وبعض مناطق حنوب كردفان ، بل وتقويها وطلبها للدعم العسكري بالرجال والعتاد من الرئيس اليوغندي ، وفي ذات الوقت دعمها لمليشياتها المنتشرة بولايات السودان وحتى بداخل الخرطوم ( وما تصريحات ياسر عرمان بأن خلايا الحركة بالشمال أكثر من جيش الحركات الدارفورية ببالون إختبار ولا كذب إعلامي ) . 5. أن الحركة لشعبية وحكومة الجنوب القادمة ستكون مخلب القط للقوى الإستعمارية وبوابة الولوج لأسرائيل وامريكا لتحقيق أطماعها في منطقة البحيرات والنيلين وشرق افريقيا وهو ما يشكل خطراً مباشراً على الشمال العربي المسلم وتوجهاته بغض النظر عمن سيحكم السودان في الفترة القادمة ، وقد بثت وكالات الأنباء العالمية اليوم زيارة وفد من وزارة الخارجية الإسرائيلية لجوبا كمقدمة لتنفيذ ما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية نيتها فتح سفارة لها في دولة الجنوب القادمة كأول سفارة تفتتح بجنوب السودان !! أكتفي بهذه الخماسية واترككم للتفكر فيها ، وبعد ذاك لكم أن تبحثوا عمن هو أكثر من ظل يردد ويشدد في السنوات الماضية على القول "" أن على الشمال أن يحذر ويستعد لمواجهة متطلبات المرحلة المفصلية القادمة من تاريخ البلاد التي تستهدف توجهاته وكيانه ووجوده ، وأن على المؤتمر الوطني ، وهو المتمسك بزمام السلطة في الشمال ، أن يضطلع بدوره ومسئولياته الكاملة في حماية الشمال ومكتسباته والإستعداد لأسوء الإحتمالات الممكنة ، وأن لا تأخذه غفلة أخدته في نيفاشا إلى ما هو عليه اليوم "" السادة منبر السلام العادل ، قادته وصحيفته : أخطأنا وأصبتم ، فلكم العتبى حتى ترضوا ، وهنئياً للشمال بكم . دمتم سالمين . Hilmi Faris [[email protected]]