بثلاثية الفيحاء.. الاتحاد يضع يدا على لقب الدوري السعودي    ((مبروك النجاح يانور))    التعادل.. آرسنال يخمد ثورة ليفربول في أنفيلد    إغلاق فرع جامعة السودان المفتوحة بالإمارات    صاحب أول حكم بإعدام رئيس مصري سابق.. وفاة قاضي محاكمات مبارك ومرسي    الهلال يضع اللمسات الأخيرة لمواجهة نواذيبو    من قال إن للهلال مشروعًا؟    توثيق ذاتي لمفقودي جرائم الدعم السريع بمخيم زمزم    البرهان يهنئ البابا ليو الرابع عشر بمناسبة انتخابه بابا للفاتيكان    غياب 3 أندية عن مجموعات التأهيلي    حاكم إقليم دارفور يهنئ القوات المسلحة والقوات المشتركة عقب معارك مدينتي الخوي وأم صميمة    تجهيزات الدفاع المدني في السودان تحتاج إلي مراجعة شاملة    السعودية: تدريبات جوية لمحاكاة ظروف الحرب الحديثة – صور    مستشار قائد قوات الدعم السريع ينفي استهداف قواتهم بمسيرات لسجن مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان    رونالدو يضع "شروطه" للبقاء مع النصر    هدى عربي وعلي الشيخ    شاهد بالفيديو.. بعد أن قدمت له الدعوة لحضور حفلها الجماهيري.. الفنانة هدى عربي تتفاعل مع أغنيات الفنان علي الشيخ بالرقص أعلى المسرح    بعد أن تصدرت "الترند" وأنهالت عليها الإشادات.. تعرف على الأسباب التي دفعت الفنانة فهيمة عبد الله لتقديم التهنئة والمباركة لزوجها بعد خطوبته ورغبته في الزواج مرة أخرى    "نسرين" عجاج تهاجم شقيقتها الفنانة "نانسي": (الوالد تبرأ منك عام 2000 وأنتي بالتحديد بنت الكيزان وكانوا بفتحوا ليك التلفزيون تغني فيه من غير "طرحة" دوناً عن غيرك وتتذكري حفلة راس السنة 2018 في بورتسودان؟)    ترامب: الهند وباكستان وافقتا على وقف النار بعد وساطة أميركية    الطاقة تبلِّغ جوبا بإغلاق وشيك لخط أنابيب النفط لهجمات الدعم السريع    محمد وداعة يكتب: التشويش الالكترونى .. فرضية العدوان البحرى    على خلفية التصريحات المثيرة لإبنته الفنانة نانسي.. أسرة الراحل بدر الدين عجاج تصدر بيان عاجل وقوي: (مابيهمنا ميولك السياسي والوالد ضفره بيك وبالعقالات المعاك ونطالب بحق والدنا من كل من تطاول عليه)    شاهد بالفيديو.. من عجائب "الدعامة".. قاموا باستجلاب سلم طائرة ووضعوه بأحد الشوارع بحي الأزهري بالخرطوم    إتحاد كرة القدم المصري يدرس دعوة فريق سوداني للدوري المصري في الموسم الجديد    بمشاركة زعماء العالم… عرض عسكري مهيب بمناسبة الذكرى ال80 للنصر على النازية    أصلا نانسي ما فنانة بقدر ماهي مجرد موديل ضل طريقه لمسارح الغناء    عادل الباز يكتب: النفط والكهرباء.. مقابل الاستسلام (1)    خدعة واتساب الجديدة لسرقة أموال المستخدمين    عبر تطبيق البلاغ الالكتروني مباحث شرطة ولاية الخرطوم تسترد سيارتين مدون بشانهما بلاغات وتوقيف 5 متهمين    شاهد بالفيديو.. بعد غياب دام أكثر من عامين.. الميناء البري بالخرطوم يستقبل عدد من الرحلات السفرية و"البصات" تتوالى    بيان توضيحي من مجلس إدارة بنك الخرطوم    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان .. اليوم الأسود .. والحصاد المُر ... بقلم د. أحمد محمد دياب
نشر في سودانيل يوم 30 - 12 - 2010


السودان .. اليوم الأسود .. والحصاد المُر
من وحي الأيام السوداء القديمة . .
بقلم د. أحمد محمد دياب
كاتب ومحلل سياسي
يبدو أن التاسع من يناير 2011 لن يكون كمثله من أيام يناير التي عاشها السودان منذ استقلاله عام 1956، ويبدو أن تاريخ سودان ما بعد الاستقلال سوف يتوقف أو يبدأ في ذلك اليوم .. لأن نتائج ذلك اليوم سوف تكون كبيرة وخطيرة .. ولذلك فإن البعض يراه بعيداً .. والبعض يراه قريباً .. والبعض يتوقعه أن يكون يوماً " أسودا" والبعض الآخر يتوقعه أن يكون يوماً "أبيضاً" .. ومن ناحية أخرى فإن البعض يراه كأضغاث أحلام .. والبعض الآخر حقيقة وأمنية ظل ينتظرها طويلاً .
ومهما اختلفت رؤية وآراء هؤلاء نحو ذلك اليوم فإن الذي لا خلاف حوله أن ذلك اليوم آت لا ريب في ذلك. والسؤال هو لماذا فرض هذا اليوم هذه الأهمية على تاريخ العلاقات بين الشمال والجنوب ؟ ولماذا وصلت العلاقات بين الشمال والجنوب إلى مرحلة القرار بين بقاء الجنوب في السودان الموحد الذي عرف منذ استقلاله أو أن ينفصل ليكون دولة مستقلة ؟ ولماذا بدأ شمال السودان يلهث في الوقت الضائع لمواجهة قرار ارتضاه ووافق عليه قبل خمسة سنوات ؟ ولماذا لم تعد الوحدة خياراً جاذباً لأبناء جنوب السودان ؟
وبداية يجب أن نعترف بأن احتمال انفصال جنوب السودان عن شماله ظل وارداً ومطروحاً حتى قبل استقلال السودان عام 1956 إلا أنه وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين الشمال والجنوب يقوم الشمال بالتوقيع والموافقة عليه إذا قرر جنوب السودان الانفصال بعد توقيع حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحرير السودان على اتفاقيات نيفاشا في عام 2005 .. وبالرغم من أن هذه الاتفاقية قد دعت الطرفان للعمل إبان الفترة الانتقالية إلى أن تكون الوحدة خياراً جاذباً .. إلا أن ما نراه اليوم في العلاقات بين الشمال والجنوب يؤكد أن تلك الدعوة لم تجد أذناً صاغية من الطرفين.. وبذلك تكون اتفاقيات نيفاشا قد حققت للشمال ما لم يتحقق لها في محاولات شمال السودان السابقة لمواجهة انفصال الجنوب عن شماله سواءاً كان ذلك في مؤتمر المائدة المستديرة عام 1964 أو اتفاقية أديس أبابا عام 1972م .
وعندما التقت الحركة الشعبية لتحرير السودان مع حكومة الإنقاذ في مفاوضات نيفاشا كانت الحركة تسعى إلى رفع سقف تطلعاتها إلى أكثر مما تحصل عليه الجنوب من مؤتمر المائدة المستديرة واتفاقية أديس أبابا وقد توفر لها الدعم الإقليمي والدولي لتحقيق ذلك في الوقت الذي كانت فيه حكومة الإنقاذ لا تتمتع بذلك وتفتقر إلى مساندة القوى السياسية في شمال السودان .. كما أنها اعتقدت بأنها تستطيع معالجة ملف جنوب السودان السياسي بالأسلوب الذي اتبعته في معالجة ملف شمال السودان السياسي .. وبالرغم من أنها قد وقعت على اتفاقية نيفاشا التي ألزمتها بالموافقة على منح جنوب السودان الحق في اختيار الوحدة أو الانفصال .. إلا أنها اعتقدت أن الفترة الانتقالية التي تمتد لخمسة سنوات كافية لاختراق عقبة الانفصال .
يرى البعض أن الحركة الشعبية لتحرير السودان لما استطاعت الحصول على حق الانفصال لو كانت حكومة الإنقاذ في وضع غير الذي جاءت به إلى تلك المفاوضات .. فهي لم تشرك أو تشاور الأحزاب السياسية في تلك المفاوضات المصيرية في علاقة الشمال بالجنوب .. ومن ناحية أخرى فإنها كانت ورئيسها تواجه عزلة وعداءاً من بعض القوى الإقليمية والدولية التي التفت حول تأييد توجهات ومطالب الحركة الشعبية .. كما أنها اعتقدت أنه يمكنها تجاوز واحتواء المعارضة الجنوبية أسوة بالمعارضة الشمالية غير مدركة إلى أن تراكم تجارب جنوب السودان التي فشلت في تحقيق المطالب الجنوبية في سودان موحد قد جعلت حتى الأقليات الأقل تطرفاً لمطلب الانفصال تلتف حول الحركة الشعبية .
ومن ناحية أخرى . فإن الفراغ الذي بدأت تعاني منه أقاليم السودان المختلفة في غياب الديمقراطية والتعددية التي تحتضن الجميع في فكرة ومبادئ سياسية تخدم مصلحة الوطن ككل قد دفع بها إلى أن تلجأ للانتماءات الإثنية والعرقية والجهوية والدينية المتطرفة كوعاء وآلية لتحقيق تطلعات ألوان الطيف المختلفة في السودان وان ما يجري الآن في دارفور وشرق السودان وجبال النوبة و"أبيي" مؤخراً لأصدق دليل على ذلك .
إن حكومة الإنقاذ عندما وقعت على اتفاقيات نيفاشا التي منحت جنوب السودان حق الاستفتاء بعد خمس سنوات بالتوقيع على تلك الاتفاقية للبقاء في السودان الموحد أو الانفصال .. فإنها بذلك قد تنازلت عن50% من سيادتها على الإقليم الجنوبي حيث أصبح الجنوب يمتلك حق استعمال ال 50% الأخرى في اتخاذ قرار الانفصال بعد انتهاء الفترة الانتقالية وبذلك أصبح الجنوب يمتلك حق اقتسام السلطة والثروة أثناء تلك الفترة كخطوة تمهيداً لما هو قادم .
وبالرغم من ذلك فإن حكومة الإنقاذ بعد أن اضطرت للتوقيع على تلك الاتفاقيات انتظرت إلى أن حانت ساعة الصفر لكي تدرك أهمية وخطورة تبعات ماوقعت عليه آنذاك .. وبدأت وكأنها فوجئت بما قد يحدث في التاسع من يناير القادم فشرعت في القيام بحملة ساذجة لكي تقتصر نتائج ما جرى في خمسة عقود في شهور أو أيام معدودة لإقناع أبناء الجنوب الذين ظلوا ينتظرون هذا اليوم في فرصة لن تتكرر طيلة تلك العقود للبقاء في السودان الموحد بدلاً من الانفصال .. ولو بذلت حكومة الإنقاذ بدلاً من ذلك جهداً لتحقيق ذلك مماثلاً للذي بذلته في انتخابات رئيس الجمهورية في بداية هذا العام فقد تكون على الأقل قد برهنت لأبناء الجنوب حرصها ورغبتها بأهمية بقاء الجنوب في جسم السودان الموحد .. مما اعتبره البعض استخفافاً بمصير أبناء الجنوب وقضيتهم .
وبقدر ما أن هناك مؤيدون للانفصال في شمال السودان فهنالك قدر مماثل مؤيداً للوحدة في جنوب السودان .. إلا أن ما جرى في الفترة الانتقالية والذي تلوث بغياب كامل وقصر نظر من الجانبين بخطورة وأهمية ما هو قادم في التاسع من يناير القادم لمستقبل الشمال والجنوب وانحصار اهتمام حكومة الإنقاذ والحركة الشعبية لتحقيق مكاسب آنية ومرحلية وقد فرض على شعبي الطرفين للسير في اتجاهات متناقضة .
إن ما يجري حالياً على الساحة السياسية في شمال وجنوب السودان من خلافات ومناوشات وكر وفر بين حكومة الإنقاذ من ناحية والحركة الشعبية من ناحية أخرى ما هو إلا لعبة في الوقت الضائع ولن يجدي فتيلا في ردم هوة ما ورثه الطرفان في العقود الماضية .. وأن اختلافهما حول قضية الوحدة أو الانفصال قد فتح الأبواب واسعة على مصراعيها للتدخل الإقليمي والدولي في الشأن السوداني .. خاصة وقد بدأ كل منهما الاستقواء بذلك التدخل على الطرف الآخر مما أعمى كليهما عن النظر لمستقبل السودان وحدة كان أو انفصالاً .
ومن ناحية أخرى فإن فشل المعارضة السياسية في شمال السودان في إسقاط حكومة الإنقاذ في العقد الأول بعد استيلائها على السلطة جعل جُل اهتمامها في العقد الثاني وبعد أن ارتضت العمل السياسي بشروطها في اختراق السلطة واقتسامها وليس المساهمة الجادة والمجردة للمشاركة في مواجهة القضايا السياسية والمصيرية مما يجعل حكومة الإنقاذ لا تأبه بها أو تعيرها اهتماماً .
لا يستطيع أحد أن ينكر صبر الحركة السياسية في جنوب السودان على سياسيات حكومات السودان المتعاقبة في شمال السودان نحو جنوبه وأن تراكم ظلامات تلك السياسات على مدى أكثر من خمسة عقود من البعد والمعاناة وفي ظل محاولة حكومة الإنقاذ الحالية لاستمالتهم على البقاء في السودان الموحد بشروطها وشريعتها وليس لذلك تبديلاً أدى بكوادر الحركة الشعبية التي التفت حول قائدها الملهم "جون قرنق" إلى أن يرتد عن شعاره الذي رفعه لإقامة " السودان الجديد" في ضوء الخلافات التي نشأت بين الحركة وحكومة الإنقاذ في الخمس سنوات الماضية.
وفي الوقت الذي شهد فيه الشمال مذبحة " المشروع الحضاري" قرباناً للسيطرة التامة على السلطة .. فإن جنوب السودان قد شهد مذبحة "السودان الجديد" قرباناً لميلاد دولتهم المستقلة وبذلك فإن السودان بشقيه الشمالي والجنوبي قد أصبح يواجه مستقبلاً مجهولاً تكسوه الضبابية وعدم المصداقية .. وحقد صامت وكراهية غير معلنة وتبقى الأغلبية الصامتة في الشمال والجنوب حتمية غرور وأوهام القيادات السياسية في الجانبين .
ولذلك فإننا نعتقد أن من يرون التاسع من يناير أبيضاً قد يجدونه أسوداً .. ومن يرونه أسوداً قد يجدونه أبيضاً .. وقد يكون ما بعد التاسع من يناير 2011 يوماً للتهاني أو يوماً للتعازي ومما لا شك فيه أن الطرفان يجهلان خطورة وعواقب قرار ذلك اليوم .. وقد يندم كلاهما أو احدهما على ذلك القرار ولكن التاريخ لن يرحم .
وختاماً فإن ما يتوقع حدوثه في ذلك اليوم يذكرني بيوم "الخامس عشر من مارس" في رواية الأديب والروائي العالمي "وليام شكسبير" الذي اغتيل فيه الإمبراطور "يوليوس قيصر" على أيدي أعداءه وفي مقدمتهم صديقه "بروتس" بالرغم من أن ذلك اليوم كان يعتبر عيداً كبيراً لدى اليونان ..وعلينا أن ننتظر ما يحدث بعد التاسع من يناير القادم لنرى من سيكون "القيصر" ومن سيكون "بروتس".
********************


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.