مع مطلع التاسع من يناير 2011 وقبل غسق الليل سيكون يوم مشهود فى تاريخ السودان...... لماذا ....؟ لان فى هذا اليوم يموج فيه النفوس فى السودان موجا من شدة الحسرة ، فى هذه الليلة المباركة للبعض والمشؤومة للبعض الاخر، سيزرف الشعب السودانى دمعتان غاليتان فى كل بيت . فالدمعة الاولى يزرفها شعب جنوب السودان وهو يرقص طربا مع انغام النشيد الوطنى بميلاد الدولة الجديدة بعد حرب دامت اكثر من عقدين من الزمان . والدمعة الثانية يزرفها شعب شمال السودان سخينا من الحسرة والندم على انشطار جزء عزيز من ارض الوطن بعد فراق الاحبة . يومئذ يدرك الجمع ان الله جعل الليل والنهار آيتين للناس ليتعلموا عدد السنين والحساب ، لكن الانسان كان اكثر جدلا. لماذا...؟ لان النهار بمثابة العدل يبدد الظلام فيضئ السبل ، وظلام الليل اشبه بالظلمات فى بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج ظلمات بعضها فوق بعض{فمن قتل نفسا بغير حق كأنما قتل الناس جميعا ؛ فما كان باسم الدين يزهق الارواح بهتانا واثما} لان العدل سنة الله فى اللذين خلوا من قبلنا ، ولاتجد لسنة الله تحويلا ، وان الظلم ظلمات ، ولايزيد الظالمين إلا خسارا . ففى مدينة جوبا يرى العالم بأثره عبر القنوات الفضائية و الشاشات التلفزيونية تباشير السعادة فى جوه الاخوة الجنوبين ناضرة من شدة الفرح تزينها مصابيح الاحتفال بميلاد الدولة الجديدة ، فمنهم من يبكى فرحا فتوشح الدموع فى خديه باشعة الغروب على صفحة مياه النيل قبل ان تسقط على الارض البكرة كآخر لحظات الوداع الاخير . وفى مقرن النيلين بالخرطوم يرى العالم بأثره فى مساء ذلك اليوم وجوه عليها غبرةٌ ترهقها قترةٌ من شدة الغيظ والهوان الذى لحق بالناس ، فمنهم من يمشى مكباً على وجهة من شدة عذاب الضمير؛ ومنهم من يمشى كالذى يتخبطه الشيطان ذات اليمين وذات اليسار من الخذلان ، بينما يتوارى البعض الاخر من وراء الحجاب خجلا من سؤال الناس فينقلب بصره خاسئاً وهو حسير. هل ننبئكم بالاخسرين اعمالاً فى هذا اليوم..... اكاد اقسم بالله انه ناس حزب المؤتمر الوطنى الحاكم الذى ظل منذ مطلع الثلاثين من يونيوعام 1989 يبشر بان سفينة الانقاذ سارت ولاتبالى بالرياح ، وان المشروع الحضارى سيجلب الخير للشعب السودانى من نمولى الى حلفا ، ومن بورتسودان الى الجنينة... فاصبح المؤتمر الوطنى ينشد اناشيد جهادية ما انزل الله به من سلطان لحسم التمرد فى الجنوب بالسلاح وحينما فشل فى صنعة جنح نحو السلم وقبل توقيع اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية لتحرير السودان فى فى كينيا فى غياب القوى السياسية فى الشمال ، وعاد المؤتمر الوطنى يغنى بلغة الوحدة فملاء الدينا ضجيجا ...لا عاش من يفصلنا..... يا أخى فى الشمال ، ويا أخى فى الجنوب .... سوا .. سوا ....نعيش اخوان ....... لكن نجد كلام الليل يمحوه النهار. اليوم بعد ست سنوات من توقيع اتفاق نيفاشا عجز المؤتمرالوطنى فى اقناع اخواننا فى جنوب السودان بالافعال والاقوال بخيارالوحدة الجاذبة ، وصار شعب جنوب السودان يفضل الانفصال عن الوحدة.... وطفق كل طرف يرمى باللوم على الطرف الاخر بعدما رفضتا دفع استحقاقات الوحدة الجاذبة وتقديم الذبائح لطرد شيطان الانفصال ... الوقت آخذ فى النفاذ ولم يبق من ساعة الصفر إلا اياما معدودات ، فأصبح كل طرف يقلب كفية على ما أنفق خلال السنوات الست ، لدقن الرؤؤس على الرمال او زد الرماد على العيون لاقناع الشعب السودانى بانه عمل من اجل الوحدة وقدم مطلوبات الوحدة الجاذبة لكن الطرف آلاخر غير راعب فى الوحدة ولكن بالرجوع الى تصريحات الطرفين نجد ان الطرفين ادركا ان البحث عن الوحدة الجاذبة فى ظل الطلاق البائن أشبة بالبكاء على اللبن المكسوب ...او من ينظر الى السراب فيحسبة ماء . فقال مساعد رئيس الجمهورية نافع على نافع والقيادى النافذ فى المؤتمر الوطنى ان انفصال الجنوب لايعنى قيام القيامة .... بل ذهب كبيرهم الذى علمهم السحربانه اول من يقبل بنتيجة الاستفتاء الجنوب لو اختارالجنوبين الانفصال .وفى الجانب الاخر نجد وزير السلام باقان اموم يقول ان المؤتمر الوطنى يدفعنا تجاه اختيار الانفصال بالافاعيل وعدم حسم القضايا العالقة فى ملف ابيى وترسيم الحدود . فقد يسأل سائل لماذاهذا الاستعجال ...؟ فتاتى الاجابة تلقائياً المراقب لمجريات الاحداث فى السودان ان المؤتمر الوطنى يريد ان ينفرد بحكم السودان الشمالى . ألان كبيرهم الذى علمهم السحر يرى حسب اعتقادة ان الوحدة مع الجنوب اصبحت هشيما تزروه الرياح ، وان انفصال الجنوب يتيح الفرصة لهم لتطبيق المشروع الحضارى الذى من أجله قامت ثورة الانقاذ . وربما يقول البعض الاخر ان الله طمس بصيرة ناس المؤتمر الوطنى ، فختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وابصارهم غشاوة ، فأصبح حالهم بعد عقدين من حكم السودان ، أشبه بالذى استوقد ناراً فلما أضاءت ماحولة ؛ فقال ما اظن ان تبيدا ابدا ،،،،، ذهب الله بنورهم وتركهم فى ظلمات لايبصرون. يومئذ يعلم الذين ظلموا.... ان الانسان أذا مسهٌ الشر كان يؤٌساً . وأذا مسهٌ الخير كان منوُعا ... هذا فراقٌ بينى وبنيك ، سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبراً . فهل ياترى يستعظ المؤتمر الوطنى من تجربة انفصال الجنوب فيقبل بتقاسم السلطة والثروة بولايات السودان الاخرى حتى لايطفى نيران المطالب بحق تقرير المصير فى دارفور وشرق السودان ..؟ بلابل السودان شخصوا الوضع الراهن فى السودان قبل اكثرمن عقدين من الزمان ، حيث تغنى بقولهن : انت ما مجبور علينا ، لكن نحن مجبورين عليك....