شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    تسابيح خاطر    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالفيديو.. الفنان الدولي يدخل في وصلة رقص مثيرة مع الممثلة هديل تحت أنظار زوجها "كابوكي"    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تعود لإثارة الجدل..تحضن زوجها وتدخل معه في وصلة رقص رومانسية وهي تغني: (حقي براي وملكي براي بقتل فيه وبضارب فيه)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    برئاسة الفريق أول الركن البرهان – مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعا طارئاً    إستحالة تأمين العمق الداخلي سواء في حالة روسيا او في حالة السودان بسبب اتساع المساحة    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    اعلان دولة الامارات العربية المتحدة دولة عدوان    عادل الباز يكتب: المسيّرات… حرب السعودية ومصر!!    الأهلي كوستي يعلن دعمه الكامل لمريخ كوستي ممثل المدينة في التأهيلي    نائب رئيس نادي الهلال كوستي يفند الادعاءات الطيب حسن: نعمل بمؤسسية.. وقراراتنا جماعية    مجلس الإتحاد يناقش مشروع تجديد أرضية ملعب استاد حلفا    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    قرار حاسم بشأن شكوى السودان ضد الإمارات    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خمسة أيام بجنوب كردفان انتهت بالوشاية .. بقلم: رفيدة ياسين
نشر في سودانيل يوم 06 - 01 - 2011


"رجال هارون"... ماذا يفعلون من وراء ظهره؟!
بلاغ للوالي : هكذا وشي بنا من استأمنته علينا..!؟
هكذا (....) تم اعتقالنا ولهذه (...) الأسباب أطلقوا سراحنا..!
جنوب كردفان: رفيدة ياسين
[email protected]
سعدت كثيرا عندما تلقيت دعوة باسم أحمد هارون والي ولاية جنوب كردفان لزيارة المنطقة، وما كان مني إلا تلبيتها نسبة لخصوصية هذه البقعة المهمة في البلاد خاصة، وانها ستكون محور الأحداث في المرحلة المقبلة التي يتوقع أن تشهد الولاية فيها عملية الانتخابات المتوقع اجراؤها في شهر ابريل المقبل بعد أن تم تأجيلها استجابة لمطلب الحركة الشعبية لتحرير السودان بعد أن رفضت نتائج الاحصاء السكاني بالمنطقة... وسؤال في انتظار اجابة شعب جنوب كردفان قبل يوليو من العام القادم وهو عمر انتهاء اتفاقية السلام.. هل ارضت نيفاشا خلال السنوات الست الماضية بعضا من الطموحات التنموية لمواطني الولاية ام لا وفقا لبروتوكول المشورة الشعبية ...؟

من هنا بدات القصة
كان أحد رجال الوالي الذي يرافقنا طوال الرحلة قلقاً بعد خروجنا من مقر الحركة الشعبية هناك، وأخذ يحذر الوفد الإعلامي الذي كان يجمع عددا من الصحف المهمة إذ كان يضم (محمد الخاتم من الوان، والهميم عبد القادر الانتباهة، وكمال ادريس التيار، الهضيبي يسن الوطن، ومصور قناة العربية بدوي بشير، إلي جانب الزميلة آسيا غبوش من الحرة وشخصي..)، واستمر دائم التحذير من التطرق لاتهامات القيادي بالحركة هناك تجاه المؤتمر الوطني علي الرغم من أنه هو نفسه الذي ذهب بنا إلي هناك، لم نعره جميعا في البداية كبير اهتمام لكن الرجل ظل (يلح وينقنق وينبح) حتي وصلنا لمقر المؤتمر الوطني، التقينا هناك بنائب رئيس الحزب بالولاية محيي الدين التوم، ومن باب المهنية في العمل الصحفي بأخذ الرأي والرأي الآخر بدأت بطبيعة الحال بسؤاله حول الاتهامات التي طرحها علينا القيادي بالحركة لإعطاء الرجل حق الرد عليها، لكن قبل أن يعلق أو يرد، إذا بنا نفاجأ جميعا (بهياج) مرافقنا دون أن يضع حتي اعتبارا للمسئول الأكبر في المكان، وهو يقول: (إحنا عندنا اجندة وأي سؤال عن اتهامات احنا بالنسبة لينا في الولاية خط أحمر، وبنعتبره محاولة لخلق فتنة وما بنقبله، أي سؤال قبل ما تسألوهو لازم يطرح علي أنا أولا)، تفاجأت باللهجة الآمرة والطريقة الهوجاء التي كان يخاطب بها الصحفيين وهو يريد أن يفرض عليهم حتى تساؤلاتهم، فما كان مني إلا أن رفضت ذلك بشدة عبرت عنه بالامتناع عن العمل وناصرني بقية الزملاء في قراري، خاصة الزميل الهميم الصحفي بالانتباهة، إذ قال له: "إنت ما بتورينا شغلنا، ولو شايف اننا بنعمل فتن لمجرد سؤال دعيتونا ليه..؟"، وواصل رجل هارون ليقول: "إحنا دي طريقتنا كده الما عاجبه يجي يشتغل براهو بطريقته ما يجي معانا"، بعدها قلت له: (إحنا ما عاجبنا وما قابلين الاسلوب ده وبنقاطع العمل)، وقررت الخروج ومعي بقية الزملاء، لكن محاولات نائب رئيس المؤتمر الوطني محيي الدين التوم لعبت دورا أساسيا في تهدئة الموقف، فاستطاع الرجل بحكمته أن يعتذر لنا عما بدر من سلوك يثير الاشمئزاز، وقال لنا إنه أيضا لم تعجبه تلك الطريقة، طالبا منه الخروج، ليجلس معنا وحده مبدياً استعداده للإجابة على كل تساؤلاتنا، رغم غضبنا العارم ورفضنا التام لما حدث إلا أن الجهود التي بذلها معنا القيادي ب(الوطني) جعلتنا نستجيب لطلبه، بالفعل بدأ التوم يتحدث إلينا مؤكدا أن ولاية جنوب كردفان تمر الآن بمرحلة هادئة ومستقرة وهو ما أرجعه للوفاق والتناغم بين الشريكين في الولاية، مدللا على قوله بالمشروعات التنموية التي قال إنها بدأت في كافة انحائها، وذهب إلى أبعد من ذلك، موضحا أن هناك لجنة تسمى اللجنة السياسية المشتركة نفذ الشريكان عبرها كثيرا من البرامج من باب إيجاد الاستقرار الواسع في الولاية، وأشار التوم إلى وجود ميثاق للتوافق الكلي وللانسجام المستقبلي حتى يكون منسوبو الحزبين في ميثاق موحد على مستوى المحليات والوحدات الإدارية، وأردف نائب رئيس المؤتمر الوطني بالولاية: " بذات الفهم سنذهب إلى المشورة الشعبية بعد إجراء عملية الانتخابات الخاصة بمنصب الوالي والمجلس التشريعي في ابريل المقبل "، وحول مواجهته باتهامات القيادي بالحركة عن مخاوفهم بتزوير الانتخابات او تأجيلها قال التوم: " إن كافة مؤسسات المؤتمر الوطني امنت ووافقت علي طلب الحركة بتأجيل الانتخابات وهذا دليل على انه لم تكن هناك انتهازية من "الوطني" لأنه كان يمكنه أن يدخل الانتخابات سواء أكانت خاصة بمنصب الوالي أم المجلس التشريعي وكان وبإمكانه أن يحرز اكبر عدد من الدوائر بالاضافة للمنصب الخاص بالوالي لكننا لم ننظر للجانب الخاص بنا بل قدرنا منفعة الولاية، على حد تعبيره، واستمر ليقول: " تواضعنا على ان يتم هذا الامر في وقت لاحق والآن تم الاتفاق على أن تجرى الانتخابات في أبريل وأملنا أن نقودها في المرحلة المقبلة في إطار وفاقي ومنسجم بيننا وبين الحركة الشعبية والقوى السياسية الاخرى ايضا لأن هذه الولاية تتطلب ذلك".
وحول مخاوف الحركة من تزوير انتخابات الولاية قال: "ما في مساحة لأن الانتخابات ما تكون نزيهة لان هناك مراقبين محليين وكل نظم المجتمع المدني ويجب ان تكون النتائج مرضية لكل الناس".
خرجنا من نائب رئيس المؤتمر الوطني وهو يعيد اعتذاره عما حدث في مكتبه، ونحن نتخذ قراراً جماعياً بالعودة بعدها ممتنعين عن إجراء أي لقاءات أخري بصحبة المتسلط الذي كان يعتقد أن الصحفيين سكرتارية عليها أن تنفذ ما يمليه، عدنا الى قصر الضيافة الذي كنا نقيم فيه بمدينة كادوقلي، وتملؤنا حالة من الاستياء جعلتنا نرفض حتى أن نستكمل رحلتنا التي مقرراً لها أن تستمر حتى كاودا، فالمجلد ثم أبيي، استنكارا لما فعله معنا...، وفيما اكتفينا نحن بإعلان الموقف ذهب الزميل الخلوق بصحيفة الانتباهة (الهميم) إلي الاعتصام بغرفته رافضاً حتى تناول طعام العشاء وجلس ينتظر الساعات الأولى من الصباح ليغادر الولاية، استيقظنا حوالى الثامنة والنصف أنا وزميلتي التي كانت ترافقني طوال الوقت "آسيا غبوش" ، ووجدنا زملاءئنا الشباب قد غادروا بالفعل منذ السابعة...
يا إلهي..! لماذا تركوني وآسيا وبدوي وحدنا مع هذا الأحمق..!؟
، فكرنا قليلا ماذا سنفعل..؟ هل نعود للخرطوم وحدنا أم نذهب معه؟..قالت لي آسيا: فلنعد للخرطوم معه حتى لا تتفاقم الأزمة ولا تتطور المشكلة...ذهبنا إليه نبلغه برغبتنا في العودة واتصلنا بزملائنا وجدناهم في الطريق ، وقد اقتربوا من الابيض فطلبنا منهم انتظارنا هناك لنعود معا كما حضرنا...لكنهم قالوا لنا إن الرجل نفسه أبلغهم أننا أبدينا رغبة في الجلوس وحدنا بهدف لقاء الوالي عندما سألوه عن موعد عودتنا(...!؟؟).
ألف ألف سوال دار بأذهاننا ، فإصراره على بقائنا دون الآخرين بدا لنا مريباً ، ولكن بعد محاولات للتفسير كان أفضل أسوأ السيناريوهات التي هدانا إليها العقل هي خشيته من إبلاغ الوالي بما فعل، إذن لا خيار أمامنا سوى الرحيل حتى وإن اضطررنا إلى فعله على طريقتنا الخاصة.
عندما واجهناه بهذه الرغبة التي وجد نفسه منكسراً أمامها استجاب علي مضض عله كان يخاف من نتائج ما جنت يداه أو أنه ما جنى (دماغه الخرب).
في نهاية المطاف وبعد جدل استمر كثيراً أم قليلاً لا يهم ولكنه يكشف عن كيف يختار المسئولون من يعاونونهم، جمعتنا معه سيارة اللاند كلوزر، لكننا كنا نتحاشي الحديث معه، غير أنه بدا مصراً على ارتكاب المزيد من الحماقات والاساءات.
نصف ساعة هي المسافة التي قطعناها من كادوقلي في طريقنا إلى الخرطوم ظل الرجل فيها يحاول أن يسد مركبات نقصه بالإساءة للصحافة والصحافيين متناسيا أنه من بذل من الجهد ما تنوء به الجبال حتى يتقرب للمسئولين هناك بالوفد الذي بصحبته ، لم استطع احتمال تطاوله لمهنة أبذل فيها وآخرون كل جهدنا ناهيك عن أنها تحمل تاريخاً أجزم أن الرجل لا يعلم عنه شيئا لأن مثله كلما ما يهمه الظهور حتي وإن كان على حساب الآخرين، إذ قال: (هو في صحافة في السودان ولا في صحفيين كلهم كلام فاضي ساكت)، فقلت له: (لو كنت ما بعترف بالصحافة السودانية ولا بالصحفيين دعيتونا ليه)، فرد: (دي طريقتنا وده اسلوبنا والما عاجبه ما يجي معانا ولا يرجع معانا)، ما كان منا إلا أن طلبنا من السائق التوقف فوراً ، لأنه لا يستحق أن نبقى بصحبته بعد ذلك، فقام (بشهامته..!) و (رجولته..!) بإنزالنا نحن الثلاثة (أنا وبدوي وآسيا) لم نكن نعرف المنطقة التي نزلنا فيها، ولا ندري كيف سنعود وحدنا، لكن كان يكفينا قرار الرجوع دون أن تمس كرامتنا..
بعد نزولنا من السيارة هدّدنا الرجل قائلاً: "والله ما حتقدروا ترجعوا من غيري وحتشوفوا حأعمل فيكم شنو"، لم نكترث له، غير أن الدهشة كادت أن تجعلنا في عداد الموتى بعد مفاجأته من العيار الثقيل إذ أخرج هاتفه النقال متصلا بجهة لم يسمها ولكنها واضحا انها أحد الاجهزة الامنية قائلا: (في تلاتة صحفيين أجانب جواسيس صوروا مناطق عسكرية وعملوا شغل عن المحكمة الجنائية وما عندهم تصديقات ولا تصاريح امسكوهم هم راجعين من كادوقلي في طريقم للخرطوم)، كانت صدمة كبيرة أن تصل حماقته لدرجة أن يشي بنا، لمجرد أننا رفضنا أسلوبه في التعامل مع الصحفيين، أي صنف من البشر هذا..!؟.
لم تمر دقائق على وقوفنا بأطراف الطريق حتى ظهرت حافلة تحمل قرعاً وبطيخاً، أوقفناها وطلبنا من سائقها أن يوصلنا إلي مدينة الأبيض نظير ما يطلبه، وافق بالفعل وركبنا ثلاثتنا، غير أنه لم يسعد بأن يرى عتاة خصومه يتمكنون من الوصول إلي الابيض آمنين، فقرر إيذاءنا على طريقته، إذ لحق بنا محذرا السائق بأنه سيبلغ عنه لتستره على مجرمين مطلوبين لدى السلطات، ورغم أن السائق لم يستجب لتحذيراته لكننا بدأنا نستشعر الخطر إذ أن الرجل أوغل في خصومته حتى فجر، وبعدها لن تضع قوسا لنهاياته فإن به من الرعونة ما يكفي لضرب رؤوسنا بمسدسه الذي كان يستعرضه امامنا طيلة الرحلة، كل منا بدأ الاتصال بجهة يخبرها بما حدث وما يمكن أن يحدث لنا، اتصلت برئيس التحرير وأستاذي ضياء الدين بلال، واتصل بدوي بالزميل والصديق سعد الدين حسن المدير التحريري لمكتب العربية، كما اتصلت آسيا بمدير مكتب الوالي حسين السيد، وزملائنا الصحفيين الذين سبقونا الى الابيض لنبلغهم بما حدث، وقبل أن تكتمل تلك الاتصالات إذا بجموعة من أفراد الامن يستوقفون العربة أمام نقطة شرطة في مدخل مدينة الدلنج، وانزلونا من السيارة بعنف ليأخذوا هواتفنا النقالة وإغلاقها، دفعونا بقسوة إلي داخل مركز الشرطة، وهناك بدأ فصل آخر من قصة رحلتنا الي جنوب كردفان...
في البداية تساؤلات عديدة طرحت علينا من نحن؟ ومن أي دولة؟ وإلي أي جهة نعمل؟ وماذا كنا نفعل داخل الولاية..؟، رددت على احدهم ما هي التهمة التي اعتقلنا بسببها قبل أن نتحدث فقال: انتي ما تتكلمي اسكتي خالص لحد ما يجي دورك ونسألك..، سئلنا كذلك عن بطاقاتنا الصحفية وجوازات سفرنا. وحظي العاثر جعلني اكتشف عندما اخرج كل من بدوي وآسيا بطاقتيهما أني فقدت بطاقتي في الولاية، وكانت تلك بمثابة الطامة الكبرى إذ تم عزلي من بقية الزملاء باعتباري اخطر جاسوسة مرت من هنا...
وبعد أسئلة يشيب لها الرضيع يوم سمايته وتعامل تعجز الألسنة عن وصفه والاقلام عن كتابته خجلاً طلبوا منا أن نركب في سيارة بوكس للذهاب إلي المكان الذي سيحققون فيه معنا...؟ يا إلهي ..! بعد كل ذلك هناك تحقيق آخر..؟ سؤال طاف بذهني وانا اتجه إلي تلكم العربة البوكس المتهالكة التي حشرونا في حوضها كما (البهائم)، أهكذا يعامل الضيف عندك يا هارون...؟!، أهكذا يهان من استجاب لدعوتك ودخل الولاية باسمك وإذنك...؟! أسئلة كادت أن تحطم رأسي وانا التي ظللت منذ أن وطات أقدامي أرض بلادي أفاخر بأننا مهما اختلفنا سياسيا او اجتماعيا لنا خط الاحترام لا نقطعه ولنا حق الضيف لا نضيمه وفينا من الشيم التي تعصم حتي المخطئ إن كان في دارك...؟؟!!
بالفعل ركبنا حيث أرادوا دون أن نعلم وجهتنا القادمة ومصيرنا الذي بات معلقاً بين عسف السلطة وتشفي الحمقى، خاصة بعد انقطاع صلتنا بمن نظن أن أمرنا يهمهم..
توقفت السيارة عند مبنىً قديمٍ به عدد من الرجال بعضهم يرتدي (الكاكي) والآخر بزي مدني وهم الأغلبية.
وبدأت فصول أخرى من المعاملة (الراااااااااااااغية او الراقية) وكأن الرجل أوصى أحد أصدقائه ليواصل حماقاته بدلاً عنه.
، أولا اختفى الزميل بدوي المصور من أمامنا دون أن نعلم إلي أين ذهبوا به، أما أنا وزميلتي آسيا فكان نصيبنا التفتيش الشخصي من قبل أفراد الأمن بطريقة لا تمت للرجل السوداني الذي أعرف بصلة وعادت عندها الأسئلة إلى الإلحاح على ذهني فانفصلت عن ماذا يفعل هذا ..!؟ ، فهو عندي مجرد من الإحساس والنخوة والكرامة لأنه ارتضي أن يفعل فعلته تلك فقط لمجرد وشاية..! ،فإن كان يعلم من نحن ولماذا جئنا للولاية هذه مصيبة وباعتباره رجل أمن يحرس ولاية تعد المهددات فيها أكثر من شعر رأسه، أو هو لا يعلم أن هناك وفداً إعلامياً يضم ما لا يقل عن ثماني مؤسسات بينها المحلي والدولي فالمصيبة أعظم..! ، خرجت من تهويماتي تلك علي صوته وهو ينقب في مقتنياتي الشخصية (جداااا)، وهو رافعا قطعة منها ليسألني عن كنهها، أي رجل هذا يسأل إمرأة عما تلبس،من المؤكد هو ليس ابن بلادي..!؟ أليس له أخوات..؟ ألم تنجبه أنثى؟، أسئلة يحتاج أحمد هارون القاضي قبل الوالي أن يجيب عليها..؟، فهؤلاء هم رجاله ومعاونوه...؟
أما نوعية الأسئلة التي استطيع كتابتها احتراما للقارئ فهي من شاكلة: اسمك منو؟، قبيلتك شنو..؟، إنتي مرة ولا عزبة..؟.
ما اتزوجتي لحد حسي ليه..؟ سؤال استرسالي آخر دفع به حارس الامن في وجهي عندما اجبته عن سؤاله الاول (مرة ولا عزبة) بأني آنسة.
هكذا كانت جلسة التحقيق معي ولا أدري عن الآخرين شيئا، رفضت أن أجيب عن سؤال القبيلة ، فاتهمني بأني (اسرائيلية) جئت لأتجسس، ذكرته بأن اسرائيل لا حاجة لها بجاسوسة مثلي فهي تستطيع ان تأخذ ما تشاء من فضائنا العربي يا هذا دون أن تعبر بوابتك..!
فاستمر يحقق معي رجل الأمن: إنتي عملتي شغل عن المحكمة الجنائية..؟... رددت: "أنا جيت الولاية بدعوة من الوالي أحمد هارون وما في أي حاجة بتخليني اعمل شغل عن الجنائية في ولاية جنوب كردفان، لأنه اوكامبو ما موجود هنا، ولأنه مقر المحكمة ما انتقل من لاهاي لجنوب كردفان، وإذا كنت عملت شغل عن الجنائية فالشخص الوحيد الممكن اسأله هو أحمد هارون والي الولاية وإذا رد عليّ فيهو فاظن إنه الرجل الاول في الولاية وما في زول عنده سلطة عليهو هنا ولو السؤال ما عجبه حيمتنع عن التعليق او حيرفض الاجابة، وعلي أية حال أنا ما عملت أي شغل عن الجنائية ولا حتى مع الوالي".
رجل الأمن: طيب تفتكري إنه الزول ده بلغ عنكم وقال كده ليه؟.
رددت: لا أدري ربما لأسباب شخصية.
رجل الامن: زي شنو يعني..؟
رددت: والله ما عندي فكرة كان ممكن تسأله.
رجل الامن: احكي لي من اول يوم جيتي الولاية اشتغلتي شنو؟ وقابلتي منو؟ والاسئلة القلتيها للمسئولين شنو؟.
لم ينتظر الرجل إجابتي فقد قام بتفتيش حقيبتي تفتيشا دقيقا حتى الاوراق القديمة المتبعثرة داخلها.
فقال: أها طيب الاسئلة السألتيها لناس الحركة شنو؟
رددت: سوف تجدها في الشرائط الموجودة بالحقيبة لتتأكد من ذلك.
وبالفعل استعرض الرجل جميع الشرائط وحتى الموجودة بكاميرا الزميل المصور بدوي ولم يجد صورة واحدة تشفي غليله وتؤكد وشاية الذي اظنه صديقه ويا لبؤس الصداقة التي تستغل السلطة الممنوحة بتفويض..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.