كان السودانيون ينتظرون نهاية اتفاقية السلام الشامل بفارق الصبر ، خاصة عندما كانت تتعثر فى سيرها قليلاً بنفاشا ، فترى الاستاذ على عثمان عائدً للخرطوم ليتزود بالوقود اللازم لمواصلة السير, فيعود ادراجه اليها تاركاً النخبة خلفه تعيش الامال العراض بعودته ظافراً غانماً . مرت التسعة اشهر بسرعة البرق وهى ا لفترة التى يقضيها الجنين برحم امه. عاد الاستاذ على مثقلاً بهموم المسقبل حاملاً معه جرثومة تقرير المصير القاتلة للوحدة . أستُقبل الاستاذ على عثمان إستقبال الابطال ، ولما لا فهو بطل سلام السودان . تغنت باسمه نساء و فتيات الجنوب ، مدحه فنانى الجنوب المنتشرين فى اصقاع المعمورة ، بكل اللغات اتى وهبها الله لانسان الجنوب ، معلنين بان الاتفاق الذى اتَ به هو لجميع السودانين شماليين كانوا او جنوبيون ، ابناء الشرق وابناء الغرب ، انها اتفاقية السلام الشامل للسودان الحبيب . بعودة الظافر على عثمان ,عاد بعده من كل غادر الخرطوم لسنوات خلت ، رجال الادغال و الغابات عادوا لمدينة الخرطوم المتغيرة سكان و بنيان ، وضعوا هموهم بارض الخرطوم . صار اعداء الامس اصدقاء اليوم هكذاهى لعبة السياسة ، و كما قيل كلما نشتل الافرح تاتى الاقدار فتمد يدها ، سرعان ما انتبه القدر فمد يده لياخذ الدكتور جون قرنق دى مبيور احد رموز السعادة القائمة بالسودان بحادث غامض . قامت الدنيا بعدها فقتل الابرياء و انتشرت الكراهية و العداء و بحكمة الاولياء من صناع السلام عادت الامور كما كانت عليه تحت السماء السودانية فتناسى الجميع جراح الامس و اعتبروا ماجرى سحابة صيف عابرة . واتت اخر فرص الوحدة و لكن انشغال الاخوة بحكومة الشمال بامور عديدة حال دون مراعاة سرعة الوقت ، و تفاجاوا باقتراب التاسع من يناير المتفق عليه لاستفتاء الجنوب ، حاولوا جاهدين بشتى الطرق لاقناع الجنوبيون باهمية وحدة السودان مستخدمين الترغيب و الترهيب المبطن احياناً ، الا ان جُهيزة قد قطعت قول كل خطيب, الجنوبيون صوتوا للانفصال ، بتصويت حر نزيه شهده الشرق العربى الذى مثله مراغبي جامعة الدول العربية ، الغرب الممثل فى مراغبي الاتحاد الاوربى ، و مركز الرئيس الامريكى الاسبق جيمى كارتر ، و قد شهد العديد من المحللين السياسين بان الاستفتاء الذى حدث لم يسبق له مثيل بالسودان من حيث الشفافية و النزاهه . و قد خيبت سماحة السودانيون و طيبتهم ، تكهنات الكثيرين التى كانت تتحدث عن حدوث سيل من الدماء كذب المنجمون وان صدقوا ، صوت الجنوبيون للانفصال متجاوزين النسبة المحددة , ما لم يكن متوقع لدى البعض ، حسمت النتيجة و انتهى ما يسمى الاستفتاء ، الجميع عاد لعمله فى الجنوب و الشمال ، حاملاً هم الغد بما سيحمله له من مفاجأت غير متوقعة فى الوطن الذى يتمزق . كانت افكار البعض قبل الاستفتاء تتجه نحوا الاستاذ على عثمان ، ترى فيه الشخص الذى احضر جرثومة الاستفاء ,تلك التى تسبب حمى الانفصال القاتل عندماعاد من نيفاشا ، متناسين الاصابات التى تعرض لها السودان فى الماضى فالجرثومة كانت قد زارت السودان مراراً و تكرارعن طريق الاحزاب تارة و عن طريق الحكومات التى سبقته تارة فالاستاذ على , برئ عن كل ما جرى و لكن ينبغى ان نعترف جميعاً و نقر، اننا فشلنا فى ان نحافظ على وحدة السودان جنوبيون كنا ام شماليين ، يجب ان نحزن كثيراً لاننا لم نحافظ على وصية الاجداد للوطن الغالى الذى لا ليس له ثمن . ربما تتجه بعض الانظار الان بعد اعلان نتيجة الاستفتاء الى الاستاذ على عثمان ، و ترى فيه من مزق السودان فتتهمه بالخيانة وهو بعيد عنها ، ليس دفاعاً عن الرجل اكتب هذا و لست من انصار حزبه حتى امدحه , و لكنى كمواطن بسيط احاول لفت انتباه البعض لحقائق يجب سردها للتاريخ و الاجيال القادمة حتى تعرف حقيقة ما جرى فى الوراء . فبدلاً من ان نضع اللوم على هذا و ذاك علينا ان نركز جهدنا فيما هو قادم فى مقبل الايام حتى لا نفاجاء بما لا يحمد عقبه ، و لنكسب الوقت فى بناء جسور التواصل و المودة ، و كما نجحنا فى إفشال ظن المتكهنين ، تعالوا معاً لنفشل ظن الحاقدين المقيمين وسطنا ، هؤلا الذين يسعون فى الارض فساداً و يملأون الدنيا بسموم الكراهية ، و ينشرون العدواة بين الاخوة . لقد دعت كل الاديان للتسامح و السلام ، فالاسلام يقول .و ان جنحوا للسلم فاجنح لها و توكل على ، والمسيحية تقول اذا اردت ان تقدم ذبيحة لله و تذكرت أن لاخيك خلاف معك فاذهب و صالح اخيك اولاً ثم تعال و قدم ذبيحتك لله . التحية لرسل السعادة الفقيد الراحل المقيم الدكتور جون قرنق دى مبيور ، و أستاذنا الفاضل على عثمان محمد طه . المجد للشهداء ، عاش النبلاء الشرفاء ، ولا نامت اعين السفهاء . عاش الشعب السودانى أمنيين ، أمين يارب العالمين. 3-2-2011م