بسم الله الرحمن الرحيم 4 فبراير 2011 زرت مصر فى رحلة عمل فى مارس 2006 وفرت لى تلك الرحلة الوقوف على بانورما مشهد الحياة اليومية و مقابلة طائفة من المهنيين يديرون دولاب الحياة و يخططون للمستقبل دفعتنى مشاهداتى فى تلك الزيارة الى كتابة خواطر جمعتها فى اربع مقالات اتركها كما هى من غير حذف أو اضافة و لا أدعى بها نبؤة صادقة ولكن استقراء للواقع لم يتوقف عنده أحد صدقته الايام وقدر الله لى ان أكون فى قاهرة المعز قبيل تسونامى التغيير الذى يجتاحها فقد نزلت بها فجر 21 يناير و غادرتها مساء المسيرة المليونية فى يوم الثلاثاء الاول من فبراير أسأل الله ان يوفق أهل الكنانة لما فيه الخير و يقيهم مكائد الاعداء و المتربصين وهو بهم عليم. وان شاء الله سوف أكتب خواطرى هذه المرة تحت هذا العنوان متى ما يسر الله ذلك. بسم الله الرحمن الرحيم مشاهد و خواطر من قاهرة المعز تسونامى الجنز و مصدات الأزهر 1/4 زرت مصر المؤمنة في أواخر أمشير (18 – 25 مارس 2006) و لمدة اسبوع ونسبة لانى دائماً أغشاها عابراً و لفترات لا تتعدى الأسبوع فقد شدتني هذه المرة بعض المشاهد حركت في نفسي كثيراً من الخواطر رأيت أن يكون للقارىء فيها نصيب فرب مبلغ أوعى من مشاهد و سوف اسردها منجمةً حتى لا تختلط الصورة نسبةً لأنها تمسك بتلابيب بعضها. المشهد الأول هو الزى فقد كان الغالب إلى وقت قريب في شوارع المدن المصرية الكبرى التنورة الواسعة و البدلة السابلة و غطاء الرأس ولكن شد انتباهي هذه المرة الكم الهائل من سراويل الجينز الضيقة التي ترتديها الفتيات و البلوزة القصيرة التي يغلب عليها الضيق لتجسد جسم المرأة وتبرز مفاتنها مما يثير الغرائز ويصبح مدخلاً للفتنة ولكن الملاحظ أن غطاء الرأس بقى يحكى تشبث المرأة المصرية ببقية من حجابها في وجه طوفان الموضة و الدعاية العارمة لهما في الفضائيات والانترنت و ملصقات الدعايات التي تغص بها الشوارع. فالمراة بلباسها و حريتها هي إحدى جبهات صراع الحضارتين الماثل اليوم و لا أقول الحضارات فالصراع في حقيقته بين قيم و مثل الحضارة الإسلامية و مثل و قيم الحضارة الغربية فإذا كان للحضارة الغربية دولة وصولة تمثلها أدوات التغير و التأثير الكثيرة التي تتمتلكها و تسيطر عليها وفوق ذلك سيطرتها على الأنظمة الحاكمة في بلاد المسلمين و النخب التي تتحكم في صناعة القرار و الرأي العام و إن دولة الإسلام قد غابت عن عالم الشهود تماماً و يقف للغرب جلاوزة غلاظ شداد باسطى السنتهم و أيديهم يمنعون دولة الاسلام من الخروج الى عالم الشهود و اذا حصل ذلك فان كل قيم الحرية و العدل التي يتشدق بها الغرب تختفي تماماً عندما تلد ديمقراطيتهم المزعومة نظاماً إسلاميا و الشواهد على ذلك لا يحتاجها القارىْ ولكن رغم قلة الحيلة و النصير يعود أهل الإسلام للاعتصام بحضارتهم و بقيم دينهم و تعاليمه متى ما هدأت العاصفة ويظل الجسد الاسلامى صحيحاً بعد ما تكاد تختفى معالمه مما ران عليه من غبار المعركة وقد كان نشر الصور المسيئة للمصطفى صلى الله عليه وسلم اختباراً عن قصد لهذا الجسد الضخم المسجى منذ قرنين من الزمان ولكن هالتهم الانتفاضة الضخمة الفخمة بين طنجة و مانيلا و كابول و الكاب انتصاراً لرسول الهدى و الداعي إلى قيم الخير كله " إن الله يأمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلكم تتذكرون" . عندما سمعت وفود عرب الحيرة هذه الآية قال حكيمهم هذا كلام تكرهه الملوك..... ومازالوا رغم دعوى بعض المستعربة بأن لا دين فى السياسة و لا سياسة فى الدين. فهذه امة لن تموت و حضارة محفوظة بوعد الله. أما سونامى الجنز الذى وصلت موجاته الاولى شوارع الخرطوم فسوف يتصدى له الأزهر الشريف كما ذكرت ذلك جريدة الشرق الأوسط الصادرة بتاريخ 21 مارس 2006 حيث صرح الدكتور مصطفى الشكعة عضو مجمع البحوث الإسلامية بأن المجلس سوف يوضح للأمة الحكم الشرعي في هذه المسألة و تبيان الملابس التي يبيح الإسلام ارتداءها وتلك التي لا يبيحها و أضاف إن من واجب العلماء بيان الحكم الشرعي في القضايا المستحدثة و التي يكون للإسلام موقف منها وحذر من والوقوع في الأخطاء التي يقع فيها البعض عند توجيه الاتهامات لعلماء المسلمين بالتخلف لأنهم يناقشون مثل هذه القضايا. ولكن المفارقة إن صحيفة الشرق الأوسط نشرت هذا الخبر ووضعت على يمينه صورة لفاتنة أمريكية و فوقه أخرى لمغنية كولمبية في غاية من الفتنة و الألق و السفور ربما مجرد صدفة وربما بعض من صور الصراع. إن مصدات الأزهر تحتاج لدعم من بيوت الازياء و مصانع الملابس الجاهزة في مصر و الخليج والشام و بقية ديار الإسلام و هي قادرة على تصميم أزياء تتسق و موجهات علماء الأزهر الشريف وتوفر الحشمة و الطمأنينة للمجتمع و يمكن لهذه المصانع الترويج لهذه الأزياء و عرضها بأسعار معقولة و تسميتها بزى الأزهر إحياء لدوره على مر القرون و درءً للفتنة عن شباب المسلمين وحماية لجسد هذه الأمة من سهام أعدائها و هي كثيرة حتى تكسرت النصال على النصال ولينأى كتاب الأعمدة و محرري الصحف من أبناء المسلمين من السخرية و التعرض لهذه الدعوة تحت ستار الحرية و محاربة الأصولية و التطرف لان هذه إسقاطات لا تخدم الصراع الماثل والله المستعان (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) سورة النور الآية 19 والى المشهد الثاني و هو دعوة لإخراج وحدة وادي النيل من جلباب السياسة الضيق. _______________________ تاج السر حسن عبد العاطى ودمدنى - جامعة الجزيرة [email protected] 27 مارس 2006 بسم الله الرحمن الرحيم مشاهد و خواطر من قاهرة المعز دعوة لإخراج وحدة وادي النيل من جلباب السياسة الضيق 4/2 المشهد الثاني هو عن حتمية وحدة وادي النيل وضرورة إبعاد مقتضياتها عن جلباب السياسة الضيق فقد سافرت إلى القاهرة ضمن مجموعة فنية تعد دراسة للجدوى لمصنع سكر يقيمه القطاع الخاص المصري في دلتا النيل. اتاحت لي هذه الزيارة الالتقاء بعدد كبير من قادة العمل المهني و رجال الصناعة و الاقتصاد في مصر و كان الرأي السائد هو حتمية التكامل بين مصر و السودان لأنه كان الأصل فى استراتيجية الدولة المصرية منذ عهد الفراعنة و مروراً بعهد محمد على باشا و حتى قيام ثورة يوليو 1953 فكان الملك فاروق يسمى نفسه ملك مصر و السودان و هو ما نادى به ثوار 1924 بالسودان عندما هتفوا بحياة الملك فؤاد الاول ملكاً لمصر و السودان و قدموا أرواحهم ثمناً لذلك ولكن الإنجليز الذين تحكموا في مصر و السودان هم الذين خططوا لهذا الفصام وغذوه حتى رفع الامام عبدالرحمن شعار السودان للسودانيين و انه من العجب أن يتم الانفصال على يد ثورة 23 يوليو التي كان أهم شعاراتها وحدة العالم العربي قال ذلك و بحرارة و صدق الأستاذ المخضرم الذي عاصر تلك الحقبة بنيامين حلمي مساك رجل الأعمال و صاحب محلات جدعون بوكالة البلح وهو يهودى. أن وحدة مصر و السودان هى فى مصلحة الشعوب الافريقية فى المقام الاول لأن الذين استرقوا الافارقة و نهبوا ثروات القارة البكر فى حقبة الاستعمار و نشروا الامراض الفتاكة و واصلوا نهب الثروات فى حقبة الاستقلال الماثلة اليوم لا يمكن لهم أن يقدموا خيراً حتى و ان تدثروا بدعاوى الديمقراطية و حقوق الانسان و محاربة الفقر و الحكم الرشيد فهذه اخلاقيات لايمكن لهم ان يدعوها لان التاريخ و الجغرافيا تقول بأن الحضارة الغربية و أخلاق الرجل الابيض غير مؤهلة لحمل هذه الرسالة. مصر بها عجز في صناعة السكر تقدر بواحد مليون و مائتين ألف طن في العام تحتاج لسبعة مصانع لسد هذا العجز و مصنع كل ثلاثة أعوام لتغطية الزيادة الطبيعية في عدد السكان فادا توفرت الأموال لبناء هذه المصانع فان الأرض المطلوبة لزراعة القصب أو البنجر لتوفير الخام غير موجودة . إن المياه و الاراضى متوفرة بالسودان و لكنها بحاجة للتخطيط السليم و لرأس المال و المزارع الماهر و الإدارة الحازمة كما ان مساحة السودان الواسعة تغرى الدول الاستعمارية فيه فتشجع الغلاقل و تثير الفتن تحت غطاء أخلاقى كاذب. إن التخطيط لبناء منظومة من طرق السكة الحديد (بين أسوان و عطبرة) وطرق برية و مطارات و تحديث و سائل الاتصال ضرورة لتفعيل التواصل الاقتصادي و المعرفي بين البلدين بعيداً عن المتغيرات السياسية كما إن جلب أعداد مقدرة من الفلاحين و العمال المهرة و أساتذة الجامعات من مصر ضرورة لدعم النمو الاقتصادي بالسودان. عندما زار محمد على باشا السودان فى رحلته الشهيرة 15 اكتوبر 1838 – 14 مارس 1839 جلب معه خبراء في الزراعة و المعادن وعلماء من الأزهر الشريف قال إن السودان يمكن أن يكون أشبه بأمريكا لتعدد موارده و سعة أرضه و كان السودان حينها يمتد من الصومال شرقاً إلى بلاد برنو غرباً تلك التي حكمها رابح بن الزبير ردحاً من الزمن ورفع عليها راية خليفة المهدي الثالث الخليفة عثمان (التي أباها سنوسى ليبيا) و ظل سلطاناً عليها حتى قتله الفرنسيون غيلة عندما تقاسمت انجلترا و فرنسا بلاد السودان. ومن حينها وفد إلى السودان أعداد كبيرة من المصرين مازال أحفادهم بيننا ولكن عندما ضعفت الدولة الإسلامية فى مصر و تحكم سفير بريطانيا ( المندوب السامى) اللورد كرومر في السياسة المصرية و السودانية هيأ مناخاً جاذباً للانفصال بين القطرين لم تستطع الثورة المصرية و على رأسها جمال عبد الناصر تجاوزه و هذا ما رمى إليه الأستاذ ميخائيل حلمي. ان وضع خطة طويلة الأمد لبناء جسور وآليات للتواصل و التمازج بين الشعبين هو الحل الامثل للوصول للهدف النبيل و هو مصلحة الشعبين بل الشعوب الأفريقية التى تتيسر آليات التواصل معها عبر حدود السودان المختلفة ووشائج الرحم المتصلة . إن خطة تستجيب لهذا الحلم يجب أن يضعها الخبراء و ويتم تنفيذها وفق جدول زمنى صارم بعيداً عن جلباب السياسة الضيق. والى المشهد الثالث و هو دعوة لمساعدة أصحاب شجرة العباسية للعودة إلى وطنهم. تاج السر حسن عبد العاطى ودمدنى - جامعة الجزيرة [email protected] 28 مارس 2006 بسم الله الرحمن الرحيم مشاهد و خواطر من قاهرة المعز دعوة لمساعدة نزلاء شجرة العباسية للعودة إلى وطنهم 4/3 المشهد الثالث هو دعوة لمساعدة أصحاب شجرة العباسية ( العباسية هى أحد أحياء القاهرة الكبرى ) للعودة إلى وطنهم و هؤلاء رهط سكت عن قضيتهم الإعلام السوداني خوفاً و رهباً فهم ضحية لتضليل التجمع و الوطني و اغراءت الأممالمتحدة و مؤامرات المخابرات الغربية و توابعها في العالم العربي حيث أغروا أعدادا كبيرة للهجرة إلى مصر و من ثم تفويجهم إلى كندا و الولاياتالمتحدة و استراليا و الدول الاسكندنافية. هيأوا لهم السكن و منحوهم بعض الفتات من الدولارات المخضبة بالدماء فكانوا مستودعاً للتجمع لتجنيدهم في حملته ضد حكومة الجبهة الإسلامية أو الدولة الأصولية كما يسميها ناشطى الكونغرس الامريكى. فانخرط الشباب منهم في جيش الأمة و بعضهم في جيش الفتح وغيرها من التنظيمات الوهمية التي صنعتها و رعتها أيد خفية و جندت بعض الكفاءات منهم للعمل في المنظمات المشبوهة كما تم تهجير بعضهم إلى أقطار الدنيا الجديدة رصيداً لمؤامرات المستقبل. ولكن بعد أن عاد قادة التجمع وشاركوا في الحكومة وتغيرت استراتيجية المنظمات الظلامية لتغويض النظام من الداخل أصبح من تبقى من هؤلاء فوائض خدمة وجلهم من غير المتعلمين وهم غير مفيدين للدول المتلقية فكانت شجرة العباسية أحد بؤر تجمعاتهم في القاهرة ينتظرون تحتها المستقبل المجهول. جلست بينهم عدة ساعات و خرجت منهم بطلب محدد نطقت به سارة من بنات الدينكا متزوجة و يقيم معها أبناؤها قالت نحن هنا نتلقى إعانة متواضعة من الأممالمتحدة 100 دولار في الشهر للفرد و طال انتظارنا للحصول على القبول من الدول المتلقية ونرى ابنائنا يفوتهم قطار التعليم و تتفشى بينهم الجريمة و الممارسات السيئة و نحن على يقين إن الهجرة لن تحل لنا مشكلة بل سوف نفقد أبنائنا وهويتنا و لن يكون لنا قبول أو كرامة في تلك المجتمعات و نحن نرغب في العودة الى السودان مهما كان وضعه على الأقل نحفظ كرامتنا ونكون بين أهلنا ولكن نحتاج إلى مساعدة وتشجيع. وعدتهم بأن أنقل طلبهم ومشاعرهم لاهلهم في السودان فباسم هؤلاء المستضعفين أرجو من حكومة الوحدة الوطنية أو منظمات المجتمع المدنى الوطنية تشكيل فريق لدراسة هذه القضية و عمل سجل للراغبين في العودة و تشجيعهم ماديا بتوفير الترحيل و إعطائهم مبالغ مقطوعة للسفر و الترحيل داخل السودان بشرط عدم عمل اى معسكرات أو نقاط تجمع لهم داخل السودان على أن تشارك الأممالمتحدة في هذا البرنامج و تدعمه ماديا و لوجستياً لان لديها خزائن لا تنضب وأنها القيم على أمرهم حالياً. ألا هل بلغت اللهم فأشهد. والى المشهد الرابع و هو التغير قادم عبر بوابة الكنانة لا محالة فدعوه يتم برفق و سلام. تاج السر حسن عبد العاطى ودمدنى - جامعة الجزيرة [email protected] 28 مارس 2006 بسم الله الرحمن الرحيم مشاهد و خواطر من قاهرة المعز التغير قادم عبر بوابة الكنانة لا محالة فليكن برفق و سلام 4/4 المشهد الرابع و الختامي هو الحراك السياسي و الاجتماعي الذي يمور به هذا المجتمع الضخم, ما يزيد على السبعين مليون نفس محصورة في مساحة ضيقة على شريط النيل يزيد عدد السكان عاماً بعد عام و تتناقص الأرض يوماً بعد يوم جدلية تعجز مصر الاستعمار الانجليزى و حدود اللورد كرومر الاحاطة بها و الفكاك من هذا الأسر أمر لا مرد له ولكن مصر الحديثة و التي قامت على القيم الاشتراكية فقدت مصداقيتها و أهليتها فقد انهار بناؤها الفكرى و ضعف خطابها السياسى و هي تتحول إلى الاتجاه الرأسمالي الغربي مما أفقد النظام الحاكم أهليته للاستمرار و عجل بحتمية التغيير فان لم يتم ذلك برفق و تراض كان البديل جائحة الانهيار الذى لا يهدد استقرار المجتمع و تماسكه فحسب بل كل المنطقة فكانت هذه الخواطر من هذا المشهد. نظام الحكم القائم في مصر هو امتداد طبيعي لثورة 23 يوليو تطور النظام ليتوافق مع النظام العالمي الحاكم فقد بدأ النظام انقلاباً على الحكم الملكي الاقطاعى غربي التوجه وأبدله بنظام اشتراكي عضوضً يرعى في حمى الماركسية فكراً و في كنف الاتحاد السوفيتي العظيم حمايةً و انتهى رأسمالياً فكراً و سلوكاً و أحد أدوات النظام العالمي الجديد في المنطقة الإسلامية و العربية. قدم هذا النظام خلال الخمسة عقود التي حكم فيها الكثير من الإنجازات المادية المشهودة والعديد من الإخفاقات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية غير المنكورة كما إنه عجز عجزاً تاماً أن يبلور أيدلوجيةً تجتمع حولها الأمة المصرية فبعد سقوط المنظومة الاشتراكية تحول النظام وسدنته من النخبة و الصحفيين و كتاب الأعمدة تلقاء القطب الغربي الثاني كارهين حتى قال قائلهم انه من أجل مصلحة مصر يتحالف مع الشيطان و لاحقاً سمى الخميني هذا الحليف بالشيطان الأكبر. هذا النظام انتهى عمره الافتراضي كما هي سنة الله في هذا الكون و لم يعد يملك اى مقومات فكرية يقد مها للناس ليجتمعوا حولها ولكنة يبقى كشارون متشبثاً بالحياة عبر الدعم المادي و الحماية السياسية التي يوفرها بسخاء النظام العالمي الجديد. هذه حقيقة لا جدال فيها و لعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة خير شاهد على ذلك فجماعة الأخوان المسلمين المحظورة من العمل رسمياً و ليس لها منفذ رسمى تطرح عبره رؤاها ولكنها تقوم على فكر واضح و منهجية إسلامية صحيحة و جدت قبولاً كبيراً في الشارع المصري ما منعها عن الفوز بكل المقاعد التي نافست عليها غير السجن و الأمن و البلطجية وقد أورد هيكل في لقاءه مع صحيفة الدستور القاهرية الصادرة بتاريخ 20 أبريل 2006 بان شارون استنجد ببوش بعد ظهور نتائج المرحلة الأولى للانتخابات طالباً منه التدخل لمنع فوز الأخوان المسلمين و انهيار النظام. أريد أن أخلص من هذا المشهد إلى أن التغيير في المنطقة الإسلامية قادم لا محالة لان كل الأنظمة فقدت الأساس الفكرى الذي يدعم بقائها و انه ليس هنالك غير الإسلام لسد هذا الفراغ لأنه هو الاصل و الأساس الذي قامت عليه هذه الأمم و هو وحده القادر على تحريك عوامل القوة المعطلة في هذه الأمة وإنها ما طلبت العزة بغير هذا الدين إلا أذلها الله ومصر ليست استثناءً من هذه الحتمية هذه الحقيقة قال بها الأستاذ الشهيد سيد قطب قبل أكثر من خمسين عاماً و كانت هي محور كتاباته الكثيرة و لكنها أشد وضوحا في كتابيه المستقبل لهذا الدين الذي نعى فيه الفكر الغربي بشقية الاشتراكي وقد هلك و الرأسمالي و هو الآن يترنح كما بين في كتابه معالم في الطريق رأيه في نهج التحول و كان ذلك الكتاب أحد المعروضات التي قدمها المدعى الاشتراكي (هكذا كان يسمى) دليلاً لإعدامه و قد كان له ما أراد. ذهب المدعى الاشتراكي وبقيت الحقيقة كما تجلت للشهيد. أخلص من هذا المشهد إلى أن التغير قادم عبر بوابة الكنانة لا محالة لان النخب الحاكمة و التى بيدها أدوات التغيير ظلت و منذ منتصف القرن الماضى تمارس القهر و التعذيب و القتل باسم الاشتراكية و القومية و الليبرالية و حماية الوحده الوطنية وباسم محاربة الرجعية و الاصولية و أعداء الديمقراطية و تمارس كل مستهجن تحت مظلة قانون الطوارىء. باسم هذه الشعارات قتل الآلاف من خيرة أبناء و بنات هذه الامة و سجن و عذب عشرات الآلاف بين طنجة وجاكرتا من لدن سوكارنو حتى حرب بوش الصليبية. القوى الحاكمة جميعهاً اليوم فى حيرة و تخبط شديدين ظهرهم الى الحائط خوفاً من التغيير القادم و الذى ليس لهم فيه سهم وتهرول هذه القوى بين واشنطن و تل أبيب تستجدى اكسير الحياة ولكن هيهات أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم فى بروج مشيدة. لمصلحة مصر و كل الدول الإسلامية يجب أن يتم هذا التغيير برفق ونظام و لا يتأتى ذلك إلا إذا منحت القوى الحاكمة الحركات الإسلامية الحرية كل الحرية و أن لا تمنعها من العمل بحجة عدم الزج بالدين في السياسة أو الحرب على الأصولية أو حماية الوحدة الوطنية و غيرها من المسميات التي يدفع بها سدنة النظام القديم. لان الحرية توفر لهذه الحركات النضج و تمنحها فسحة من الوقت لتعديل خطابها وآلياتها من خلال الممارسة الحرة مما يمكنها من إدارة الدعوة فالحكم برفق. أن فقه التسامح يجب أن يسود ولنا فى سيرة المصطفى ًصلى الله عليه وسلم اسوة حسنة فهند بنت عتبة التى أغرت و حشى بقتل حمزة سيد الشهداء و لاكت كبدة حقداً و مرارةً كانت سفيرة المؤمنات يوم الفتح الاكبر. كما ان الاسلام ليس حكراً لاحد انما هو ديننا جميعاً يمكن أن تتعافى بة الانظمة الحاكمة و النخب الهرمة التى يمكن ان تبلغ بذلك حسن الخاتمة قبل ان تأتى عليها الذبحات الفجائية و العضال من الامراض فالمغول الذين دمروا عاصمة الخلافة انقلبوا دعاة يحملون لواء هذا الدين. فرسالة الاسلام السمحة هى دعوة لقيم الخير كلة من حرية و ديمقراطية و عدل و تكافل و نهى عن الظلم و الكذب و بعد ذلك من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فلنعمل جميعاً لحمل هذه الرسالة السمحة حتى نجنب الانسانية غلواء الظلم و القهر الذى تمارسة الحضارة الغربية التى شيدت اساسها باسترقاق الملايين من البشر و بنت مجدها باستعمار المستصعفين وبنهب موارد كل شعوب الارض وبطشت بمن يخالفها بالقنابل الذرية والكروز اليوم تتحكم فى العالم تطعم من تشاء و تقطع الطعام عن من تشاء حضارة كريهة لا يمكن لها مقابلة سماحة الاسلام و منهجة السمح المتوازن . فمن اجل الانسانية جمعاء يجب اعطاء الحرية لعلماء الكنانة و شيوخ الازهر و الجماعات الاسلامية ليقودوا البشرية وفق المنهج الربانى السمح الذى قال عنة المصطفى صلى الله عليه و سلم " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ..." تاج السر حسن عبد العاطى ودمدنى - جامعة الجزيرة [email protected] 28 مارس 2006