بسم الله الرحمن الرحيم في انتظار نتائج الانتخابات المصرية مقالات قديمة 2/1 هذا المقال نشر في أواخر مارس 2006 و كان قراءة للمأزق السياسي الذي تعيشه النخبة الحاكمة كان رأيي حينها أن المصلحة تقتضي انسحابها من المشهد برفق ولكنها لم تفعل فكان أمر الله الذي لا مرد له و رغم ذلك ما زالت تتشبث و تسعى للعودة من جديد وما يحصل في مصر من خلط و مزج خير مثال لذلك .............الى المقال. السودان 23 يونيو 2012 مشاهد و خواطر من قاهرة المعز التغير قادم عبر بوابة الكنانة لا محالة- فليكن برفق و سلام زرت مصر المؤمنة في أواخر أمشير (18 – 25 مارس 2006) و لمدة اسبوع ونسبة لانى دائماً أغشاها عابراً و لفترات لا تتعدى الأسبوع فقد شدتني هذه المرة بعض المشاهد حركت في نفسي كثيراً من الخواطر رأيت أن يكون للقارئ فيها نصيب فرب مبلغ أوعى من مشاهد و سوف أسردها منجمةً حتى لا تختلط الصورة نسبةً لأنها تمسك بتلابيب بعضها. المشهد الرابع و الختامي هو الحراك السياسي و الاجتماعي الذي يمور بهما هذا المجتمع الضخم, ما يزيد على السبعين مليون نفس محصورة في مساحة ضيقة على شريط النيل يزيد عدد السكان عاماً بعد عام و تتناقص الأرض يوماً بعد يوم جدلية تعجز مصر الاستعمار الانجليزى و حدود اللورد كرومر الاحاطة بها...... الفكاك من هذا الأسر أمر لا مرد له ولكن مصر الحديثة و التي قامت على القيم الاشتراكية فقدت مصداقيتها و أهليتها فقد انهار بناؤها الفكرى و ضعف خطابها السياسى و هي تتحول إلى الاتجاه الرأسمالي الغربي مما أفقد النظام الحاكم أهليته للاستمرار و عجل بحتمية التغيير فان لم يتم ذلك برفق و تراض كان البديل جائحة الانهيار الذى يهدد استقرار المجتمع و تماسكه فكانت هذه الخواطر من هذا المشهد. نظام الحكم القائم في مصر هو امتداد طبيعي لثورة 23 يوليو تطور النظام ليتوافق مع النظام العالمي الحاكم فقد بدأ النظام انقلاباً على الحكم الملكي الاقطاعى غربي التوجه وأبدله بنظام اشتراكي عضوض يرعى في حمى الماركسية فكراً و في كنف الاتحاد السوفيتي العظيم حمايةً و انتهى رأسمالياً فكراً و سلوكاً و أحد أدوات النظام العالمي الجديد في المنطقة الإسلامية و العربية. قدم هذا النظام خلال الخمسة عقود التي حكم فيها الكثير من الإنجازات المادية المشهودة والعديد من الإخفاقات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية غير المنكورة كما إنه عجز عجزاً تاماً أن يبلور أيدلوجيةً تجتمع حولها الأمة المصرية فبعد سقوط المنظومة الاشتراكية تحول النظام وسدنته من النخبة و الصحفيين و كتاب الأعمدة تلقاء القطب الغربي الثاني كارهين حتى قال قائلهم انه من أجل مصلحة مصر يتحالف مع الشيطان و لاحقاً سمى الخميني هذا الحليف بالشيطان الأكبر. هذا النظام انتهى عمره الافتراضي كما هي سنة الله في هذا الكون و لم يعد يملك المقدرة على البقاء البقاء أو اى مقومات فكرية يقدمها للناس ليجتمعوا حولها ولكنة يبقى كما شارون متشبثاً بالحياة عبر الدعم المادي و الحماية السياسية التي يوفرها بسخاء النظام العالمي الجديد. هذه حقيقة لا جدال فيها و لعل الانتخابات البرلمانية الأخيرة خير شاهد على ذلك فجماعة الأخوان المسلمين المحظورة من العمل رسمياً و ليس لها منفذ رسمى تطرح عبره رؤاها ولكنها تقوم على فكر واضح و منهجية إسلامية صحيحة و جدت قبولاً كبيراً في الشارع المصري ما منعها عن الفوز بكل المقاعد التي نافست عليها غير السجن و الأمن و البلطجية وقد أورد هيكل في لقاءه مع صحيفة الدستور القاهرية الصادرة بتاريخ 20 مارس 2006 بان شارون استنجد ببوش بعد ظهور نتائج المرحلة الأولى للانتخابات طالباً منه التدخل لمنع فوز الأخوان المسلمين. أريد أن أخلص من هذا المشهد إلى أن التغيير في المنطقة الإسلامية قادم لا محالة لان كل الأنظمة فقدت الأساس الفكري الذي يدعم بقائها و انه ليس هنالك غير الإسلام لسد هذا الفراغ لأنه هو الأصل و الأساس الذي قامت عليه هذه الأمم و هو وحده القادر على تحريك عوامل القوة في هذه الأمة وإنها ما طلبت العزة بغير هذا الدين إلا أذلها الله ومصر ليست استثناءً من هذه الحتمية هذه الحقيقة قال بها الأستاذ الشهيد سيد قطب قبل أكثر من خمسين عاماً و كانت هي محور كتاباته الكثيرة و لكنها أشد وضوحا في كتابيه المستقبل لهذا الدين الذي نعى فيه الفكر الغربي بشقية الاشتراكي وقد هلك و الرأسمالي و هو الآن يترنح كما بين في كتابه معالم في الطريق رأيه في نهج التحول و كان ذلك الكتاب أحد المعروضات التي قدمها المدعى الاشتراكي (هكذا كان يسمى) دليلاً مسوقاً لإعدامه و قد كان له ما أراد. ذهب المدعى الاشتراكي وبقيت الحقيقة كما تجلت للشهيد. أخلص من هذا المشهد إلى أن التغير قادم عبر بوابة الكنانة لا محالة لان النخب الحاكمة التي بيدها أدوات التغيير ظلت و منذ منتصف القرن الماضي تمارس القهر و التعذيب و القتل باسم الاشتراكية و القومية و الليبرالية و حماية الوحدة الوطنية وباسم محاربة الرجعية و الأصولية و أعداء الديمقراطية و تمارس كل مستهجن باسم قانون الطوارئ . باسم هذه الشعارات قتل بين طنجه وجاكرتا الآلاف من خيرة أبناء و بنات هذه الأمة و سجن و عذب عشرات الآلاف و لكن القوى الحاكمة جميعهاً اليوم فى حيرة و تخبط شديدين ظهرهم الى الحائط خوفاً من التغيير القادم و الذى ليس لهم فيه سهم وتهرول هذه القوى بين واشنطن و تل أبيب تستجدى إكسير الحياة ولكن أينما تكونوا يدرككم الموت و لو كنتم فى بروج مشيدة. لمصلحة مصر و كل الدول الإسلامية أن يتم هذا التغيير برفق ونظام و لا يتأتى ذلك إلا إذا منحت القوى الحاكمة الحركات الإسلامية الحرية كل الحرية و أن لا تمنعها من العمل بحجة عدم الزج بالدين في السياسة أو الحرب على الأصولية أو حماية الوحدة الوطنية و غيرها من المسميات التي يدفع بها كهنة النظام القديم. لان الحرية توفر لهذه الحركات النضج و تمنحها فسحة من الوقت لتعديل خطابها وآلياتها من خلال الممارسة الحرة مما يمكنها من إدارة الدعوة فالحكم برفق. أن فقه التسامح يجب أن يسود ولنا فى سيرة المصطفى ًصلى الله عليه وسلم اسوة حسنة فهند بنت عتبة التى أغرت و حشى بقتل حمزة و لاكت كبدة حقداً و مرارةً كانت سفيرة المؤمنات يوم الفتح الاكبر. كما إن الإسلام ليس حكراً لأحد إنما هو ديننا جميعاً والمغول الذين دمروا عاصمة الخلافة انقلبوا دعاة يحملون لواء هذا الدين.فرسالة الإسلام السمحة هي دعوة لقيم الخير كله من حرية و ديمقراطية و عدل و تكافل و نهى عن الظلم و الكذب و بعد ذلك من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر فلنعمل جميعاً لحمل هذه الرسالة السمحة حتى نجنب الإنسانية غلواء الظلم و القهر الذى تمارسه الحضارة الغربية التى شيدت أساسها باسترقاق الملايين من البشر و بنت مجدها فى حقبة الاستعمار بسرقة موارد كل شعوب الأرض وبطشت بمن يخالفها بالقنابل الذرية و اليوم تتحكم فى العالم تتطعم من تشاء و تقطع الطعام عن من تشاء حضارة كريهة لا يمكن لها مقابلة سماحة الإسلام و منهجه المتوازن . فمن اجل الإنسانية جمعاء يجب إعطاء الحرية لعلماء الكنانة و شيوخ الأزهر ليقودوا البشرية وفق المنهج الرباني السمح الذي قال عنة المصطفى صلى الله عليه و سلم " تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها ..." تاج السر حسن عبد العاطى ودمدنى - جامعة الجزيرة [email protected] 28 مارس 2006