احتجز معصوب العينين ، وأُودع في المعتقل ولم يدر بخلد سجانيه ان الامر قد يفوق حد التوقع ، فالذي كان يبدو من الصورة ان الامر لن يتجاوز حد الضرب " علي القفا" ثم كلمتين من تلك المحفوظة عن ظهر قلب في هذه المواقف . وبعدها قد يذهب " الثورجية " الي بيوتهم مكسوري الخاطر تذرف اعينهم مرارة الحصاد الخائب من محاولة الثورة في وجه السلطان. كان الامر اكبر واخطر ، كانت المفارقة تعتمل في كل الاركان ، وانها بالفعل قد غدت موضوعا للمحللين المذهولين عن معطيات واقعهم أن كيف تسني للشباب ان يتجاوز محددات الفعل السياسي في مسرح يغص بالفطالحة الذين خبروا العمل السياسي في ادناهم خبرة وتجربة ما يفوق العقدين من الزمان اما منازلة للسلطان او مصانعة له . والكل اخذ علي حين غرة حين كان وائل ورفاقه يتنادون علي المجتمع الافتراضي والذي ما عاد كذلك منذ الخامس والعشرين من يناير المجيد ، بالكاد كانت قد انفلقت ارنبة انف وائل وجل رفاقه لكن اصابعهم علي لوحة مفاتيح الاجهزة الكمبيوترية لا تكف عن السعي الحثيث وراء الكلمات المثيرة للحركة و الفعل علي حد سواء وهي في ذلك تكاد تتجاوز كل سنوات خبرة أهل السياسة والفاعلين أجمعين .وهي في سعيها ذلك الدؤوب كانت تفتح كوي في فراغ الظلمة الطاغي ، وتزيح اسماء عن فضاء السياسة وتسطر تاريخ لا يعترف بالاقدمية ، ولا قيادة تقليدية تخذل اكثر مما تحفز. بل اعادت الي التفكير اسلئة ما توصل الباحثون بعد الي حسم امرها . من قبيل هل القيادة تولد أم تصنع؟ وماهي مواصفات القائد؟ وهل يبقي القائد بعيدا عن مواطن الخطر حتي لا يتعرض للأذي خشية أن تصيبه مصيبة او مكروه فينفرط عقد الجماعة التي يتزعمها؟!! هكذا كتب علي الباحثين في علوم الاجتماع والسياسة والانثروبولوجيا ان يتدارسوا ظاهرة القيادة الجديدة التي افرزها واقع ميدان التحرير ليعيدوا قراءة الفرضيات التي مازال يعمل ويؤمن بها الكثير من الذين عقدوا لواء البيعة للقادة التقليديين (الذين هم أول من يفر من ميدان المعركة) ولينظروا بشيئ من التأمل المفضي للفعل في أبعاد التكنولوجيا الحديثة ودورها في صناعة القيادة أو إفرازها ، وليقارنوا بعين الحصيف كيف تهافتت القيادات القديمة الي عرش السلطان حين لوح بالحوار لا إيمانا منه بقيمته ، وإنما لكسب عنصر الزمن حتي تخور قوي الثوار وتتقطع بهم السبل وتنبهم عليهم المسالك ، ليعود بعد حين ليستفرد بالثوار من الميدان العتيد الي ابي زعبل.. ولم يكن ذلك كل ما اعتمد عليه من استراتيجية فقد أخذ ينزع عن الثوار أمضي اسلحتهم التي ما خبرها القادة التقليديون ولا اعاروها اهتماما في منازلاتهم للنظام منذ أن" اندلعت" ثورة المعلوماتية والي اليوم الذي اندلعت فيه ثورة الغضب الشبابي أو ثورة الشباب الغاضب ، فقد عمد النظام الي قطع كل خطوط التواصل بين الثوار من رسائل نصية بالهاتف السيار ومواقع تواصل الإيلكتروني عبر النت وما اليها من ادوات ماضية كانت قد جعلت من شهيد التحقيق في الاسكندرية محورا لتواصلها الانساني عبر هذه الوسائل المدهشة . فما كان من غنيم ورفاقه الا ان التقطوا القفاز وملأوا الفراغ الذي خلفه تخلف القيادات التقليدية وواصلوا مسيرهم الذي بدأ من مجتمع افتراضي الي مجتمع الواقعية السحرية في ميدان التحرير بكل جلد والتزام.