تناولت في الجزء الأول من هذا المقال، نتائج وآثار اختلال المواطنة المتساوية في السودان القديم قبل انفصال الجنوب، وفي هذا الجزء المُهِم جداً من هذا المقال، سأورد شروح من الرؤية السياسية المستحدثة لحركة/جيش تحرير السودان لحل أزمة الحكم في الجزء المتبقي من السودان بعد انفصال الجنوب، بالتزامن مع حل قضية دارفور بخصوصيتها، والرؤية ذات صلة لصيقة بعنوان المقال، وفي هذا السياق نلتمس من قوي المقاومة المسلحة في دارفور والهامش السوداني اجمع والقوي السياسية السودانية في المركز والهامش السوداني أن تتوخي الحذر في طرحها لرؤاها لحل أزمة الحكم في رقعة الأرض المتبقية من السودان القديم بعد انفصال الجنوب الحبيب وتكوين دولته الخاصة بعد أن فشلت أنظمة الحكم المتعاقبة علي المركز في بناء دولة المواطنة المتساوية بهوية تُعبِّر عن جميع شعوب السودان، في معني، ألا تتعجَّل التنظيمات السياسية في المركز طرح رؤى قاصرة ونرجسية وساذجة لإبدال سيد بسيد، تطرحها في سياق ما تعتقد انه الحل لازمة الحكم في المتبقي من السودان بعد انفصال الجنوب قبل أن تطلِعَ علي الفهم الذي يعتقده أهل الهامش لإعادة بناء دولة المواطنة المتساوية في رقعة الأرض المتبقية مما كان يعرف بالسودان.. ونعتقد أن ذلك سيسهل بناء مفاهيم مشتركة من خلال عصف ذهني كامل وواسع يؤسس لمفاهيم ومبادئ وأسس مشتركة لجميع الشعوب القاطنة في هذه الرقعة الجغرافية التي كانت تسمي السودان، وظلت لأمدٍ طويل دون أن يربط بين مكوناتها أسمنت من القيم والحُب والمعرفة والمفاهيم والمصالح المشتركة التي تشكل القاسم المشترك لتلك المكونات الديموغرافية المتنوعة، ليتفقوا عليها، ثم تضمينها في عقد اجتماعي جديد يكون الأساس المتين والثابت والملزم للكافة لإعادة بناء دولة المواطنة المتساوية للشعوب القاطنة في الرقعة المتبقية من السودان القديم، ويجدر التنبيه إلي أن أي تفكير عاطفي او انتهازي من تنظيمات المركز السياسية المنتفعة من الدولة القديمة التي انهارت بانفصال الجنوب بُغية أخذ زمام المبادرة لإعادة إنتاج السودان القديم، وأي تفكير يُضمِر الاستهبال السياسي والاستغفال المفضوح من أهل المركز المستفيدين من أزمة الهوية المزيفة للدولة القديمة الظالمة ذات الفرز العِرقي والاقتصادي والاجتماعي والطبقي، وتكريس المواطنة المتدرجة بالكيفية التي أوردتها، في الجزء الأول، بكل جرأة وشفافية، لكشف الكيفية التي قام عليها السودان القديم وبقي عبر ما يقارب الستة عقود من الزمان حيث ظل المركز يلتهم بشرهٍ ونهم موارد الهامش المادية ويضطهد ويستغل ويهمش إنسانه ويحتقره ويعيد إنتاجه لخدمة المركز، ذلك عهدٌ مضي وانتهت مدة صلاحيته مع انتهاء صلاحية الحكام العرب جميعا.. مع وجود فرق شاسع بين السودان وبقية الدول (العربية)، لأن بقية الدول (العربية) التي طفقت تنتفض علي ديناصوراتها تتوفر علي مقومات الدولة وفي مقدمتها الهوِيَة المُعبِرة عن هجين الشعوب المكونة لتلك الدول، بمعني أنها تتوافر علي هوية تُعبِّر عن جموع الشعوب القاطنة فيها، بينما السودان بلا هوية حقيقية إذ قام أهل المركز بتبني هوية مزيفة ومستوردة من الدول التي تنهمك اليوم في طرد حكامها رغم توافرها علي هوية سليمة متفق عليها ومواطنة متساوية بين جميع السكان دون تمييز بينهم لأي سبب، ويعني ذلك أن شعوب تلك الدول العربية قد وصلت درجة الانصهار الوطني، وتلتف حول محور للتماسك العاطفي في أوطان تسع الجميع علي المواطنة الحقيقية المتساوية، ولا تعاني أزمة المواطنة المتدرجة التي تُشكِّل أُسّ الداء بالنسبة لشعوب السودان القديم الفاني.. التنظيمات السياسية السودانية القديمة ومؤسسات المجتمع المدني والأهلي تحلم بإتباع تجربة طرد الحكام الطغاة البغاة في تونس ومصر والبقية القادمة، علي أن عملية طرد حكام السودان يجب أن يسبقها تسوية جملة أمور يتم الاتفاق عليها إذا كان الطرد المأمول يأتي في سياق إيجاد دولة جديدة وموحدة طوعاً في الجزء المتبقي من السودان السابق، وجملة الأمور التي يجب الاتفاق عليها يجب حتماُ أن تُضَمَّن في عقد اجتماعي يتراضى عليه جميع السكان ليكون ذلك العقد الاجتماعي الجديد هو المصدر الوحيد لدستور الدولة الجديدة(علي أن يتم امتحان تجربة الدولة الموحدة بفترة انتقالية كافية يعقبها ممارسة حق تقرير المصير لجميع أقاليم السودان، ليختاروا الوحدة أو الاستقلال) ونعتقد أن الذين يفكرون بخلاف هذا المنهج إنما يمارسون استهبالهم السياسي القديم، ويحرثون في البحر ويبيعون الطير في الهواء للشعوب ولا يخدعون إلا أنفسهم. وأي تفكير لإعادة تجربة السودان القديم هو تفكير ينتجه عقل عقيم بالي من صنع الماضي السحيق، وتلك العقول البالية يجب أن نُعَبِّد لها الطريق إلي الفناء كما عَبَّدَ شباب مصر الطريق لفناء العقول العاجزة عن العطاء والإبداع من أهل الحزب الحاكم هناك. إن أصحاب العقول البوربونية البالية من حكام السودان القديم ظلوا يُلسَعُون من نفس الجُحر الواحد ألف مرة، وهم يشبهون النعام في دفن الرؤوس في الرمال عند دنو الخطر.. جَرَّب حكام المركز الحفاظ علي وحدة السودان القديم دون أن يدفعوا استحقاقات الوحدة الجاذبة، واكتفوا بإثارة قضايا عاطفية وإرث وطني متوهَّم ومفروض، أُنتِجَ في إقليم واحد مهيمن منذ فجر التاريخ تجسَّد في أغاني الحقيبة مثل(جدودنا زمان وصونا علي الوطن!!) من هم جدودنا أولئك؟ وأين الوطن حتى يوصونا عليه؟؟ السودانيون لا يجمعهم جِد واحد، ولا السودان من حيث الجغرافيا وطن واحد اتحد طوعاً، إذاً، لا طائل من هذا الاستهبال السياسي، وتجربة انفصال الجنوب عبر استفتاء نزيه وشفاف لشعبه الذي حقق نسبة خيالية وغير مسبوقة في الإجماع علي خيار الانفصال بنسبة 99% اختاروا عبره الانفصال عن السودان القديم وتكوين دولة تحقق لهم الكرامة والحرية والمستقبل الزاهر المؤدي إلي الرفاهية.. الآن هناك فرصة نادرة لشعوب الجزء المتبقي من السودان القديم للاتفاق علي بناء دولة جديدة بأسس سليمة بتفادي السلبيات التي أدت إلي انفصال الجنوب وهي معلومة لعامة الناس. هذا، ويعتبر السودان القديم الدولة الوحيدة التي قامت بتزوير العناصر الأساسية المكونة للدولة، وعلي الغش والترهيب والقمع حفاظاً علي هوية مزيفة.. وحركة/جيش تحرير السودان تحاول برؤيتها المعلنة للعامة، وموقفها السياسي الراهن واستراتيجيتها، أن تقدم آخر أوراقها ومساهمتها لتسليط الضوء علي أزمة الدولة السودانية وإيجاد أرضية مشتركة لإعادة بناء دولة جديدة وحقيقية علي أنقاض باقي السودان القديم، ويتوجب علي الحادبين النظر بإمعان فيما ورد في رؤية الحركة وموقفها السياسي الراهن ووضعها في الاعتبار عند البحث المشترك، لإيجاد أرضية مشتركة لإعادة بناء دولة حقيقية في الأرض المتبقية من السودان القديم، مع العلم بأن هذا العرض لن يدوم طويلاً، وربما اضطررنا إلي الانتقال إلي خيارات أخري تناسب معاناة أهلنا في دارفور باللجوء إلي خيار الحل علي مستوي دارفور فقط. السؤال المحوري هو: هل يتوافر السودان علي عناصر التغيير الحقيقية كما في تونس ومصر؟ الإجابة بالنفي القاطع، وإليكم الأسباب، من وجهة نظري بالطبع: 1) العنصر الأساسي للتغيير في الدول السابقة والقادمة، هو أنها دول ذات هوية حقيقية تُعبِّر عن جميع مواطنيها يصونونها ويدافعون عنها، بينما السودان دولة بلا هوية وبلا عنوان، دولة مزيفة الهوية حيث يفرض علي السكان(هوية) لا تُعبِّر عن حقيقتهم، ويجب علي المواطن الذي نبت من تراب السودان منذ أن خلق الله الأرض، ولم يقدِم من مكان آخر في الكرة الأرضية،أن يُقِر، ويقبل أن يثبَّت في أوراقه الثبوتية أن وجوده بالسودان قد أرتبط بدخول العرب السودان!! وان يتحدث العربية فرضاً وقسراً، وأن يدرس كافة العلوم المقررة بالعربية حتماً، حتى صِرنا أميين لا نفهم لغات العصر ولا علومها ولا قيمها، وان يقر أن دينه الإسلام طوعاً او كرها، بمعني إتباع الرسالة الخاتمة للإسلام القرآن الكريم شرطاً للمواطنة، مع أن جميع الأديان السماوية التي أتت بالتوحيد هي إسلام ومطلوب منا الإيمان بها وتوقير جميع الرسل، وأن سيدنا إبراهيم الخليل هو من سمانا مسلمين وليس القرآن، وسيدنا إبراهيم الخليل هو أبو الأنبياء، إسحاق وإسماعيل، وجد سيدنا محمد ويعقوب، وجد سيدنا يوسف بن يعقوب والد الأسباط.. وأبو الأنبياء إبراهيم الخليل الذي سمانا مسلمين هو الذي رفع القوائم من بيت الله الحرام بأمر ربه، أن أذِّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلي كل ضامر يأتين من كل فَجِّ عميق ليشهدوا منافع لهم ويطوفوا بالبيت العتيق، وطهر بيتي للطائفيين والعاكفين الركع السجود، وكُتب عليكم الصيام كما كُتب علي الذين من قبلكم، وأجاز لنا ربنا أكل طعام أهل الكتاب ومصاهرتهم وخطب ودهم، طعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم وطعامكم حِلٌ لهم، ودولة مدينة رسول الله(ص) كانت دولة مدنية قامت علي هوية تمثل هجيناً فريداً ومتنوعاً، وعلي المواطنة المتساوية والعدالة وحكم القانون والحقوق المتساوية للجميع، دون تمييز بين الناس لأي سبب من الأسباب التي ظل يميز بها حكام السودان القديم الناس، لم يتم في دولة الرسول الخاتم إعادة إنتاج أحد في عِرق أحد أو دينه أو لغته قسراً، وكان الرسول الخاتم يتعامل مع أصحاب جميع المِلَل بعدالة و وُدٍ واحترام وتواضع، ولم يقمع أحداً أو يقتله بسبب تنوعه واختلافه، بل كان رحيماُ عَفُوَّاً، إن كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك، فظلَّ يبِر الجميع ويقربهم، بلال مِنَّا آل البيت، والقرآن يتحدث عن حياة سيدنا موسي الكليم من المهد إلي اللحد بتفاصيل دقيقة لا مثيل لها، هل لي أن أسأل علماء الدين في بلادي: لماذا تحدث القرآن الكريم عن سيدنا موسي بهذا الإسهاب؟ أنا أجيبهم: لأن هذا الدين واحد من لَدُن إبراهيم الخليل. 2- التغيير في السودان مختلف عن التغيير في الدول الأخرى الأقل تنوعا وتعدداً، لأن الدول في هذه المنطقة المسماة عربية تطورت علي المستوي الاجتماعي وانصهرت علي مستوي الوطن، وتجاوزت عقبات الفرز الاجتماعي بالانتماء للقبيلة أو المنطقة، بينما في السودان ظلَّ الانتماء للقبيلة أقوي من الانتماء للوطن، والمحسوبية تضرب بإطنابها في كل مناحي الحياة والتحقير بأهل الهامش الأسود والعجمي وإقصاءهم وإذلالهم هو حُكم القانون الواجب الأتباع علي الكافة، وقضية دارفور وما يجري فيها من فظائع يومية ينظر إليها أهل الخرطوم بمثابة فيلم جميل يسليهم مثل فيلم الجذور المقتبسة من رائعة أليكس هيلي.. ليس هذا فحسب، في السودان الانتماء للفرق الرياضية أقوي من الانتماء للوطن لأنه لا يوجد وطن، وانتماء الناس لفريقي الهلال والمريخ راسخ في وجدانهم وعقلهم الباطني لأن هذه الفرق الرياضية يتم الانتماء لها طوعاً وحباً لا كرهاً وقسرا كالانتماء للسودان الزائف، وأنا شخصيا عانيت عمري كله بسبب انتمائي لدولة أمقتها لفرط الروائح الكريهة التي تفوح منها علي المستوي الاجتماعي والثقافي والسياسي وشكل الدولة ونظم الحكم، وبسبب كراهية الناس لبعضهم البعض وتوجسهم خيفة فيما بينهم وتعاليهم بأنساب ألفوها من بنات خيالهم ويؤسسون عليها أوهاماً وخيالات تنسحب علي الواقع المعاش علي مستوي الدولة والمجتمع، شعوب متناثرة ومتنافرة كأنهم التقوا في سوق لبيع المسروقات ولم يجمعهم وطن، ولن يجمعهم، ملعون أبو دي بلد. التقارير الواردة إلينا من ولاية شمال دارفور بتاريخ العاشر من شهر فبراير2011م الجاري تفيد بأن والي الولاية (كِبِر) الذي لم يكًبر قط بالقدر الذي يُخرِجه من عبودية المركز وخدمة أجندته، وبغية إرضاء غرور أولاد (المكوك) الذين يعتقدون أن الخليفة عبد الله كان مخطئاً عندما حسم عبث أجدادهم بمصير الدولة آنذاك، ومعاقبة من يسعى للعب بمقدرات الأمة الوليدة حينذاك، أطلق(كبر) اللئيم أفاعيه السامة من مليشيات ومرتزقة خدمة لأحقاد أسياده في الخرطوم فأحرقوا عددا من القرى في ناحية (أم ضريساية) و(مَسكُو) جنوب منطقة شنقل طوباية، حيث قتلت مليشيات أمير الحرب المجرم عميل الإنقاذ/ كِبر الذي كَفَر، عدداً من المواطنين وحرقت قراهم وروعتهم ونهبت بهائمهم وما يملكون دون ذنب جنوه غير أنهم ينتمون إلي قبيلة الزغاوة، طبعاً نظام الإنقاذ لا يؤمن بان الله قد خلق الزغاوة والفور والمساليت والبرقو والفلاتة والقمر كما خلقهم.. ووجه الاستدلال بهذا الفهم هو ما يجري في الخرطوم هذه الأيام إثر اعتقال أجهزة أمن النظام مجموعة من أولاد المصارين ناصعة البياض من أبناء الطبقة التي تعتقد أنها الأولي، عرب ومسلمين وجلابة وأسياد،(كما أفضنا في تصنيف المواطنة المتدرجة في الحلقة الأولي)، وزِِد علي ذلك أن المعتقلين هذه المرة، وللمرة الأولي، من أبناء الأسياد الذين كانوا يحكمون السودان بلا مشروع وطني مفهوم غير تمجيد السيد ابن السيد، فقامت الخرطوم(أحزاب السودان القديم البالي) ولم تقعد مطالبة بإطلاق سراح الذين اعتقلوا في مظاهرة غلاء الأسعار الأسبوع الفائت، والله عجيب!! هذه الخرطوم لا تصلح عاصمة لدولة مأزومة تتآكل من أطرافها بسبب غباء المركز، دولة متعددة الأعراق ومتنوعة الأديان والثقافات، لأنها عاصمة اتجاه واحد، ومنكفئة علي ذاتها، دولة تخصصت في ممارسة النرجسية السياسية والاجتماعية والطبقية في أقبح صورها، رجال ونساء الأحزاب الكرتونية اللائي يبكين علي أبنائهن من اعتقال لأسبوع واحد، كان الأوجب عليهن، إن كُنّ وطنيات صادقات، الخروج للتظاهر لأجل أهل دارفور الذين أبادهم النظام في عملية مستمرة نافت علي العقد من الزمان، كان الأجدر بهن أن يخرجن للمطالبة بذهاب النظام الذي فرَّط في الجنوب الحبيب فذهب بكرامته إلي حال سبيله، كان الأولي بهن أن يقلِدن نساء القاهرة اللائي خرجن واعتصمن في الميادين العامة لمساندة قضية عامة هو ذهاب حسني مبارك، رغم أنه بطل قومي، إلا أنه افتقر إلي العدل وقد انتهت مدة صلاحيته بالتقادم المسقط، فذهب هو وبقيت مصر العريقة وانتصرت إرادة الشعب، السودان يفتقر إلي المشروع الوطني، وتنظيمات الخرطوم وشعب الخرطوم يستحقون حكم الإنقاذ ليذيقهم صنوف العذاب لأن آفاقهم ضيقة ولا يعرفون من السودان سِوَي الخرطوم، ولأن خراج السودان كله ظلّ يأتيهم، فمثلهم مثل يزيد بن معاوية عندما قال مُخاطباً الغيث: صُبِّي أنَّي شِئتِ فإن خِراجكَ يأتيني. فلو كان مشكلة أهل الخرطوم مع الإنقاذ هو غلاء الأسعار دون غيرها من البلايا التي وقعت علي البلاد، فإني اطلب من أهل دارفور أن يدعو ربهم علي أهل الخرطوم، أن يا ربنا أبتلي أهل الخرطوم بقهر الإنقاذ وظلمه إضعاف ما أذقته لأهل دارفور من ويلات لسبب تعرفه وحدك في ملكوتك، آمين.. إن الله لن ينصر أهل الخرطوم لآن قلوبهم غُلف وأفئدتهم هبَاءَ وآرائهم شتي، وما الخرطوم إلا سوق نخاسة يباع ويشتري فيه الهامش السوداني، وأبغض البلاد إلي الله الأسواق، ولِّي يا ربنا علي أهل الخرطوم من يسومهم سوء العذاب حتى يرعَوُا ويعودوا إلي صوابهم لأنهم لم يعبِّروا عن حال ومآل جموع شعوب السودان يوماً. التغيير يحتاج سنداً قوياً من جيش قومي، والسودان يفتقر إلي جيش قومي عبر تاريخه، وسوف أسهب في هذا العنصر وعنصر آخر لا يقل أهمية هو العاصمة الخرطوم ودورها في اضطهاد الهامش وقضم حقوقه وإذلاله وإعادة إنتاجه لمصلحتها، وحتمية إيجاد عاصمة تسع الجميع، في الجزء الثالث والأخير. (نواصل في الجزء الثالث والأخير قريباً)