لم يتوقف زعيم حزب الأمة منذ تسليمه لمذكرة كان يحتفظ بها عند إعتقاله من قبل نظام الإنقاذ في عام 1989م عن إضعاف حزب الأمة والتقليل من شأنه ممثلة في الثنائي العجيب نافع الذي تنعدم في أحاديثه كلمات المجاملة والدبلوماسية في مخاطبة معارضيه ومصطفى اسماعيل الذي يتبع المجاملات في أحاديثه وهو يسعى لفرض سياسة "أبي العفين" الموجهة نحو عزل معارضيه في مشاركتهم في أمر بلادهم. لقد إستلم الصادق المهدي من سابقيه في قيادة الحزب، حزبا له من التراث في العمل على وحدة وإستقلال السودان ومحاربة الظلم والقهر ما لا ينكره حتى أكثر الأعداء خصومة وحوله إلى حزب لا طعم له ولا رائحة في السياسة السودانية حين حوله إلى حزب يعتمد على اللسان بعد أن كسر جميع أسنانه وقلم مخالبه إرضاءا للجبهة الإسلامية ونظامها الفاسد الذي أهانه شخصيا قبل أن يهين كل من لا ينتمي إلى توجهاته السياسية الرامية كما وضح جليا إلى تفتيت البلاد وتقسيمها. لقد كان لتردد الصادق المهدي وتناقضاته الكثيرة فيما يتعلق بمواقف الحزب الدور الكبير في تخزيل الحزب تجاه نظام الإنقاذ وهي تناقضات قد أشرت إليها في كتاباتي خاصة في كتابي تحت الطبع بعنوان "السودان من التحرير إلى الإنفصال: حزب الأمة والجبهة الإسلامية نموذجا". ويكفي هنا في هذا المقال أن أشير إلى مواقفه الأخيرة بعد إعلانه ليوم 26 يناير كرمز لدور الأنصار في مواقفهم تجاه وحدة وتحرير السودان. فقد أعلن عن موقفين لا ثالث لهما إما أن يبتعد كلية عن السياسة ويترك المجال لغيره في حزب الأمة ليواجه نظام الإنقاذ أو أن يقود بنفسه العمل نحو تخليص السودان من هذا النظام الفاسد المستبد. وقبل أن تنتهي المدة التي حددها بيومين يفاجأ المنتمين لحزب الأمة الذين استعدوا في الحالتين للتوجه لإسقاط نظام الإنقاذ وكذلك الشعب السوداني بتلبية الصادق المهدي بإسم الحزب لدعوة البشير بحضور نافع ومصطفى اسماعيل لمواصلة الحوار حول الحكومة العريضة والتي يقول البشير عنها على رؤوس الأشهاد أنها ستكون ضمن توجهات المؤتمر الوطني. وما يؤكد تناقض الصادق هنا في مواقفه أن هذا الموقف يأتي في وقت كان جهاز الأمن لنظام الإنقاذ قد قام بمحاولة إغتيال ابنته مريم وبعض قيادات الحزب إثر مظاهراتهم ضد نظام الإنقاذ. يواصل الصادق المهدي مفاوضاته مع نظام الإنقاذ في الوقت الذي يهاجم فيه نافع الذي اجتمع معه، قيادات المعارضة وهو يقصد الصادق المهدي حين يصفهم ب"بائعي الكلام والمترفين " و"ان هؤلاء لايدرون ان من في سدة الحكم هم من فئة الغبش جاءوا يمتطون الدواب واللواري ولسنا بحاجة الى مدمني ومحترفي الكلام" وهو كلام إن صدق في بؤس وغبشة قيادات نظام الإنقاذ إلا أنه لم يصدق في "غبشتهم" بعد أن نهبوا ثراوات الشعب السوداني فركبو آخر الموديلات من العربات الفارهة وليس اللواري أو الدواب. ومع ذلك يواصل الصادق المهدي مفاوضاته مع الإنقاذ بقيادة مصطفى اسماعيل الذي لم يشهد السودان وزير خارجية أفشل منه حين حول الخارجية إلى ضيعة للأصحاب والزملاء يرتعون فيها ويمتصون موارد البلاد على قلتها في عهده الشؤم. يتناسى مصطفى اسماعيل تعهداته السابقة مع الصادق المهدي نفسه حين وقع على إتفاقيتي جيبوتي أو نداء الوطن عام 1999م وإتفاق التراضي الوطني عام 2008م في أمدرمان ليعلن لنا حوار المؤسسات للوفاق الوطني التي لا تستثني أحدا. فبينما يصر البشير وعلي عثمان ونافع والجاز على عزل الآخرين وعلى رأسهم حزب الأمة إلا أن الصادق المهدي يؤكد على عدم عزل الآخرين الذين سجموا حال حزبه وجعلوه مسخرة ومسخا مشوها تحت قيادته حين يقول مصطفى اسماعيل" إن الطرح الذي ظلت تنادي به بعض أحزاب المعارضة حول ضرورة إقصاء المؤتمر الوطني عبر انتخابات جديدة لم يجده المؤتمر الوطني في حواره مع حزب الأمة القومي. ولايقف الحال على ذلك بل يواصل الصادق الكلام الذي أصبح مكررا عن الديموقراطية وضرورة وجود المؤتمر الوطني كجزء من ضرورة مشاركة الآخر في تحقيق السلام في السودان وهو يحاضر في قطر عن الديموقراطية المفقودة في الوطن العربي. أليس هذا ما يفقع مرارة أي فرد داخل هذا الحزب العملاق الذي حوله الصادق المهدي من أسد إلى كديس جربان. اللهم صبرك ولطفك عبد الله محمد قسم السيد Abdalla gasmelseed abdalla gasmelseed [[email protected]]