بسم الله الرحمن الرحيم الشاهد أنه لكل أمة أجل معروف ، لان الباطل إن لم يعض الشعوب عضةً قويةً تجعلهم يصرخون فهم لا يستشرفون إلى الحق ولا يتطلعون إليه ، والمعلوم أن الألم وسيلة للعافية لأنه يؤكد للإنسان أن وضعه غير طبيعي ، والحكام الذين يظلمون ويضطهدون الشعوب إنما يفعلون ذلك إلى أجل . وعلى المظلومين ألا ييأسوا لان الظالمين أفراداً وحكاماً على قوتهم لهم عمر وأجل في القوة بل في الحياة نفسها والله سبحانه تعالى يقول ولكل أمة أجل فإذا جاء اجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون والتاريخ يذكر أمماً بلغت من القوة مبلغاً كبيراً وسادت الدنيا والشعوب ثم بعد فترة من الزمن حل بها الضعف والهوان ،بل قد يسيطر عليها ضعاف كانت تستضعفهم من قبل فإذا جاء هذا الأجل فلا أحد يستطيع تأخيره لان التوقيت في يد قيوم الكون، والحكام أنفسهم لايستطيعون تعجيل هذا الأجل .لذلك أرى أن ما يحث الآن في العالم العربي من الخليج العربي حتى المحيط الاطلسى بقوة المولى عز جلاله وقوى سلطانه إحقاقاً للحق ورفعاً للظلم من كاهل العباد المستضعفين في الأرض . جاءت دعواتهم وأناتهم مثقلة بالأعباء فستجاب الله لهم ، وأشعل تلك الثورات واحدة تلو الأخرى ، الأسباب واحدة تنحصر جميعها في محور الظلم والفساد الذي شمل كل الأنظمة العربية دون استثناء .عانت كل الشعوب من البطالة وعانت من المحسوبية وعانت من أصفياء الأنظمة من الموالين لها والمنتفعين منها ، والذين جندوا أنفسهم لحماية هذه الأنظمة الفاسده فجاءت هذه الثورات تحمل أنينا خفياً غاضباً يحمل كرهاً لهذه الطبقة ، فتصادم الجميع موالٍ ومظلوم فكانت الخسائر أشمل وأعم ، فقتل منهم من قتل .وعندما اشتدت نيران الثورات خرج الحكام يقولون كلاماً لا يعونه ولا يعرفون مغزاه ومعناه . فمنهم من هدد وتوعد مما زاد لهيب الثورة وجعلها واجب للقائمين بها علها تعيدهم إلى حياة كريمة شريفة أو شهادة حق يموت صاحبها ليتخلص من عذاب ومعاناة دنياه ، فالثوار لا يخسرون شيئاً لان فاقد الشيء لا يعطيه جوع ومرض وظلم واضطهاد فالأفضل الموت بشرف. أسباب الثورات حقيقية يعيشها كل فرد في كل الدول العربية ، ورغم وضوح معاني وأهداف الثوار ظل الحكام يخادعون ويتحدثون عن حماية مكاسب تلك الشعوب ،أي مكاسب يقصدها هؤلاء الحكام .ألم تكن تلك المكاسب تستحق الحماية منهم قبل الثورة ؟ على هذه الأنظمة احترام شعوبها وعليها مراجعة أحوالها ومحاسبة أصحابها ليعلم الشعب أنها جادة .وعليها حماية المال العام الذي أصبح حكراً للحكام ،ألم يكن ما سمعناه عن أملاك الذين استسلموا من الحكام كرهاً أم طوعاً مدعاة للسخرية حينما نسمع الحكام نفسه يتحدث عن حماية مكاسب الشعب ؟ وهنالك مسألة أخرى تتفق فيها كل الدول العربية وهى أن حكامها جاءوا جميعاً بالانتخاب الديمقراطي ،السؤال من الذي انتخب هؤلاء الحكام ؟وهل لهذه الدول شعوباً أخرى غير التي رأيناها خارجة وثائرة ضد حكامها ؟ هذه بالطبع صوره لانتخابات مزيفة مصنوعة جاءت بهؤلاء الحكام معلنة فوزهم بنسبة عالية دون خجل وبلا استحياء . والعجيب شملت الثورة دولاً ذات أقتصاد ثابت كان من المفترض أن يعيش شعبها في رفاهية واحد زعمائها نصب نفسه حاكما على كل العرب والأفارقة وظل عالياً شامخاً لا ينظر تحته إطلاقا وكأنه بلغ الجبال طولاً ،أهتز عرشه وظل يلهث من أجل الهدوء مهدداً ومتوعداً دون جدوى وإن شاء الله سوف ينضم إلى ركب الطغاة ولن يحفظ التاريخ له سوء الظلم والقهر والاستعباد . والحقيقة المهمة أن هذه الشعوب تركت أمرها لله الخالق القادر القوى بعد أن عجزت عن الإصلاح فنصرها المولى وقامت كل هذه الثورات معبرة عن السخط والذل والمهانة ، فنصرهم الله وأذل الطغاة . عمقت هذه الأنظمة المشاكل القبلية و مالت لفئة دون أخرى . وزالت سطوة الحكام وبقيت الفتن ظاهرة للعيان والغريب بعد زوال بعض الطغاة اتضح أنهم ومن شايعهم نهبوا ثروة البلاد بل كان نصيبهم من التنمية أقل مما هو مطلوب، هربوا وتركوا بلادهم مثقلة بالديون خاوية من الموارد ,أنها صوره محزنه لحكام حكموا على الأقل أكثر من عشرين عاماً وأخذوا أكثر مما قدموا .أضعفوا التعليم واضطهدوا المؤسسات التعليمية ووجهوها وفقاً لأحزابهم وتوجهاتهم فكانت النتيجة خاسره أضعفت التنمية البشرية في تلك الدول .ناهيك عن المرافق الأخرى التي تعانى من العجز والنهب والفشل . بعد كل ذلك ما المطلوب الآن ؟ وكيف يكون المخرج ؟ وما نوعية المعارضة التي سكتت طيلة فترة سطوة الأنظمة الحاكمة ؟ هل هي الملاذ الذي تلجأ إليه الشعوب ؟ هنا تختلف الدول العربية المنهارة عن بعضها البعض . هنالك دول تحررت وليست لها تجربة حزبية وفى اعتقادي هذه أفضل من غيرها . لأنها على الأقل سوف تجد مفكرين مخلصين حادبين يقودون دفة أمورها إلى الإمام بوعي وإدراك .أما الدول الأخرى التي لها تجارب حزبية وفيها معارضة سياسية ، الحق يقال هذه المعارضة هي صوره للحكومة الفاشلة التي تمثل رؤى مؤلمة لقاده حكموا بلدانهم من قبل ولم يقدموا شيئا وعانت الشعوب تحت حكمهم لفترات طويلة بل لازمهم الفشل الذي أودى بنهايتهم .لذلك نمنى أنفسنا بجيل جديد يحمل فكراً ثاقباً متقدماً يقود تلك البلاد العربية إلى الإمام .والمخيب للآمال أن كل الدول العربية نالت استقلالها منذ أكثر من نصف قرن من الزمان تبحث الآن عن محاربة الفقر والجوع تبحث عن تعليم أفضل .ألم يكن ذلك مخيباً لآمال شعوبها ؟ والذي لا شك فيه هو أن المجتمع الانسانى برمته بل وكل مجتمع على حده اى كان نظامه السياسي والاجتماعي وأياً كان موقعة الذي يحتله في سلم التطور والارتقاء يحتاج دائماً إلى البحث أن أشكال مستقبلية بديلة يستطيع أن يوفر بها مستقبل آمن لشعبه يحقق له الحرية والاستقرار .ونسأل الله الخلاص وهو على كل شيئاً قدير