هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغضب الساطع آت ..أنا كلي إيمان .. بقلم: أم سلمة الصادق
نشر في سودانيل يوم 24 - 02 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
نفترع مقالنا هذا بالتوجه الخاشع لله سبحانه وتعالى أن يكلل الثورة الليبية بالنصر المبين ويعينهم على الصبر فالنصر صبر ساعة.. ووعده الحق وأن يشفي جرحاهم ويتقبل الشهداء في أعلى عليين و نرفع الأكف ضراعة لله سبحانه وتعالى بالدعاء على الطغاة الجبابرة من النيل للفرات أن يخذلهم ربي ويزهق باطلهم ويرد كيدهم في نحورهم بما أفسدوا وبما طغوا وبما تجبروا فقد أثبتت تلك الثورات الزاحفة –لا محالة، أن الطغاة آلهة من العجوة مثل الإله الذي كان لعمر رضي الله عنه قبل إسلامه. اله صنعه بيده ليعبده ثم يأكله إذا ما جاع كذلك هؤلاء الطغاة المستبدون تصنعهم الرعية باستكانتها وخنوعها ولكنها استكانة مؤقتة تنتهي بتضافر عواملها وعندما تأتي لحظتها الحتمية الميمونة لا تلبث أن تحيل الرعايا المستكينين إلى مواطنين شرفاء من بركان ثائر ينقضّ على الآلهة التي سبق لهم أن صنعوها بأيديهم وسكتوا عنها زمنا فيحيلونها رمادا تزروه الرياح.
ويبدو أن عامنا هذا عام 2011 عام للنصر وللحرية والكرامة فالحمد لله الذي أبقانا لنشهد أن الشعوب ،بقوة الإرادة تركل حكاما، استبدوا بها زمنا وساموها خسف الهوان واستبشارنا بعامنا هذا له كذلك مد من أسباب خاصة، فقد ولجناه بأمسية خرطومية دافئة وحميمة في ليلة 31 /ديسمبر 2010، أمسية قضيناها في حفاوة مضيافة بدعوة كريمة من د. يوسف الكودة في منزله وجهها للإمام الصادق المهدي بصحبة أسرته وقد عددنا تلك الليلة من أسباب فألنا الحسن لسنتنا الجارية وعددناها كذلك من ألطاف نفحات السودان القديم وقيمه التي تحتفل بخصال مثل الكرم والتعددية والتسامح ومثلها من الصفات والتي لا بد لنا من تدارسها لتدريسها وجعلها من ضمن ما ظلت تتناقله أجيالنا جيلا عن جيل بصورة طبيعية علينا اليوم فعل ذلك قصدا بعدما اعترتها من عوامل التعرية (الإنقاذية) حتى لا تندرس وقد اعتدى عليها بليل جماعة كان همهم الأول محوها ليكتب لهم التمكين.
كانت ليلة أسرية للتعارف وإظهار المحبة الخالصة لوجه الله تعالى ولذلك حفتها الملائكة وعطرتها أنفاس الرحمن وبسبب صلة كثير من الحاضرين بالشأن السياسي السوداني والهم الوطني فقد كان جَندا حاضرا في الأنس الشفيف وقد استحضرت أجواء تلك الليلة الحبيبة إلى نفسي احتفالا بتلك القيم السودانية الأصيلة و لأخص بالذكر سؤالا وُجه للإمام الصادق من ضمن أُخر وإجابة هذا السؤال هو بعض ما نتناوله اليوم بالنقاش : كان السؤال عن أسباب فشل الديمقراطية في العالم الإسلامي فبدأ الإمام بتصحيح سائله بأن الديمقراطية لم تفشل في العالم الإسلامي بدليل النجاح التركي الماليزي والاندونيسي .فإندونيسيا التي تعد أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان ويقطنها أكثر من 200 مليون نسمة، أقامت نظاما ديمقراطيا بعد أن تخلصت من الدكتاتورية العلمانية، واستطاع الشعب أن ينتخب امرأة لرئاسة البلاد هي ميغاواتي سوكارنو بوتري في انتخابات سابقة.
من جانب آخر نجد أن تركيا وهي الدولة العلمانية خطت خطوات في الديمقراطية أهلها للتفاوض مع الاتحاد الأوربي حول طلب العضوية.
كما نجد هذه الأمثلة في أفريقيا مثل السنغال حيث تظهر الديمقراطية العلمانية الإسلامية هناك. وقد شهدت السنغال سنة 2000 انتخابات ديمقراطية تم على إثرها التداول على الحكم بشكل سلمي.
في حين تبدو مالي المسلمة في ديمقراطيتها مثل المكسيك أو كرواتيا رغم أنها تعد واحدة من أفقر الدول في العالم.
وفي هذا السياق يأتي التقرير الجديد الذي صدر عن الأمم المتحدة عن التطور الإنساني الذي يقول "إن الحقائق تؤكد أن الدول الإسلامية يمكن أن تظهر نفس الجدية التي أظهرتها الدول غير الإسلامية في التعامل مع الديمقراطية". والواقع يؤكد ذلك حيث إن نصف عدد المسلمين في العالم (1.4 مليار نسمة) يعيشون في دول ديمقراطية وتحكمها حكومات ديمقراطية مثل إندونيسيا وماليزيا وبنغلادش والهند. (من موقع الجزيرة سجله كاتب نرويجي في مقال عنوانه:فوبيا الخوف من الإسلام وقفة متأنية).
ويستمر الإمام في توضيحه قائلا لكن الديمقراطية واجهت فشلا في العالم العربي بسبب التراث الأموي (في القديم ) الذي حول الخلافة إلى ملك عضوض بوصف يزيد بن المقفع الذي قال في مجلس معاوية الذي أراد فيه أخذ البيعة لابنه يزيد :أمير المؤمنين هذا وأشار إلى معاوية فإن هلك فهذا وأشار ليزيد ومن أبى فهذا وأشار للسيف فخاطبه معاوية قائلا :اجلس فأنت سيد الخطباء! والناصرية (في الحديث) وقد لعبت دور القدوة لجيوش المنطقة العربية فانتهينا إلى المشهد الذي نرى.
كان هذا المشهد لأوضاع الشمولية في الوطن العربي قبل اسبوعين فقط من الثورة التونسية التي توجت نضالها بهروب بن علي في يوم 14 يناير 2011. ثم تلتها ثورة 25 يناير في مصر قلعة الدكتاتورية الحصينة وقد توجت انتصارها بخطاب تنحية مبارك الذي أذاعه نائبه الذي أزيح أيضا وما زالت التفاعلات جارية في شمال وادينا.
لم ينقض فبراير بعد وما زالت أحداثه تزحم الأفق وتحتل الأخبار بمبشرات بل بمعجزات أُخريات مثل الثورة في ليبيا والتي قال عنها مضيفنا (د.الكودة) في مناسبة أخرى أن من يرى الأمور من منظور المعطيات المادية لن يصدق أن ليبيا يمكن أن تكون أرضا لثورة على ديكتاتورها الذي جثم على صدر شعبها ما يزيد على الأربعة عقود مثل اله لا يمكن زحزحة ملك ملوك أفريقيا! وقد صدق الكودة في هذا الاستغراب فها هو الدكتاتور يستعظم الخروج عليه ويقاومه بشراسة قاسية فلا يعف عن استيراد المرتزقة لضرب شعبه ولا يعف عن استخدام المروحيات لتفريق المظاهرات واليوم الاثنين 21/فبراير قصفت ليبيا شعبها بالطائرات الحربية وبقذائف الاربي جي !
والثورة مستمرة في البحرين التي ساقت دولتها الدبابات لإجلاء المظاهرات واليمن والكويت والعراق والأردن والمغرب ولم يغب الاحتجاج عن السودان. فالسودان هو المرشح الأولى من غيره بالانتفاض فأسباب الاحتقان والتوترات التي حركت شعوب المنطقة كلها تتوفر عندنا بما يفيض ويزيد ولنا من ملفات الخذلان والعار ما تنوء من حمله العصبة أولي البأس من الرجال :مثل انفصال الجنوب والتدخلات الخارجية وأزمة دارفور المحتدمة وملف الجنائية .
فإن لم يكن الإسلام هو الذي يكبل الجماهير ويمنعها من رفض الظلم إذن بما قاله الإمام الصادق وبحسب تراث كث وغزير فيه قرآن يتلى مثل قوله تعالى" إن الذين توفتهم الملائكة ظالمي أنفسهم ، قالوا : فيم كنتم ؟ قالوا : كنا مستضعفين في الأرض .."النساء:97
وفيه أحاديث تروى عن رسول الله(ص) مثل قوله(ص) :"أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر" ومنه مأثورات تنقل عن فقهاء أدركوا روح تعاليم الإسلام ومقاصده الحقة في وجوب العدالة ومنع الظلم ولم تمنعهم من قول الحق: أفكار وتفسيرات مغلوطة ومغرضة حُرست بالسيف، مثلما قاله ابن تيمية عن:" إن الله يقيم الدولة العادلة، وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة، وإن كانت مسلمة"،إن لم يكن المانع الإسلام ما الذي يمنع مقاومة الظلم؟
مثل هذا التاريخ الذي كرّس لطاعة السلطان دون قيد أو شرط وغلّب منطق القوة على منطق الحق تزامنا مع أسباب أخرى أدت إلى قفل باب الاجتهاد، هو الذي أدى إلى هذا الركود المزمن الذي جثم على صدر الأمة بفعل هيمنة المستبدين دهرا تطاول حتى استيأس الرسل من نصر الله ولكن نصر الله قريب ولكنه نصر مقرون بالفعل وبالإرادة الإنسانية للتغيير " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم"الرعد 11 فوعده تعالى بالنصر حق لا ريب فيه ، ومتى ما أراد الإنسان التغيير عليه أن يبدأ بنفسه فإذا بالنفحات الربانية تعبق الأجواء وإذا بنصر الله والفتح القريب بشريات لا تتأخر .
في كتابه بعنوان ميزان المصير الوطني ذكر الإمام الصادق أنه:"قديما تعرض فلاسفة اليونان للموقف من الحق والباطل. قال أفلاطون رائد المثاليات: إذا عرف الناس الحق انحازوا له. ولكن قال تلميذه مقولة من هو أدرى بالحالة البشرية. قال أرسطو: لا يكفي أن يعرف الناس الحق بل ينبغي أن تتوافر إرادة إحقاقه."انتهى
والوضع الماثل في سودان اليوم ينبينا بأن كل مشاكل السودان قد وضعت على بساط البحث والتمحيص وتم تشخيصها ووصفت طرق العلاج بما صار الجميع تقريبا متفقا عليه.وهو ما يمكن وصفه (بمعرفة الحق) فأين الإرادة لإحقاقه؟
بينما تشكل ثورتا تونس ومصر مدا إلهاميا هائلا لكل الشعوب المقهورة في المنطقة يقول الإمام الصادق أن السودان للأسف ليس مصر ولا تونس بسبب ما فيه من تشوهات خلقها النظام الحالي في جسمه السياسي تجعل مواجهة النظام البوليسي مغامرة قد تحول السودان إلى صومال آخر ليس فقط بسبب الشراسة التي يواجه بها المتظاهرون من أساليب رشح أنها لا تراعي إلا ولا ذمة ولا خطوط حمراء أخلاقية تردعها لكن الأدهى وأمرّ أن الحركات المسلحة والتي تشكلت على أسس عنصرية بسبب نداءات النظام لحمل السلاح سبيلا وحيدا للتحاور وإخفاقاته في تنفيذ تلك الاتفاقات ، قد تفرض أجنداتها على ساحة الصراع وتحكم السلاح في الرقاب لنجد أنفسنا في دورة نضال جديدة لكنها تنطلق من مربع الرماد.ليس هذا فحسب بل يؤكد ضابط متقاعد من الجيش في نصيحة مجردة لقائد الأركان على موقع الراكوبة :أن هنالك أمر ينبغي التنبيه إليه، وأنت أدري به(أي قائد الأركان)، وهو وجود العديد من القوات الموازية للقوات المسلحة، والتي أخشي ما أخشي أن تكرر سيناريو "موقعة الجمل" الذي وقع في مصر الشقيقة. أحذر من أمثال تلك القوات الموازية، والتي هي في واقع الأمر "ميليشيات" أو "حرس ثوري" أو ما شابه. أعتقد أن هذه الحقيقة هي واحدة من أخطر ما يهدد الأمن، فهي تنظيمات خارج إطار القوات المسلحة، ولا رقابة مباشرة عليها، والأكثر خطراً أنها تنظيمات مسلحة لحماية النظام وليس الدولة. هذا واقع خطير يتطلب منكم أخي الكريم التعامل بحصافة وتجرد حفاظاً علي تماسك القوات المسلحة التي أمامها الكثير للاستعداد لمداواة الجراح الناجمة عن انفصال جنوب السودان، والصراع في دارفور، وتطمين الشعب السوداني بأنها في صفه ومع مطالبه العادلة إن اضطر إلي التعبير عنها في الشارع) انتهى.
ولا شك أنه لتقدير فداحة مثل تلك التحذيرات نستطيع استدعاء المشهد الليبي من استخدام للعنف المفرط لقراءتها بوضوح بما ذكره الكاتب والمحلل السياسي عزمي بشارة على محطة الجزيرة الفضائية في يوم الاثنين 21 فبراير في قوله أن شراسة القذافي تنبع من فقدانه لجهة يلجأ إليها إن هزم بسبب أعدائه الكثر فالمعركة تشكل عنده مسألة حياة أو موت إضافة لكونه مغرورا بجنون (وصف شعبه المتمرد عليه بالجرذان ووصفنا في السودان بالنمل لا فرق)! وهذا تصوير مطابق للوضع الذي في السودان خاصة مع سابقة قصف دار فور جوا فلا نستبعد أقصى سيناريوهات العنف.
القراءة السابقة واقعية (وان كانت كابوسا من ليلة رعب) هي ليست للتثبيط ولا للتخويف ففي النهاية كما يقول د.الطيب زين العابدين ظروف المعركة هي التي تدفع القائد ليقدر الفعل المناسب فمثلا في ام دبيكرات وكرري لم يترك للخليفة خيارا آخر سوى التضحية بالدولة إبقاء للدعوة وطبعا دائما نتكلم عن القادة الوطنيين فالاستسلام والخيانة لا تحتاج منا لكل ذلك العناء .
ولا شك أن من تقع عليه مسئولية اتخاذ القرار فيما يتعلق بما هو مطلوب أو تحديد قرارات مصيرية يجد نفسه في ورطة كبرى بسبب معطيات الساحة السودانية المعقدة. فبينما تبدو تعقيدات الخروج ماثلة للعيان تهدد بالتمزق لكن السكون أيضا موات لأن المتغير في حال السكون هو درجة تدهور الأوضاع إلى الصوملة أيضا !
هذا التحذير من الصوملة- كما أرى لم يوجهه الإمام للمتظاهرين لتخويفهم أو لإثنائهم لكن من مسئوليات القائد التبصير بالأوضاع كما يراها في الواقع وهو بالأساس قصد به تحذير الحكام فهم المعنيون أكثر من غيرهم برؤية الأشياء من جميع الزوايا ووحدهم يتحملون وزر أن يتحول السودان إلى صومال أو غيره من صور التمزق فان كان بهم بعض الحس الوطني أو ذرة من عقل إذن لسارعوا بإنقاذ البلاد من ذلك المصير الذي يراه مثل الصادق المهدي بعينيه ولا ينبيك مثل خبير!
بعض الناس يمارسون الترهيب الفكري ويحجرون على غيرهم الجهر بما يرون في مكارثية لا تخطؤها العين (مصطلح يستخدم عندما يقوم شخص ما أو جهة بترهيب الأشخاص ثقافيا)ولهؤلاء المتنطعين المسارعين بالتشكيك وإلقاء التهم الجزافية عندي سؤال وخبر
أما السؤال الذي ينتظر الإجابة: فهل طوى الصادق شوارع المظاهرات في جيبه ثم مضى؟!
والخبر هو أن الصادق هو رئيس لحزب الأمة يرى هو وحزبه الدق على أبواب الطريق الثالث والحل باليد أولا حفظا للسودان وحرصا على نسيجه المتهالك ولكن إن غلقت تلك الأبواب دونهم فهذا الكيان معروف بالصبر على المحن و بالحزم والعزم ومتى ما عقدهما فالموت فدى الدين والوطن هو الصنعة التي نتقن ،هو تاريخنا المنسوج لحمة وسداة في القلب و المكتوب عمارا ولوح بالدم وهو كيان لا يستطيع أن يزايد عليه أحد شجاعة وفداء .
والصادق زعيم ذلك الكيان هو رجل يجتهد باذلا الوسع متسلحا بالعلم وبالتجربة وبالحدس المتبصر ومن حكمة أتاها له ربه ينصح جميع بني وطنه بما يراه من رؤى تحرص على السودان أولا وأخيرا دون أن ينتظر جزاء ولا شكورا.فمن شاء فليتبعه ومن لم يشأ فليفعل ما يشاء.
تصفح مولانا عبد المحمود صفحة الشبكة العنكبوتية فأبدى دهشته لأنه وجد أن كثيرا من المهجريين يوجهون هجومهم ضد الإمام الصادق وهو زعيم المعارضة بأكثر مما ينتاشون به النظام الظالم الماثل أمامهم الذي ينتوون تغييره بالنقر على الكيبورد!(محاضرة مقاومة الظلم،12فبراير 2011) . لا نستبعد أن تكون بعضا من تلك الأقلام نائحات انقاذيات أصليات ومستأجرات وقد وجههم رئيس النظام بالجهاد الالكتروني! ولكن يبقى احتمال بأن تكون غير ذلك : وهنا نقول أن تلك أزمة جوهرية في الجسم النضالي ودون أن يضع الجميع جهدهم لتوجيه النصال نحو المجرم والعدو الحقيقي سوف لن نصل إلى إجماع قوي يأبى تكسرا (وطبعا هذا لا يشمل النقد البناء ):ولو أردنا فتح هذه الجبهات الاتهامية لدرء الشبهات التي يثيرها البعض هنا وهناك لما انتهينا ولا نريد أن نجبر على ذلك :وتكفي إشارة صغيرة وسؤال عن من أضاع الديمقراطية في تاريخنا الحديث لتكون الإجابة في أي بحث موضوعي بأن الذي أضاعها :هي النقابات ومن هم خلفها والمزايدات على السلام و المزايدات على الإسلام والجيش الذي تهرب من مسئولياته برفع المذكرة ولكن لا مصلحة لأحد غير الإنقاذ في فتح هذه الملفات هو الذي سيجني ثمرها .علينا تجميع الجهود والتسامي على المعارك الانصرافية والعمل معا لمحو آثار القدم الهمجية فرغم المحاذير ستأتي لحظة الغضب الساطع التي نكون فيها كلنا والوطن في كفة وتلك الشرذمة في الكفة الأخرى.
وسلمتم

*المكارثّية (بالإنجليزية: McCarthyism‏) هي الممارسة التي تقوم على اتهام الناس بوجود صلة تربطهم بالمنظمات الشيوعية دون اثباتات كافية تدعم الادعاء. وقد دعيَت باسم جوزف مكارثي (1908 – 1967) وهو سناتور جمهوري عن ولاية وِسْكونْسِن الأميريكية.
umsalama alsadig [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.