أول دولة تهدد بالانسحاب من كأس العالم 2026 في حال مشاركة إسرائيل    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "مرصد الجزيرة لحقوق الإنسان يكشف عن انتهاكات خطيرة طالت أكثر من 3 آلاف شخص"    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    د.ابراهيم الصديق على يكتب: معارك كردفان..    رئيس اتحاد بربر يشيد بلجنة التسجيلات ويتفقد الاستاد    سيناريوهات ليس اقلها انقلاب القبائل على المليشيا او هروب المقاتلين    عثمان ميرغني يكتب: المفردات «الملتبسة» في السودان    خطوط تركيا الجويّة تدشّن أولى رحلاتها إلى السودان    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    شاهد بالفيديو.. خلال حفل بالقاهرة.. فتيات سودانيات يتفاعلن في الرقص مع فنان الحفل على أنغام (الله يكتب لي سفر الطيارة) وساخرون: (كلهن جايات فلاي بوكس عشان كدة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حصلت على أموال طائلة من النقطة.. الفنانة فهيمة عبد الله تغني و"صراف آلي" من المال تحتها على الأرض وساخرون: (مغارز لطليقها)    حياة جديدة للبشير بعد عزله.. مجمع سكني وإنترنت وطاقم خدمة خاص    إحباط محاولة تهريب وقود ومواد تموينية إلى مناطق سيطرة الدعم السريع    شاهد بالصورة والفيديو.. خلال حفل خاص حضره جمهور غفير من الشباب.. فتاة سودانية تدخل في وصلة رقص مثيرة بمؤخرتها وتغمر الفنانة بأموال النقطة وساخرون: (شكلها مشت للدكتور المصري)    السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع مشترك    هدف قاتل يقود ليفربول لإفساد ريمونتادا أتلتيكو مدريد    كبش فداء باسم المعلم... والفشل باسم الإدارة!    ((أحذروا الجاموس))    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    مبارك الفاضل..على قيادة الجيش قبول خطة الحل التي قدمتها الرباعية    غادر المستشفى بعد أن تعافي رئيس الوزراء من وعكة صحية في الرياض    تحالف خطير.. كييف تُسَلِّح الدعم السريع وتسير نحو الاعتراف بتأسيس!    دوري الأبطال.. مبابي يقود ريال مدريد لفوز صعب على مارسيليا    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    ماذا لو اندفع الغزيون نحو سيناء؟.. مصر تكشف سيناريوهات التعامل    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    السودان يدعو المجتمع الدولي لدعم إعادة الإعمار    ريال مدريد يواجه مرسيليا في بداية مشواره بدوري أبطال أوروبا    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    الشرطة تضع حداً لعصابة النشل والخطف بصينية جسر الحلفايا    شاهد بالصور.. زواج فتاة "سودانية" من شاب "بنغالي" يشعل مواقع التواصل وإحدى المتابعات تكشف تفاصيل هامة عن العريس: (اخصائي مهن طبية ويملك جنسية إحدى الدول الأوروبية والعروس سليلة أعرق الأسر)    السودان يستعيد عضوية المكتب التنفيذي للاتحاد العربي لكرة القدم    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    وزير الداخلية يترأس إجتماع لجنة ضبط الأمن وفرض هيبة الدولة ولاية الخرطوم    عودة السياحة النيلية بالخرطوم    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    شاهد بالصورة والفيديو.. عروس سودانية ترفض "رش" عريسها بالحليب رغم إقدامه على الخطوة وتعاتبه والجمهور يعلق: (يرشونا بالنووي نحنا)    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    عثمان ميرغني يكتب: "اللعب مع الكبار"..    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    تخصيص مستشفى الأطفال أمدرمان كمركز عزل لعلاج حمى الضنك    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    الصحة: وفاة 3 أطفال بمستشفى البان جديد بعد تلقيهم جرعة تطعيم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حذار أيها المسلمون، وبخاصة الحركات الإسلامية .. بقلم: أبو العز عبد الله عبد الرحمن
نشر في سودانيل يوم 27 - 02 - 2011


حذار أيها المسلمون، وبخاصة الحركات الإسلامية،
من الوقوع في أحابيل الولايات المتحدة الأمريكية
كيف يتم التغيير؟
لقد تململ المارد الإسلامي للانفكاك من قيوده، وبدا للعيان ما لم يكن في الحسبان، فقد هبت رياح التغيير، من تونس القيروان، وعطرت نسماتها مصر بالشباب الشجعان، وحط عبيرها في ليبيا أرض الفرسان، وعمت العافية الكثير من البلدان فغشيت اليمن يمانية الإيمان.
لقد كان الأمر عجيباً لأن الطغاة أيضاً أظهروا ما لم يكن يتوقعه العيان، ففرعون مصر مبارك، قبل تنحيه بأيام قلائل عندما رن جرس الهاتف من رئيس أمريكا بالخط الساخن، رفض أن يرد على طلب التحدث مع الرئيس الأمريكي، لقد كان الأمر على غير عادته، فالطاغية ما أن يتم الاتصال عليه قبل ذلك من رئاسة أمريكا لا يلبث حتى يهرول مسرعاً ليجيب ويؤكد أنه على الطاعة والخنوع لهم، ولكن هذه المرة (حرن) وتمنّع لأن سيده قد ألقى به أو يهم أن يبدله بغيره، وما كان يظن يوماً بعد هذه العبادة والطاعة للطاغية الأمريكية أن يُرْكَلَ بالحذاء وكأن شيئاً لم يكن.
إن المستعمر له ذكاء خبيث يحوِّل به الساسة من أبناء الأمة إلى أعداء لأنفسهم وللأمة، بل يحولهم إلى خونة، يكبلون شعوبهم بالفقر ويهبون الثروة للغرب ليترفوا بفقر الأمة وليس ذلك فقط بل ينهبون ما يتبقى من الثروة لهم ولحاشيتهم، ويسوسون قضايا الأمة بالذلة والصغار لها وبالرفعة والعزة للكافر المستعمر، عن طريق تنفيذ السياسات الغربية والاتفاقيات الباطلة كاتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو ونيفاشا ووادي عربة ....
ولذلك فإن الكافر المستعمر يحرص، على جعل عميله مقتنعا بسياساته الظالمة تجاه شعبه، فيقنعه بنظام حكم معين حتى يستطيع السيطرة عليه، وبأفكار معينة يستطيع من خلالها، ربطه معه ربطاً محكماً.
إن شباب الثورة في تونس ومصر قاموا بأعمال عظيمة جبارة، حطموا بها قلاع الظالمين وأسوار اليائسين، وأكدوا أن السلطان للأمة، فهي تستطيع أن تأتي بالحاكم الذي تريد وتستطيع أن تغير النظام بالذي تريد.
ولكن المستعمر لم يرض أن يتم التغيير إلا على مستوى بعض الأشخاص، وبقي النظام كما هو، فقبل أن يجلس المشير طنطاوي في كرسي الحكم جيدا إذا به يطمئن أمريكا ودولة يهود أنه على العهد معهم. بل كل القوانين الديمقراطية والنظام الديمقراطي نفسه سيكون مستمرا في حكم تونس وحكم مصر!! مما يدل أن النظام لم يتغير، فأس البلاء في حكم العالم الإسلامي الآن هو هذا النظام الديمقراطي الذي تحرص عليه أمريكا ودولة يهود وبريطانيا وكل أوروبا؟!
ففي مصر الكنانة بالتحديد رئيس أمريكا أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري وساسة دولة يهود، أكدوا أن التغيير في مصر لا بد أن يكون إلى الديمقراطية، بل بعثت أمريكا مبعوثا خاصا حتى يشرف على تنحي مبارك مع بقاء النظام الديمقراطي. والسؤال البديهي هل يمكن لأمريكا ويهود أن يصروا على أمر فيه الخير للأمة الإسلامية؟؟!!
والذي يجدر التأكيد عليه أن هنالك فرقاً بين منفذ النظام وبين النظام نفسه، فإذا اكتفت ثوراتنا العظيمة على تغيير المنفذين ولو تم قلعهم جميعا بتتابع الحشود والمسيرات، فلنتأكد أن الثورة يكون الكافر المستعمر قد سرقها، وتكون دماء الشهداء لم تقدر بقدرها.
إننا قد لا نتصور الفائدة التي يكتسبها المستعمر بعملائه الذين على رقابنا، فهو يستطيع بهم أن ينهب ويسلب الأمة ويكبلها حتى لا تنهض فتقتعد ذرى المجد وتحل محله في قيادة البشرية، فهذه الفوائد العميل ينفذها للمستعمر بأقل تكلفة ولا يحتاج المستعمر خوض حربٍ ضروسٍ لينالها. لذلك فأمريكا وبريطانيا وفرنسا وبقية المستعمرين لن يفرطوا في الأنظمة، ولو أدى الأمر إلى إزهاق أرواح مئات الألوف فهم فراعنة يفوقون فرعون ليبيا سوءً، وما حدث بين التوتسي والهوتو في رواندا منا ببعيد! لكن يمكن للمستعمر أن يفرِّط في العملاء ليأتي بعملاء جدد ينفذون له ما يريد عن طريق اللعبة الديمقراطية، وذلك حتى يكبح جماح الثورة، وينفس مشاعرها الجياشة ويخدع الأمة للمرة الألف.
أحابيل أمريكا:
لقد أدركت أمريكا أن الأمة الإسلامية متوجهة توجهاً جارفاً نحو تحكيم الإسلام في حياتها بإقامة دولة الخلافة الراشدة، خاصة وأن وحدة الأمة مغروسة في كيانها، وما متابعة الأمة لما يحدث لبعضها عن شغف والمساعدات والقنوت والدعوات إلا دليلا على أخوَتها، وسيما أن الدعوة إلى نظام الخلافة الثابت في ثقافة الأمة وتراثها الفقهي قد انتظمت في الأمة، فالمستعمر البريطاني والأوروبي لم يكمل قرناً بعد منذ هدمه لدولة الخلافة وتفتيته للأمة. وأمريكا وعملاؤها يدركون ما هي الخلافة وما هي عظمتها، وأن في قيامها إزاحةَ كل طواغيت الأرض وعلى رأسهم أمريكا وبريطانيا وبقية المستعمرين. فتوصلت أمريكا بفكرها الخبيث إلى خطة خبيثة تشرك من خلالها الحركات الإسلامية في الحياة السياسية للأنظمة، فتشترك في الحكم وتكون في مواقعه، وتُظهِر أمريكا بذلك للمسلمين أن الإسلام قد وصل إلى الحكم بوصول زعماء هذه الحركات إليه، فيهدأ الناس قليلاً وتعوق شيئاً من تيار المسلمين الجارف نحو إقامة الخلافة الإسلامية.
وقد نفذت أمريكا ذلك في بلدين في السودان أوصلت ما يسمى بالحركة الإسلامية إلى الحكم في 1989م وتم تغيير الاسم فيما بعد إلى المؤتمر الوطني، وكذلك في تركيا أوصلت حزب العدالة والتنمية إلى الحكم الديمقراطي. والآن هي بصدد إيصال حركات إسلامية أخرى في مصر وتونس ليحكموا هذه البلاد بنفس النظام الرأسمالي الديمقراطي الجمهوري.
فقد صعَّدتْ أمريكا خطتها الخبيثة هذه منذ 2005م فأصبحت تنشر الوثائق وتعد الأبحاث وتنقل التصريحات بأن تغييراً حدث في السياسة الأمريكية تجاه الحركات الإسلامية. فبدلاً من تركيزها في أحداث 11 (سبتمبر)، على تشجيع الأحزاب العلمانية على الإمساك بزمام الحكم وإبعاد الحركات الإسلامية، أصبحت في الآونة الأخيرة لا تمانع بل تحث بوسائل مختلفة على فسح المجال لإشراك الحركات الإسلامية في الحكم ولكن ليس على أساس إيجاد أحكام الإسلام في واقع الحياة وتغيير الأنظمة، بل من خلال الأنظمة الوضعية القائمة في بلاد المسلمين (النظام الديمقراطي).
إن المنعم للنظر يرى أن أمريكا لا تريد تغيير الأنظمة القائمة في بلاد المسلمين، حيث قَدَّمَتْ هذه الأنظمة لأمريكا خدمات عظمى في حفظ مصالحها، ولا زالت، ولكنها تريد أن تُلبس هذه الأنظمة ثوباً مزركشاً بإشراك الحركات الإسلامية في الحياة السياسية للسلطة تحت ضجة (ديمقراطية الانتخابات والحريات)، وهكذا تصبح الحركات جزءاً من الأنظمة تحسّن صورتها وتطيل عمرها، وتضلل المسلمين بحدوث التغيير المنشود والإصلاح المقصود، وكل ذي بصر وبصيرة يدرك أن هذه الأنظمة تحتاج تغييراً جذرياً يوجِد نظام الإسلام مكانها، لا أن تُرقَّع هذه الأنظمة لتبدو جديدةً في الوقت الذي هي فيه خِرقةٌ بالية.
وبمتابعة ما أشرنا إليه من الوثائق والأبحاث والتصريحات يتبين ذلك بجلاء:
1 - صرح سكوت كاربنتر نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشئون الشرق الأوسط ومسئول صندوق مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط، صرح في 9/3/2005م في مبنى السفارة الأمريكية في باريس، أن واشنطن (لا تقوم بنشاطات في الشرق الأوسط لغرض الترويج لانهيار الأنظمة القائمة ولكنها بالمقابل لَم تعد تقبل استمرار تكلس الوضع القائم، بل همها إدخال الديمقراطية إليها) مضيفاً أنه (يتعين توفير أفق جديد وأمل جديد).
2 - أوعزت أمريكا إلى المؤتمرين في مؤتمر الإصلاح العربي المنعقد في مكتبة الإسكندرية يوم 14/3/2005م بالدعوة إلى إشراك الحركات الإسلامية في عملية الإصلاح السياسي في العالم العربي، حيث دعا البيان الختامي إلى (إشراك الحركات السياسية الإسلامية في النظام السياسي في الدول العربية وإعادة صياغة العلاقة بين الدين والسياسة).
3 - صرحت إليزابيث تشيني وهي ابنة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، كبيرة نواب مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأوسط والمنسقة العامة للمبادرة الأمريكية للشراكة مع الشرق الأوسط، صرحت قائلةً في 14/4/2005م (أنها لا تستبعد فتح حوار مع أي فصيل سياسي إسلامي طالما أن نشاطهم لا يتعارض مع المبادئ الأمريكية الأساسية).
4 - أصدرت وحدة البحث في الأمن القومي التابعة لمركز (راند) للولايات المتحدة وثيقة في 14/5/2005م تحت عنوان (الإسلام المدني الديمقراطي شركاء وموارد واستراتيجيات) حددت فيها ملامح السياسة الأمريكية المطلوب تعاطيها مع الحالة الإسلامية (المعتدلة).
والمقصود بالاعتدال كل حزب لا يرى في الحكم الديمقراطي غضاضة.
5 - أصدرت حركة المحافظين الجدد في إدارة الرئيس بوش وثيقة بعنوان (مشروع القرن الأمريكي الجديد PNAC) تناقلتها وسائل الإعلام ونشرتها صحيفة الشرق الأوسط في 3/6/2005، وكاتب تلك الوثيقة هو غالي شميت المدير التنفيذي لمشروع القرن الأمريكي الجديد، وقد تطرقت تلك الوثيقة إلى مصر والحركات الإسلامية فيها على اعتبار أنها بوابة العالم العربي جاء فيها (إن من مصلحة أمريكا التعامل مع هذه الحركات الآن ... على الرغم من معارضة الولايات المتحدة لبعضها).
6- في صحيفة الشرق الأوسط 18 فبراير2011 العدد 11770، نُشِرت مقالة بعنوان: مستقبل مصر ديمقراطية لوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة (رايس)، ذكرت فيه ما يلي: والخطوة الأكثر أهمية الآن هي التعبير عن الثقة في مستقبل مصر الديمقراطية. والمصريون ليسوا إيرانيين، والثورة المصرية لا تشبه الثورة الإسلامية الإيرانية التي اندلعت عام 1979. والمؤسسات المصرية أقوى وعلمانيتها أعمق. ومن الوارد أن يشارك الإخوان المسلمون بإرادة الشعب في انتخابات حرة ونزيهة. ويجب أن يتم إجبارهم على الدفاع عن رؤيتهم لمصر. ولكن هل يسعى الإخوان المسلمون لفرض حكم الشريعة الإسلامية؟ وهل ينوون توفير مستقبل للتفجيرات الانتحارية والمقاومة العنيفة لإسرائيل؟ وهل سيستخدمون إيران كنموذج سياسي؟ أم هل سيستخدمون نموذج «القاعدة»؟ وهل ستوفر مصر وظائف عمل لشعبها؟ وهل يتوقعون تحسين الظروف المعيشية للمصريين المنفصلين عن المجتمع الدولي عبر سياسات مصممة لزعزعة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط؟
7- أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في 24/2/2011 أن الإدارة الأمريكية لن تعارض وصول جماعة الإخوان المسلمين المصرية للسلطة ما دامت تنبذ العنف وتلتزم الديمقراطية وحقوق كل أبناء المجتمع. وأضافت أنه ينبغي أن تضمن القوانين في مصر أنها ديمقراطية حقيقية.
8- بدأت تتضح (ثمار) هذه السياسة الأمريكية من خلال ظاهرتين:
الأولى: تطعيم الحركات الإسلامية بأفكار علمانية على النمط الغربي، فقد صرح بعض أعضاء الحركات الإسلامية في الكويت ومصر، ومن قبل في الأردن، أن لا مانع من أن يضم الحزب المسمى (إسلامياً) أعضاءً من المواطنين غير المسلمين. وصرح عضو إسلامي بارز في مصر أن شعار (القرآن دستورنا) هو «شعار عاطفي لا يعبر عن منهجنا للعمل السياسي» ... أي أن أمريكا تحاول أن تجعل الأحزاب الإسلامية كالأحزاب المسيحية في الغرب فمثلاً حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، حزب الاتحاد المسيحي الاشتراكي... وهكذا أي أن تكون أحزاباً تذكر الدين في اسمها ولكنها في العمل السياسي علمانية الطابع والتفكير مع بعض المشاعر الدينية إذا اقتضتها ظروف خاصة.
الثانية: محاولة الإدارة الأمريكية الاتصال ببعض الحركات الإسلامية، وقد أصبح هذا الأمر مكشوفاً تنشر عنه الصحف ووسائل الإعلام الأخرى كالاتصالات مع بعض الحركات في مصر وسوريا والكويت ولبنان وفلسطين.. التي كانت تتم مع مسئولين رسميين أمريكيين أحياناً، ومع وفود من الكونغرس أو رجال الأعمال الأمريكيين أحياناً أخرى. ولقد دخلت أوروبا على خط الاتصالات مع بعض الحركات الإسلامية بالعلن أحياناً وبنصف العلن أحياناً أخرى.
الخلافة والديمقراطية:
إن أمريكا خبيرة في سرقة الثورات وقد رسمت وترسم خطةً خبيثةً وشَرَكاً لئيماً توقع فيه الحركات الإسلامية في حبائل مؤامراتها فتشركها في الحكم عن طريق لعبة الانتخابات (الديمقراطية) وعندها تصبح هذه الحركات جزءاً من هذه الأنظمة وبالتالي تعمل على المحافظة على الأنظمة بدل أن تعمل لتغييرها، لتجمِّل بذلك الأنظمة الوضعية الفاسدة القائمة في بلاد المسلمين فضلاً عن أن هذه الحركات ستغير جلدها بالتدريج ما دامت أصبحت جزءً من النظام، وهذا من أخطر ما في المشاركة في النظام الديمقراطي العلماني الرأسمالي، حيث تدخل الحركة الإسلامية فيه بشعار الإسلام وتعد أنصارها وتمنيهم بتطبيق الإسلام، فتلجأ الحركة الإسلامية إلى التبرير وصناعة المشكلات والغرق فيها حتى توهم الأمة بالرضا بالأمر الواقع، ويستمر بها الحال حتى تكون طاغوتاً آخر حكم باسم الإسلام مع أن الديمقراطية من الأساس هي ضد الإسلام؟!
إن الذي وقعت فيه الحركة الإسلامية في السودان، هو محاولة وصولها إلى تطبيق الإسلام عن طريق الكفر وهذا لا يمكن؟ لأن ماكينة الكفر لا تولد إلا كفراً، والديمقراطية هي نظام كفر عقيدته فصل الدين عن الحياة، وهو يقوم على جعل السيادة للشعب، وليس للشرع، لذلك فالديمقراطية هي حكم البشر وليس حكم ربِّ البشر.
كذلك فإن أمريكا استطاعت أن تؤخر حكم الإسلام عن السودان، باعتماد الحركة الإسلامية التي أصبحت فيما بعد (المؤتمر الوطني) للنظام الجمهوري، الذي لا علاقة له بالإسلام، فكانت محصلة حكمها تمزيق السودان إلى جزئين وإقامة دولة ذات صبغة نصرانية في جنوبه، وما زالت أمريكا تطمح في المزيد من تمزيق السودان عن طريق الحكم الديمقراطي!!
لذلك فإن الإخوان المسلمين في مصر وحزب النهضة في تونس في خطر عظيم لأن أمريكا تجهز لهما مذبحة كما ذبحت مبارك، وكما تعمل على تدمير السودان، ولكن حتى يتم الذبح من الوريد إلى الوريد تكون أمريكا وحلفاؤها قد أخروا قيام نظام الخلافة الشرعي، بل يؤخروها مزيدا عندما يوصلوا الأمة إلى اليأس من الحركات الإسلامية التي خدعتهم بأنها تريد تطبيق الشريعة الإسلامية، من دون أن تعلم الأمة أن النظام الجمهوري الديمقراطي هو سبب الظلم وهو ضد شريعة الإسلام بل يحول دون تطبيق نظام الإسلام، ومهما ادعى مدع أنه سيطبق الإسلام بالديمقراطية فهو كاذب. فالإسلام عدل والديمقراطية عين الظلم، لأنها الاحتكام للبشر وقوانين الطاغوت وليس لخالقنا عز وجل. والله سبحانه يقول عن الإنسان (إنه كان ظلوماً جهولاً)، ويقول لمن يحتكم إلى غيره (أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقومٍ يوقنون).
إن أمريكا تحاول أن تطفئ جذوة الإسلام المشتعلة في صدر الأمة، وأن تعوق تيارنا الجارف نحو تطبيق الإسلام بنظام الخلافة، وذلك بأن تُظهِر لنا أن الإسلام وصل إلى الحكم بوصول الحركات الإسلامية التي تتصل بها أمريكا إلى الحكم.
إن نظام الحكم في الإسلام نظامٌ متميز لا يقبل التشويه أو التضليل، بل هو نظام الخلافة الذي يُحكَم من خلاله بما أنزل الله، فهو الذي ارتضاه الله لعباده وفرضه عليهم، وطبقه رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وسار عليه الخلفاء الراشدون من بعده، وكُلُّ خليفة عادل بعدهم. وهذا النظام سيعود بإذن الله مصداقاً لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه الإمام أحمد «... ثم تكون خلافةً على منهاج النبوة».
إنه على الرغم من أن الاشتراك في أنظمة الحكم الوضعية، والحكم بغير ما أنزل الله، يجعل الحاكم كافراً إذا اعتقد عدم صلاح الإسلام للحكم {ومن لَم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، ويجعله فاسقاً ظالماً إذا لَم يحكم بالإسلام ولكنه يعتقد صلاحه {ومن لَم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون} {الفاسقون}، أي أن أقل ما يقال فيمن سيشترك في الحكم بغير ما أنزل الله، إنه فاسق ظالم، ومع أن هذه قاصمة للظهر، إلا أن في الأمر خطورةً أخرى وهي أنها خدمة للسياسة الأمريكية في المنطقة، فيكون هذا الاشتراك ظلماتٍ بعضها فوق بعض.
ولا يقال إن أمريكا قد سمحت لعملائها أن يشركوا الحركات الإسلامية في الحكم الوضعي خدمةً للإسلام والمسلمين!، أو أن أمريكا وافقت مرغمة من هذه الحركات بأن خشيت بطشها فوافقت على التفاوض معها وإشراكها في الحكم!، لا يقال هذا بل إن عامة الناس وبسطاءهم، ناهيك عن المفكرين والسياسيين، يعلمون أن أمريكا تفاوض هذه الحركات وتشركها في الحكم لخدمة مصالح أمريكا ومصالح عملائها الحكام في المنطقة، ولإدخال النهج الغربي على هذه الحركات، والاستحواذ عليها، وليس لكي يُطَبَّقُ الإسلام في واقع حياة المسلمين.
إن هذه الثورات المباركة التي انتظمت الأمة يجب أن نحصنها بالحذِّر من الاستهانة بمخططات أمريكا، ومن الشَّرَكِ الذي تنصبه للمسلمين وبخاصة الحركات الإسلامية، فلا ننخدع بمعسول التصريحات، ودفء المفاوضات، بل نوصد الأبواب في وجه الدول الكافرة المستعمرة بزعامة أمريكا، فهم السم القاتل والداء الفتاك (ودُّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر).
إن رسولنا صلى الله عليه وسلم بشَّر الأمة الإسلامية بأن خلافتها لا بد قائمة بإذن الله، وإنها لمنتصرةٌ بمدد الله، ليس فقط على زعيمة الكفر أمريكا بل وعلى شريكتها في العدوان على بلاد المسلمين بريطانيا، ومِنْ قَبْلُ إزالة ربيبتهم دولة يهود، ثم النصر كذلك على كل متربص بالمسلمين أين ما كان.
ختاماً: إن ثوراتنا المباركة يجب أن تختم بمكافأة الشهداء وهم لا يمكن ان نكافئهم إلا بتحقيق ما قدموا أرواحهم رخيصة من اجله، وهو رفع الظلم بالعدل، والعدل لا يكون إلا بنظام الإسلام، أما النظام الجمهوري الديمقراطي (حكم الشعب) فهو الباب الذي يأتي بالطواغيت ويولدهم ويكثرهم، فمجنون ليبيا يصر على الكذب أن الشعب يحكم حتى يدغدغ المشاعر والديمقراطيون يقولون أن الديمقراطية هي حكم الشعب، والكذب في انه ليس هناك شعب يحكم نفسه بنفسه، إنما يحكم حزب أو شخص بغير ما انزل الله وينصبون أنفسهم آلهة تشرع لهم من دون الله فيقع الظلم، لأن الإنسان أكثر من ظالم (ظلوم)، ويعمل الحكام باللعبة الديمقراطية على تقريب من لهم الحظوة في الحزب على حساب الشعب، ويبدأ مسلسل الظلم من جديد، وحقيقة فإن النظام الديمقراطي يوجد الصراع بين الأحزاب على الثروة والسلطة، أما الشعب فيخدع على انه يحكم نفسه بنفسه مع انه يكون عبدا لغير الله، ولا يجد من الحكام الديمقراطيين حتى الفتات بل يكلف بالضرائب الباهظة.
والعدل يكون بنظام الخلافة، والذي هو امتداد لحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالخليفة هو خليفة رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحكم، فهو يكون في مراقبة مستمرة ومحاسبة على كل صغيرة وكبيرة من الأمة الإسلامية حتى يحقق المقصود من حكم الناس بعدل الإسلام لا الاستعلاء والظلم، ودولة الخلافة لها دستور كالذي سار به الخلفاء رضي الله عنهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهم. لذلك فإن الوفاء لدماء الشهداء يكون بإقامة نظام الخلافة بدستوره العظيم، وبنبذ أمريكا وأفكارها خاصة الديمقراطية نظام الكفر الذي يحرم أخذه أو تطبيقه أو الدعوة إليه،،، والله المستعان،،،
أبو العز عبد الله عبد الرحمن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.