المشعل اربجي يتعاقد رسميا مع المدرب منتصر فرج الله    تقارير تكشف ملاحظات مثيرة لحكومة السودان حول هدنة مع الميليشيا    شاهد.. المذيعة تسابيح خاطر تعود بمقطع فيديو تعلن فيه إكتمال الصلح مع صديقها "السوري"    شاهد بالفيديو.. على طريقة "الهوبا".. لاعب سوداني بالدوري المؤهل للممتاز يسجل أغرب هدف في تاريخ كرة القدم والحكم يصدمه    شاهد بالفيديو.. البرهان يوجه رسائل نارية لحميدتي ويصفه بالخائن والمتمرد: (ذكرنا قصة الإبتدائي بتاعت برز الثعلب يوماً.. أقول له سلم نفسك ولن أقتلك وسأترك الأمر للسودانيين وما عندنا تفاوض وسنقاتل 100 سنة)    رئيس تحرير صحيفة الوطن السعودية يهاجم تسابيح خاطر: (صورة عبثية لفتاة مترفة ترقص في مسرح الدم بالفاشر والغموض الحقيقي ليس في المذيعة البلهاء!!)    انتو ما بتعرفوا لتسابيح مبارك    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شاهد الفيديو الذي هز مواقع التواصل السودانية.. معلم بولاية الجزيرة يتحرش بتلميذة عمرها 13 عام وأسرة الطالبة تضبط الواقعة بنصب كمين له بوضع كاميرا تراقب ما يحدث    شاهد بالصورة والفيديو.. القائد الميداني بالدعم السريع "يأجوج ومأجوج" يسخر من زميله بالمليشيا ويتهمه بحمل "القمل" على رأسه (انت جاموس قمل ياخ)    شرطة ولاية الخرطوم : الشرطة ستضرب أوكار الجريمة بيد من حديد    البرهان يؤكد حرص السودان على الاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع برنامج الغذاء العالمي    عطل في الخط الناقل مروي عطبرة تسبب بانقطاع التيار الكهربائي بولايتين    ميسي: لا أريد أن أكون عبئا على الأرجنتين.. وأشتاق للعودة إلى برشلونة    رئيس مجلس السيادة يؤكد عمق العلاقات السودانية المصرية    رونالدو: أنا سعودي وأحب وجودي هنا    مسؤول مصري يحط رحاله في بورتسودان    "فينيسيوس جونيور خط أحمر".. ريال مدريد يُحذر تشابي ألونسو    كُتّاب في "الشارقة للكتاب": الطيب صالح يحتاج إلى قراءة جديدة    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    مان سيتي يجتاز ليفربول    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيمياء الجابرية بين الغوث الاحتياطي ومحجوب شريف .. بقلم: إبراهيم الدلال/ أم درمان
نشر في سودانيل يوم 06 - 03 - 2011

الكيمياء وجابر بن حيان والبوط والإكسير. وتحويل المعادن الخسيسة إلي معادن نفيسة.. إنها المسافة التي تفصل بين العلم والخيال .. والبحث عن الحقائق النادرة هو عين البحث عن حجر الفلاسفة... ولقد تعلقت الهمم العالية بعلوم شريفة اعتاصت علي معارفنا المادية السافلة.. ولكن الجباه العالية والهمم الحارة ما زالت تطرق علي حديد البحث البارد و تردد..
وإذا توافقت القلوب على الهوى فالناس تضرب في حديد بارد
و منذ القدم نسب هذا العلم السيميائي إلي العلامة و الكيميائي العربي جابر بن حيان (ت 200 ه ) ، و كان خياله العلمي الطموح يفضي به إلى أن ينقل المعادن الخسيسة إلي معادن ثمينة , و كان هذا حلم البشرية من قديم الزمان. و لكن مخبره البسيط بأجهزته المتواضعة لم يمكنه من ذلك فتحول عنده الطموح من عالم التحقيق إلى عالم التخيل والوهم.. و أنفق وقتا كبيرا و جهودا كثيرة في إحالة الأجسام النوعية من صورة إلى أخرى ، فوقع في طلب المستحيل فتحول عنده علم الكيمياء إلى علم السيميِاء. وقال بعض المؤرخين إن جابر بن حيان هذا العالم الجليل ، كان قد تصفح تآليف في صناعة السيمياء الخاصة ، وفقاً لما جاء في كتاب (أبجد العلوم)
وأضاف مؤلف كتاب أبجد العلوم أن في هذا الكتاب حكايات عن ابن سينا والسهروردى كثيرة ، وأطال العلاّمة عبد الرحمن بن خلدون في هذا العلم أيضا.
وقد سقط عالم اللسانيات "دي سوسير" - وهو من الذين يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا - سقط على مصطلح السيمياء وكأنما سقط به العشاء على سرحان كما تقول العرب ، فاستخدمه في علم ما عرف "السيموطيقا" أي علم الدلالة في اللغة.
وقد يتقارب الوصفان جدا وموصوفاهما متباعدان ..
وكرستوفر كولومبس ذلك البحار المغامر حينما ركب رأسه وذهب في تغريبته البرتغالية ظاناً أنه سيصل إلى جزر الهند الشرقية فقذفه ذلك الخيال الخلاق إلى أكداس من الذهب في أمريكا الجنوبية جعل ملكته أزبيلا تفارش عشاقها على أسرة من الذهب الإبريز فأي كيمياء هذه التي حصل عليها ذلك البحار المأفون..
وفي كتاب طبقات الأطباء ، قيل إن كمال الدين بن يونس كان يعرف علم السيمياء ، وعرفه التهاوني في كتابه (كشاف اصطلاحات العلوم) ، بأنه: علم تسخير الجن.
وقالوا: هو من تفاريع علم السيمياء ، ولا يوقف على موضوعه ، ولا تحاط بالعدد مسائله. وقد تعددت فيه تآليف البوني وابن العربي وغيرهما.
غرب سوق ود عكيفة شرق زريبة المواشي في أبيض كردفال ، دلالة مكان في بلاغة ما كتب صناجة الزنج والعرب الشريف محمد مفتاح الفيتوري في ديوانه البليغ: " شرق الشمس غرب القمر" ، يجلس رجل بسيط محدودب الظهر مثل قوس الشوحط. إنه غوث الزمان وقوس الزمان الاحتياطي ، الفكي عبد الله إسحق المسيري .. وهو رجل داخل كتب الصناعة وتطلب الكيمياء في مظانها وفي غير مظانها وهو يؤمن بوجود شجر الإكسير بجبل "أبو سنون" بغرب الأبيض .. ولكنه شجر تحرسه نسور كاسرة من الجن.. وتطلّب الفكي عبد الله إسحق هذه الصناعة بكسلا ، وتشوف لأشجار الإكسير التي تتلألأ تاجاً على أعراف جبال اللوس الشاهقة بتلك الأصقاع المسحورة، وأخبرني أنه قابل شيخاً من أهل المعرفة التامة بهذا الفن " بشريم ميما" ، وقال إن الشيخ فزّعه للصميمة ، ووعده بأن يمكنه من السر الأصفر. ولكنه لسوء الطالع ، وجد ذلك الشيخ قد فارق الحياة بعد عودته بجمال الشيخ تدب محملة بأعشاب الصميمة.
وقد كان الفكي عبد الله كثيراً ما يردد أبياتاً أوردها سيدي سكيرج تصف حال بعض أهل الكيمياء:
قد نكس الرأس أهل الكيميا خجلاً وقطروا دمعهم ليلاً وقد سهروا
إن طالعوا كتباً للدرس بينهمُ صاروا ملوكاً وإن هم جربوا افتقروا
تعلقوا بحبال الشمس من طمع وكم فتىً منهمُ قد غره القمر
والشمس هي الذهب والقمر هو الفضة في اصطلاحهم، وفي البيت الأخير إشارة إلى قول الشاعر:
ما أنت أول سار غره قمر ورائد أعجبته خضرة الدمن
وقد أخبرني الفكي إسماعيل إسحق المسلاتي الكناني وهو رجل من العدول ، وكان تلميذاً للشريف حماه الله ، أخبرني أن رجلاً وجد نبتة مضيئة بمنطقة "وريل" شمال الأبيض ، وحينما وضعها في مخلاته "شفطت" الإبريق حالاً ، فأحضرها إلى الشريف وقال: فكي إسماعيل إن الشريف أمره بأن يعطيه المقادير ويطلعه على طريقة التركيب وواعدهم الرجل بالحضور ولكنه لم يحضر .. وقال الفكي إن الشريف قال له إن ذلك الرجل لن يحضر لأنه حصل على الذهب..
والشريف حماه الله من فحول الأولياء ومن أصحاب السر الجامع وكان على معرفة تامة بالكيمياء .. أخذها من الشيخ محمد محجوب الدوكالي ، ترجم له أبو بكر العتيق في كتابه " تراجم أهل السر الجامع" ووصفه بالمعرفة ولكنه كان يميل إلى الخمول ويتستر بصناعة الحلوى بمدينة كنو ..
وعلم الشريف صناعة الكيمياء لشريف من الأبيضاب ، ولابن الشيخ عبد الحميد الكنزي بحي العرب بأم درمان ، وقد كان صديقا له في أيام الشباب.
وصديقي الأمين كاكوم تطلب هذه المعارف ولم يحصل على طائل ، ورضي من الغنيمة بما رضي به حاروق وغيره من الذين حفيت أقدامهم على سكك البحث الخشنة .. ويمكن لصديقي كاكوم أن يستفيد من تلك المعارف في كتابة الرواية فهي أدخل في باب الواقعية السحرية.

و أورد العلامة الحاج سكيرج المغربي:
"وقد اختلفت عبارات الأوائل من الحكماء في الأصل الذي يتكون منه الإكسير واتفقوا كلهم علي تسميته بالحجر المكرم.
الخائضون في لجة هذا الفن بالتصانيف العجيبة من الأواخر كثيرون وممن استغرق عمره فيه خالد بن يزيد وجابر بن حيان وابن أرفع رأس صاحب"شذور الذهب" والجلدكي وغيرهم وقد قالوا إن هذا الحجر لا يخلو منه مكان كما في الشذور!
ألا فعلما ان الاوائل اجمعوا علي حجر ملقى على الأرض مزدرى
مهان حقير القدر يمنع رخصه لكثرته من ان يباع ويشترى
وقال خالد:
حجر القوم لا محالة ممكن ليس يخفي ولا خلا منه مسكن
إن يكن اشرف الجواهر طرا فهو أدني من كل شي واهون
ولا يشك في وجود هذا الفن إلا من يشك في شفاء السقيم باستعمال الدواء الموافق للداء ، وقد أجاد صاحب الشذور في قوله:
وكم حالف بالله جهد يمينه علي إننا نهذي جميعاً وقد حنث
و من يكُ ذا فضل فليس بمرتضي لأقواله الدعوي وأفعاله العبث
انتهى ما أورده العلامة سكيرج.
قال العلامة ابن خلدون: ثم يشرح الأعمال التي تخرج بها تلك المادة من القوة إلي الفعل مثل حل الأجسام إلى أجزائها الطبيعية. ولابن المغيربي من أئمة هذا الشأن ، كلمات شعرية علي حروف المعجم من أبدع ما يجئ في الشعر ، ملغوزة كلها لغز الأحاجي والمعاياة فلا تكاد تفهم.
ولخص أمرها ابن خلدون في قوله: والذي يجب أن يعتقد في أمر الكيمياء الحق الذي يعضده الواقع أنها من جنس آثار النفوس الروحانية و تصرفها في عالم الطبيعة، أما من نوع الكرامة ان كانت النفوس خيرة أو من نوع السحر ان كانت النفوس شريرة فاجرة.
والشاعر محجوب شريف من جواهرجية الشعراء. وكأنه وهو يكتب بلغة بسيطة أشعاره الجميلة ، يحول المعادن الخسيسة إلي معادن نفيسة انظر إلى هذا السيميائي في رثائه لعبد الكريم ميرغني:
في الزمن المكندك والحزن الإضافي
جينا نقول نفرق نجي نلقاه مافي
وين عمي البطرق جواي القوافي
ولعمري إنها قواف من الذهب الخالص
وبالمحصلة فإن هذا العلم من علوم العارفين وأهل السر الجامع، وقد أنسد أفق تصديقه على من يعانون من الإنكار وضيق الحوصلة ، وحتى كبار العارفين من أهل الفتح الظلماني أمثال نيوتن وأنشتاين وغيرهم فإن علومهم لو عرضتها على القدماء لنسبوها للسحر والمخرقة فما بالك بعلوم أهل الفتح النوراني..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.