خالد فتحى [[email protected]] محمد بشارة دوسة عبدالرحمن الملقب ب (السلطان) تخرج في كلية القانون جامعة الخرطوم، بدأ عمله في ديوان النائب العام، وتنقل في نيابات عدة بإقليم دارفور. بزغ نجمه بعد توليه منصب رئيس مجلس الأحزاب الذي انتقل إليه من المسجل التجاري في نوفمبر 2008م. وفي بادرة لم يتوقعها أحد أن عهد إليه البشير بحقيبة العدل، ضمن التشكيلة الوزارية التي أعقبت فوزه بدورة رئاسية جديدة في الاستحقاق الانتخابي الأخير في أبريل الماضي وسميت بحكومة ال (77) وزيراً. ورغم أن الكثيرين استبشروا خيرا بقدومه لأسباب مختلفة لعل أبرزها أنه لم يكن وجها محروقا بين الذين دارت التكهنات حول توليهم الوزارة، بيد أنه خيب في يبدو أمالهم. فالمتابع لحركته يجد أنه لم يستطع أن يشهر أصبعا على الأقل حتى الآن في وجه تجاوزات الأجهزة الأمنية ذات السطوة خاصة في ما يلي تطاول فترات الاعتقال التي تتعدى الأشهر. وفي 20 يناير الماضي تبدت الصدمة في رفضه مقابلة هيئة الدفاع عن الترابي لتسليمه مذكرة بشأن اعتقاله؛ ومبعث الصدمة كانت حسب قراءة الحدث في مقالة المحامين "بأن الإدارة القانونية لجهاز الأمن تسلمت مذكرة تناهض الإجراءات التي سُلكت في الاعتقال. في الوقت الذي رفض فيه وزير العدل مقابلتهم مما اضطرهم إلى الالتجاء لمدير المكتب التنفيذي للوزارة وتسليمه المذكرة"، ولعل الأقسى أن إدارة الأمن رحبت بهم بينما توارى دوسة بالحجاب عنهم. أيضا لا تجد ثمة شيء ملموس ينبئ عن الوصول الى نهايات سعيدة في أزمة "سوق الموسير" التي تفجرت في مايو 2010م فقد تلاقي من حين لآخر وفودا غادية رائحة بين الفاشروالخرطوم، وبعض حديث متفائل عن بلاغات دونت وأموال وعقارات حجزت، ولا نغفل لجان التحقيق التي تشكلت في عهده لأحداث دامية كأحداث جامعة زالنجي في نهاية العام 2010م، وظلت نتائجها حبيسة الادراج كما هو واضح للعيان تماما، كما كان في السابق، بالرغم من أن القاعدة الذهبية في القانون تشير "الى أن العدالة لا يجب فقط ان تطبق بل يجب أن ترى وهي تطبيق". باعتبار أن العدالة لو تحققت بطريقة سرية، لاتبعث على الاطمئنان. نعم لا ينكر أحد أن الرجل قد ابتدر إصلاحات نوعية منذ توليه المنصب من قبيل منع تحصيل رسوم على العرائض والشكاوى، وان تكون إجراءات التقاضي مجانا بلا رسوم، وكذا قراره بالفصل بين تولي مهام الاستشارية القانونية لجهة حكومية، والظهور كوكيل نيابة والتي كانت مدعاة لضياع الكثير من الحقوق، لكن السؤال هل هذا يكفي في أمر العدالة في السودان التي ضاعت سنينا، ثم لم يأت بشئ ذي قيمة في تصفية نظام الحصانات بصفته المعوق الرئيس في تحقيق العدالة والإفلات من العقاب. أما دارفور فالترفيع الذي قيل وقتها إنه محاولة إقصاء بعد ان تخلص الرجل من الحرس القديم الواحد تلو الآخر فلم يبق أمامه سوى الوكيل عبدالدائم زمراوي فأبعده الى دارفور بحجة ترفيع اللجنة بحثا عن المزيد من الفعالية، بالرغم أن الجميع يعلم أسباب إخفاق "لجنة نمر" وأظنها لازالت قائمة كما يغلم القاصي والداني، لذا بوجودها لا يطمعن أحد في فرض العدالة، أو أن تترك لتفعلن فعلها في دارفور. وفي 21 يناير الماضي كاد يثير أزمة دستورية عند عرضه نسخة معدلة من الدستور الانتقالي على البرلمان، تضمنت إلغاء المادة (58) نصاً ومادة تتعلق بمؤسسات جنوب السودان والتزاماته وحقوقه وتمثيله فى أجهزة الدولة التشريعية والتنفيذية، ليتم العمل بها خلال الفترة المقبلة لحين وضع دستور جديد للبلاد. ودون إضاعة وقت تلقف رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر هديته وأعلن في مؤتمر صحفي عقب جلسة البرلمان إسقاط عضوية النواب الجنوبيين البالغ عددهم 99 نائبا من جملة 450 عضواً، اعتباراً من مارس المقبل، مضيفا "أن الدورة البرلمانية المقبلة فى أبريل لن تشهد حضور أعضاء الجنوب". بدورها رفضت الحركة الشعبية، إسقاط عضوية نواب الحركة قبل التاسع من يوليو، بل وهددت بأنها ستتعامل بالمثل وتلغي نصيب الشمال من البترول. ولما بدأت (هوجة) الحديث عن الفساد التي ابتدرها البشير في مسجد النور عقب صلاة الجمعة 18 فبراير الماضي ، إنشاء مفوضية لمحاربة الفساد بالبلاد. وتعهد بمحاربته والمفسدين في آن واحد وعدم المسامحة في أي تجاوزات. وانتهى باستغرابه في جلسة مجلس الوزارة الاخيرة من تفشي نظام الحوافز الذي جاوز المدى والمعقول،ن واضحى مدخلا للفساد وعلى خطاه قام دوسة في 21 مارس الحالي بزيارة مفاجئة كما قيل لنيابتي الاموال العامة والثراء الحرام مع العلم ان الاثنتين تقعان في بناية واحدة قبالة بنك أمدرمان الوطني بالقرب من رئاسة شرطة ولاية الخرطوم؛ وهناك طالب دوسة وكلائه "بالتحقيق في أية معلومة تتعلق بالاعتداء على الأموال العامة، والتأكد من صحتها واتخاذ ما يلزم من إجراءات مهما كان الشخص المنسوبه إليه المخالفة" وبعدها بأسبوع أو أقل أقر استحداث نيابة للمال العام بكل الولايات. لكن اليس الواجب يملي على الرجل أن لا يتردد وأن يعمل وسعه في تحقيق العدالة ، وان لا يكتفي فقط بالأقوال، لأنها ليست بديلا على الاطلاق عن الافعال، ولأنه أن قال الحق وأخرج أو خرج فعلى أقل تقدير لن يشيع باللعنات كما كان حال الكثيرين من الذين سبقوه لهذا المقعد في عهود متفاوتة.