أعادت إستقالات أعضاء مجلس إدارة نادي الهلال كلمة (فساد) بقوة إلي السطح هذه الكلمة التي أصبحت تتردد في اليوم مليون مرة .. فلاتخلو وسيلة إعلام من الحديث عنها مثلما لايخلو منها مجلس من المجالس العامة والخاصة بالدرجة التي أصبحت أخاف أن تصبح كلمة عادية مثلها مثل كلمات التحية والمجاملة واخشي أكثر ان يتحول الفساد إلي قاعدة والنزاهة إستثناء (إن لم يكن هو الواقع المعاش بالفعل) فحجم الفساد المنتشر أزكمت رائحته الأنوف علي كل المستويات بالدرجة جعلت الحكومة تسارع بإنشاء مفوضية خاصة به وكأنها وجدت الحل مع أن القاصي والداني يعلم أن الفساد لاتعالجه مفوضية .. في تقديري أن مجلس إدارة نادي الهلال إتخذ القرار الشجاع بتقديم إستقالات جماعية وكان نائب رئيس المجلس أبومرين واضحا وقاطعا في تلخيص كل الازمة الحالية علي أنها (فساد مالي وعبث وكباري لإستنزاف طاقات الهلال) ..ولكن قبل أن نسترسل في تفاصيل ماحدث بنادي الهلال اري ان هناك كثير من الأسئلة تحتاج إلي اجوبة رغم أن معظمها مجاب عليه فالفاسد معروف ومشار إليه ولكن هناك عوامل كثيرة خاصة تمنع محاسبته علي رأسها الحماية وحتي هذه الحماية لاتستطيع أن تحدد من يؤمنها لأن الامور كلها تحرك في الخفاء (الفساد يحمي الفساد) .. عندما أكتب عن الفساد أو أتحدث عنه في اماكن أخري غير الرياضة أستند من ضمن نماذج مختلفة علي نموذج أبدع المصريون في تقديمه من خلال الفيلم الشهير (مرجان أحمد مرجان) الشخصية التي جسدها الممثل الكبير عادل إمام.. (مرجان) في هذا الفيلم شخصية يمكن أن تجدها في أي مكان يطغي فيه الفساد ويصبح أقرب للقاعدة كما ذكرت في البداية ولو بحثنا حولنا سنجد أن الصورة لاتختلف إن لم تكن بالكربون فهو رجل فاحش الثراء لم يقدم الفيلم بتعمد اصلا لثروته لنصل وحدنا إلي انه مثل غيره من نماذج اثرياء الفساد من اصحاب الثروات غير معروفة المصادر ومن هنا إنطلق وتمدد وإشتري بماله كل شيء يمكن أن يتخيله عقل أو لايتخيله فقد إشتري فريق واصبح الكابتن واشتري الحكام والفرق المنافسة وفاز بالبطولة .. إشتري شعر واشتري لجنة التحكيم وفاز بجائزة افضل شاعر .. إشتري دور في مسرحية وإشتري لجنة التحكيم وفاز بجائزة افضل ممثل .. وإشتري جامعة وبقي طالب ..وهكذا مع نهاية كل مرحلة في الفساد ينتقل إلي اخري وهكذا الفساد لايتوقف عند حد طالما أنه يجد الحماية من فساد آخر في إيده القلم .. ومن هم علي شاكلة مرجان احمد مرجان كثيرون من الذين إقتحموا الوسط الرياضي وعاثوا فيه فساد تمددوا ووصلوا إلي مراحل يصعب وصفها وكل ذلك لأنهم يجدون الحماية وهي حماية لن تدوم لأن نهاية الفساد والفاسدين والمفسدين لمن لايري يمكن أن يراها في ميدان التحرير .. وأمثال أحمد عز( مرجان المصري) لن نطالب الحكومة بمحاسبتهم لان حسابهم سيكون معنا يوم لن ينفع أي شكل من أشكال الحماية .. فالفساد دمار للحياة بالكامل وعلاجه مثل المرض الخبيث لايكون إلا بالإستئصال من الجذور ومن هنا تبدو المعالجة في أزمة نادي الهلال مستحيلة لان الفساد بإختصار يحمي الفساد حتي يأتي وقت نقولها علانية .. ومع ذلك يستحق مجلس الهلال التحية علي قراره الشجاع بالإستقالات الجماعية ..