اتخذت قراري ، لن أمر بالشوارع الضيقة ، سأعبر أكثر شوارع الخرطوم اتساعا ، عبرت شارع الجامعة ومنه الى النيل ، مررت بحديقة كبيرة رقد في ركن منها متشرد صغير وهو يهرش رأسه بشدة ، تأملته بتضامن صامت. قطع الصمت جدل صاخب لشخصين يتحدثان عن صفقة سيارة ، احتميت باحدى أشجار الشارع القوية حتى مرا اليوم الثاني خرجت صباحا وأنا ممتلئة بشئ يتزايد مع كل خطوة من خطواتي ويدعوني للآخرين والأخريات. في هذا اليوم كنت أكثر من التمعن في السحنات المقلوبة لوجوه المارين والمارات. اليوم الثالث لم تقدني قدماي لشارع جانبي قط ، كانتا ( تنهبان ) الشوارع الرئيسية نهبا ، عند تقاطع كبري النيل الأزرق مع شارع الجامعة رأيت جموع المتظاهرين الهادرة ، فكرت وأنا أنضم ، وجرعات الهتاف الحار تسري في جسدي فتعافيه: لهذا كنت أشعر بهذا الكائن الخرافي يتمدد في صدري يكاد يكتم أنفاسي ، لقد كنت امرأة غاضبة ، تبحث عن غاضبين وغاضبات ، ليشكلوا بالآلاف ، حنجرة الهتاف الجماعية. مارس 1985 ragaia warrag [[email protected]]