ندوة الشيوعي    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    "قطعة أرض بمدينة دنقلا ومبلغ مالي".. تكريم النابغة إسراء أحمد حيدر الأولى في الشهادة السودانية    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مهام الجاليات السودانية بالخارج .. بقلم: حامد بشري
نشر في سودانيل يوم 24 - 04 - 2011

في سبعينيات القرن الماضي وبسبب الضائقة المعيشية بدأ مسلسل الهجرات المنتظمة للسودانيين وفي الغالب كانت وجهتها في ذلك الحين المملكة العربية السعودية ودول الخليج أضافة الي مجموعات الأخوة الجنوبيين الذين أستقروا في دول الجوار الأفريقي وخاصة أثيوبيا ، كينيا ويوغندا . وفي بلدان المهجر بدأ السودانييون في تكوين الجمعيات والجاليات وبسرعة أنعكست الأسهامات الفردية والجماعية لتلك المجموعات بصورة أيجابية في تطوير ونهضة القطر حتي أن مساعداتهم في بعض الحالات أحتوت علي مواد عينية وتمونية للمناطق المتأثرة بالجفاف والتصحر علاوة علي المساعدة المالية التي أسهمت في تخفيف تكاليف المعيشة ، ودخلت ثقافة الأغتراب في الأدب السوداني الشعبي . هؤلاء المهاجرين تركوا بصماتهم الأيجابية في تلك الدول نذكر علي سبيل المثال المنتدبين من المعلمين و القضاة أضافة الي العاملين في الحقل الطبي والزراعي والهندسي والقائمة تطول لتشمل مهن ومجالات أخري .. هذه الهجرة كانت هدفها الأساسي تحسين الظروف الأقتصادية . أما هجرت الثمانيات فكانت أسبابها مختلفة من سابقتها وتتلخص في الحجر علي الحريات العامة والتدخل من قبل الدولة وأجهزة أمنها في سلوك الفرد الشخصي أضافة الي فرض قوانين سبتمبر سيئت الصيت وتطبيق الحدود الشرعية بصورة شوهت تعاليم الأسلام في قطر نصفه في شبه مجاعة وحرب والنصف الآخر تطارده الفاقة والعطالة. وبوصول حركة الأخوان المسلمين الي السلطة عن طريق الأنقلاب العسكري في يونيو 1989 أُنتهكت الحقوق الأساسية للمواطن وأُهدرت كرامته وعرضه ووصل الأمر الي حد تعذيب وقتل المعارضين السياسين وفُرضت الدولة الدينية والأسلام السياسي رغم أنف المسيحي والوثني والمسلم تحت مُسمي المشروع الحضاري الذي كان من نتائجه أن فقد القطر ثلث مساحته بساكنيها ولم يقف الأمر عند هذا بل تعداه الي تدمير البنية التحتية ونهب الدولة للموارد القومية تحت مختلف المسميات ومُورست سياسة الأرض المحروقة في دارفور التي حصدت ما يقارب الثلثمائة الف نسمة أضافة الي 2 مليون مشرد بمعسكرات اللاجئين ولا أحد يستطيع أن يتنبأ بمصيرهم . آخر أحصائية عن العدد التقرييي للمهاجرين أوردتها صحيفة حريات في عددها الصادر في 4 أبريل 2011 توضح أن 11 مليون سوداني شُردوا بحثاً عن الأمان وأن 89% من هذا العدد أي حوالي 10 مليون شُردوا في عهد الأنقاذ وهو أكثر من ربع سكان السودان . مع مراعاة أن هذا العدد لا يشمل النازحين داخل القطر .
بوجود هذا الكم الهائل من المهاجرين أصبحت هنالك حاجة ماسة الي رابطة تجمعهم في شتات الغربة . هذه الرابطة أقرب في جسمها وتكوينها وأهدافها الي النقابة التي تجمع في عضويتها مختلف المهن والتخصصات وتكون ذات منشأ واحد . وفي تعريف العمل النقابي نجد أن من أهدافه تقديم أنشطة مختلفة للعضوية تُلبي أحتياجاتها ولا تتعارض وقوانين الدولة التي أُنشئت بها النقابة أو الجالية .
أنشطة الروابط أوالجاليات السودانية وما يجب أن تقدمه للعضوية أصبح في الفترة الأخيرة مثار جدل وخلاف . لا ندعي أحاطتنا ومعرفتنا بكل تفاصيل الواقع في دنيا الأغتراب ولا بصحة ما نطرحه الأ أننا نبدأ محاولة لعلها تسهم في حوار أيجابي يعالج السلبيات ويدعم الأيجابيات . علي الرغم من أن معظم المشردين السودانيين لجوء الي كل دول العالم حتي أسرائيل والصومال طلباً للأمن الي أننا نُواجه في بعض بلدان المهجر واقعاً مختلفاً بوجود فيئة غيورة علي الوطن تشارك بأيجابية في العمل الأجتماعي العام ولا تربطها أي مصالح أقتصادية بالنظام القائم الا أنها تحاول أن تحصر أنشطة الجاليات في بعض القضايا المحلية وتبعدها كليةً من الشأن السوداني العام بحجة أن العمل العام والأنغماس في القضايا الوطنية هو أنخراط في العمل السياسي الشيئ الذي يُشكل أنحرافاً عن المبدأ العام للجالية وهو في نهاية المطاف قد يتسبب في خلاف ويفرقهم الي طوائف وأحزاب بدلاً من أن يجمعهم في جسم واحد في هذه الغربة وكأنما العلاقات الأجتماعية والروابط الأسرية وحتي الزوجية لا يشوبها خلاف أو تضارب في وجهات النظر . هذا الطرح أوالتبرير بالأ بتعاد عن ما يدور بالوطن مرده الي عدة أحتمالات . أولاُ أستنساخ تجربة الجاليات في دول المهجر الأولي السعودية والخليج وعلي حسب ما أوردنا أن هذه الهجرة قدمت ومازالت تقدم الكثير في رفع المعاناة والضنك عن المواطن السوداني الأ أن الظروف السياسية في تلك الدول التي أستضافت السودانيين لم تكن تسمح بقيام أي أنشطة سياسية أو تنظيمات مجتمع مدني لمواطنيها ناهيك عن الأجانب أو الوافدين الشيئ الذي جعل هذه التجربة تحصر أنشطتها في الجانب الأنساني ووتتراجع في مجالات حقوق الأنسان والأنشطة الثقافية والأبداعية المختلفة بجانب تحريم النشاط السياسي في تلك الدول . ومن عجائب فترة الحرب الباردة كان يتم أبعاد الأجانب لمجرد الأشتباه فيهم بقرأة رواية ناهيك عن المشاركة في عمل عام . ثانياً أن السودانيين لم يكونوا مهاجرين وأنما مغتربين لفترة زمنية محددة ذات أهداف أقتصادية وأجتماعية واضحة مما شكل حاجزاً أمام البعض من ولوج الشأن العام الذي يشترط التطوع والتضحية أضافة الي توسيع الدائرة الأجتماعية التي قد تتسبب بدورها في أضافة أعباء أخري . وثالثاً الأبتعاد عن العمل العام ظهر في مسرح الأغتراب نتيجة لتوجيه سياسي خطته الأنظمة الديكتاتورية بعد أن نجحت جزئياً في قمع مواطني الداخل وأستشعرت الأهمية التي يمكن أن تقوم بها الجاليات في الخارج أصبحت تسعي لتحويل المواطن في الخارج من شخص يتمتع بكل الحقوق والواجبات بما في ذلك حق النقد والبناء وأبداء الرأي الي شخص مُتلقي فاقد القدرة علي تقيم الحدث ناهيك عن المشاركة فيه وهذه الدعوة الي السلبية ضد روح الأسلام التي تدعو الي المجاهرة بقول الحق ولنا في رسول الله أسوة حسنة حينما قال " من رأي منكم منكراً فليغيره بيده ومن لم يستطع فبلسانه ومن لم يستطع فبقلبه وهذا أضعف الأيمان ". نسألك اللهم لا تجعلنا من ضعفاء الأيمان .
التوضيح والمطالبة بالمشاركة في العمل العام من الخطأ أن يُفهم المراد به الأنحراف بالنقابة أو الجالية وتحويلهما الي جسم سياسي يقوم بأعباء سياسية تتمثل في معارضة النظام أو دعمه أو دعوة لأستغلال منابر الجاليات لترويج سياسة بعينها للأنضمام الي حزب سياسي محدد . الجاليات ليس من أهدافها أن تتحول الي واجهات سياسية للدعوة أو تنفيذ برامج الأحزاب أو جعلها طابور خامس . هي جسم مستقل يضم أفراد قد تكون لهم ولاءات سياسية بحكم أنضمامهم الي أحزاب قد تكون في السلطة أو في المعارضة ومن شروط عضوية الحزب تقديم طلب للأنضمام وقبول الطلب والاشتراك في الاجتماعات ودفع أشتراكات أوتبرعات . الجاليات تنتفي عنها تهمة التوجه السياسي بأنتفاء شروط الأنضمام للحزب السياسي المعين . وهي في نهاية المطاف ليست رافداً للحزب الشيوعي ولا الحركة الشعبية ولا المؤتمر الوطني ولا حتي بديلاً للتجمع المعارض . ينطبق علي الجالية ما ينطبق علي الدولة . الدولة ليس لها دين (مثلاً كندا قطر معظم مواطنية مسيحيين ولكن ليست دولة كندا مسيحية ) والجالية ليس لها حزب سياسي هذا لا ينفي أن من مهام الجاليات أن تشارك في طرح القضايا القومية وتساهم في تثقيف وتنوير عضويتها والعضوية مُلزمة في مطالبة مكاتب الجاليات ببحث ما يدور في الوطن . وهذا ليس فرض كفاية طالما أن السوداني المهاجر لا زال يحتفظ بجنسيته السودانية ولم تسقط عنه أو يتنازل عنها لذا من واجبه أسداء الرأي والأسهام فيما يدور في الوطن وهو في نهاية المطاف ترك أو أُجبر علي ترك الوطن طلباً للامان.
ونسوق بعض الأمثلة التي نعني بها القضايا القومية . أولاً قضية الوطن . المهاجر السوداني أو حتي المغترب عندما غادر الوطن تركه قطر واحد بمساحة معلومة وعدد سكان معلومين . اليوم تجزأ الوطن وتغيرت معالمه ، أضافة الي تغير الخريطة الجغرافية التغير قد يشمل النشيد الوطني والعلم وقد يمتد الي شكل ومضمون الوثائق الثبوتية والحدود الجغرافية لبعض المديريات والمدن . التغير سيشمل الماء والكلاء وسيؤثر علي الظروف البئية والمناخية وكل ما يمس حياة الأنسان والدواب . هذا التسونامي الوطني يلزم كل المواطنين بالخارج والداخل دراسة هذه المستجدات . أقامة الندوات ودراسة مآلات الأنفصال ومسبباته لا يعني أن الجالية تحولت الي جالية سياسية ، لا يمكن أن يستقيم عقلاً أن نقوم بدور المشاهدين فقط ، بينما مراكز البحوث والهيئات العلمية والجامعات خارج الوطن كلها مهمومة بهذا الواقع الجديد . هذه القضية بحثها يخص الجميع والخروج بتوصيات وقرارات حولها قد يساعد في الحفاظ علي ما تبقي من الوطن وربما يعيد السودان الي حدوده الأولي أذا عُرف سبب الأنفصال وسعت الأمة لعلاجه .
قضية ثانية أثارت جدلاً بالداخل والخارج كتبت عنها كل صحف الدنيا من كيب تاون الي أيسلاند وتناقلتها وكالات الأنباء العالمية والفضائيات الأقليمية والعالمية وشغلت العالم ولازال الناس في حيرة من أمرها . القضية هي أهانة النساء وضربهن سواء أكن بائعات شاي أو يرتدين بنطال أو حافيات رأس أو يتواجدن في أماكن عامة والويل لهن أذا كن ناشطات في منظمات مجتمع مدني أو منضويات تحت مظلة تنظيم سياسي في هذه الحالة رأت الحكومة أو من ينوب عنها عدم جدوي الضرب وأُبتدعت وسيلة جديدة يقشعر لها البدن وصارت وصمة عار في جبين الوطن بنسائه ورجاله أذا بقي منهم أحدا . تمت ممارسة بدعة الأغتصاب في أول عهد الأنقاذ ضد رجال حجبوا عين الشمس ليس هذا مجال التعرض فيه لأسمائهم ولا ذكر أفضالهم ومعظمهم أحياء يرزقون خرجوا من هذه الأقبعة الي الملأ أكثر قوة ورجولة وعنفواناً كما خرجت صفية أسحق من نقطة شرطة البوليس بمدينة بحري موقف شندي أكثر صلابة ًوأنضج عوداً وفكراً ليس هذا فحسب بل الهبت شمعة أنتفاضة التغير التي أوقدها محمد بوعزيزي . لا نطالب الجاليات أن تتعاطف أو تتضامن مع هؤلاء الضحايا فهنالك الملايين من مواطني بلدان الأستكبار قد سبقوهم في هذا العمل الأنساني النبيل بوقوفهم ضد أنتهاكات حقوق الأنسان سواء مُورست ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة أومسلمي البوسنية والهرسك أومشردي دارفور أو صفية أسحق . ولان هنالك من لم يزل من مواطنينا الأعزاء يري أن قضية صفية مجرد أدعاء ولعبة سياسية لم تنجح المعارضة في حبكها وأن صفية لم تُغتصب ولم تمارس أي أنتهاكات جسدية ضدها . نتمني أن يكون هذا الرأي هو الصحيح وأن صفية خريجة جامعة السودان كلية الفنون الجملية وليست خريجة قسم الدراما بخير وصحة وعافية وأن سجل الأنقاذ معافي من أي جرم له علاقة بأنتهاكات حقوق الأنسان مما حدا بالمعارضة السياسية البائسة لأختلاق هذه الفرية . ننظر الي هذه القضية من منظار آخر . هذه الظاهرة الفريدة قضية التعدي علي الحريات وبصفة خاصة ظاهرة قهر النساء وضربهن يجب أن تجد حظها من النقاش أينما وجدت جالية لعدة أسباب أضافة الي أنها جريمة يعاقب مرتكبيها بموجب قانون جنائي وأنها ضد الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الأنسان نجد أن ديننا الحنيف كان أول من نبه الي مكانة المرأة حينما قال أن الجنة تحت أقدام الأمهات وفي رسالة أخري ذكر الرسول الكريم خذوا نصف دينكم من هذه الحميرا . هذه ظاهرة دخيلة علي مجتمعنا لم نسمع ببمارستها في عهود الديكتاتوريات السابقة لذا يجب الوقوف والتأني وفحص نفوس هؤلاء المرضي الذين يباشرون هذه الجرائم بأسم الدين ومعاقبة مرتكبيها ورمي القانون الذي يبيح هذه الممارسة في سلة مهملات مزبلة التاريخ تفادياً لتكرار هذا العار تحت أي من الأسباب والمسميات .
حرب دارفور التي صنعناها بأيدينا وكما أقر الرئيس السوداني في آخر لقاء معه بصحيفة الغاردين المنشور بسودانايل أنه هو المسئول عنها عدد ضحاياها فاق ضحايا الكارثة الطبيعية التي تسبب فيها زلزال وتسونامي اليابان مجتمعين . رأينا كيف وقف شعب اليابان مع الضحايا وأسرهم وأذهل العالم. الأ يجدر بنا نحن كأمة مسلمة وشعب ذو تاريخ ناصع مشهود له بثورات ضد الظلم والقهر أن نتعاطف مع أخوتنا في دارفور ونمد لهم المساعدات اللازمة خاصة بعد أن طردت حكومتنا معظم المنظمات الأنسانية وجعلتهم بلا مأوي ولا مأكل ولا مشرب ولا حتي حقنة كمال عبيد . سينما هوليود التي نتهمها بالخلاعة والمجون سبقت جالياتنا في المنفي وقدموا يد المساعدة لمحتاجي دارفور وتمثلوا قول عمر رضي الله عنه " أكرموا عزيز قوم ذل وغني أفقر " . الآ يجدر بنا نحن الذين نعيش في بر الأمان أن نناشد المنظمات الخارجية ونشترك معهم في الحملة الأعلامية حول دارفور حتي لا تحيد عن مجراها الأنساني ونساهم في تنوير الأعلام الخارجي وناشطي الخارج ونكون جزء من حملة الشعلة في نفق دارفور المظلم . أضعف الأيمان أن نجمع الزكاة ونرسلها الي معسكرات اللاجئين ، الحصيلة رغم قلتها الأ أن أثرها المعنوي كبير في نفوس هؤلاء القوم الذين كان فضلهم وخيراتهم يمتد من غرب أفريقيا حتي بلاد الحجاز.

الأسهام في أضافة الوعي وتثثيف المواطن السوداني الذي تقطعت به السبل وأبعدته عن الوطن يتطلب تضافر الجهود والبعد عن الصغائر ومده بما يدور في تراب الوطن خاصة وأن الناس أصبحوا شركاء في الماء والكلاء والمعلومة . دنيا الأغتراب أصبحت تعج بالأمكانيات البشرية السودانية ، لذا دعوة المثقفين والكتاب والأدباء في لقاءات ثقافية هي من صميم عمل الجاليات . وهذا غيض من فيض .
لا يغيب عن البال دور سفارات النظام في الخارج وعلاقتها المشبوهة بالجاليات . صحيح أن السفارات هي واجهة سياسية للنظام وتسعي لعكس سياسته وفي أحوال كثيرة لتجميل وجهه خاصة أذا كان يعاني في طبيعته من أنتهاكات لحقوق الأنسان وقمع للحريات وتنكيل بالمعارضين كما في حالة السودان ، لذا نجد حال ممثلي النظام في الخارج في بلدان العالم التي تتمتع بالحكم الديمقراطي يُرثي لها وهم عاجزون عن الدفاع عنه .أضافة الي أن هذه السفارات تمثل السلطة التي شردت وعذبت ونفت وأحالة للصالح العام ميئات الآلاف من الكوادر الذين يتواجدون بالخارج . مصيبة الكادر الدبلوماسي الذي يعمل بالخارج في رأي معظم المهاجرين أنه يتحمل كل أوزار النظام حتي أن لم يك منضوي تحت راية حزب المؤتمر الوطني . المهاجرون لهم أسر وبعضهم له أعمال مرتبطة بالقطر لا نطالب بحرمانهم من تصريف أعمالهم في أطار العمل القنصلي ونرفض وندين التربص بعلاقتهم بالسفارات وتقيم مواقفهم السياسية علي أساس مدي أرتباطهم بالسفارة .هذا المسلك يقود في أتجاه العزل السياسي و ليس هذا من حق الجاليات ولا من مصلحة الوطن . من هذا المنبر لا ندعو الجاليات الي القطيعة وعدم التعامل مع ممثلي النظام في الخارج . في بعض الحالات قد تحتاج الجاليات الي وضع صيغة عمل مناسبة أو حتي برتكول يكفل للجالية القيام باعبائها مع الأحتقاظ بعلاقة عمل قنصلي مع السفارة ولأعضاء الجاليات الحرية المطلقة في تحديد علاقاتهم الأجتماعية مع ممثلي النظام في الخارج .
حالياً سفارات النظام بدلاً من أن تصب جهدها وأمكانياتها وتتفرغ لتحسين وجه السودان خارجياً في خلق علاقات دبلوماسية متزنة مع الدول الصديقة وبحث أمكانية التبادل التجاري والثقافي وجدولة الديون والدعوة لأقامة المؤتمرات العلمية واللحاق بثورة المعلومات للمساهمة في نهضة القطر تجدها تمارس بعض الأعمال الصبيانية وتحاول التغلغل بكل السبل لأبعاد أنشطة الجاليات من مهامها القومية أو أضعافها وتصرف في ذلك صرف من لا يخشي الفقر من أموال دافع الضرائب بتعيين عناصر أمنية كجزء من البعثات الدبلوماسية . نريد أن نرسل رسالة وأضحة لممثلي البعثات الدبلوماسية والقائمين علي أمرها وهي أن دساتير هذه الجاليات لا تسمح بقبولهم كأعضاء أضافة الي أن هذه الجاليات هي المولود الشرعي لأبناء وبنات الشعب السوداني الذين أُجبروا علي ترك الوطن تم بناؤها وتشييدها بعد معارك نضالية طويلة لا نسمح بالمساس بها ولا يجوز لأي جهة حكومية أو أهلية أن تتدخل في تصريف شئون الجاليات .
اللهم أني أشهد فقد بلغت .
18 أبريل 2011
Hamid Bushra [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.