منذ انقلاب 30 يونيو 1989م الذي صادر الحقوق والحريات الديمقراطية، واقام نظاما شموليا مارس كل اشكال القهر من اعتقالات وتعذيب وتشريد للمعارضين السياسيين والنقابيين، وتزوير ارادة العاملين والمهنيين والطلاب والمواطنين في انتخابات النقابات والاتحادات والانتخابات العامة، نشأ نظام فاسد حتي نخاع العظم، قام علي نهب المال العام وممتلكات الدولة وبيعها لمحاسيبه باسعار بخسة، واثرت فئة رأسمالية اسلاموية طفيلية افقرت 95% من شعب السودان، واقامت نظاما طبقيا يستحوذ فيه 2% من السكان علي 88% من الدخل. في مثل المناخ الفاسد، شأن كل النظم الشمولية السابقة والمعاصرة ومع عمق أزمة النظام وفشله الذريع في حل مشاكل البلاد، نشأت مراكز نفوذ وصراعات داخل السلطة، ونذكر كيف تصدع مجلس الثورة الذي نشأ بعد الانقلاب ، وحالات الابعاد التي تمت، واستمرار الصراع بسبب عمق الأزمة والمحاولات اليائسة للخروج منها حتي طالت ابعاد د. حسن الترابي عام 1999 والمفاصلة التي تمت وادت الي قيام حزب المؤتمر الشعبي، وحتي بروز الصراع الأخير الذي رشح في الصحف بين نافع علي نافع وصلاح بوش حول حوار مستشارية الأمن مع القوي السياسية، وكانت النتيجة اقالة صلاح بوش. البعض يحاول تبسيط الصراع داخل السلطة بأنه قبلي ( شايقية، جعليين، دناقلة..)، علما بأن ضحايا الصراع داخل السلطة كانوا من قبائل مختلفة، او انه صراع بين صقور وحمائم. أو من اجل الحوار مع القوي السياسية. ولكن واقع الحال يوضح أنه صراع من أجل السلطة التي بدأت تضيق قاعدتها ومواردها وتتعمق أزمتها بعد انفصال الجنوب، والتهاب القضايا المتفجرة الأخري في البلاد مثل: مصادرة الحقوق والحريات الديمقراطية، والغلاء وارتفاع الأسعار، وانفجار الاوضاع في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وابيي، وقضايا ما بعد الانفصال( البترول، الديون، المواطنة، ترسيم الحدود،...الخ)، ومقاومة الفساد الذي ظهر منه رأس جبل الجليد كما حدث في وزارة الصحة وقضية التقاوي الفاسدة وغيرها من التي رشحت في الصحف، ومراوغة المؤتمر الوطني وعدم جديته في ايجاد مخرج من الأزمة الوطنية العامة، وتجربته المريرة في نقض العهود والمواثيق بعدم تنفيذ الاتفاقات التي ابرمها مع القوي السياسية ، والاصرار علي فرض اجندته الاقصائية واستغلال الدين حتي كانت النتيجة جريمة انفصال الجنوب والتي كانت من الاسباب التي عمقت الأزمة داخل المؤتمر الوطني. وزاد من عمق أزمة السلطة والحزب الحاكم الثورات التي قامت في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا،....الخ، بفعل نفس الاسباب الموجودة في البلاد والتي تتلخص في القهر والاستبداد والفساد ونهب المال العام والثروات الضخمة التي راكمها رموز النظام والرأسماليين الطفيليين، مما يشير الي أن التغيير قادم لاريب فيه، وبالتالي عمل محاولات فاشلة لتجميل النظام الفاسد والذي يستحيل ترميمه وجعله مقبولا بعد الجرائم الفظيعة التي ارتكبها في حق جماهير شعبنا ومسؤوليته الأساسية في تمزيق وحدة البلاد، وبالتالي، فان مايسمي بالحوار سواء كان عن طريق المستشارية او المؤتمر الوطني هو استمرار لنهج المؤتمر الوطني في المرواغة وكسب الزمن والهيمنة وفرض الأجندة الآحادية. وبالتالي لانشغل انفسنا ونتعشم بجديد في ظل تغييرات شكلية في النظام وصراعات مراكز نفوذه والتي تعبر عن تآكل النظام واستمرار ضعف قاعدته والتي سوف الاضمحلال مع الضغط علي النظام ونهوض الحركة الجماهيرية ضده. وعليه يصبح لابديل غير مواصلة النضال الجماهيري من اجل الاطاحة بالنظام واستعادة الديمقراطية، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور وتحسين الاوضاع المعيشية، وواقامة دولة المواطنة التي تفتح الطريق لاعادة توحيد الوطن ومحاسبة المجرمين واستعادة أموال الشعب السوداني المنهوبة. alsir osman [[email protected]]