الحكاء القدير و مؤرخ أم درمان المعاصر المحترم الأستاذ شوقي بدري .. لك أفضل التحية و لك التقدير على المتعة و الفائدة التي نجنيها من سهلك الممتنع. لا أحتاج القول أنني أتتبع كتاباتك و أحرص على قراءتها إذ يفعل هذا الآلاف بلا مبالغة إن لم يكن أكثر. و ألاحظ مثل غيري ممن يقرأونك أن أم درمان هي موضوعك المركزي الذي ربما نذرت كتاباتك له و هو أمرٌ يدل على الوفاء للمكان و للفكرة كما يدل على التخصص في شأنٍ معين و هذا ما لا يتوفر لكثيرين. طالعت مقال لك منشور على صحيفة سودانايل المحترمة عن أغنية أندريا التي أدتها مؤخراً الفنانة المبدعة نانسي عجاج و ما استرعى انتباهي و دفعني لكتابة هذا الذي بين يديك هو ما لاحظته من أنك نسبت هذه الأغنية و أخرياتٍ غيرها - و إن كان تمليحاً – لأم درمان فحين قلت "الاغنيه اندريا ، رائعه سمعناها قديماً ولكن ابنه امدرمان ، بانت نانسى عجاج اعطت الاغنيه حياة جديده" أحلتنا بالإشارة غير المفهومة "بنت أم درمان بانت" للتلميح الضمني أن هذه الأغنية من أغاني أم درمان و كتر الله خير "بنت أم درمان بانت" التي أعادتها مرة أخرى. كذلك في كلامك عن أغنية تمر السوق تقول "هنالك اغنيه اخذت شهره وكانت على لسان كل الناس خاصه البنات . وهى احدى اغانى بيت الخياته . وبيت الخياته، هو المكان الذى تجتمع فيه البنات . ويقمن بخياطه الطواقى وشغل العمم على المنسج الذى لم يكن يخلو منه منزل فى امدرمان . والاغنيه هى الغالى تمر السوق". الإشارة و التلميح تحولت هنا إلي تصريح و إقرار بأن هذه الأغنية الأخيرة من أغنيات بيت الخياتة و الذي هو في أم درمان كما يفهم من سياق الحديث. و كنت خلال هذا قد تعرضت للكلام عن المبدع الراحل وليم أندريا و استرسلت في الكلام عن تأيف الغناء عن بعض الشباب و الفتيان في مجتمع أم درمان بما قد يفهم منه أن الأغنية ربما قد تكون ألفت عن وليم أندريا أو هكذا قد يلتقط البعض الإشارة. ما أود قوله أن هذه الأغنيات تنتمي لأماكن أخرى غير أم درمان فالأولى منها أي أغنية أندريا من أغاني (الحمر) في شمال كردفان أما الثانية فهي كذلك من شمال كردفان و إن كنت لا أجزم أهي من أغاني الحمر أم الكبابيش و سمسم القضارف معلوم إنتمائها للشرق و أظن أنني سمعت أو قرأت في مكانٍ ما أنها من أهزوجات العتالة التي تم تحويرها لتصير ما هي عليه الآن إن لم أكن مخطئاً. لا بد أن أشير إلى أن الأستاذ شوقي بدري لم ينف نسبة هذه الأغنيات للأماكن التي ذكرتها أنا عاليه كما أنه لم يقل صراحةً أنها أنتجت و تم تأليفها في أم درمان، لكن كلماته توحي بأن هذه الأغنيات أم درمانية أو على الأقل هي ذات علاقة وطيدة بأم درمان من حيث نسبها و انتمائها، و ما يرسِّخ هذا المنحى هو الإشارات الضمنية التي أشرت لبعضها و ثانياً ما ألفنا عن كتابة الأستاذ شوقي بدري المكرَّسة للحديث عن ثقافة أم درمان و ناس أم درمان و كل ما يتعلق بأم درمان بما يحيلك ضمناً إلى أن المُتحدث عنه هو شأن أم درماني. كذلك علي أن أوضح أن هذا ليس اتهام للأستاذ شوقي بنسبة ما ليس لأم درمان لها أو تعمده خلط الأمر، فأنا على يقين من أنه لا يمكن أن يأتي مثل هذا، لكن فأن كتابات الأستاذ شوقي صارت أشبه بمرجع يؤرخ لفترة لم يكتب عنها كثيراً و لمنطقة و مدينة تستحق التأريخ لها و بأكثر من هذا، كذلك فإن له الكثير من القراء و المتابعين الذين قد يأخذون المعلومة خطأ بناءً على تلميح غير مقصود أو بناءً على ما قد يفهم من السياق العام لمجمل كتابات الأستاذ شوقي و يقيناً فأن هذا مما لا يرضيه و لا يرضي غيره. لذلك ارتأيت كتابة هذه السطور لتوضيح الأمر على النحو الذي فعلت و أرجو أن يتسع له صدر أستاذنا شوقي بدري. مع التحية هشام حنفي