العودة إلى مربع الحرب مهراً لبقاء أبيي شمالية منطق يغازل مشاعر المسيرية ويخاطب أمانيهم بتبعية أبيي لشمال السودان ويعزز أحقيتهم في أرضها ، إلا أن هذا المنطق أيضاً يستفز مشاعر دينكا نقوك يوصد أبواب الحلول السلمية للأزمة ويفتح ألف باب لإراقة الدماء، والعودة إلى الحرب ولا تتسق مع القوانين الربانية والمواثيق الدولية والمزاج الوجداني لإنسان الألفية الثالثة الذي شرع في البحث عن مفاتيح لصناعة السلام وفض النزاعات تماشياً مع فطرة الإنسان في الجنوح إلى السلم و السلام. العودة إلى الحرب لا شك في أنها فاتورة عالية تدفع ثمنها قبائل المسيرية والدينكا، ولا ندري لصالح من تدخل هذه القبائل في دائرة الحرب بالوكالة وهل الأرض والبترول أغلى من الأرواح التي تزهق في سبيل بقاء أبيي شمالية... ألم يئن لهذا السودان أن يعيش في سلام ؟ وهل اتفاقية السلام الشامل كانت هدنة فقط لفصل الجنوب؟،ولماذا لا نترك العنان لأفكارنا تتجه نحو الحلول الجذرية للأزمة بدلاً من صب الزيت على النار، ومادام هناك حرص على منطقة أبيي لماذا ارتحل بها القوم إلى التحكيم في لاهاي؟ ، ولماذا التساهل في أمرها حينما كانت بين يدي التفاوض في نيفاشا؟...كل ما يدور حول أبيي "كوم" ولكن الاستعداد للعودة للحرب في ولاية ملتهبة يرتع فيها السلاح والجيش الشعبي هذا " كوم آخر" لأن الحرب في أبيي لن تكون بين المسيرية ودينكا نقوك بل ستكون بين المسيرية ودولة اسمها جنوب السودان، وحديث مالك عقار خرج متدثراً بالصراحة في تحديد خياراته في الحرب من أجل أبيي، وحينما تحدث عقار لم يتحدث عن نفسه فحسب بل أراد أن تتفنجل العيون قبل قرار الحرب لتنظر جيداً للجيوش المسلحة التي تتدفق من هنا وهناك ولا أحد يدري لمن تتبع هذه القوى وبمن تأتمر، وعندما ذكر قوات مناوي لا يقصد مناوي وحده بل رمى إشارة يمين ليدخل شمال وهذه لحظة ينتظرها الكثيرين لتصفية الحسابات مع النظام إذاً نحن كشعب لا قبلنا بمعارك ليس فيها منتصر لأننا المنتصر فينا سيكون منتصراً على أخيه، دعونا نحارب من أجل حدودنا المغتصبة ومناطقنا المنتهكة من قبل دول الجوار ، وأي شعور متناقض فينا يدفعنا لقتال بعضنا ونتصدق على من أخذوا ارضنا بالانعام. الواقع يقول بالرغم من غزارة الدماء التي تسيل في أكثر من أرض بسبب الصراع السياسي، العالم يتطلع إلى حسم الصراعات والنزاعات بالتسوية لإنهاء الحروب الأهلية والنزاعات الدولية عبر اتفاقيات سلمية لقناعة دعاة وعرابيي السلام بأن السيف لا ينتصر خاصة في الحروب الأهلية وأن الدماء مهما تدفقت فإن لونها لن يهزم طرفاً ، والحرب الأهلية بين الشمال والجنوب خير شاهد على صدقية منطق دعاة السلام في الخروج من نفق الحروب بالتسوية السياسية ، باعتبار أن قوانين الغلبة في الصراعات الداخلية تغيرت وقواعدها تأرجحت بسبب إنتفاء شرعية السيادة الوطنية في حالة تهديد الأمن والسلم الدوليين فضلاً عن لعبة المصالح الإقيلمية والدولية التي لا تعجز عن ممارسة فن قلب موازين القوى في دول لا تفطح بالتناقضات كما يفطح السودان البلد الذي تستعر الحرب في غربه، وتمور البراكين في جباله، والقلق يسود كيانه الشرقي وشماله لا يسلم من إضطراب يحركه شد وجذب مابين الحزب الحاكم والمعارضة، ففى ظل هذا الواقع المكتنز بالبراكين القلقة والزلازل الثائرة هل حقاً نحن على استعداد لنزع فتيلة القنبلة في أبيي؟. fatima gazali [[email protected]]