الصوارمي: كلام الرئيس واضح ونحن رهن الإشارة أقوير: نحن مستعدون لأي تحرك في حال لم فشلت حلول السياسيون mohmed hilaly [[email protected]] الخرطوم – محمد هلالي الخطب الجماهيرية لرئيس الجمهورية، عمر البشير، ومن بعده ردود الأفعال، من الولاياتالمتحدة، وقيادات الحركة الشعبية، بشأن أبيي، أكدت بما لا يجعل مجالاً للشك، أنه ما من حل قريب لقضية هذه البلدة الوديعة، المنبسطة على أقصى الجنوب الغربي لولاية جنوب كردفان، وأقصى الشمال من ولاية شمال بحر الغزال الجنوبية، التي توسم بانها فتيل الأزمة المؤجلة بين دولتي شمال السودان وجنوبه مستقبلاً.. وإن كانت رسائل البشير، في هذا الصدد، تقرأ بعدة زوايا، إلا أن واقع الحال، على الأرض، لا يفهم غير لغة واحدة، ألفها الناس هناك، وعرفتها جيداً حتى حيواناتهم، بدليل أنها تعرف أين تهرب عندما تسمع جلجلة الرصاص، الشئ الذي أصبح مرتبط بأي حديث عن هذه البلدة، وأقربه إلينا ما قاله البشير مؤخراً.. "تأكيدات على الجاهزية لخوض الحرب"، كانت الرسالة التي وجهها البشير، إلى حكومة جنوب السودان، التي تناقش في هذه الأثناء دستوراً، تضمن نصاً وصف منطقة أبيي بالمنطقة الجنوبية، مرتكزاً على قرار محكمة لاهاي، التي أرتهن لها الطرفان بعد ان عجزوا عن لملمة أطراف هذه الأزمة، وعلى الرغم من أن المؤتمر الوطني الذي يقوده البشير، لم يعلن صراحةً من قبل رفضه لقرار لاهاي، إلا أن زعماء المسيرية الذين كانوا ممثلين في هذه المحكمة، أعلنوا رفضهم له منذ إعلانه. والآن مع أقتراب إعلان دولة الجنوب، فيعتبر كثير من المراقبين، أن رفض البشير الإعتراف بدولة الجنوب، في حال ضمت أبيي، كرتاً جديداً يلوح به للمجتمع الدولي، الذي تأخر في الإيفاء بوعوده، من شاكلة إعفاء الديون، ورفع العقوبات، سيما أن الحكومة وجدت نفسها في نهاية الطريق، فلم يتبق للتاسع من يوليو غير شهرين وأيام تعد بأصابع اليد، وهو ما قاد الولاياتالمتحدةالأمريكية، إلى رفض هذا الحديث، كما لو أنها عرفت أنها المعنية بهذه الرسالة، فجاء حديث الدبلوماسي الأمريكي الكبير، جوني كارسون، في تصريحات للصحفيين، يحمل أتهاماً للبشير بإذكاء التوترات وتصعيدها في المنطقة، وغير بعيد من هذا التصريح، فقد رفض القيادي في الحركة الشعبية، أتيم قرنق، ما أعتبره قرعاً لطبول الحرب، من قبل حكومة الشمال، مضيفاً إن هذه المسألة ستحسم إما بالاستفتاء وإما بالقضاء الدولي، ورداً على تضمين أبيي في أراضي الجنوب بدستور البلاد الجديد، قال إن دستور الشمال أيضا في مادته (141) يعتبر أبيي منطقة تابعة للشمال على خلاف اتفاقية السلام. وعلى الأرض، لا ينظر العسكريون لما تخلفه السياسة من مضاربات باهتمام، فالجاهزية للرد على أي اعتداء، كانت رداً لي من المتحدثين باسم الجيش الشعبي الجنوبي، والقوات المسلحة السودانية، وفي خضم هذا كان تبادل الاتهام بين الطرفين حول الحشود العسكرية بالمنطقة حاضراً كذلك، ففي حين أعتبر العقيد، الصوارمي خالد سعد، الناطق الرسمي بأسم القوات المسلحة، أنتشار جنوده على الحدود الشمالية لأبيي أمر طبيعي ولا غبار عليه، نافياً أتهاماً من الناطق الرسمي باسم الجيش الشعبي، اللواء فليب أقوير، بقيام كوادر من القوات المسلحة بتسليح المليشيات، فإن الأخير يجد أن تسارع الحلول السياسية، وتعقل القيادة السياسية من الطرفين سيجنب كوارث الأقتتال، متنمياً حلاً سياسياً لهذه الأزمة، مشيراً إلى أن وجود القوات الدولية مهم جداً في المنطقة، مؤكداً في ذات السياق على أن قواتهم لم تتجاوز نصوص الأتفاقات المبرمة، وهو ما دحضه لي تماماً العقيد الصورمي، مبيناً أن هنالك ثلاثة ألف جندي من الجيش الشعبي، بالإضافة إلى السريتين المتفق عليهما ضمن القوات المشتركة، متواجدين في أبيي، مؤكداً انها داخل المنطقة، موضحاً أن هذه القوة ترتدي زي الشرطة، ملمحاً إلى أنه تمويه من الجيش الشعبي، وأردف الصوارمي، أنهم جاهزون في القوات المسلحة لكل الخيارات، لافتاً إلى حديث رئيس الجمهورية، وزاد: "كلام الرئيس واضح، ونحن جاهزين ورهن الإشارة"، وفي المقابل فإن أقوير الذي بدا منهكاً من الحلول العسكرية، وميال للحلول السياسية، فقد أكد لي في حديث عبر الهاتف أمس "الجمعة"، أنهم سيردون على أي تحرك، معرباً عن قلقه من حشد القوات المسلحة، ومنبهاً من خطورة دعم كوادرها للمليشيات. وبين جاهزية العسكريون، والمضاربات الكلامية بين السياسيون، فإن اشتعال هذا الفتيل المؤجل بات مرجحاً أكثر من ذي قبل، ولعل أيام شهر يوليو، التي ستشهد أحتفالات بكل أنحاء دولة الجنوب الوليدة بالاستقلال، ستكون أبيي بلا شك جزءً منها، قد تقود إلى احتكاكات دامية بالمنطقة تعيد إلى الأذهان، الأحداث المؤسفة التي شهدتها المنطقة في شهور مماثلة من العام 2008م، وربما تكون أطول وأعنف هذه المرة، وهو ما دفع بعض الأحزاب الجنوبية إلى رفض ضمها للجنوب في مسودة الدستور الانتقالي للدولة الوليدة، وقال رئيس حزب منبر جنوب السودان الديمقراطي، مارتن إيليا، عقب انتهاء الاجتماع العاصف مع رئيس حكومة الجنوب، سلفا كير ميارديت، بشأن الدستور، إن الأحزاب غير راضية عن التعديلات التي أدخلت في مسودة الدستور الانتقالى بدون مشاورتهم، مبدياً عدم موافقتهم، وقلقهم من ضم منطقة أبيى في دستور جنوب السودان قبل إجراء استفتاء المنطقة. وفي الأثناء، يجد المراقبون والمحللون، أن هذه الحرب الكلامية، أكدت على أبتعاد حل الأزمة، وذلك مع اتهام لمجموعات أجنبية، بالعمل على تزكية هذه الأزمة منذ أن تم إخراجها من المفاوضات وصياغة برتكول خاص بها، ويرى المحلل السياسي، الحاج حمد، أن اللوبي الصهيوني، وضع هذا الفتيل لاشعاله فيما بعد انفصال دولة الجنوب بين الجنوب والشمال، على حد تعبيره، وأضاف الرجل، إن هذا اللوبي كان طوال الفترة الماضية أكبر قوة دافعة للانفصال، معتبراً أن هذه المسألة لن تحل عبر الاتفاقات الدولية، لافتاً إلى أن حديث البشير لا يخرج عن كونه ضغط على المجتمع الدولي، للإيفاء بباقي التزاماته، وذلك مع أقتراب نهاية هذا الطريق، الذي مضت فيه الحكومة مع تقديم كثير من التنازلات، دون الظفر بأياً من الوعود التي شنفت آذانها لفترات تقاطرت، وما زالت.