[email protected] أمر يتكرر كل عام دون أن نتعلم من تجاربنا وأخطائنا. يفوز الهلال ويتقدم في البطولة الأفريقية فيسل البعض أقلامهم ليبدأون حملات الثناء والمديح المنظمة لأن هذه فرصتهم لبيع المزيد من الصحف وتوسيع قاعدتهم الجماهيرية. ينتصر الأزرق ويبلغ دوري المجموعات فتدب الحياة فيمن أوشكوا أن يلحقوا ( أمات طه) ويتسابقون جميعاً لاستعادة الأراضي المفقودة. لا أحد يفكر حقيقة في الكيان ومصلحته رغم أننا نسمع الكثير جداً من معسول الكلام عن الوله والعشق والتفاني في خدمة الأزرق العاتي. ودائماً ما تكون نتيجة مثل هذا التعامل العاطفي مع تقدم الهلال الخروج في المرحلة التالية وبعدها نرجع للبكاء والأحزان ويعود نفس من كانوا يفرطون في التغزل في اللاعبين وقدرات مدربهم وعظمة مجلس إدارتهم ليحدثون الناس عن الأخطاء الكبيرة التي وقع فيه هذا الإداري أو ذاك المدرب أو اللاعب. منذ سنوات ومع كل تقدم للهلال في البطولة الأفريقية ظللت أدعو كتاب الهلال وكل أنصاره إلى التعقل وتأجيل الاحتفالات إلى أن يحين موعدها الحقيقي، لكن لا أحد يسمع لأن المصلحة الشخصية دائماً تغلب على المصلحة العامة. أقول هذا الكلام الآن لأن ما عانينا منه في المرات السابقة بدأت مؤشراته في الظهور بمجرد أن تخطى الهلال عقبة الأفريقي التونسي. بدأت الاحتفالات مبكراً وربما يحدثون الناس غداً أو بعد غد عن النادي الذي يحبذ الهلال مقابلته في كأس العالم للأندية. جلست البارحة لمتابعة قناة قوون التي لاحقت لاعبي الهلال في غرفة اللاعبين بعد انتهاء المباراة وبصالة القادمين بمطار الخرطوم. في البداية قلت لنفسي كم هو جميل من فضائية سودانية أن تكون بين اللاعبين وجهازيهم الإداري والفني في يوم كهذا. لكن سرعان ما بدا لي أن ذلك الحرص ربما كان جزءً من محاولة استرداد أراضي القناة التي فقدتها وسط الأهلة في الآونة الأخيرة. تأكدت من ذلك بصورة قاطعة عندما قالت الأخت المذيعة فاطمة الصادق أن الكثير من الشركات تتسابق لتكريم نجوم الهلال وبدأت في ذكر بعض هذه الشركات. الجميل أن فوزي والكاروري كان رأيهم أن تأتي هذه الشركات للنادي لا أن تقدم دعمها عبر القناة. حتى الشركات لا تريد أن تفوت فرصة الاستثمار في الهلال.. يا لحزني على هذا البلد! والمرء ليتساءل أين كانت هذه الشركات عندما عانى الهلال وأصدر قائد لاعبيه البرنس البيان الشهير الذي تابعنا بعده تباري البعض في الشماتة من الهلال والاستهزاء به؟! أين كانت هذه الشركات ومشاكل الهلال المالية تعصف بالمجلس الأسبق الذي هرب رئيسه ظناً منه أن الخراب سيعم الديار الزرقاء بعد رحيله؟! أين كانت هذه الشركات و الشمات يتندرون بحالة الفلس التي ضربت الديار الزرقاء؟! اليوم فقط عرفتم أن الهلال كبير وأنه أفضل وسيلة للدعاية لأعمالكم! لو كنت عضواً في مجلس إدارة النادي لقلت لهم شكر الله سعيكم.. إهنأوا بأموالكم والهلال لا يريد منكم شيئاً. لكنني بالطبع لست صاحب القرار في الهلال ولهذا ليس بيدي سوى أن أنبه المجلس إلى ضرورة التمسك بصرامته التي بدأ بها. وليتذكر أعضاء مجلس الهلال أن هؤلاء القوم لا يريدون سوى الإعلان لأنفسهم. ولو كانوا يحبون الهلال فعلاً لدعموه أثناء معاناته لا أن يتسابقوا عليه بعد أن تمكن مجلسه بكفاءة نادرة من تخطي المرحلة الصعبة. أعلم أن محاولات استغلال الموقف والاستثمار في الهلال لم ولن تتوقف على قناة فضائية أو بعض أقلام أو شركات فقط. فقد حاول رئيسه الأسبق نفسه اللحاق بالقطار الذي فاته. فبعد أن أشبع سيادته الرئيس الحالي للهلال سباً وشتائم، وبعد أن سبح عكس التيار في أحلك الأيام التي مر بها الهلال جاء ليوهمنا بأن النصر الذي تحقق في تونس أثلج صدره. مثلما حاول الرجل الاستثمار في الأزمة، فهو يحاول الآن الاستثمار في النصر. اليوم فقط عرفت أن البرير هو الرئيس الحالي للنادي وأن عليك أن تتعامل مع هذه الحقيقة بشيء من الاحترام يا رئيس الهلال الأسبق؟! وما يؤكد هذا الافتراض هو أن صحيفة رئيس الهلال الأسبق قد خرجت علينا بمانشيت يقول " الأرباب يهدي الهلال أفضل محترف أجنبي في السعودية". وداخل الخبر قالت الصحيفة أن المهاجم الذي يعتبر الأفضل في السعودية هو من نوعية اللاعبين الذين كان يبحث عنهم كامبوس. عجبي من هؤلاء البشر.. فطالما أن كامبوس طلب هذا النوع من المهاجمين فلماذا لم يتكرم به أربابكم حينها يا هؤلاء! ألا تعلمون أن كامبوس نفسه غادر البلد غاضباً وقال للعصفورة التي التقته في دبي وهو في طريقه إلى البرازيل أنه بعدما ما حدث معه في الهلال لن يفكر في العودة مطلقاً للسودان ولا لأي بلد أفريقي! هل تعلم الحاشية أن ذلك الرئيس الذي كره كامبوس في السودان وأفريقيا كلها هو أربابهم الذي يقولون أنه سيهدي الهلال أفضل محترف أجنبي في السعودية! إن سلمنا بأن الرجل جاد فيما يقول رغم أننا عرفنا هداياه السابقة التي ما جلبت للهلال سوى الديون والأحزان والمشاكل المستعصية.. إن سلمنا بجدية الطرح فإن موقفه يعكس أنه يمارس دكتاتوريته المطلقة حتى أثناء محاولات استرداد الأراضي المفقودة. فهو ليس مدرب الفريق ولا رئيسه الحالي لكي يحدد أن الهلال بحاجة إلى مهاجم سواءً كان من العيار الثقيل أو الخفيف. فمن يريد أن يدعم حقيقة لا يمكن أن يبدأ أولى خطواته عبر مانشيت الجريدة التي يمتلكها. الدعم الحقيقي يكون بالجلوس مع مجلس الإدارة ليحدد بدوره بعد الاتفاق مع الجهاز الفني احتياجاته من اللاعبين، لا أن يحدد أربابكم يا هؤلاء لاعباً بعينه ويتوقع أن الأهلة سيفرحون لذلك وستفوت عليهم اللعبة! الأهلة أكثر ذكاءً من أن يخدعهم مجرد مانشيت من صحيفة يصر العاملون فيها إلى التخلي عن مهنيتهم من أجل إرضاء الأرباب. وقد علم الأهلة بالبئر وغطاها وأدركوا أن ما أصاب الهلال في الفترة الماضية كان نتاجاً طبيعياً لسيطرة أربابكم و حاشيته على الأمور في ناد تشجعه الملايين بصورة غير مقبولة وغير مسبوقة. أراضي الأرباب راحت في حق الله ولن تعود عبر مانشيت كهذا. لدي الهلال حالياً مجلس إدارة يبدو واضحاً أنه يعي تماماً متطلبات المرحلة وهو جاد في تحقيق أهدافه و (يمد رجليه على قدر لحافه). وهذا أكثر ما يسعدنا فقد سمعنا كثيراً وقرأنا أكثر عن المليارات التي تنفق عبر صفحات بعض الجرائد التي خانت الأزرق وناصرت فرداً ليعاني الهلال في نهاية الأمر معاناة لا توصف. الهلال الذي كان في يوم أثرى الأندية السودانية صار مثاراً لتهكم البعض لا لشيء سوى سياسات أربابكم الفاشلة. وأرجو ألا يخرج لي من يقول أن الهلال في حاجة لكل أبنائه ولم الشمل في هذا الظرف الصعب وذلك لسببين. الأول هو أننا لا نسمع من دعاة لم الشمل حديثاً من هذا النوع إلا عندما يكون أربابهم بعيداً عن مجلس الإدارة.. أما عندما يكون رئيساً فإنهم يسعون بكل قوة لإبعاد الآخرين. الإقصاء لا يصبح مكروهاً ومنبوذاً إلا عندما يعاني أربابهم. وهل يصدق الأهلة أن معظم أفراد حاشية الأرباب ما كانوا يقبلون مجرد رأي سالب يعبر عنه الأهلة عبر منتدياتهم المختلفة. ما أن تقول أن هناك خطأً أو ممارسة غير سليمة يهجموا عليك كالنمور الشرسة ساعين لتخويفك ووصفك بما ليس فيك لكي تتراجع عن موقفك. والمحزن أننا كنا بعد حين من ذلك نكتشف أن من يثورون ويشككون في هلالية البعض لمجرد رأيهم السالب في مجلس الأرباب إما أنهم يعملون معه في مؤسساته سواءً في السعودية أو السودان أو أنهم يرتبطون به بعلاقة ما. هذا كان حال الهلال على زمن الأرباب لمن لا يعلم من الأهلة. ثم أن الشمل حالياً (ملموم) وليس هناك سوى صوت نشاز وحيد وبعض من يدورون في فلكه ولا أظن أن ذلك سيؤثر على الهلال كثيراً. أما السبب الثاني فهو أن المرحلة الصعبة قد عدت بفضل جهود أعضاء مجلس الهلال الحاليين الذين ظل البعض وحتى الأسبوع الماضي يصفونهم بالضعف وعدم القدرة على تسيير العمل في نادي الهلال. من وصفتموهم بالضعف والبخل وغيره من الصفات الذميمة هم من تمكنوا من إخراج اللاعبين من حالة الحزن التي سيطرت بعد هزيمة الهلال من أهلي شندي التي ظن البعض أنها ستمهد الطريق لهزيمة ثقيلة في تونس. وبعد أن خاب ظنهم جاءوا يوهموننا بفرحهم الطاغي لتأهل الهلال. الهلال تأهل لدوري المجموعات وهو في أصعب الظروف، لذلك فالمرحلة القادمة رغم أنها الأهم، إلا أنها لا تتطلب سوى جدية من مجلس الإدارة والجهاز الفني واللاعبين. ولو كنت ممن يهوون تلميع الرجال والتسبيح بحمدهم لقلت أن هلال البرير لا يحتاجكم يا هؤلاء. فالرجل ومجلسه تمكنوا من مواجهة الكثير جداً من الصعوبات خلال الفترة القصيرة التي تولوا فيها الأمر في الهلال ليحققوا أول انجاز من نوعه تمثل في التأهل من تونس. تونس التي كنتم يا حاشية الرئيس السابق تسافرون لها بعد تحقيق الفريق لأفضل النتائج في أمدرمان لتأتونا من هناك بالهزائم لا لشيء سوى أنكم فوضيون وقد استبحتم الهلال خلال تلك العهود المظلمة. لكننا لا نربط الكيانات بالأشخاص ولهذا فإن أكثر ما نقوله لود البرير وأعضاء مجلسه المثابرين شكراً جزيلاً على مجهوداتكم المقدرة ونتمنى أن تكونوا أكثر يقظة وثباتاً خلال المرحلة القادمة لأنها الأهم. و لا حاجة للهلال بمن يركضون وراء إرضاء غرورهم. فهؤلاء خدعوا الأهلة بمساعدة آخرين في السابق ونالوا ما أرادوه من شهرة وصيت وفي نفس الوقت دمروا الهلال. تعاملوا يا أعضاء مجلس الهلال مع كل من يريد استغلال اسم الهلال الكبير لشيء في نفسه بالصرامة المطلوبة. وتأكدوا أن البطولات لا تأتي بالصرف البذخي ولو أن ذلك هو الطريق لها لنال المريخ كل الكؤوس القارية والعالمية خلال الخمس سنوات الماضية. طالعت اليوم خبراً يقول أن قناة أبوظبي الرياضية بصدد توقيع اتفاق مع قناة قوون واتحاد الكرة السوداني لنقل مباريات الدوري الممتاز السوداني. إن صح هذا الخبر تكون قوون قد بدأت أولى خطواتها في الطريق الصحيح. فقناة بإمكانياتها المادية والإدارية والفنية الضعيفة لا حيلة لها بتقديم الخدمة إلا عبر اتفاقيات شراكة من هذا النوع. فالنقل الجيد لمباراة الهلال والأفريقي الذي أشاد به البعض لم يكن إلا لأن القناة استفادت من كل إمكانيات قناة نسمة التونسية وأخذت كل شيء جاهزاً.