عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    الهلال يرفض السقوط.. والنصر يخدش كبرياء البطل    قصة أغرب من الخيال لجزائرية أخفت حملها عن زوجها عند الطلاق!    الجيش ينفذ عمليات إنزال جوي للإمدادات العسكرية بالفاشر    كيف دشن الطوفان نظاماً عالمياً بديلاً؟    محمد الشناوي: علي معلول لم يعد تونسياً .. والأهلي لا يخشى جمهور الترجي    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    تستفيد منها 50 دولة.. أبرز 5 معلومات عن الفيزا الخليجية الموحدة وموعد تطبيقها    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    حادث مروري بمنطقة الشواك يؤدي الي انقلاب عربة قائد كتيبة البراء المصباح أبوزيد    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    برشلونة يسابق الزمن لحسم خليفة تشافي    البرازيل تستضيف مونديال السيدات 2027    السودان.."عثمان عطا" يكشف خطوات لقواته تّجاه 3 مواقع    ناقشا تأهيل الملاعب وبرامج التطوير والمساعدات الإنسانية ودعم المنتخبات…وفد السودان ببانكوك برئاسة جعفر يلتقي رئيس المؤسسة الدولية    عصار تكرم عصام الدحيش بمهرجان كبير عصر الغد    إسبانيا ترفض رسو سفينة تحمل أسلحة إلى إسرائيل    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    منتخبنا فاقد للصلاحية؟؟    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا للمرة ال15 في تاريخه على حساب أتالانتا    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    عثمان ميرغني يكتب: السودان… العودة المنتظرة    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    "بسبب تزايد خطف النساء".. دعوى قضائية لإلغاء ترخيص شركتي "أوبر" و"كريم" في مصر    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    أصحاب هواتف آيفون يواجهون مشاكل مع حساب آبل    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    أسترازينيكا تبدأ سحب لقاح كوفيد-19 عالمياً    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يا شريكي الحكم ... بقلم: محمد عبد المجيد أمين
نشر في سودانيل يوم 02 - 05 - 2009


بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد :
ليس الهدف من هذا العرض الموجز مراجعة وتحليل ما طبق من بنود اتفاقية السلام الشامل أو ما لم يطبق ، منذ تاريخ توقيعها في يناير 2005 وحتى الآن ، وإنما الهدف هو استشفاف وتحليل جوانب وبنود ايجابية وردت في الاتفاقية، كان من المفترض ، إن نفذت ، ولو في حدها الأدنى ، أن تستفيد منها حكومة الشراكة وعموم الشعب السوداني علي السواء .
ربما جاءت هذه القراءة متأخرة قليلا ، لأنه وللأسف ، لم يتوقف شريكي الحكم عند هذه الجوانب المضيئة طويلا ،إذ سرعان ما ولجا إلي المسائل الشائكة(مناطق النزاع ،نزع السلاح و التسريح وإعادة الدمج ، الترتيبات الأمنية ، اقتسام الثروة ، وتعمير الجنوب)ووصل يهما الخلاف إلي اللجوء إلي التحكيم الدولي في مسألة "أبيي " تاركين وراءهما الكثير من الجوانب التي نعتبرها الركيزة الأساس والدعامة الحقيقية لتطبيق الاتفاقية معلقة دون تطبيق.
ربما كان للشريكين العذر فيما آلت إليه الأمور لاحقا ، فقد توالت الأحداث بصورة متلاحقة ، أربكتهما في كثير من الأحيان ، وجعلتهما يتصرفان علي عجل ، إما وفقا لأجندتهما الخاصة ، أو بفعل الضغوط الخارجية ، فتارة نراهم قافزين فوق الحواجز ، محجمين أو مترددين في تطبيق استحقاقات نراها أساسية ( كإرساء قواعد العدالة ونشر الحريات)، وتارة أخري نراهم مقبلين بنهم علي بنود تخص مصالح كل منهما تتعلق بالسلطة والثروة.
لعل أول الأحداث التي أربكت الطرفان ، وعلي وجه التحديد ، الحركة الشعبية لتحرير السودان ، هو الرحيل المفاجئ للقائد جون قرتق من الساحة السياسية للبلاد ، فهو بقبوله وتوقيعه علي هذه الاتفاقية أضاء شعلة السلام لتطفئ نار حرب امتدت لسنوات طوال ، وزرع في قلوب الملاين من الشعب السوداني آنذاك الأمل في إحداث تغيير ما يكسر حواجز التسلط والهيمنة من قبل حزب واحد ظل يسيطر علي مقاليد الأمور بالبلاد لمدة تزيد عن الخمسة عشرة عاما(حتى تاريخ توقيع الاتفاقية في 2005).
تأتي ثاني الأحداث المؤثرة ، والتي كانت من نصيب المؤتمر الوطني هذه المرة ، إصدار مذكرة " أوكامبو" ومدي التأثير السلبي الذي كان يمكن أن تحدثه علي تطبيق الاتفاقية وعلي الاستقرار في البلاد ، لولا تدارك الشريكان خاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان ، بعد تلمسها مدي الاستنكار الشعبي لهذه المذكرة ووقوف الشعب خلف رئيسه ، وأدركت علي الفور أن مصلحتهما يمكن أن تتقوض إذا ما انفرط عقد تطبيق الاتفاقية لذا فقد عملا معا علي دفع واحتواء كل ما يعرقل عملية التطبيق قدر الإمكان ،
ربما كان ذلك التلاحم "المؤقت " بين شريكي الحكم هو الشيء الوحيد الذي نفذاه سويا وبطريقة صحيحة لأول مرة ، وخدما بذلك مصلحة وحدة السودان وشعبه "مؤقتا" وهو أن يبقي السلام مستمرا، وهذا كسب غير منقوص لكل الأطراف خاصة وأن كل المؤشرات تؤكد أن الأمور قد بدأت تسير نحو منعرجات صعبة للغاية وأن العمل الجماعي الجاد لتفعيل بنود الاتفاقية أصبح لازما باعتباره المخرج الوحيد لتجنب مزيد من "الأزمات". كما أن مذكرة "أوكامبو " أثبتت للجميع أن "الشعب " هو لاعب مؤثر ، يستجيب للأحداث ويتفاعل معها عند الضرورة ، بل ويمكن أن يوجه الأحداث حيثما يريد ، والمفارقة التي يجب أن تذكر هنا أن " الحكام " سرعان ما ينسون أن هناك سلطة أقوي من سلطتهم ، يمكن أن تؤيدهم وتؤازرهم وقت الشدائد وعند الملمات ، ويمكن أيضا أن تطيح بهم "عند الضرورة" .
بالرغم مما قيل من قبل عن ظروف إعداد الاتفاقية ورؤية وتأثير، بل ومشاركة القوي الخارجية في صياغة بنودها ، فإننا لا نشك في صدق نوايا القوي الوطنية السودانية التي وقعت عليها، وإلا ما كانت خرجت كل هذه الجموع لاستقبال الراحل جون قرنق.
كان السودان موعودا آنذاك بالأمل في إمكانية حدوث تحول جذري في تاريخه السياسي المتقلب ولكن، برحيل د. جون قرنق المفاجئ حدث فراغ كبير تمثل في عدم وجود الشخصية القيادية المثالية التي تستوعب مضمون وروح الاتفاقية. إن ذلك يجعلنا نتساءل: هل كان هذا الرجل يحمل هموم الحركة الشعبية ومناطق جنوب السودان فقط، أم كان يحمل هموم السودان بأسره؟ وهل الذين أتوا من بعده كانوا علي نفس المستوي من الفهم ، كي تطبق الاتفاقية كما رأي الراحل جون قرنق؟
إن كثيرا من بنود هذه الاتفاقية يدلل ، وبدون أدني شك أن الراحل جون قرنق كان رجلا وطنيا خالصا ، يضع في اعتباره السودان ككيان واحد موحد ويحرص علي لم الشمل وتضميد الجراح وبسط الأمن والسلام وإحداث التنمية علي كل الأصعدة ، وفي كل أنحاء السودان .كان هذا الأمل هو السودان الجديد في نظره . الم يكن بوسعه أن يطالب بالانفصال منذ البداية ، وكانت كل الظروف مهيأة لذلك؟... لم يفعل ذلك، لأنه ببساطة يعرف أنه جزء أصيل من هذا الوطن الواحد، لا يمكن أن يبتر عضو من أعضاء.
ومهما كانت نوايا الأطراف المعنية بالاتفاقية ،وما "تبطنه" القوي الخارجية، فقد تحقق السلام بالفعل ، علي الرغم من بعض العثرات ، بين الفينة والأخرى ،هنا وهناك ، إما بسبب البطء في التطبيق أو بسبب التلكؤ والمماطلة والمراوغة أحيانا في التنفيذ ، وتمادي الأمر بظهور أصوات نشاز ، هنا وهناك ، تطالب سلفا بالانفصال.
أولا: مراجع الاتفاقية :
لابد أن نعي تماما أن المرجع الأول لهذه الاتفاقية هو "دستور السودان" لعام 98 وهو في الواقع دستور النظام الحاكم أنذاك وليس بدستور "الأمة" وهو بحد ذاته محل نظر وانتقاد لأن من أهم "علله" أنه صيغ وأعد من منظور حزبي "بحت "وفرض علي الشعب فرضا ومن جانب واحد فقط
يعتبر الدستور الانتقالي(2005) الحادي عشر في ترتيب الدساتير التي مرت علي البلاد (من دستور 1953 إلي دستور 2005) منها المعدل ، ومنها الانتقالي ، ولم يفلح أي منها في الصمود ، إما بسبب التقلبات السياسية المستمرة ، أو بسبب رغبة الحكام في توطيد حكمهم ، والشعب دائما هو الحاضر الغائب في هذه الدساتير. وهنا تبرز علة العلل وهي عدم وجود دستور دائم يتفق عليه الجميع ، دستور يضع رغبات وآمال الشعب في المقام الأول ، دستور يضعه أناس يفهمون معني "الإيثار" ، مجردون من الأنانية ونزعة الهوى ، دستور لا يتغير بتغير الحكام. أليس الدستور .. أي دستور بمثابة عهد وميثاق بين الحاكم والمحكومين .!؟
يذهب الحكام ، ويبقي الدستور علي الأقل صامدا لأطول فترة ممكنة ،ولكن ، نحن نتكلم عن محيط جغرافي جد غريب يتغير فيه الدستور كلما يتغير الحكام ، حتى الشعب يتغير سلوكه ومشاربه وتطلعاته بتغير الحكام ، وهذا يجعلنا " كالسحابة" العارضة التي تدفعها الرياح ، لا شيء راسخ يمكث في الأرض.
وبسبب غياب مثل هذا الدستور الدائم ، فقد صيغ كالعادة دستور انتقالي آخر "استهداء “ وتعزيزا لاتفاقية السلام الشامل ومتطلبات السلام (2005). وعليه ، سيكون الدستور الانتقالي مجرد دستورا " اختباريا " ، لا أكثر ، تمتد صلاحيته إلي ست سنوات هي عمر الفترة الانتقالية المحددة في اتفاقية السلام الشامل ، والمطلوب من شريكي الحكم في خلال تلك الفترة اختبار بعضهما البعض في جوانب رئيسة أهمها الثقة وحسن النوايا بغية تحقيق متطلبات السلام. وفي هذه الحالة ستكون اتفاقية السلام الشامل مجرد "بالون اختبار" مطلوب منه أن يكون جاذبا وصامدا لمدة ست سنوات، ليس في الهواء، وإنما علي الأرض وبعدها سيحدد طرف واحد فقط (جنوب السودان)مصير أمة بأسرها: إما الوحدة أو الانفصال. إذن ، الخيار معلن مسبقا والمسألة مسألة وقت لا أكثر. ولكن لا بد وأن نرنو بأعيننا قليلا إلي الأمام ، إذ بعد مرور الفترة الانتقالية سيتحتم علي الحكام الجدد وقتذاك صياغة دستور جديد للبلاد يتواءم وطبيعتهم ، وهكذا.. دواليك.
أكد علي هذه الاتفاقية ووقع عليها بعد الطرفان"شهود" كثر ، يمثلون جهات دولية وإقليمية معتبرة ، لم يقتصر دورهم علي الشهادة فحسب ، بل امتدت مهامهم وغيرهم من المعنيين بالشأن السوداني إلي لعب دور " المانحين "أيضا ، مما أوجد عناصر ضغط خارجية أخري إضافية علي الاتفاقية ، ماديا ومعنويا. وبصرف النظر عن نوايا المانحين وعلاقتهم بهذه الاتفاقية، فان لهم أيضا " معاييرهم " الخاصة في تحديد مواقيت بسط اليد أو قبضها ، وعلي أي طرف سيكون الضغط ، وهذا أمر بات طبيعيا في السياسة الدولية المعاصرة وهو أن ترهن الدول والكيانات "الضعيفة "إرادتها " عند السيد "شايلوك" وتابعته الأمم المتحدة .
ثانيا : الوضع الراهن :
هاهو العام الرابع يمر منذ تاريخ توقيع الاتفاقية ، ولا شيء نراه سوي عراك بين المصالح وشد وجذب بين الطرفين ولا جديد في تحسن الوضع في مسألتي الثقة وحسن النوايا فكل منهما لازالت له أجندته الخفية يسعي لتحقيقها بشني الطرق كسبا للوقت. ثلة من المستنفذين والانتهازيين في المؤتمر الوطني لا يهمهم السلام أصلا ولا مستقبل هذا البلد ، يسعون في غيهم نحو الفساد والإفساد والفرقة بين الناس غير آبهين بتبعات ذلك علي البلاد والعباد ، ولا هم لهم إلا جمع أكبر قدر ممكن من "الثروة" ، ومن فرط "غيهم" يعالجون الخطأ بخطأ أفدح منه وتتوالي "الكوارث" تتري، وثلة أخري من المستنفذين والانتهازيين في الحركة الشعبية ، غير عابئين بما يحدث لهذا البلد لأن خط الرجعة بالنسبة لهم معد سلفا ومضمون بموجب الاتفاقية.. أقله ... الانفصال.
إذن ، المحصلة حني تاريخه هو خسائر فادحة ومزدوجة، ليس للطرفين فحسب وإنما لعموم أهل السودان. المؤتمر الوطني يخسر سمعته بسبب رائحته التي أزكمت الأنوف ولم يستطع " القادة " لجمها أو كبتها ، والحركة الشعبية تخسر فرص الوحدة وتخسر باقي المليون ميل مربع سعيا وراء الانفصال لتكسب ستمائة كلم مربع تقريبا ، هي كل مساحة جنوب السودان ذلك كله بسبب الأنانية والافتقار إلي الكياسة والحكمة خاصة في معالجة القضايا المصيرية المتعلقة بمستقبل السودان .
ثالثا : سلبيات اتفاقية السلام الشامل
تضمنت اتفاقية السلام الشامل ، بالقراءة مع نص الدستور السوداني الانتقالي ، بنودا ومبادئ استلزمت من مطبقيها الحضور والوعي الكاملين ، وقبل كل ذلك كله ، الأمانة والإخلاص في التنفيذ ، فهي كلها مبادئ ايجابية واعدة ، تصب كلها في مصلحة السودان وشعبه ، وبسبب غياب الوعي وعدم توفر النية والإخلاص في التنفيذ ، تحولت كلها فيما بعد وحتي الآن إلي مبادئ " سلبية"بل ومهدد "للأمن القومي" للبلاد ، ويمكن تلخيص أهمها فيما يلي ن مع تعقيب مقتضب عليها :
1- جمهورية السودان دولة ذات سيادة :
" الدولة منقوصة السيادة لأنها لازلت نلهث وراء المنح والمعونات ونستجديها استجداء ونستقطب الاستثمارات المشروطة ". كينونة جمهورية السودان في العلاقات الدولية هي "الحكومة"ومن والاها.. لا تتكلم بصوت واحد وإنما بصوتين متوازيين لا يلتقيان أبدا".
2- تتجسد سيادة الأمة في شعبها:
" الأحزاب، كل الأحزاب بلا استثناء لا زالت ، مع اقتراب موعد الانتخابات ،تجتهد في استقطاب الشعب بكل المغريات تقطع أوصاله ثم تروضه فيما بعد لخدمة مصالحها وكسب مزيد من الأصوات". اجراءات تكتيكية مكشوفة مل منها الشعب .
3- وحدة السودان القائمة على الإرادة الحرة لشعبه، وسيادة حكم القانون، والحكم الديمقراطي اللامركزي، والمساءلة، والمساواة، والاحترام والعدالة لجميع المواطنين:
" يعلم الذين صاغوا هذا النص في الدستور السوداني الانتقالي والموقعين علي كل المواثيق والعهود والدساتير أن شعب السودان ليس له إرادة حرة ، وأن القانون منحاز بالكامل إلي النظام ، بعدما أدار ظهره "للعدل" واستنبط "عدلا" جديدا من عنده وفرضه علي الشعب فرضا بحكم " القوة الجبرية" ، وأن الديمقراطية مجرد "مصطلح" مفرغ المحتوي ، وانه لا توجد "مساءلة" خاصة لأصحاب "الحصانات" الدستورية وان السلب والنهب والرشوة وشراء الذمم والأصوات يتم بمعرفة الدولة ورعايتها ، وانه ليس هناك احترام لا لدين ، ولا لعرف ، ولا لدستور ، ولا للمواطن السوداني ، وأن العدالة "مفقودة" عند الضعفاء المساكين من عامة الشعب.
4- التنوع الثقافي والاجتماعي لشعب السودان أساس للتماسك القومي ولا يجوز استغلاله لزرع الفرقة:
" التنوع الثقافي والاجتماعي لشعب السودان سلاح يستخدمه النظام " سياسيا" ضد الشعب نفسه بغرض زرع الفتن والأحقاد والفرقة بين الناس واللعب علي الفئات "العرقية" بغرض "الاستقطاب".
5- سلطة الحكم وصلاحياته تستمد من الإرادة الغالبة للشعب والتي يعبر عنها في انتخابات حرة ومباشرة ودورية وذلك في اقتراع عام للبالغين. مشاكوس
"مصطلح (الإرادة الغالبة) الوارد أعلاه يعني ببساطة الحزب " ذو الغالبية" وهو معروف سلفا لأنه يملك كل الأدوات اللازمة للفوز الكاسح في أي انتخابات ، مع ملاحظة أن هذه الأدوات غير شرعية لأنها إما (منهوبة) أو (منتزعة) قسرا من قوت وإرادة الشعب. الأمانة والنزاهة والتجرد هم الأدوات الوحيد لتصحيح هذه التشوهات وهي أدوات مفقودة حتي الآن .
رابعا : بين الاتفاقية والتنفيذ :
يمكن لهذه الاتفاقية إن تنجح وبامتياز ، بل وأن تكون مدخلا لوحدة كل الشعب السوداني ، فقط إذا نحينا جانبا ما توصل إليه الشريكان حتى الآن ، فعلي قدر " فهمهما لمضمون الاتفاقية نفذا ما استطاعا تنفيذه ، سلبا كان أم إيجابا وهو علي كل لا يغني ولا يسمن من جوع ، أما المحصلة التي خرج بها الشعب السوداني هي استشفاف مستقبل "غامض" وغير "آمن" وأن كل طرف معني لا زال يتصرف وفق منطقه الخاص ولا اعتبار للشعب عنده ولا لمستقبل البلاد ، وهو أمر جد عجيب ، لأنه يخرج عن نطاق مضمون وروح الاتفاقية . فالمؤتمر الوطني يتصرف في كل الأمور وفق قاعدة " وضع اليد ".. وكأن لسان حاله يقول: السودان "حقنا" وفي "جيبنا" ويلعب دور"العريف" دائما ، والحركة الشعبية تتصرف وفق قاعدة " الجسم المطاطي" قدمان راسختان في الجنوب وذراعان ممتدتان نحو الخرطوم . ويبقي خارج هاتين المعادلتين الشعب السوداني ، المعني الأول والأخير بهذه الاتفاقية.
خامسا: هدايا الشريكان للشعب السوداني :
كل الهدايا التي قدمها الشريكان للشعب السوداني حتى الآن كانت من العيار " الثقيل " تمثل أهمها في:
1- التجاهل التام لإرادة للشعب السوداني . وتسفيهه والنيل من كرامته والمتاجرة "باسمه" في كل المحافل بغير حق من أجل "مصالحه" الحزبية الخاصة وإرضاء للإرادة الأجنبية.
2- الاستمرار في نهب سلطة البلاد وثرواتها واقتسامها مع الشركاء والموالين واعتبارها " إقطاعيات" مملوكة للأحزاب الحاكمة تتصرف فيها كيفما تشاء.
3- تعيين "الرؤوس الجاهلة" في المواقع الحساسة في البلاد، ليس لسبب إلا الولاء"ومنحهم صلاحيات بعيدة كل البعد عن النظم واللوائح المنظمة لأي عمل "عام" بغرض تسهيل وخدمة مصالح " سياسية" خاصة.
4- تهيئة كل الظروف لإفساد الشعب السوداني وإغواءه، وحثه علي “النفاق"، “والغش"، "والخداع" بهدف "إذلاله" بالإدانة ومن ثم السيطرة عليه.
5- اتهام الشعب السوداني " بالشحاذة" وهي وان كانت "مذمة " إلا أنها أرحم كثيرا من "النصب" "والاحتيال" علي الدول باسم السودان لجلب منح واستثمارات "مشبوهة" لا يصب أغلبها في "الخزينة العامة" للبلاد.
6- التسبب في "انهيار" التعليم في البلاد مما نتج عنه تخريج أجيال "خاوية الرؤوس" ، يسهل السيطرة عليها وتوجيهها حيثما أراد" النظام" ، وتسهيل والمساعدة علي "منح" الموالين شهادات عليا ، محتواها لا يمثل أي إضافة حقيقية للبلاد، لا علي المستوي الأكاديمي المحلي ولا العالمي ، وهو في كل الأحول مستوي يتربع علي "ذيل" القائمة وفقا للمعايير العالمية ومتأخرا كثيرا بالنسبة لترتيب الجامعات الأفريقية والعربية.
7- التسبب في انهيار الصحة العامة في البلاد بدخول أمراض جديدة لم بعرفها السودان من قبل " الايدز،التهاب الكبد الوبائي ، الضغط ، السكري" والتسبب في حدوث وفيات "غير مبررة" بسبب غياب ابسط الخدمات الصحية أو جعلها "مثمنة" وبعيدة المنال لغير المستطيعين وهم عموم "الفقراء " من أهل هذا البلد . والتنصل من المسئولية المادية والأخلاقية بالاعتماد الكلي علي خدمات وبرامج منظمة الصحة العالمية والمنظمات الأخرى ذات الصلة.
8- التسبب في تمزيق وحدة الشعب السوداني بتبني المسائل ذات الطبيعة "العرقية" واستخدامها "سياسيا" كوسيلة للتمييز والانحياز، وفي نفس الوقت استخدامها كوسيلة لتهميش الأخريين واغتصاب حقوقهم وأعراضهم ، مما سبب كثيرا من الضيم علي " المفتري عليهم" حتى " تمردوا".
9- رفع اليد عن كل الخدمات التي يمكن أن تؤديها أي دولة لشعوبها ( الواجبات) وترك الأمر للمواطن كي يدبر أمره وعلي نفقته الخاصة ، بل وإرهاق كاهله بتحمل التزامات مالية جائرة.
10-التضييق علي حياة الناس وعلي أرزاقهم وتشجيعهم علي " التحايل"، واحتكار السلع والخدمات وإطلاق يد التجار في تحديد أسعار السلع والخدمات وفق هواهم وجشعهم وطمعهم مما جعل اغلب الناس يساير حياته اليومية بالكاد " بالدفتر".
11- تسهيل كل الوسائل التي تساعد الناس علي معصية الخالق إرضاء “للمخلوق". والتغاضي عن المحرمات التي يعاقب عليها الشرع قبل القانون ، والاتجار " بالدين " لتحقيق المصالح الخاصة.
12 إجبار الناس علي الانحياز للنظام وتهديدهم وترويعهم بقطع أوصالهم أن هم جهروا "بالحق" أو انحازوا إلي فئة دون أخري.
13 إشغال الناس بأمور وقضايا حساسة ،(أهمها السعي واللهث وراء القوت اليومي الذي أصبح ينتزع انتزاعا) ، لمنعهم من التفكير في المطالبة بحقوقهم والحلم "بغد" أفضل .
14- تعيين مجالس تشريعية منحازة للنظام ، ليس لها أي علاقة بهموم ومشاكل وحياة الناس اليومية ، تتمتع بامتيازات ومخصصات غير عادية ، مهمتها الأساسية "الجدل" وتمرير أجندة النظام .
15- الحجر علي القانون وعلي قوات الشعب المسلحة ، إما " بالتحييد " أو "بالانحياز"، وهما "الملاذ " الأخير للشعب في "الملمات".
16- التسبب في ضياع و"طمس" ارث وحضارة شعب عريق ، وفقدان كل " الكروت الأخلاقية والاجتماعية، والاقتصادية الرابحة التي كان يتنافس بها يوما مع العالم.
17- تآمر شريكي الحكم علي كبت حرية الرأي والتعبير ، ومنع نشر الحقائق في وسائل الإعلام المختلفة ، وهو دليل قاطع علي "دكتاتورية " النظام الحاكم.
18 – الاستمرار في اهانة الشعب السوداني بتغيبه عن مسرح الأحداث وعدم الاكتراث لصوت العقل الجمعي للأمة ، واللجوء إليه فقط والاحتماء به عند تأزم المواقف وجسام الأحداث .
19- المخالفات المتكررة للدستور واتفاقية السلام الشامل.
جملة الهدايا والعطايا المقدمة للشعب السوداني لا يعد ولا يحصي، ليس من الحزبين الحاكمين فحسب بل من كل الأنظمة التي حكمت السودان منذ الاستقلال ، ولعلنا نتذكر في هذا السياق قول الراحل عبد الخالق محجوب " والله أنتم في واد والشعب في واد آخر غير أن واديكم غير ذي زرع." مناضل "شيوعي" ولكنه مواطن ، استبصر ما لم يستبصره "هؤلاء".
سادسا : علاقة شعب السودان باتفاقية السلام الشامل :
إذا استثنينا أنصار شريكي الاتفاقية ومؤيديهم من الأحزاب الأخرى، فان غالبية الشعب السوداني ليس له أي علاقة مباشرة بهذه الاتفاقية ، إذ أنها موقعة بين طرفين برعاية دولية، ومع ذلك ، وردت مسميات عدة ، سواء في اتفاقية السلام الشامل أو في دستور السودان الانتقالي أو البروتوكولات المعززة لعملية السلام ، تشير كلها إلي أن الشعب السوداني هو المعني الأول والأخير بما يلزم ، والغريب أن هذه المسميات تلفت الانتباه حقا لأنها تفصل حقيقة معاناة هذا الشعب.. نورد منها علي سبيل المثال مسميات وردت في صفحتين فقط من اتفاقية السلام الشامل (ص 1،2) : "خسائر مريعة في الأرواح" ، "شعب جنوب السودان" ، " وحدة السودان التي تقوم علي أساس الإرادة الحرة لشعبه" ، " شعب السودان له تراث.." ، " ..التي تحترم الحقوق الإنسانية والسياسية لجميع الشعب السوداني" ، "...والاقتتال الذي يعاني منه الشعب السوداني " , "صياغة خطة لعودة اللاجئين" ، "..تحقيق الأهداف المشتركة والإعراب عنها بأفضل صورة لمصلحة جميع السودانيين"
يعلم الشريكان أن " الحساسية " بينهما لا زالت قائمة وأن الثقة المتبادلة وحسن النوايا لازالتا علي حالهما ، لاسيما وأن كل منهما يخشي أن يكون " مخترقا" من قبل الآخر، بل أن كل منهما يحاول "اختراق" الآخر ، وفي ظل هذا الوضع ، سيكون أي مواطن عادي من شعب السودان محل "شبهة" إن اقترب من أي منهما ، وهنا تكمن الكارثة، إذ سيتكشف لنا بوضوح أن كل ما نراه بين الشركيين هو مجرد "شكليات" لا أكثر، كل منهما "يمثل" علي الآخر أنه ينفذ الاتفاقية. وأن كلمة " شعب" أو "مواطن " بالنسبة لهما مجرد مسميات "هلامية لا حق لها في حرية الرأي والتعبير ، حتى وان كانت حقوقا واجبة النفاذ في الدستور، واتفاقية السلام الشامل ؟ ولكن..! ،من يأتنا بحقوقنا المسلوبة إذن..،إذا كان الشريكان علي هذا الحال.!؟ هل نفهم أن المسألة كلها مجرد تضييع وقت بين الطرفين وان الأمر محسوم ؟
لم يلتفت أي من الأنظمة الحاكمة التي مرت علي السودان منذ الاستقلال وحتى الآن إلي حقيقة تطلعات وآمال هذا الشعب. نعم.. يذكر اسم الشعب كثيرا في الدساتير والاتفاقيات والبرامج الحزبية ، كما يذكر اسم المواطن تماما في "بطاقة " هويته ، ولكن عند التطبيق يختلف الوضع تماما ، فلا أحد يعرف أحدا .
سابعا : الجوانب المضيئة من الاتفاقية :
لابد من الإشارة إلي أن كل البنود التي وردت في اتفاقية السلام الشامل ولها معالجات تطبيقية تمس مصالح الشعب السوداني ، بشكل مباشر أو غير مباشر ،هي من الجوانب المضيئة ، وهي إن طبقت أو سعي في تطبيقها ، وان كان ذلك متأخرا، ستكون دليلا علي مدي جدية المعنيين بالأمر ، نخص منها ، علي سبيل المثال ما يلي:
مادة 1-5-2:" إيجاد حل شامل يعالج التدهور الاقتصادي والاجتماعي في السودان....".
الخلاصة :
هذا الجيل ، في مراحل تحصيله الأكاديمي الكتب أمامه نادرة ،وأن توفرت فهي "للموسرين" فقط . لم يبقي أمامه، كي يواصل المسيرة إلا كم هائل من "الشيتات"ومحاضرات "ذكية"مقتضبة ، ومراجع "الانترنت". ولكن يمكن أن يجد أمامه أيضا فرصة أسهل من ذلك كله ممثلة في أقرانه من الطلبة "المتسيسون" كل يدعوه إلي مائدته ، وهو نفس الهراء الذي ذكرناه آنفا.
أن السودان في حاجة ماسة وحقيقية إلي وقفة تأمل ، فالواقع الآن يقول أننا في حالة "نفخة"كاذبة ، معروف سببها ومظاهرها وكيفية معالجتها ، ويمكن أن نتغلب عليها الآن ، وليس بعد ما نذهب إلي"القبر" .
الأمر ليس صعبا ، استحضار العزيمة وشحذ الإرادة وتحديد الأهداف كلها كفيلة بتحقيق المعجزات. لا بأس أن نبدأ من "أ، ب" ولكن نبدأ من قاعدة صحية صحيحة، والباقي علي "الله"
هي دعوة للتغيير أذن ، بعد نقد الذات ،دعوة مبنية علي التسامح والمحبة والسلام للجميع ، وحب الوطن "بوعي" وليس حب الرؤساء والزعماء ، لأن المطلوب أن نحبهم ليس فيهم هؤلاء.
لنغلق علينا الأبواب ونتعاتب ، ونتصالح مع أنفسنا أولا ، ثم مع الأخريين برد حقوقهم المشروعة وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة، حتى ولو جاءت علي غير ما نريد ، فالعهد والميثاق دين مستحق أولي بالوفاء ، ثم نقرر بعدئذ:
-هل نريد سودانا قويا عزيزا موحدا... أم سودانا مقطع الأوصال منفصلا؟
- هل النظام الديموقراطي هو النظام الأمثل للسودان ؟ ..إذا كانت الإجابة بنعم ... فأي نمط من أنماط الديموقراطية نريد ؟ النمط "الأرسطي" ، أم النمط الغربي، أم مثل النمط الذي تتجهز الحكومة"لتسويقه"، أم هناك أنماط أخري تتلاءم مع طبيعتنا "المتقلبة" ؟.
-هل من حق الحكومات القائمة أن تختار لشعبها نمط الحكم الذي تريد ، أم هناك فرصة لاستطلاع آراء الناس فيما يريدون ؟
إننا حقا أمام مسألة جد معقدة وحلها: إما أن تختزل وتفرض علينا فرضا ، أو أن تفصل وتوضح لنا توضيحا .
(يتبع 2)
محمد عبد المجيد أمين (عمر براق)
E-mail:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.