موقف الحركة الشعبية من نتائج انتخابات جنوب كردفان ورفضها النتيجة ليس فيه ما يدهش الرأي العام ،لأن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية شرعا في تنفيذ اتفاقية السلام بالمساومات السياسية، فكلما دب بينهما خلاف حتى ولو في قضايا جوهرية مثل قوانيين الحريات كانت المساومة هي الفصيل بينهما بترضية الحركة بمكاسب سياسية في موضع آخر مقابل إسكاتها ، وعليه أصبحت عقلية الحركة الشعبية لا تستوعب في العلاقة بينها والشريك إلا الترضيات ولهذا مسألة الفوز في الانتخابات أو الخسارة ولو كان المؤتمر فاز حقيقة أو قام بعملية تزوير الانتخابات لن تضع الحركة نفسها موضع القبول بالنتيجة، فكل ما دار بين الشريكين في الفترة الماضية كان يلف حول محور المساومات حتى نفدت كل الكروت. لم يبق ما يساوم عليه إلا أبيي وهذه قضية معقدة لا الوطني ولا الشعبية لهما القدرة على المساومة فيها،وهذا الواقع دفع المؤتمر الوطني بعد الإنفصال إلى خانة الزهد في ترضية الحركة ولأنه كان بامكان الحركة أن تفوز بولاية جنوب كردفان لو كانت انتخاباتها قبل الانفصال ، فنتيجة انتخابات النيل الازرق خير شاهد على علاقة الترضيات والمساومات بين الشريكين قبل الانفصال، ومعلوم للجميع أن نتائج انتخابات النيل الأزرق كشفت بجلاء عن نهج التلاعب في النتائج الانتخابية حينما تغيرت النتيجة لصالح مالك عقار عقب تهديداته بشن الحرب ، والدهشة من النتيجة جعلت مرشح المؤتمر الوطني بالنيل الأزرق لمنصب الوالي فرح عقار غير قادر على هضم الموقف السياسي الذي وضعه فيه حزبه حينما بشره بالفوز بالولاية ثم نكص عن عهد بعد أن استعرض المالك قوته واصطفت جنوده، حينها خرج فرح على الناس ووصف الانتخابات بالمزورة، وكانت هي سابقة أن يتهم الوطني بالتزوير في تلك الانتخابات بعد أن كان هو المتهم رقم (1) بالتزوير عموماً سيناريو انتخابات النيل الأزرق جسدت التراجيديا السياسية في العلاقة بين الشريكين. وها هي ذات التراجيديا تعرض فصولها في انتخابات جنوب كردفان بصورة أكثر مأساوية لأن الحركة تأبطت شرها وأعلنت رفضها النتيجة، تلك النتيجة التي عكست لجراحي الشريكين فشلهما في إجراء أي عملية مساومة سياسية تنجيهما مما وقعا فيه ، ففي كل مرة كان الآخرون من القوى السياسية هم الضحايا إلا أن هذه المرة الضحية أحد الشريكين حيث حصدا ما زرعاه في نيفاشا من مكر سياسي اقصى الآخرين. الجريدة fatima gazali [[email protected]]