مئات الجمعيات والروابط المهنية والجهوية مسجلة بسفارة السودان في الرياض، منذ سنوات طويلة ، وقد ظلت هذه الجمعيات عاجزة عن القيام بأي فعل ايجابي تجاه الوطن أو المناطق التي تنتمي إليها جغرافيا ، أو حتى خدمة عضويته ،بل هي تكتفي غالبا بحفلات "الوداع والاستقبال و توزيع الدروع ، وإقامة الاحتفالات بذكرى الاستقلال ، و الحفلات غنائية ، والندوات التي تجسد لونها السياسي سواء أن كانت توالي الحكومة أو تعارضها ، ولعل ابرز مايميز هذه الجمعيات "التناحر" والانشقاقات . واللافت أن السفارة السودانية في الرياض مستعدة دائما لتسجيل أي جمعية أو رابطة دون النظر في كثرة هذه الروابط والجمعيات والتي تربو على ال300 جمعية ورابطة ، في حين ينبغي أن تدقق السفارة كثيرا في عضوية الروابط وطرحها وجدوى قيامها ، أي بأن تكون هناك اشتراطات تتجاوز "عدد العضوية " فقط ،و هو الأمر المعمول به حاليا.. كما يجب على السفارة وهي بيت السودان الكبير أن تتصدى للانشقاقات المتعددة ، وحالة الاستقطاب الحادة التي تلحق أضرارا بالغة بأي مكتسب وطني . وتبقى التساؤلات مشروعة عن الأدوار التي تضطلع بها هذه الجمعيات فهل من بينها من شيد بئرا في قريته ، أو عبد طريقا يسلكه أهله ، أوقام ببناء مستوصفا يتعالج في سكان منطقته ،أو اقام مدرسة في ضاحيته أو ...الخ التساؤلات الكثيرة .. قد يقول قائل: أن تلك مهام يجب أن تضطلع بها الحكومة ، وهذا صحيح ، ولكن للمجتمع دوره الذي يجب أن يقوم به تجاه وطنه وأهل وطنه ، فالتبرعات والهبات التي تتلقاه "بعض" من الجمعيات والروابط والتي بلغت في بعض الأحيان مبالغ فلكية يجب أن توظف لما ينفع العضوية والوطن كذلك ، فالوطن ليست حكومة بل ارض وبشر وماء وشجر وطير . حقيقة أن وضع الجمعيات والروابط في حاجة لمراجعة شاملة من قبل الجهات المعنية ، فبس مهما أن تكون موالي للحكومة أو معارض لها بقدر الدور الذي يجب القيام به تجاه الوطن ، فالأغاني والأناشيد التي حفظها الناس وهي تردد عند ذكرى الاستقلال لن نجدي ، والندوات الصاخبة لن تسقط حكومة بينها وبينها البحر المالح ، كما أن المحاضرات والندوات الموالية لن تستقطب كوادر جديدة للحكومة فالحضور دائما من معسكر الموالاة . نتمنى أن يعاد النظر في كثير من الروابط والجمعيات والدور الذي تقوم به ، وان تتخلى هي عن حالة التناحر والشقاق التي تضرب في أوصالها ، وان تتفق على فعل وطني خالص يجير لصالح الوطن كله ، وليس لحكمة قائمة أو أخرى قد تأتي . وأخيرا نقول وحتى لانجحف في حق الآخرين فان من بين هذه الجمعيات والروابط من يضطلع بادوار كبيرة تجاه عضويته ووطنه ،ويبقى الأمل في أن ينصلح الحال ، بعيدا عن الفرقة والشتات واضاعة الوقت في احتفالات لاتسمن ولاتغني من جوع. مصطفى محكر" الصحافة" Mustafa Muhakar [[email protected]]