أجبرت الازمة المالية العالمية الدول ذات الاقتصاديات الكبري و المهيمنة علي التجارة الدولية، اجبرتها علي البحث عن قواعد جديدة يتم التوافق عليها لادارة اللعبة الدولية في السياسة و الاقتصاد و التجارة. بالرغم من رؤية منظمة التجارة العالمية للحل الداعية الي مزيد من الانفتاح و التحرير في التجارة الخارجية و الابتعاد عن الحمائية ، الا ان المنظمة تواجه ازمة عميقة بسبب الخلافات حول العديد من الملفات التي لا زالت عالقة بين الدول المتقدمة و الدول الصاعدة و النامية. اهم تلك الملفات هي الدعم الموجه للقطاع الزراعي الذي تمارسه الدول الغنية مثل الولاياتالمتحدةالامريكية و مشكلة التعريفات الجمركية و تحرير الخدمات و حقوق العمال. لم تستطع الجولات المتلاحقة للمفاوضات حول التجارة الدولية بعد قمة الدوحة في 2001م من التوصل الي خارطة طريق للخروج من تلك الخلافات الي حين وصول العالم الي ازمة اقتصادية غير مسبوقة في اتساعها و خطورتها. استدعت تلك الازمة دول العالم الي البحث عن طريق جديد فعلي الصعيد السياسي فشلت الهيمنة الامريكية و بالتحالف مع الاتحاد الاوربي و باستخدام حلف الناتو كاداة للهيمنة ، لم تستطع لجم الدب الروسي من التهام جورجيا في ساعات و فرض واقع جديد في منطقة القوقاز. كما ان جهود التحالف الغربي لم تجبر الصين علي تغيير نهجها الداخلي او الخارجي بل اصبح النمو الاقتصادي الصيني يهدد بنمو قوة عسكرية جبارة في اسيا لا تُخفي طموحاتها الدولية، كما لم تنجح في احتواء الخطر النووي المزعوم من ايران و كوريا الشماليه. من جانب اخر أصبحت مؤسسات بريتون وودز تواجه تحديات قاتلة منها عدم احراز تقدم علي صعيد الاتفاقيات الدولية، بل اصبحت الخلافات تعرقل جهود التنمية الدولية اضافة لفشل الصندوق و البنك الدوليين في تخفيف حدة التفاوت الدولي بين الدول الغنية و الفقيرة و لا من الحد من معدلات الفقر المتصاعدة في العالم. من هنا جاءت الدعوة الي البحث عن مؤسسات جديدة للاستشارات و التخطيط و تقديم القروض و الدعم التنموي و اقامة نظام دولي متعدد الأطراف لتجميع القوي الاقتصادية التي بعثرتها الازمة المالية العالمية. اذا نجحت المساعي - التي لا زالت متباعدة التوجه حتي بين الاتحاد الاوربي و امريكا- فسيؤدي ذلك الي الوصول لنظام دولي جديد متوازن و تسوده العدالة و الحريات الاقتصادية و تعمل فيه مؤسسات فاعلة .