بسم الله الرحمن الرحيم لن يتأثر السودان الشمالي كثيراً بفقدانه لثروة الجنوب الحيوانية والتي تُقدّر بأكثر من 37 مليون رأس من الأبقار، وهي تعادل 27% من مجموع ثروة السودان الحيوانية. فبالرغم من كثرة أبقار الجنوب إلا إنها لم تكن ذات قيمة اقتصادية للدولة، ولم نسمع من قبل بألبان الجنوب، أو لحومه، ولعل ما تنتجه بقرة واحدة بحلة كوكو من ألبان يفوق إنتاج مائة بقرة من أبقار الجنوب. وعلى كلٍ فإن أسوأ تداعيات الانفصال على الثروة الحيوانية تكمن في فقدان أبقار الشمال لمراعيها في الجنوب، فقد ذكر الفريق أول مهدي بابو نمر إن هنالك 15 مليون رأس من أبقار المسيرية تذهب لترعى في الجنوب سنوياً، وذكر وزير الثروة الحيوانية بالنيل الأزرق أن 70% من أبقار ولايته مصايفها في ولاية أعالي النيل، هذا غير أبقار سنار والنيل الأبيض وجنوب دارفور. فما هي البدائل لمراعي تلك الأبقار؟ ممكن للساسة أن ينظِّروا ليخرجوا علينا بفكرة حرية التنقل للأبقار، أو تضمين تلك الأبقار في المسائل الخلافية العالقة بين الدولتين، ولكن الأبقار لن تنتظر حل تلك المسائل! أبقار المسيرية كانت ترعى بالجنوب في أحلك أيام الحرب، وليس المسيرية وحدهم من يقصدون الجنوب للرعي، فهنالك قبائل الأمبررو الذين يأتون من غرب أفريقيا ليرعوا بأبقارهم في الشمال والجنوب من غير أن يعترضهم أحد، فهل سيعترض الجنوبيون أبقار الشمال ليمنعوها من الرعي بعد قيام دولتهم الجديدة؟ كل شيء جائز في السياسة، فما هي البدائل التي أعددناها للمسيرية في حالة حرمانهم من مراعيهم التي ظلوا يرعون فيها طيلة السنوات الماضية؟ فإذا كان البنك الزراعي جاداً في مبادرته الرامية لتطوير قطاع الثروة الحيوانية بالبلاد، فعليه أن يضع خطة لإنقاذ تلك الأبقار المهددة بالنفوق. وبإمكانه أن يتفاكر مع أصحاب تلك الأبقار من أجل تحسينها وتسويق منتجاتها فيما بعد، والمسئولية لا تقع على عاتق البنك الزراعي لوحده، فهنالك وزارة الثروة الحيوانية وبنك الثروة الحيوانية وغيره من البنوك التي تهدف إلى تنمية الصادرات. السودان ذاخر بالأراضي الصالحة للزراعة، ويمكن الإفادة من تلك الأراضي في زراعة أنواع مختلفة من الأعلاف، وسوق الأعلاف من الأسواق الرائجة في كثير من دول العالم.. يتحدث وزير المالية عن آثار الانفصال على الإيرادت العامة وكأنه قد نسي أن ثروة السودان الحقيقية ليست في النفط، وإنما هي في ثرواتنا الحيوانية والزراعية التي حبانا الله تعالى بها، فبدلاً من زيادة الضرائب والجمارك وانتظار رسوم عبور بترول الجنوب عبر أنابيبنا، كان حرياً به أن يفكر في الإفادة من هذه الثروات المُهْدَرة! tdwg rvad [[email protected]]