بسم الله الرحمن الرحيم في الأسبوع الماضي تراجع وزير الصحة عن قراره الذي أراد أن يحوّل به مستشفى جبرة إلى مكاتب إدارية. وبالأمس تراجع والي الخرطوم عن قرار ولايته بفرض تركيب عدادات الدفع المقدم للمياه على الأحياء السكنية. فما سرُّ هذين التراجعين المفاجئين اللذين لم نتعود على مثلهما من مسئولي حزب المؤتمر الوطني؟ الرجوع إلى الحق فضيلة، والتراجع عن القرار الخاطئ يدلُّ على سعة صدر المسئول وتقبُّله للرأي الآخر، فهل ينطبق هذا الوصف على الحالتين اللتين أمامنا؟ لا أعتقد ذلك، بل أكاد أجزم أن ما حدث من تراجع كان نتيجة للضغوط التي مورست على وزير الصحة من جهة، ووالي الخرطوم من جهة أخرى، وقد ينطبق عليهما المثل القائل: "مُكْرَهٌ أخاك لا بطل". والضغوط هذه المرة جاءت من المواطن الذي بات متمسكاً بحقوقه أكثر من أي وقت مضى، والمواطن الذي نعنيه هو الداعية الذي يصعد إلى منبره ليقول الحق، وهو السياسي الذي يدافع عن حقوق الناس، وهو الصحفي الغيور الذي يواجه الظلم بكتاباته الشجاعة. فهل يستطيع أي مسئول مهما بلغ من قوة وتجبّر أن يقف في وجه هؤلاء؟ لنحاول أن نتخيل ما يمكن أن يحدث لو لم يتراجع وزير الصحة عن قراره. فهل يمكن أن يقف أهل جبرة مكتوفي الأيدي وهم يشاهدون مستشفاهم يُنْتزَع منهم بقرار وزاري؟ وجبرة كما نعلم تحتضن مسجد بلال ومسجد عبد الحي يوسف وغيرها من المساجد العريقة. لنحمد الله كثيراً على تراجع وزير الصحة قبل أن نشهد جمعة الغضب في ضاحية جبرة! ولنتخيل كذلك أن الوالي لم يتراجع عن قرار عدادات المياه، لنتخيل ذلك ونحن نستصحب مظاهرات بري من أجل موية الشراب. لا شك أن مجرد الحديث عن العدادات في هذه الأيام العصيبة سيسبب كارثة سياسية عظيمة! لقد كان تراجع الوالي قراراً حكيماً استجاب فيه لكتابات الصحفيين التي نبهته لخطل هذا القرار المتعجّل، ونرجو أن يواصل الصحفيون في كتاباتهم الشجاعة، وأن يتمسَّك المواطن بحقوقه لنشهد مزيداً من التراجعات عن القرارات الجائرة. tdwg rvad [[email protected]]