بسم الله الرحمن الرحيم والإعلام بريء مما اتهمه به وزير المالية الأستاذ علي محمود في حواره مع صحيفة السوداني، إذ قال الرجل: "حاسي بأن الإعلام قاعد يظلمني طوالي ليه ما عارف؟". والإعلام عندما يؤدي دوره ليكشف الحقائق للرأي العام فإن ذلك لا يُسَمَّى ظُلماً على الإطلاق، بل يُسَمَّى انتقاداً موضوعياً لأداء السيد الوزير. وإذا كان السيد الوزير لا يعرف الأسباب التي تجعل الإعلام ينتقده فإننا سنتبرع بالإجابة على ذلك. فالأستاذ علي محمود هو المسئول الأول عن أموال هذا الشعب الذي يعاني من الفقر والمرض والأمية، وفي عهده ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق وانخفض سعر الجنيه السوداني عالمياً، وساءت الحالة المعيشية للناس، فهل يريد منّا أن نصفق له على هذه الإنجازات العظيمة، أم يريدنا أن ننتقد وزير الخزانة البلجيكي بدلاً من انتقاده هو؟ وكيف لا ننتقد وزير المالية وهو لم يحمل لنا أية بشارة سارة منذ تعيينه؟ فعندما يظهر سيادته على أجهزة الإعلام فذلك معناه أن كارثة اقتصادية قد أوشكت أن تحل بنا، فقد ظهر بالصحف العالمية ليدعونا إلى الرجوع لأكل الكسرة التي يمتنع هو شخصياً عن أكلها بسبب مرض السكري شفاه الله. وظهر مرة أخرى بإذاعة وتلفزيون السودان ليبرر لنا أسباب ارتفاع أسعار السكر. وعقد مؤتمراً صحفياً ليؤكد لنا سعي الدولة لزيادة الإيرادات بالتوسع الأفقي في تحصيل الضرائب والجمارك. ثم ظهر أخيراً ليقول إن الإعلام يظلمه، فإذا كان التعليق على قرارته المجحفة يُعَدُّ ظلماً، فعليه أن يذهب للمحكمة لتنصفه! فالإعلام السوداني لم يتحدث عن حياة السيد الوزير الخاصة كما فعل الإعلام الإيطالي وهو ينبش في الحياة الشخصية لرئيس الوزراء برلسكوني. ولم يطارد الوزير وينقِّب في ماضيه كما فعل الإعلام الفرنسي مع ساركوزي. ولم يسخر من سلوك الوزير بألفاظ جارحة كما فعل الإعلام الأمريكي مع بوش الابن. وعلى السيد وزير المالية أن يدرك أنه صار شخصية عامة، وأن الإعلام ما كان ليتدخل في حياته لو أنه جلس في بيته ليدير استثماراته الخاصة، أما وأنه وزير ماليتنا فإن الإعلام لن يكفَّ عن انتقاده مادامت الأحوال الاقتصادية متردية، ومادام هنالك جوع وفقر ومرض، وتبديد للمال العام فيما لاينفع الناس. فإذا كان السيد الوزير لا يحتمل ذلك النقد فعليه أن يبحث عن حلول لمشاكلنا الاقتصادية، وإن عجز عن ذلك فالأفضل له أن يستقيل ليرتاح من نقد الإعلام. tdwg rvad [[email protected]]