بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى:(هَذَا بَلاغٌ لِلْنَّاس وَلِيُنْذَرُوْا بِه وَلِيَعْلَمُوَا أَنَّمَا هُو إِلَهٌ وَاحِد وَلِيَذَّكَّر أُوْلُو الألْبَابْ) ..الآية هذا بلاغ للناس: الاستهلالة: تنتقد كثيرا من القوى السياسية والحزبية التقليدية الدولة بإنفاقها على الأمن وتسليح تدريب القوات المسلحة والأمن الوطني الداخلي بكل أفرعه ؛ فبذلك تعتقد أنها تسجل نقاطاً انتصار على النظام بزعم أنه ينفق على أمنه وتأمين ديمومته وهذا قد يكون صحيحاً في جزئية بسيطة ولكنها أغفلت ما هو أهم من ذلك؛ وهذا نوع من أنواع المزايدة الحزبية ومستلزم عفا عليه الزمن من مستلزمات إثارة المواطن وهذه هي "عدة الشغل" اشتهرت بها الأحزاب التقليدية منذ الاستقلال حتى فيما بينها حتى حينما يعتلي حزب سدة الحكم فيزايد على الآخر؛ وهذه لعبة قديمة تجاوزتها روح التطور التي دخلت كآليات حديثة في العمل الحزبي ؛ إذاً أن الأحزاب التقليدية أضحت بما لا يدع مجالاً للشك أسيرة ورهينة لأطرٍ عفا عليها الزمن فلا يمكن أن نتعامل مع المواطن بذات الأطر التي كانت تتعامل بها خلال نصف القرن الماضي فأصبحت إدعاءاتُها لا تمت بصلة إلى عالم اليوم و واقع المهددات الأمنية التي لا يشهدها المواطن فقط ؛ولكن يشهدها كل مواطني الإقليم وعلى وجه الخصوص الوطن العربي والعالم الإسلامي وإعادة رسم خارطة منطقتنا. لذا فإن كل ما أتت به الأفواه السقيمة لا يعدو كونه مجرد مزايدات ومكايدات من أجل مكاسب حزبية ذاتية ضيقة مقدمٌ عندها على مصلحة الوطن؛ ضاربين عرض الحائط ومتجاهلين المهددات التي تحيق ببقائنا كوطنٍ على الخارطة السياسية والجغرافية لا تأبه إن كان ذلك سيؤدي لصوملة السودان فهم على كل حال أمراء أو تجار أو سماسرة أو وسطاء حرب ؛ يفعلون كل هذا برغم علمهم بخطورته؛ مع يقينهم التام أن أي تنمية لا يمكن أن تحدث إلا في ظل استقرار سياسي والاستقرار السياسي لا يحدث إلا بتأمين الوطن والمواطن ولا مجال فيه للانفلات والتفلت الأمني. فبعد 9/7/2011 سينزاح من على كاهلنا عبء جسيم وحمل ثقيل ثقل الجبال كبلنا لمدة نصف قرن وأوقف التنمية والازدهار وحوّل ما نتمنى من رفاه لمواطننا إلى تعاسة وشظف عيش . أما الآن سنكون أكثر قدرةً على حماية وطننا ووحدة ترابه وإنسانه ؛ فإن يوم السبت9/ 7/2011 هو يوم فارق في تاريخ السودان الأصل وبإمكانه الانطلاق والتركيز على كل شبر من ترابه حدود ولاياته " الشمالية"!! المتن: لذا لا يُقاس الإنفاق بمعزلٍ عن المهددات ولذا لا بد من قياس الإنفاق مقابل وجهوزية القوات المسلحة والأمن الوطني وقوى الأمن الداخلي ؛ فما يهدد الوطن هو بالتأكيد مهددٌ للمواطن واستقراره وتنمية الموارد.!!.. لنطرح بعض الأسئلة المهمة على سبيل المثال لا الحصر: - ما الذي استدعى القوات المسلحة للتحرك ليلة 30/6/1989 أليس هو انعدام الأمن في كل مدن السودان مما جعل المواطن يحاول تأمين أمنه بجهده الذاتي؟ - لماذا تجرأ قرنق ووصل الناصر والكرمك وقيسان أليس لأن الحكومة الائتلاف بين حزبي الأمة والوطني الديمقراطي كانت قد أهملت القوات المسلحة عدةً وعتاداً؟ - لماذا استباح اللصوص البيوت في كل مدن السودان وفي وضح النهار؟ ما أسباب تنامي النهب والسطو في دارفور حتى توحش في تلك الحقبة؟! - ألم تخترق الثورات في مصر وتونس أمنياً فمن وراء البلطجيين والشبيحة الذين روعوا الآمنين هناك هل وراءهم أيادي خارجية لها أيادي داخلية تسعى لنشر الفوضى الخلاقة؟! - ما الذي كانت خطط الحركة الشعبية في آبيي عند هجومها على قواتنا المسلحة وقوات اليوناميس لولا وجهوزية قواتنا المسلحة؟! وهل كانت قواتنا المسلحة قادرة على حسم الأمر لو كانت تعاني نفس الوهن الذي كانت فيه قبل يونيو1989؟! - ما الذي دعا النخب الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية والتي صادر مبارك الفاضل بوصفه وزيراً للداخلية لسحب جوازات سفرها عند قررت أن تسافر وتجلس إلى جون قرنق حتى تثنيه عن عيده بالوصول إلى شندي لشرب القهوة مع الجعليات؟ - هل ذاكرة الشعوب ضعيفة لهذه الدرجة؟! أم أن الأحزاب التقليدية والمتسببة لكل هذه الكوارث؛ تمارس التدليس والدجل السياسي على الأجيال المتعاقبة والتي لم تعاصر الأحداث أن مفهومنا للأمن الوطني يجب أن لا ينفصل عن الأمن العربي الذي تتجاذبه الأماني القومية وأحداث الواقع المعتل ؛ الأمن القومي هو قدرة الدولة على حماية أراضيها وقيمها الأساسية والجوهرية من التهديدات الخارجية وبخاصة العسكرية منها باعتبار أن تأمين أراضي الدولة ضد العدوان الأجنبي وحماية مواطنيها ضد محاولات إيقاع الضرر بهم وبممتلكاتهم ومعتقداتهم وقيمهم أهمية تحتل المرتبة الأولى ومقدم على غيره. ومع تطور مفهوم قدرة الدولة أتسع مفهوم الأمن الوطني والقومي إلى القدرة الشاملة للدولة والمؤثرة على حماية قيمها ومصالحها من التهديدات الخارجية والداخلية. فالسودان ليست له حدود مشتركة مع الكيان الصهيوني ولا مع الولاياتالمتحدة الدولتان العدوتان للعرب والمسلمين ومر الخبر مروراً ملفتاً ولسان الحال يقول الأمر لا يتطلب في الظرف الراهن أن نستنكر هذا الفعل وكأنهم سلموا باستحالة الرد بالمثل أو الاستنكار ولكن لم الاستنكار فقد استنكرنا كثيراً دون فائدة أما العالم المتحضر الداعي لحماية حقوق الإنسان ونشر الحرية والديمقراطية فلسان حاله يقول ما دام القتلى هم من العرب و أنهم مسلمون فالأمر بسيط و يقع على عاتق أمريكا فهي الحامي والحرامي والقاضي والجلاد ووفق رؤية انقسم عليها العرب فباتوا اليوم وبفضل العم سام معسكرين هما الاعتدال والممانعة؛ فالإرهاب وفق النظرية التعريفية الأمريكية فانه بات مفصلٌ على مقاساتنا – من دون خلق الله - والسيد الأمريكي المطاع وبدون أي اعتراض أو سؤال ؛ يقول ما عليكم إلا الرضوخ والطأطأة فانتم جزء من مشروعنا الكبير فما عليكم إلا أن تناموا ونحن سنتكفل بالرد ونبرره على انه تطبيق لقانون الإرهاب وان الهدف يستحق القصف وان هؤلاء لا بد لهم أن يموتوا لأنهم يهددون( الأمن القومي الأمريكي الإسرائيلي )؟!! فقد أصبح العالم محكوما بإرهاب الدولة الأقوى فقد قصفت أمريكا العراق عام 1998 بمئات الصواريخ من على بوارج تبحر في المياه العربية وأصبحت (إسرائيل ) تصول وتجول فأجواء العرب مفتوحة وقائمة الأهداف هي الأخرى مفتوحة تقصف متى شاءت وكيف شاءت ؛ فالكيان الصهيوني مطلق اليد واللسان في الوطن العربي دون رادع يردعه؛ والضحايا هم العراق وفلسطين وأفغانستان والسودان كونه مناصر للحق العربي ويتخذ من الإسلام شرعاً وهذا كله يضيق على الكيان الصهيوني الذي يعمل بكل إمكاناته أن يمد نفوذه في القارتين الإفريقية وأسيا ، ولكن السؤال الذي يتوجب طرحه كيف تمكن الكيان الصهيوني من أن يخترق كل هذه الحدود ليضرب قافلة سيارات في السودان ؟!! ، والجواب إن الكيان الصهيوني لا يستطيع أن يفعل فعله لولا الدعم الأمريكي المعلن وإنها حصلت على ضوء اخضر ضمناً من دول (الاعتلال العربي) والتي باتت عاجزة أن تقول لأمريكا وحليفها الكيان الصهيوني مجرد كلمة لأنها لو خالفت لضاعت (كراسيهم ) فاخرسَّ المتكلم وتديثوا أمام انتهاكات العرض العربي المستمرة .!! وهنا لا بد أن يسأل سائل من أين دخلت الطائرات وأي الممرات سلكت ؟؟! وأي الدول العربية كانت معبراً لتنفيذ جريمته ؛ وهنا أعيد للذاكرة حادثة مشهورة هي جريمة الكيان الصهيوني أثناء حرب العراق مع إيران؛ عندما نصب جهاز تنصت عسكري في منطقته الغربية ويومها اخترقت طائراته الهليكوبتر منطقة "مكر النعام" بالعراق لتنفيذ مهمة التجسسية. فهل الشراكة في ما يسمى بعملية السلام الذي هو في حقيقته الاستسلام تفقد الدول سيادتها وحقها بالدفاع عن النفس؟!! أم تعزز من احترام غريمها لها ؟؟ الحاشية: أظنك قارئي العزيز استمعت وتابعت المؤتمر الصحفي لمالك عقار وعرمان مما جعلنا نتساءل في تعجب لو أن لديهما القدرة على تنفيذ ما أطلقاه من تهديد ووعيد حينما ؛ محاولةً منهما لأن يجدا لهما موطئ قدم بعد التاسع من يوليو 2011 بشن حرب من جنوب النيل الأزرق وجبال النوبة ودارفور؟! هل خانهما الذكاء لاستيعاب درس آبيي وكادقلي أم أنهما بهذه القوة والغطرسة التي يهددون بها سلطان الدولة والشعب؟! هل حديثهما يتصف بالجدية أم أنهما يعتقدان أن هناك اختراق لأجهزتنا الأمنية وتعتمد الحركة على ذلك ؟! هل هناك ثغرات في نظامنا الأمني يجب البحث عنها ودراستها ؛ فهناك من الشواهد التي حدثت أباّن الانتخابات الرئاسية والولائية عام 2010 مما يستدعي الجدية والسهر واليقظة والحرص؟! هل الدولة القوية هي التي تفرض هيبتها وسلطانها وتحقق أمن الوطن والمواطن أم الدولة الضعيفة والمخترق أمنها ؟! هل الأمن أولى بالإنفاق ويجب أن نوليه أهمية وجهوزية قصوى أم نبخل عيه فنؤخذ على حين غرة ونعلم أن السودان شبه قارة بحدوده المترامية الأطراف؟! إن علاقاتنا الأمنية مع أثيوبيا واريتريا ومصر وليبيا والسعودية -البحر الأحمر – يجب أن تعزز بذات الأطر التي تمت مع تشاد وإفريقيا الوسطي لتأمين الإقليم والحفاظ على أمنه من عبث الفوضى الخلاقة التي تُدار عبر بؤر جُند لها بعض أبناد دول الإقليم من المارقين والخونة الذين أصبحوا أدوات في يد قوى الاستعمار الحديث . تبقى حدودنا مع الدولة الوليدة ويجب أن تلتزم الدولة بواجباتها تجاه شعبها وأمن ووحدة تراب الوطن ؛ فالحركة الشعبية إذا أرادت أن تسالم فستجد السودان الأصل يمد يده ويفتح صدره وعليها أن لا تكون رهينة لما يسمى بقطاع شمالها سابقاً – بعد 9/7 – وعليها أيضاً أن تتخلى عن الكثير مما يعكر صفو العلاقات بيننا ؛ أما ما يسمى (قطاع الشمال) فعليه البحث والتركيز حالياً على توفيق أوضاعه وفق قانون الأحزاب في "جمهورية السودان" ولن يكون بإمكانه الخروج على سلطان الدولة ولن تسمح الدولة لأي كيانٍ كان أن يصبح مهدداً لأمن المواطن كما حدث منها في جنوب كردفان ؛فحتى نضع حداً لمعاناتنا اخترنا طريق السلام الذي أفضى لانفصال الجنوب الذي ما كنا نتمناه ولكن تلك رغبة أهله ومع ذلك فنحن نسلم الأمر لله القائل في محكم التنزيل ( عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شراً لكم) ..الآية؛ وأحسب أن في الأمر خيرٌ كثير .. كثيرا لأهلنا ووطننا.!! الهامش: لولاة الأمر أذكركم ر بما أنزل الله في القرآن المجيد إذ قال وعز من قائل:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ الأنفال 60. وقال تعالى ﴿ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ ﴾ التوبة 46. abubakr ibrahim [[email protected]]