(اقر انا المذكورة اعلاه : مواطنة سودانية ، وبكامل قواى العقلية ، بمسؤوليتى المباشرة وغير المباشرة عن تقسيم السودان . وهذا اقرار منى بذلك لمن يهمه الامر. ) لماذا الاقرار بالمسؤولية ؟ ان المقياس الاساس فى حرية الانسان هو مقدار ما يتحمل من المسؤولية . وعلى اتساع نطاق المسؤولية يتسع نطاق الحرية . ومن ممارسات الديمقراطية المرتبطة بممارسة الحرية تعبيرا عن المسؤولية هى التصويت لشخص كان او لبرنامج ، حيث يسهم الشخص بصوته فى المسؤولية الكاملة عن نتائج افعال الشخص او البرنامج المعين الذى صوت له . وفى الدول الديكتاتورية فان القمع للحرية يجعل فعل المقاومة بالدرجات المختلفة هو وسيلة التعبير عن الحرية والمسؤولية تجاه افعال السلطة , كما ان الصمت ايضا يعد تصويتا بالقبول الضمنى ولو كان تعبيرا فقط عن ان الفعل المعنى للسلطة الديكتاتورية لا يستحق تحمل المسؤولية عنه لدرجة انتاج فعل مقاومة مؤثر او يعرض الفرد للخطر . كما ان الصمت يعنى ايضا فى حالتى الديمقراطية او الديكتاتورية اللامبالاة , وهى حالة غاية فى الخطورة عندما يمارسها الفرد تجاه قضايا حياته الشخصية ناهيك عن ممارستها على نطاق شعب كامل . ان اللامبالاة هى الى قدر كبير مؤشر على حالة اكتئاب الفرد المعين وانعدام الاحساس بالحياة والامل وبالتالى انعدام المسؤولية عن افعال الشخص ذاته او الاخرين من حوله . ولكن هل ينطبق هذا التحليل على الفرد على شعب وهل ممكن ان يصاب شعب كامل باللامبالاة . ربما اكتئاب معظم افراد الشعب يعنى وجود شعب لامبالى اوتوماتيكيا . لكن على مستوى هذا الوطن هناك من هم يقومون بأفعال المقاومة فى اقصى حالتهاوهى حالة القتال العسكرى حيث يموت الفرد ويقتل اخر تعبيرا عن رفض فعل ما او مناصرة لفعل اخر من قبل السلطة . الصمت القاتل ! ان الصمت فى السودان يمارس من قبل جزء من الشعب السودانى على افعال السلطة تجاه اجزاء اخرى من الشعب السودانى . وان هذا الصمت او التوافق الضمنى مع السلطة السودانية منذ الاستقلال اتجاه ممارساتها الشديدة العنصرية والقامعة لمطالب ومحاولات التحرر من القيود التاريخية وممارسة الحق الكلى فى الحياة بحرية من قبل السودانيين الجنوبين وبعدهم الدارفوريين والنوبة والبجا و غيرهم ، ادى فى غالب احواله الى حروب ودماء وقتلى وخسائر بشرية ومادية , وفى النهاية عمليات انقسام اولها الجنوب والبقية تاتى . وصمت من هم غير ما ذكرت من القوميات السودانية من اهالى الشمال الجغرافى وقبائل النيل المسيطرة على السلطة من الجعليين والشايقيةوالدناقلة وغيرهم من قبائل الوسط او المركز كما اصطلح كان ولا زال فى اعتقادى هو ممارسة لحرية التعبير وليس لا مبالاة او قمع . وهذا مما يتضح تماما من ضعف اى استجابة او مقاومة او محاولات توضيح اومصالحة او تسامح حقيقية تؤدى الى تعبير عن رفض ممارسة السلطة التى قد لا تكون فى كثير من الاحيان اى السلطة تحظى برضى الاطراف تلك ولكن يتم دائما مقاومة السلطة فى ذاتها دون تغيير لممارستها عند ازاحتها . ومما هو واضح الان ان التصويت الصامت الذى يمارسه السودانيون الشماليون تجاه عنصرية السلطة وقمعها لقوميات سودانية اخرى بأن تكون صحيفة الانتباهة هى الاكثر مبيعا فى السودان وهى المعروفة بعنصريتها المعلنة . شكرا للانتباهة والانقاذ ! لاول مرة فى تاريخ السودان الحديث يعلن الشماليون عن عنصريتهم بهذا الوضوح عبر وسيلة اعلام مؤثرة كالصحافة باعتبارها السلطة الرابعة . فكنا دائما نمارس هذه العنصرية بصورة يومية بتوافق صامت بيننا الممارسين للعنصرية وحتى الممارس العنصرية ضدهم . لكن التعبير السافر عن الرغبة الحقيقية فى اقصاء الاخر واستغلاله هى عملية بدأت مؤخرا بصورة واضحة منذ قيام الانقاذ بحروبها الدينية العنصرية المبيدة للاخر والتى بعد اتفاقية السلام وجدت منبرا اخرعبر الانتباهة للتعبير عن عدم الرغبة فى وجود الاخر معنا فى نفس الوطن ليتمتع بنفس الحقوق الى يتمتع بها الشماليون . ان الشكر للانتباهة يأتى من قدرتها على المواجهة الاولى لعنصريتنا التى انكرناها طويلا كشماليين . ان تعبير الجنوبيين عن رغبتهم الكاملة فى الانفصال عن الشمال العنصرى عرقيا ودينيا وانشاء دولتهم المستقلة وبالتالى اعلانهم بالتصويت بأكثرمن 98 % بأنهم غير قادرين على العيش مع اهل شمال السودان وليس فى ارض شمال السودان وهو ايضا ما يقابل رغبة الشمال المركزى العنصرى فى ارض جنوب السودان وثرواتها دون الرغبة فى التعايش مع اهل ارض جنوب السودان اى يريدون ارض بلا شعب كما تفعل دولة اسرائيل للفليسطينيين . دولة الشمال السودانى : اسرائيل افريقيا ! اليوم التاسع من يوليو وما اشعر به منذ الامس كشمالية الان انني سأطالب دائما بأن اعرف نفسى منذ الان كسودانية شمالية , مما يعنى مواطنتى فى الدولة الدينية المنغلقة عرقيا وثقافيا على ذاتها التى يجند شبابها للقتال باسم الدين والقبيلة والهوية العربية ضد اصحاب ارض اصليين ومواطنيين يفترض لهم نفس الحقوق الانسانية على الاقل على ارض السودان الشمالى وهذا ما يدور الان فى جنوب كردفان ودارفور وقريبا النيل الازرق وهو ما يعنى ابادة للاخر او اجباره للخضوع بالقوة لقوانين الاغلبية المزعومة موحدة الهوية والمصالح . وبقاء اسرائيل افريقيا – دولة شمال السودان – يعتمد على اراضى يقطنها مجموعات بشرية غير مرغوب فى وجودهم ان لم يكونوا صامتين وبلا حقوق وبالتالى عليهم اما الموت او الرحيل . ولهذا يحاول جيش الانقاذ الان ومليشياته السيطرة بالقوة على ما يستطيع من الارض وابادة من يستطيع من البشر , بنسيان كامل اننا فى القرن الواحد والعشرين وليس العشرين ولا السابع عشر حيث كانت الدول تبيد شعوب كاملة لتتكون او تبقى كما حدث فى امريكا وحتى اسرائيل فى القرن الماضى . اما الاستعباد فلم يعد خيارا ايضا مع الوعى الكامل بالحقوق الذى يوجد الان لدى البشر جميعا ولدى المراد استعبادهم بالتأكيد . اذن دولة شمال السودان – اسرائيل افريقيا – لديها الان خيار اقتطاع كل ما تستطيع من ارض بالقوة واقتلاع اهلها بالقوة ايضا اوابادتهم لتحقيق وجودها الحلم بالدولة الدينية المتجانسة عرقيا . او العيش فى حالة حروب دائمة لاجل مطامع غير واقعية فى القابلية للتحقق وصراع لاجل البقاء . مما سيؤدى حتما الى اقتطاع اجزاء اخرى من السودان التى ستنجح فى تحقيق حريتها وبالتالى بناء جدار عازل حول دولة شمال السودان لعزلها عن الدوليات الاخرى المرشحة للتكون لكى لا تشكل خطرا عليها . الشماليون والانكار المزمن : حالة الانكار الكامل من قبل الشماليين المسيطرين على السلطة و خاصة المثقفين وما يسمى بالقوى الحديثة او المدينية لعنصريتهم الممارسة بصمت معلن اى بعدم وجود مواقف حقيقية ومؤثرة لتغيير الذهنية التقليدية المميزة عنصريا الى تم توارثها عبر الاجيال والتقسيم التاريخى للسلطة والثروة والجغرافية فى السودان , و الذى لم يتم لا عبر صناعة السياسات او التعليم الاكاديمى ولا حتى عبر المنتوج الابدعى حيث كان هناك دائما التغليف والتلبيس حتى فى استخدام اللغة من اجل التعبير فى اقصى الحالات شججاعة عن العنصرية كانت تستخدم مفردات مثل الهميش والتعالى القافى وغيرها من المفردات الاقل حدة واقل قدرة على توصيف الواقع . خيارات شعب ليغير مصيره : اذا كان من الممكن ايجاد التغيير الحقيقى فى السودان الشمالى وانقاذه من التحول الى اسرائيل الافريقية ومن تحويلنا كشعب مدان بالصمت والاسهام عمليا ايضا فى ابادة ونزع حقوق مواطنبينا الى شعب يتحرر من اوهامه العنصرية ويواجه تاريخه وازماته ويعترف بأخطائه الحالية قبل التاريخية ويفتح بابا للحلم بوطن مبنى على قيم الحرية والعدالة الانسانية , فان اول ما علينا فعله الان هو الاعتراف بمسؤوليتنا الكاملة عن انقسام السودان الاول والاعتراف بذلك بعنصريتنا ومن ثم تقرير مصيرنا كسودانيين شماليين فيما اذا كنا سنكون دولة وشعب منغلق على ذاته يكره مستقبلا هذه الذات لما ارتكبت من جرائم ، ام اننا دولة وشعب سنغير هذا المصير الذى تقودنا اليه الاحداث الجارية الان ان لم نسرع فى تغييرها بعمق ووضوح واعتراف كامل وتحمل كامل للمسؤولية عن مستقبلنا والاجيال القادمة وبالتالى نتحرر من مرضنا العضال الذى هو العنصرية والانغلاق و نتبنى قيم لوطننا نراها من حولنا فى دول اخرى نهرب اليها ولكننا نهرب من خوض معركتنا مع انفسنا لتحقيق هذه القيم العليا التى نعلم ان الانسان لا يستطيع العيش بحريةوكرامة الا بها . nazik kabalo [[email protected]]