الانجاز، الذي حققه سلفاكير ميارديت رئيس الحركة الشعبية، بفصله جنوب السودان عن شماله، ليس بالأمر التلقائي، أو السهل، كما يعتقد البعض، أو كما يقولون لنا، وليس هو خيار الأخوة الجنوبيون كما يسوق البعض لذلك، فالشواهد تؤكد أن الأخوة في الجنوب يعيشون حالة غياب كامل للإرادة، فهم لم ينعموا بالتعليم المطلوب، وهالهم منظر الجيش الشعبي وهو يجوب مناطقهم بحرية تامة، ويفرض قانونه، فضلاً عن القليل من التنمية، التي شهدوها في فترة الست سنوات، والتي تلقائياً تُنسب لجهود الحركة الشعبية، وليس خفياً الترهيب الذي يمارسه الجيش الشعبي على المجتمعات هنالك، والا فلماذا حدثت الانشقاقات والتمرد على الحركة. اما حال ابناء الجنوب بالشمال، فهو ليس بالأفضل وخاصة تزوير الارادة الذي مارسته الحركة عبر مناديبها، وذلك بتحديد الدوائر ومعرفة من سيصوت بصناديقها، والترويج الى أن الانفصال سيقع بموافقتهم أو بغيرها، فكان خيارهم الوحيد هو التصويت بنعم للانفصال، وخيارهم الوحيد لانهم اضحوا بين فكي كماشة، فالحركة تهدد مصيرهم عند عودتهم الى الجنوب، والحكومة ترفع عصا الطرد من الشمال ونزع الجنسية وفك الارتباط في كلا الحالات، بموافقتك على الانفصال أو بغيرها ستذهب الى الجنوب، وهذا لعمري موقفٌ لا يحسد عليه أحد. سلفاكير، بدهاء القائد سعى لتحقيق أهداف الحركة، عبر توزيع الأدوار، وذلك بتحريكه لبعض قيادات الحركة، لتبني موقف العداء المعلن لسياسات المؤتمر الوطني، فيما تبنى هو خط الرجل المرن وفي بعض الأحيان الرجل الساذج، حتى ظن البعض، أن قيادات الحركة بعد أن دخلوا القصر والوزارات، وبدأت أيامهم تتغير، وأصبحوا ينعمون بالراحة والترحال والتجوال، كمسؤولين بالخرطوم العاصمة الكبرى للسودان، وذهبت أيام حرب العصابات ومطاردة الغابات الى غير رجعة، لن يفكروا في الانفصال، أو تجديد الصراع، وعلى ضوء هذا المنظور أُسست تعاملات الحكومة تجاههم، وانطلقت المشاكسات والرفض والقبول. وذهب البعض، الى تسويق أن الجنوب لا يمكنه أن يصبح دولة، في ظل التناحر القبلي والحياة القاسية وانعدام التنمية، ولكن من يرى الجيش الشعبي وهو يسيطر على المدن الرئيسية بعدته وعتاده، سيعلم أن الجنوب، ولو بغير ارادة أهله، سيصبح دولة وبمقومات عصرية، فأمريكا واسرائيل لن تترك تلك الجنان لتكون من نصيب غيرها، خاصة، وأنها يمكن أن تكون قاعدة ضغط فعالة على سودان الشمال ومصر، وتصريحات الأمريكان والإسرائيليين شاهدة على ما ذهبنا إليه. نعم، امريكا واسرائيل، هم من سيعملون على تأمين الجنوب، وتشييد بنيته التحتية، وذلك ليس حباً في الجنوبيين، ولكن حباً في مصالحهم، وتحقيق أهدافهم، والسؤال: من الذي قدم شعب الجنوب وثرواته وأرضه، على طبق من ذهب، لامريكا واسرائيل والمنظمات الكنسية؟ والاجابة لا تحتاج الى كثير إجتهاد. قد يكون، سلفاكير، يقوم بتنفيذ أجندة خارجية، ولكن ذلك لم ينجح لولا دهاء ذلك الرجل فقد أبهر العالم وتفاجأ بقيام دولة جديدة مفتوحة على كل الإتجاهات ولكل شعوب العالم، فيما أظهر للشمال وجهه الحقيقي،. دهاء نحن في أشد الحاجة اليه على مستوى الحكومة والاحزاب السودانية لتحقيق أهدافنا والحفاظ على ما تبقى من تراب وقيم وتسامح. بعض الكتاب، يرى، أن مناقشة كارثة إنفصال الجنوب، بعد الآن، يعد تحصيل حاصل، وأن الموضوعات التي تناولت الانفصال، كانت عبارة عن شحنات عاطفية، لا أكثر ولا أقل، ونرى أن العاطفة، هي التي تدفع بقيمة المروءة، بين الناس، والعاطفة كانت أساس ترابط الشعب السوداني بأعراقه المختلفة سابقاً، يا د. زهير!!!. wasila mustafa [[email protected]]