عرف عن الفنان (كرومة) أنه كان أنيقا جدا ، وكان دكان دائما ما يحما عصا في يده ليظهر بمظهر الهيبة ،وتخويفا للذين يسعون لتخريب حفلاته ،وكان يرتدي البدل التى تخاط من قماش( الاسموكن) ويلبس أيضا الطربوش والجلابيب والشالات الكشميرية ، ليفتتن به كل أهل السودان بصوته الجميل ، وعندما يتغنى فى أم درمان ، تتدافع الفتيات من أجل الاستماع لأغنياته ....الفنان (حسن عطية) اشتهر بأنه فنان الصفوة ،وقد كان صالونه قبلة للأدباء والسياسيين ،غنى لكبار الشعراء،وكان ايضا مشهورا بأناقة المظهر والحديث العذب...ذكرت جانبا من سيرتي الفنانين وما أشتهر عنهما بجانب عبقريتهما الفنية كنموذج لفناني الأمس ف(كرومة) يمثل جيل الحقيبة الأول الذي نقل الفن السوداني والفنانين من مرحلة (الصياعة) كما كان يوسم الفن وقتها الى مرحلة الفن المحترم،أما حسن عطية فهو أحد الرواد الذين نقلوا الأغنية السودانية من مرحلة الحقيبة الى مرحلة الفن الحديث بجانب زملاءه الكاشف وأحمدالمصطفى وعبدالحميديوسف،وغيرهم...القاسم المشترك بين هؤلاء العمالقة من فناني (الزمن الجميل) أنهم يحترمون فنهم ويحترمون جمهورهم وتقاليده المحافظة،بل أنهم أحدثوا نقلة نوعية بمحو الصورة الذهنية السالبة عن المغني وقتها (الصائع)،وابدالها بصورة زاهية وهي صورة الفنان الأنيق الوسيم الذي تشرئب الأعناق لرؤيته،وكما تعلمون ان مسألة محو الصور الذهنية من اللاشعور للفرد هي أصعب مهمة ،فهؤلاء العباقرة استطاعوا وسط جمهور مدقع في الواقعية ،جمهور خارج لتوه من معركة (كرري) تلكم المعركة الفاصلة التي غيرت وجه السودان والتي لم يكن وقتها أي بيت في السودان لم يكن له فيها شهيد أو جريح،مجتمع بهذه الصرامة خرج منه هؤلاء،لذا كانت مسؤوليتهم جسيمة أن يقدموا رسالتهم في طبق مهضوم لهذا الجمهور الراسخ التقاليد،لذا كانوا فنانين في كل شئ غناءا،ومظهرا،وسلوكا،لذلك خلدت أغنياتهم وسيرتهم العطرة رغم تقادم السنين. (شرع الشاعر الشاب هيثم الأمين في مقاضاة الفنان أحمد الصادق " جنائياً" بعد أن اتهمه بإرسال رسالة وصفها بال"خادشة للحياء" في تلفونه المحمول إثر مقاضاته إياه بإيفائه حقوقه المادية نظير ترديده احدي أعماله الغنائية) ،لا تتعجب عزيزي القارئ فما بين القوسين خبر صحفي ،كتبته كما جاء من مصدره لأعمل به نقلة من (الفلاش باك) الذي كنا فيه مع فناني الزمن الجميل،المغني أحمد الصادق نموذج لمغنيي اليوم،لا أريد المقارنة فذلك متروك للقارئ الكريم،ما أريد قوله هل لوعاش فناني الأمس ووجدوا الامكانات التي وجدها فنان اليوم،العربة (الهمر)،أحدث أجهزة الصوت والصورة،الانتشار عبر القنوات الفضائية والوسائط الاعلامية،(العدادات) التي قال عنها (ترباس)،ككو ماينطها...كيف سيكون ساعتها الفن السوداني...أزمة مطربي هذا الجيل أزمة أخلاق وأزمة سلوك،ساعدهم عليها الجمهور بالتهافت على انتاجهم الردئ وبالتالي دفع المقابل لهذا الغث من الغناء،لماذا لا يقاطع الجمهور هذا العبث المسمى بالغناء الشبابي الذي أوصل فننا السوداني الأصيل للدرك السحيق من (الهيافة)،لماذا نكرس طاقاتنا فقط للحملات السياسية ولا نكرس جانبا منها للارتقاء بالفن والفنانين،سادتي ان الفن رسالة توحد وجدان الأمة والأغنية الواحدة ربما تكون أبلغ من مائة خطبة ومقال،لماذا نترك الحبل على غارب هؤلاء الشذاذ الافاق،ليخربوا أذواقنا وأذواق جيل بأكمله،ثم نأتي بعد ذلك نلطم الخدود ونشق الجيوب لظهور عادات و سلوكيات دخيلة على مجتمعنا