[email protected] حقق الهلال المطلوب بحصد نقاط مباراة الأمس التي ما كان لها أن تصبح بتلك الصعوبة لو لا أخطاء التشكيل. توقعت أن يسعى مدرب الهلال للفوز منذ لحظات المباراة الأولى لاعتبارات عديدة أولها أن الهلال تعادل خارج الأرض في المباراة الأولى وثانيها أن المباراة تلعب بملعبنا وثالثها أنها تسبق شهر رمضان الذي قد يتأثر أداء اللاعبين خلاله بالصيام. لكن ميشو أصر على التنظير والفلسفة العمياء فأشرك سبعة لاعبين ذوي نزعة دفاعية. لعبت يا ميشو بثلاثة محاور وطرفين لا يملكان القدرة على التقدم ومساندة المهاجمين نظراً لحداثة تجربتهما، فكيف توقعت أن تفوز على خصمك؟! حاولت قدر المستطاع طوال الفترة الماضية ألا أطلق حكماً نهائياً على ميشو، وكان رأيي دائماً أن أي مدرب لابد أن يجد فرصته الكاملة لترجمة أفكاره إلى عمل ملموس داخل الملعب. وحتى الأمس القريب قلت أننا لا يجب أن نرمي باللوم دائماً على المدربين ونتجاهل عيوب لاعبينا وعدم قدرتهم على تنفيذ التوجيهات كما يجب. لكنني في ذات المقال حذرت من تنظير ميشو ورجوته أن يلعب بتشكيلة مثالية وألا يعيد علينا مسلسل التجريب الذي صار أكثر من بائخ. لكن يبدو أن ميشو يصر على إتحافنا بالمزيد من حلقات هذا المسلسل. وأكثر ما استفزني هو ذاك الحديث الذي أطلقه ميشو بعد نهاية المباراة التي حققنا نقاطها الثلاث بضربة جزاء. وبدلاً من أن يحمد ربه على الفوز ويقول " لقد أخطأنا في وضع التشكيلة المناسبة في شوط اللعب الأول، لكننا عدنا إلى صوابنا وأجرينا التغييرات المطلوبة في الشوط الثاني" قال ميشو أنهم لعبوا كرة قدم سريعة خلال ذلك الشوط بغرض إرهاق لاعبي الرجاء وقد كان لهم ما أرادوا. ورأيي أن هذا الحديث زائف وغير صحيح وهو ليس أكثر من محاولة لركوب موجة الانتصار الذي تحقق بحد السيف. حاولت يا مستر ميشو أن تظهر بمظهر المدرب الذكي البارع، لكن فات عليك أن لنا عقولاً نحكم بها على ما نراه ونتابعه. ولكي أؤكد لك عدم صحة حديثك أفيدك في البدء بأن أكبر عيوب كرة القدم السودانية هي البطء، ولذلك من الصعب جداً أن تقول لنا أنكم لعبتم كرة قدم سريعة بغرض إرهاق لاعبي الفريق الخصم. ثم أنك لعبت شوطاً كاملاً بصانع لعب وحيد تعرض للضغط الشديد من لاعبي الرجاء ولم يتمكن من تهيئة الكثير من الفرص لزملائه المهاجمين كما اعتاد، فكيف يكون اللعب سريعاً دون أن تكون هناك صناعة لعب بالمعنى؟! طرفا الهلال لم يتقدما لمساندة المهاجمين ولم نر منهما سوى القليل من العكسيات الطائشة. واعتمدتم على الإرسال الطويل وهو ما يسهل المهمة على لاعبي الخصم ولا يصعبها.. فأين السرعة في كرات طويلة تصل لمدافعي الفريق الآخر وهم في وضع أكثر من مريح ليتعاملوا معها بالطريقة التي يرونها؟! الوقع أن تشكيلتكم يا ميشو لم تكن ملائمة وطريقة لعبكم أتاحت للاعبي الخصم فرصة ثمينة لو عرفوا كيف يستغلونها لدخل الهلال في حرج كبير. لكننا نحمد الله أن مدرب ولاعبي الرجاء لم يكونوا أفضل حالاً منكم ولذلك لم يستفيدوا من هديتكم الثمينة. لا يمكن أن يقنعني أي مدرب يقول أنه لعب الشوط الأول بهدف واحد هو إجهاد لاعبي الخصم، لأنه لو قدر لهم أن يسجلوا هدفاً في مرمى الهلال خلال هذا الشوط لتعقدت المهمة كثيراً. والطبيعي هو أن يلعب صاحب الأرض بطريقة متوازنة ويهاجم ويضغط بغرض تسجيل الأهداف التي تضع خصمه تحت مزيد من الضغط حتى يتسنى له تحقيق الفوز المريح. وأي كلام غير ذلك أعتبره شغل ( حبرتجية ) وحديث للاستهلاك لا أكثر. وأكبر دليل على خطأ التشكيلة التي بدأتم بها يا ميشو أن دخول الفتى الحريف وافر المجهود بشة غير كثيراً في شكل اللعب. وقد رأينا كيف تسنى للقائد البرنس أن يتبادل معه الكرات كما نحب ونشتهي. وعندما دخل توريه رأينا كيف يكون الاستحواذ والتقدم بالكرة للأمام بصورة تزعج لاعبي الخصم وتدفعهم للتراجع وارتكاب الأخطاء. كما تحرك أوتوبونج بصورة لا غبار عليها ولو أن الفتى يحتاج للمزيد من الفرص قبل أن نحكم له أو عليه. عندما يغير أي مدرب ثلاثة لاعبين في شوط واحد دون أن يكون مضطراً لذلك، فهو اعتراف ضمني بأنه بدأ خطأً، فلماذا المكابرة يا مستر ميشو؟! تعجبت لمعلق مخضرم ظل يمارس هذه المهنة منذ كنا طلاباً بالمرحلة المتوسطة حين سمعته يقول " الهلال لن يفوز في مباراة اليوم ما لم يشرك مهند الطاهر! وسبب تعجبي أن مهنداً تحديداً طال انتظارنا لإبداعاته ولم نر منه ما يسر على مدى فترة ليست بالقصيرة، كما أن مباراة الأمس تحديداً لم تكن من نوعية المباريات التي يمكن أن يبدع فيها مهند، لأن لاعبي الرجاء مارسوا ضغطاً على صانع اللعب البرنس ولو كان مهند بجواره لفعلوا معه ذات الشيء، ولا أظن أن مهند يملك القدرة على اللعب تحت الضغط. هذه الانطباعية واحدة من أسباب تدني كرة القدم السودانية. أضف إلى ذلك أن المحلل أو المعلق المحترف لا يفترض أن يربط مصير فريق كامل بلاعب واحد مهما علا شأنه. ولو أنه تحدث عن أخطاء التشكيل والعيوب التي لازمت طريقة اللعب بصورة عامة واقترح بعض التعديلات في شوط اللعب الثاني لكان أنفع وأجدى. لكن مشكلتنا الأساسية أن كل محلل أو صاحب قلم يتناول الأمور من زوايا محددة ترتبط في الغالب بدرجة إعجابه بهذا اللاعب أو عدم اقتناعه بذاك. انتهت مباراة الأمس بحمد الله بنتيجة طيبة، لكننا نعيد ونكرر أن الهلال يحتاج لعمل كبير وتقليل لأخطاء التشكيل التي صارت ديدن ميشو. ولا أدري ما هو الدور الذي يلعبه فوزي وأحمد آدم وطارق كلاعبين قدامى ونحن نختلف كل يوم مع تشكيلة ميشو. هل يكفيكم يا فوزي مجرد التصريحات لوسائل الإعلام! بالأمس لم يعجبني فوزي حينما قال لمراسل قناة الجزيرة ألا خوف على مدافع الهلال الجديد أمير الربيع لأنه دولي ولاعب منتخب! هي تكفي مباراة واحدة يا فوزي لكي نطلق على لاعب ما أنه دولي ولاعب منتخب؟! صحيح أن الفتى شارك في مباراة مهمة للمنتخب وأدى فيها بشكل طيب، لكن مدرب المنتخب أشركه مضطراً، كما أنه لم يلعب في خانة الظهير الأيسر. وأرجو ألا يكون العذر أن ميشو أيضاً أشركه مضطراً بسبب غياب بوي، لأن خليفة كان من الممكن أن يلعب كظهير أيسر لو أن ميشو تخلى عن التنظير ولعب بصانعي لعب منذ البداية. عموماً هذا ليس حكماً نهائياً على ميشو لأن الوقت أصلاً لا يسمح بإطلاق مثل هذه الأحكام، لكنني أدعو لأن يتشاور ميشو مع مساعديه وألا ينفرد بالرأي. نعترف بأن الرجل حقق مع الهلال نتائج جيدة في أكثر من مباراة خارجية، لكننا نذكر بأن القادم أصعب ولا يحتمل مثل هذه الأخطاء التي نشاهدها. من الصعب جداً أن يفوز الهلال في مباراة النهائي إن قدر له الوصول له وهو يلعب بالطريقة التي رأيناها بالأمس. أعلم أن لكل مباراة ظروفها، لكننا نريد من الفريق الذي يسعى للظفر بلقب أفريقيا الأول أن يقنعنا وألا يجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا طوال التسعين دقيقة من كل مباراة.