ما أن انفك أسار مصر من حكم الفرد وتسلط حزبه حتى كان لذلك أثراً طيبا في الحياة العامة والمشاركة السياسية ولعل وثيقة الأزهر الصادرة بتاريخ 20/6/2011 التي ابتدرها شيخ الأزهر الدكتور (أحمد الطيب) وهو بالمناسبة خريج السريون ومعه مجموعة علماء عن دعم تأسيس الدولة الوطنية الدستورية الديمقراطية الحديثة وتعتبر خطوة مهمة في تحديث الفكر الديني ليكون فعلاً صالح لكل زمان ومكان وسوف أعود للوثيقة ومبادئها في نهاية المقال في بلادنا تتوجه الحكومة لإصدار دستور جديد وسواء صدر هذا الدستور بعد إحلال السلام في كل أنحاء السودان ووضع الحركات المسلحة لسلاحها أو صدر بلهوجه وعجلة باسم الإسلام لإنقاذ الحكومة (المنقذة) من فشلها في المحافظة على وحدة البلاد وتردى الأوضاع المعيشية وإنعدام الحريات وإيقاف الصحف وفساد الدولة أو أظهار أن انفصال الجنوب خير وبركة على الإسلام والعروبة في السودان وكل الأجندة المعروفة للتشبث بالسلطة . ولعل المعركة حول دستور إسلامي للبلاد الذي ترفعه الحكومة الآن ليست بجديدة وسؤال هل يحق لغير المسلم أن يكون له ولاية على المسلمين ويصبح رئيساً للبلاد مثلا يعتبر من مآزق الفكر السلفي في عصرنا الراهن الذي يجعل المواطنة هي أساس الحقوق والوجبات وما أزمة القروض الربويه للحكومة التي أجازها برلمانها قبل شهر ليست ببعيدة عن الأذهان ما دام إن فقه الضرورة يشكل مخرجا من حرج مخالفة النصوص ناهيك عن موضوعات معقده مثل وضع المراءة والتدخل في حريات الناس وتطبيق حدود مختلف عليها فقهيا وموجودة في قوانين السودان الإسلامية مثل الرجم'والردة وذا كانت الدولة لم تجرأ منذ خمسة وعشرون عاما على قطع يد سارق واحد ناهيك عن رجم مواطن بالحجارة حتى الموت ولاشك أن ذاكرة الحكومة حاضرة عندما تم جلد فتاة سودانية ووصل عويلها وصراخها لكل الدنيا ونتيجة لذلك تم إلغاء تلك المحكمة وشوهت سمعة السودان وإذن المزايدة على تطبيق الحدود في هذه الدولة التي تفتقر للعدالة الاجتماعية وتحرس القوات الدولية الشعب من حكومته في دارفور وغيرها ويرتفع فيها نسبة الفقر يصبح مجرد برنامج انتخابي لفئة تريد حكم الناس باسم القداسة . لقد حارب الإخوان الجمهوريين بكل شجاعة وفكر ومنطق الدستور الاسلامى بالطريقة التي كان يطرح بها واعتبروه رده عن الدين ويمكن الرجوع لمؤلفاتهم في ذلك ودفعوا ثمناً باهظاً لذلك بإعدام الأستاذ محمود محمد طه , لقد كان تطبيق ( النميري) للحدود الإسلامية لعبة سياسية حاول التراجع عنها في آخر أيامه ومن العجيب أن لا يتم تطبيق هذه الأفكار إلا تحت الحكم الشمولي وانعدام الديمقراطية سابقاً أو الآن وكأنها لا يمكن أن تأتي بخيار شعب إن مفكرينا أمثال الدكتور حيدر إبراهيم والاسلامين المستنيرين الطيب زين العابدين وغيرهم ينتظرهم دور أكبر لهزيمة الأصولية الوهابية . نعود لوثيقة الأزهر وتلخيص أهم مبادئها لعلها تكون نورا لمن يعيشون في الظلام والانغلاق الفكري. تضمنت الوثيقة عدة مبادئ منها التأكيد على الدولة المدنية الدستورية، والفصل بين السلطات، واعتماد النظام الديمقراطي والالتزام بالحريات وتطبيق العدالة الاجتماعية والاهتمام بالتعليم والبحث العلمي، والتمسك بالثقافة الإسلامية والعربية والاحترام الكامل لدور العبادة. وشددت المبادئ الأخرى على الالتزام بالحريات الأساسية في الفكر والرأي، بالإضافة إلى حقوق المرأة والطفل، والتأكيد على مبدأ التعددية واحترام الأديان السماوية، وأشارت الوثيقة إلى الالتزام بالمواثيق الدولية، ودعت إلى احترام الآخر وعدم التخوين والتكفير. وأكدت الاحترام الكامل لحقوق الإنسان واعتبار المواطنة وعدم التمييز على أساس من الدين أو النوع أو الجنس أو غير ذلك مناط التكليف والمسؤولية، وتأكيد مبدأ التعددية، واحترام جميع العقائد الدينية السماوية الثلاث". وتدعو الوثيقة إلى "الاحترام التام لآداب الاختلاف وأخلاقيات الحوار، ، وعدم استغلال الدين لبث الفرقة والتنابذ والعداء بين المواطنين، واعتبار الحث على التمييز الديني والنزعات الطائفية والعنصرية جريمة في حق المواطن واعتماد الحوار المتكافئ والاحترام المتبادل والتعويل عليهما في التعامل بين فئات الشعب المختلفة دون أية تفرقة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين". وسنعود للوثيقة في مقال آخر إن شاء الله إذا مد الله في العمر ورمضان كريم عصمت عبد الجبار التربي سلطنة عمان ismat Alturabi [[email protected]]